هل يمكن لشخص ما أن يكتشف نوع شخصيتك من خلال الاطلاع على بيان فواتيرك وعاداتك في الإنفاق؟ يبدو أن إجابة هذا السؤال هي: نعم.
في دراسة جديدة نُشرت في دورية Psychological Science العلمية، حلَّل باحثون أكثر من 2 مليون سجل إنفاق خاص بأكثر من ألفي شخص، لمحاولة معرفة ما إذا كان لأصحاب أنواع معينة من الشخصية، أشياء معينة ينفقون أموالهم عليها.
بحسب موقع Mindbodygreen الأمريكي، أمضى علماء الاجتماع أسابيع طويلة في تفحص سجلات المال، ومنحوا كل مُشارك اختبار شخصية. بعد هذا العمل، اكتشفوا شيئاً جديداً: يُنفق الجميع أموالهم على البضائع المادية –كالطعام والمسكن– لكن إنفاقنا الممنهج (أو الطوعي) هو ما يجسد أولوياتنا الفريدة.
أكثر عادات الإنفاق شيوعاً
وفي بيان صحفي، قال جوي غلادستون، أستاذ سلوك المستهلك في جامعة كوليدج لندن وأحد الباحثين البارزين في هذه الدراسة: "بما أن أغلب الناس ينفقون أموالهم بشكل إلكتروني الآن -من خلال المليارات من بطاقات الدفع المتداولة في كافة أنحاء العالم- يمكننا دراسة أنماط الإنفاق على نطاق غير مسبوق". وأضاف: "تُظهر نتائجنا لأول مرة أنه من الممكن توقع شخصية البشر من خلال إنفاقهم".
إليك طريقة ارتباط بعض من أكثر عادات الإنفاق شيوعاً بالسمات الرئيسية للشخصية:
- السفر: إن أنفقت الكثير من المال على رحلات الطيران ونفقات التنقل، فستكون على الأرجح أكثر انفتاحاً وتطلعاً إلى الخبرات الجديدة.
- تناول الطعام والشراب بالخارج: تعد هذه العناصر تجارب شديدة الاجتماعية؛ لذا من المنطقي أن يميل الأشخاص الذين ينفقون الكثير من المال على هذا النوع من الأشياء لأن يكونوا شخصيات انبساطية بدرجة أكبر.
- الاستثمار في الادخار: هل تضع الجزء الأكبر من فوائضك المالية في المدخرات؟ وفقاً لهذه الدراسة، ستكون على الأرجح من أصحاب الوعي المرتفع؛ إذ لا تُظهر الشخصيات المتسمة بدرجة أكبر من الحرص والمسؤولية بشكل عام الكثير من سلوكيات الإنفاق خارج الأساسيات، وبعدها تدخر للمستقبل.
- الأعمال الخيرية وغير الربحية: يرتبط التبرع كثيراً بصفة القبول، والطيبة، والبساطة.
- العناصر غير الضرورية: يُرجح أن يكون مَن يُنفقون جزءاً كبيراً من أموالهم على أشياء كالمجوهرات والملابس، أصحاب درجة أعلى من العُصابية والقلق والمشاعر السلبية والوحدة.
التفكير بشكل واعٍ
ولاحظ الباحثون أيضاً أن مَن منحوا أنفسهم تقييماً أعلى في جانب السيطرة على النفس، كانوا بالفعل ينفقون أقل على الرسوم البنكية، فيما أنفق مَن يتصفون بدرجة أكبر من العُصابية أقل على دفع أقساط الرهن العقاري، ومن المُحتمل أن يرجع هذا إلى أنهم يهتمون أكثر في المكتسبات قصيرة الأجل بدلاً من الأهداف البعيدة. ولم تتغير هذه النتائج بتغير مستوى الدخل أو العمر أيضاً.
هل يزعجك ما تقوله عاداتك في الإنفاق عنك؟ لا تهلع، خذ نفساً عميقاً وابدأ في تبني السلوكيات العمديَّة. تشير هذه النتائج إلى أنه من المهم التفكير بشكل واعٍ في الطريقة التي يعكس إنفاقنا بها قيمنا. فعلى سبيل المثال، إن كنت تُقَّدِر الترحال؛ لكن انتهى بك الأمر بالإنفاق على البضائع المادية، قد يكون من المفيد التفكير في قيمك (هل تتسق بالفعل مع ما تريده؟)، وتبدأ بعد ذلك تغيير طريقة إنفاقك وفقاً لما توصلت إليه.
روتين يمكنك العودة إليه
لتغيير إنفاقك بحيث يصبح متسقاً مع طبيعة شخصيتك وقيمك، ضع في حسبانك إعداد خطة للعافية المالية كهذه الخطة التي ترشحها بريانا فايرستون، المدربة الحياتية والمالية. يمكنك البدء من خلال تنظيم وقتك للتركيز على خطتك المالية، وتحويل ذلك إلى عادة أسبوعية أو شهرية.
يساعد أيضاً التحدث عن المال مع مجموعة صغيرة من الأصدقاء، ويمكن أن تفكر أيضاً في تحديد أهدافك بشكل منطوق أو مكتوب؛ لتتمكن من الوصل إليها. من الصعب معرفة وجهتك إلا إذا صغتها في كلمات.
وإذا لاحظت أنك لا تزال عاجزاً عن الإنفاق بشكل يتسق تماماً مع قيمك، تنصح فايرستون بوضع روتين يمكنك العودة إليه، بحيث تستمر في الحركة إلى الأمام حتى وإن فقدت السيطرة على نفسك في بعض الأحيان. وقالت: "يُقدَّم إليك اعتبار روتين العافية الخاص بك "طريقةَ حياة" شيئاً واحداً رائعاً؛ فهو يعلمك طريقة العودة إلى المسار". وتابعت: "إن كنت غير راسخ في ممارساتنا ولا تعرف ما يفيد، سيؤدي فقدان الطريق إلى الاستسلام. أما إن امتلكنا أسساً قوية، فعادة ما نعرف ما علينا فعله للعودة إلى المسار".