لا يسبب الضجر دخولك في مزاجٍ سيئ فحسب، بل يمكن أن تكون له آثار جسدية كذلك. في هذا التقرير نستعرض نصائح لتعلُّم الصبر وتقليل التوتر الضار بجسم الإنسان.
مثال على الضجر: تقف منتظراً وصول المصعد في المكتب، أو تجلس في اجتماعٍ تأخَّر في البدء، أو تتفحص هاتفك على أمل أن يجيب زميلك في العمل أخيراً على البريد الإلكتروني الذي أرسلت.
تعلم جيداً أنَّ الضجر ليس بالأمر الفعَّال، لكن لا يسعك سوى أن تحرك قدميك وتصدر حركات متوترة كلما مرَّ بك الوقت.
في أحيان كثيرة نترك الضجر يستهلكنا في العمل، ثمة الكثير من المواقف التي يشكِّل فيها الوقت أمراً جوهرياً؛ حين يكون لديك موعد تسليم ضاغط على سبيل المثال.
ولكننا في العديد من المواقف ندع القلق، ورغبتنا في الشعور بالإشباع الفوري يحدَّان من قدرتنا على التحلي بالهدوء، والاستجابة بقدر من التفهم.
هذ اما يحدث عندما ينفد الصبر
حين ينفد صبرك وتصبح قلقاً يحدث أن ترتفع نسبة هرمونات التوتر (مثل الكورتيزول والأدرينالين)، وتضيق الأوعية الدموية، وتزيد حموضة معدتك، مُسببة حالة من الإجهاد الفسيولوجي، حسبما قالت جوديث أورلف، الطبيبة النفسية ومؤلفة كتاب Emotional Freedom، نقلاً عن موقع Big Think الأمريكي.
تقول جوديث: "فيما يتعلَّق بالتأثيرات النفسية، يمكن أن يُسبب لك الشعور بالضجر ونفاد الصبر شعوراً بالاضطراب، والقلق، وسرعة الغضب. فتتفوَّه بأشياء تندم عليها، ولا تتكيَّف ببساطة مع سير الحياة؛ فأنت تحاول دائماً دفع الأمور وصنع الأشياء على الطريقة التي تريدها، بدلاً من أن تتعلم كيف تُوائِم تلك الأمور".
بل قد يعرِّضك الضجر لعواقب صحية وخيمة، حسبما تقول سارة شنايتكر، أستاذة علم النفس في جامعة بايلور.
وتوضح: "لشعور الضيق والضجر صلة بأمراض القلب الوعائية. وثمة العديد من الأبحاث التي تُظهر أنَّ القلق المزمن، والسماح للضغوطات اليومية بالتأثير عليك سلباً، ليس فقط أمراً ضاراً لنظامك الفسيولوجي، بل إنه قد يقصر عمرك".
لكن يمكن تجنُّب عواقب الشعور بالضجر رغم كونها مُقلقة بالتأكيد.
ذكرت سارة أنَّ الأشخاص الذين يتمتَّعون بقدر أكبر من الصبر غالباً ما يُظهرون حباً أكثر للحياة، ومشاعر إيجابية، ومستويات أعلى من الشعور بالأمل، واحترام الذات.
إضافةً إلى كونهم يملكون فرصةً أكبر في النجاح للوصول لأهدافهم، لأنهم يبذلون في النهاية جهداً أكبر، وراضون أكثر عن تحقيق الأهداف.
نصائح لتعلُّم الصبر تدريجياً
تَواصَل بعطف مع نفسك ومع الآخرين
تقترح جوديث في حال لاحظت أنَّ نفاد صبرك قد أضرَّ بطريقة تواصلك، أن تتنفس بعمق مع العد للعشرة قبل أن تبدأ في التحدث.
وتضيف: "لن تتفوه بشيء تندم عليه إذا فعلت ذلك في فترة التوقف هذه قبل أن تتحدث. انتبه إلى نبرة صوتك، يميل الأفراد إلى أن يكونوا سليطي اللسان حين ينفد صبرهم".
وعلاوة على تركيز الاهتمام بطريقة تواصلك مع الآخرين، من المفيد أيضاً أن تكون مدركاً للطريقة التي تتحدث بها إلى نفسك.
وتشير سارة إلى "التدرب على إدراك إعادة النظر، وإعادة تخيل الموقف".
وتشرح: "افترِض أنَّ زميلَك في العمل يُحبِطك، وأنت تشعر بالانزعاج، لأنَّهم لا يؤدون مهامهم في الوقت المحدد. هنا يمكنك إعادة النظر إلى هذا الأمر؛ ربما يعانون من مشكلة ما مع أسرهم. يساعدك هذا على الانتقال من حالة الإحباط الشديد إلى التفكير؛ نعم هذا أمر محبط، لكن ربما تحدث معهم الكثير من الأمور التي أجهلها".
تدرَّب على التفكير الإيجابي
غالباً لا يكون التحلي بقدر عالٍ من الصبر أمراً يحدث بشكل طبيعي؛ بل إنه شيء يتحسن بمرور الوقت.
تقول سارة إن السر هو أن تبدأ بتمرينات بسيطة؛ عبر الاستعانة بإعادة التقييم يمكنك محاولة تغيير عاداتك وجعلها تسير في اتجاه أكثر إيجابية، أو جرِّب جعلَها عادة جديدة.
إذا فكَّرت في الازدحام المروري على سبيل المثال، فلا أحد يستمتع بالطريق في ساعة الذروة بعد قضاء يوم طويل في العمل، لكن هذا التوقيت قد يكون مثالياً للتفكير في أحداث يومك.
بهذه الطريقة ستشعر بانزعاج أقل، بل ربما تكون فرصة لاكتساب عادة صحية جديدة، في وقت ربما كنت ستميل فيه للسلبية.
وعلى الأرجح ستلجأ لاستخدام التكنولوجيا في اللحظات التي تختبر صبرك، كأن تكون منتظراً في طابور طويل على سبيل المثال.
حدِّد هدفك الأسمى
ثمة طريقة أخرى لتصبح أكثر صبراً، وتحسن صحتك النفسية كذلك، وهي تحديد الهدف من أبسط الأشياء وأكبرها، على حد سواء.
تقول سارة: "في ثقافتنا، غالباً ما يكون النهج الذي نتبعه إزاء أي نوع من المعاناة، وأوقات الانتظار، أو الصعوبات، هو الرغبة في إصلاح الأمر والمضي قدماً. ولكن يمكن التحلي بالصبر فعلياً في قول إن هناك صورة أكبر، وشيئاً مهماً أبعد من هذا".
تكمن الطريقة الأسهل لاستخلاص معنى حقيقي في أبسط لحظات الحياة في أن تطرح الأسئلة.
إذا وجدت نفسك ينفد صبرك وتشعر بالضغط والضجر في مكان العمل، اطرح أسئلة على نفسك:
- لماذا أقوم بعملٍ إضافي هذا الأسبوع وأضيّع على نفسي شيئاً ممتعاً أردت أن أفعله؟
- لما أحتمل هذا الشخص الذي يضايقني؟
- لما أجد صعوبةً في كتابة هذه الورقة؟
- ما الهدف الكامن وراء كل هذا؟
من خلال تحديد الهدف وراء اللحظات التي تسبب لك الشعور بالضجر، إلى جانب التدرب على التحلي بالصبر داخل مكان العمل وخارجه، لن تتمكن من تحسين صحتك النفسية فحسب، بل يمكنك أيضاً تسليح نفسك بأداة مهمة للتعامل مع أي شيء يعترض طريقك.