يبدو أن مكان تراكم الدهون وكيف يوزعها الجسم أهم من كمية الدهون التي يحتفظ بها. إذ كشفت دراسة حديثة حول دهون الجسم وأمراض القلب علاقة قوية بين مكان تراكم الدهون وأسلوب حياة البشر.
وأظهر البحث المنشور في دورية European Heart Journal العلمية، أن تركُّز الوزن في الأرجل (ما يعرف بشكل الكمثرى) مرتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية بدرجة أقل من شكل التفاحة الذي يراكم الدهون في وسط الجسم.
ويدفع ذلك كثيراً منا إلى التساؤل: كيف نُشجع توزيعاً صحياً لدهون الجسم؟ وهل بإمكاننا فعل ذلك من الأساس؟
شارك في التجربة التي نظمها موقع mindbodygreen كل من:
- نور زبديه، حاصلة على ماجستير في العلوم وأخصائية مرخصة في التغذية، وأخصائية تغذية وظيفية ومتكاملة.
- روبرت غرهام، الحاصل على دكتوراه في الطب، وماجستير في الصحة العامة، وطبيب متدرب في هارفارد ومتخصص بالطب التكاملي.
إليك ما قالاه حول توزيع الدهون في جسم، وما يمكن فعله لتعزيز النوع الصحي منه.
مكان تراكم الدهون في الأوراك أو حول البطن
هل هناك أي شيء يمكن فعله حيال توزيع الدهون الحشوية (مصطلح آخر للإشارة إلى الدهون التي تتراكم حول وسط الجسم) في حالات السمنة المرتبطة بشدة مع مشاكل التمثيل الغذائي؟
وفقاً لغرهام، نعم، هناك بعض الأشياء التي بإمكاننا فعلها لتشجيع توزيع صحي للدهون في البدن.
ومع ذلك، يؤكد ضرورة مراعاة أثر الفروق العرقية على توزيع الدهون، إذ تحدد العوامل الوراثية ما يقارب 50% من طريقة توزيع الدهون.
إذاً، فإن جزءاً من الأمر مجرد قضاء وقدر؛ لكننا أيضاً نستطيع التحكم بشكل ما، في طريقة احتفاظ جسدنا بالدهون.
يقترح غرهام 6 تغييرات في نمط الحياة:
- الكربوهيدرات المعقدة
تُهضم الكربوهيدرات المعقدة كالبطاطا الحلوة، والشوفان، والفاصوليا بمعدل أبطأ، ولذلك لا يرتفع إنسولين الدم بشكل مفاجئ وغير صحي؛ بل تبقى معدلات الإنسولين ثابتة، ومن ثم يقل تخزين الدهون حول الوسط.
- تجنَّب الدهون غير الصحية؛ لكن تناوَل الصحية
ركِّز على تناول الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة (مثل تلك الموجودة في زيت الزيتون، والمكسرات، والأفوكادو)، والأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة (كدهون أوميغا 3 الموجودة في الأسماك)
- تعامَل مع التوتر
أظهرت ارتفاعات مستوى الكورتيزول في الدم قدرة على مراكمة الدهون حول البطن؛ لدرجة أن بعض خبراء الطب يعتقدون أن دهون البطن مرتبطة بالهرمونات أكثر من ارتباطها بما نأكل.
- تعرَّق يومياً
تريَّض 30 دقيقة على الأقل يومياً، بحيث ترفع حدة التمرين حتى تصل إلى نقطة يبدأ فيها جسدك بالتعرق بدرجة ليست كبيرة كفاية لإطلاق استجابة للقلق، والتي قد تأتي بنتائج عكسية تماماً.
- نوم صحي
تأكَّد من حصولك على 6 إلى 8 ساعات من النوم كل ليلة. فوفقاً لغرهام، "ثبت ارتباط النوم أقل من 6 ساعات بزيادة الوزن، ومضاعفات أمراض القلب واضطرابات التمثيل الغذائي".
- تواصل مع مَن حولك
كما يوضح غرهام، "يشكِّل الآخرون فارقاً"، وهذه الكلمات الثلاث من الكلمات شديدة الأهمية في مجال علم النفس الإيجابي الوليد.
وما يحاول الإشارة إليه هو أن صحتنا تتأثر بشكل كبير بمَن حولنا.
ففي دراسة محورية عام 2007، وجد الباحثون أن فرصة الإنسان في اكتساب السمنة تزداد بنسبة 57% إن كان يمتلك/تمتلك صديقاً أصيب بالسمنة في الفترة ذاتها.
وإن كان جسمك يميل إلى مراكمة الوزن في وسطه، فجرِّب أحد هذه التغييرات في نمط الحياة (أو أكثر)، وانظر فيما إذا كانت تساعدك في استهداف هذه المنطقة تحديداً.
الهرمونات وشكل الجسم "الكمثري"
إن كنت تعتبر نفسك من أصحاب الشكل الكمثري، فاحتمالية إصابتك بأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض ذات الصلة أقل.
وهنا تشير زبديه إلى أن الأمر ليس ببساطة التشنيع على دهون البطن ثم عدم الاهتمام بالأمر مجدداً.
وتقول إن "مراكمة الدهون في الأرجل والأفخاذ والمؤخرة يرتبط غالباً بارتفاع نسبة هرمون الأستروجين في الجسم، أو ما يُعرف بهيمنة الأستروجين".
وهو ما قد يحضر برفقة مجموعته الخاصة من التحديات الصحية، إذ "تحدث هيمنة الأستروجين نتيجة احتفاظنا بكمية أكبر من اللازم من هرمون الأستروجين، لأن الكبد والأمعاء لا يتمكان من التخلص من الكميات الزائدة، أو عندما نتعرض لكمية مفرطة من الأستروجين في بيئتنا (مثل: البلاستيك) أو فيما نتناوله".
وإذا راكمت وزناً حول منطقة الأفخاذ والمؤخرة والوركين، تقترح زبديه دمج مزيد من الخضراوات الصليبية -كالبروكلي والكرنب، والقرنبيط، وكرنب بروكسل- في الطعام.
وتفسر ذلك بأنها "تحتوي على مكونات تساعد على التخلص من الأستروجين ومعالجته.
إلى جانب أنها مليئة بالألياف، وتحتوي على كربوهيدرات قليلة، وهو ما يجعل دمجها ضمن أي خطة لفقدان الوزن أمراً مُغرياً".
وعلى ذكر الألياف، تقترح زبديه أيضاً تناول كميات كبيرة من الألياف عن طريق الأطعمة الغنية بالألياف كنخالة الشوفان، وبذور الشيا، والفاصوليا، وقشور الخضراوات والفواكه.
فوفقاً لزبيده، "تساعد الألياف على امتصاص الأستروجين العائم في الجسم، والتخلص منه، بالإضافة إلى مساعدتها على تغذية بكتيريا الأمعاء، التي قد تؤثر في الهرمونات أيضاً".