يُعتبر البعوض من أكثر الحشرات خطراً على حياة الإنسان، فتقارير صحية تُشير إلى أنه يتسبب في وفاة مليون شخص حول العالم سنوياً، بسبب الأمراض الميكروبية التي ينقلها ويُسبِّبها، كالملاريا، حمَّى الضنك، حمَّى غرب النيل والوادي المتصدع، فيروس زيكا وغيرها.
وفوق كل هذا، فالبعوض لا يمتص دم الإنسان كي يتغذى عليه، وإنما تقوم أنثى البعوض بذلك لتنشيط الجهاز التناسلي لديها، ووضع البيوض الملقَّحة والناضجة، ما يعني أن ذكور هذه الحشرة ليست لها علاقة بلدغ الإنسان وإصابته بالأمراض.
يقول الدكتور جوناثان داي، عالم الحشرات الطبي وخبير البعوض في جامعة فلوريدا، إنَّ البعوض يفضّل بعض الناس على الآخرين.
قديماً عندما كان بعضنا يشكو من انجذاب البعوض له كان أجدادنا يخبروننا مازحين أنَّ السبب هو أن البعوض ينجذب للبشرة إذا كانت أكثر حلاوة!
يقول داي: "هناك بعض الحقيقة في ذلك، فبعض الناس ينتجون مواد كيميائية معينة في بشرتهم أكثر من غيرهم، وبعض هذه المواد الكيميائية مثل حمض اللبنيك، تجذب البعوض".
وهناك أيضاً دليل على أن فصيلة دم واحدة (O)، تجذب البعوضَ أكثر من غيرها (A أو B).
علم الوراثة يحدد أيضاً العديد من العوامل الأخرى، التي قد تجعل منك مغناطيساً يجذب البعوض بكل سهولة كما يقول داي.
فهيا نستعرض بالتفصيل أهمَّ الأسباب التي تجذب البعوض لفئة معينة من الأشخاص دون غيرهم:
ارتفاع إنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون من الجلد
وهي خاصية تكثر لدى الأشخاص الكبار والبالغين، كما أن جسد السيدة الحامل ينتج أيضاً كمية كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
وجدت إحدى الدراسات التي أُجريت في إفريقيا أنَّ النساء الحوامل أكثر جاذبية للملاريا التي تحملها البعوض، مرتين أكثر من النساء غير الحوامل، يعتقد الباحثون أن هذا يرجع إلى زيادة في ثاني أكسيد الكربون، فقد وجدوا أن النساء في أواخر الحمل زاد معدل التنفس لديهن بنسبة 21% أكثر من النساء غير الحوامل.
زيادة إنتاج المركبات الحامضية على الجلد
رائحة هذه المركبات الحامضية تُثير البعوضة وتجذبها من مسافة تصل لعشرات المترات وتدفعها للدغ ضحيتها.
كلما ارتفعت حرارة الجسد زاد تعرُّق الجلد، وزاد خروج المركبات الحامضية مع العرق، حيث يُعتبر حمض اللاكتيك عنصراً أساسياً في العرق، وقد تبيَّن أنَّه يجذب البعوض.
إنَّ حركة الجسم المتواصلة التي يقوم بها بعض الأشخاص تعمل على إنتاج حمض اللاكتيك من الغدة الدرقية، مما يزيد من حموضة الجلد ويجذب البعوضة.
بالإضافة إلى ذلك، وجد العلماء أن العرق الذي يبقى على الجسم يوماً أو يومين يكون أكثر جذباً للبعوض، لذلك فالاستحمام أولاً بأول سيجعلُك في مأمن من هذه الحشرات.
بكتيريا الجلد
إن غلافنا الجلدي يعجّ بشكل طبيعي بحياة مجهرية، وقد أظهرت بعض الأبحاث أن أنواع البكتيريا والكمية الموجودة على بشرة الشخص يمكن أن تلعب دوراً في استنشاق البعوض أيضاً، حيث ينجذب البعوض إلى بعض الروائح البكتيرية على جلد الإنسان أكثر من غيرها.
وقد رصد العلماء اختلافاتٍ عديدة لدى البعوض نفسه، في اختيار أماكن اللدغ بجسد الإنسان، فبعض البعوض يفضِّل روائحَ معينة من أجزاء معينة من جسمك، فبعضه سوف يلدغ قدميك أو يديك، في حين يذهب البعض الآخر مباشرة لمناطق مثل الفخذ أو الإبطين.
خلال دراسة تم إجراؤها في المملكة المتحدة على متطوعين من التوائم، اتَّضح أنَّ جسم الإنسان لا يختار الميكروبات الموجودة في أمعائه، بل هي مَن تختاره وفق عوامل كيميائية وجينية معينة، وهذا بالظبط ما يفعله البعوض الذي يختار ضحيته وفق الرائحة التي يجدها منفّرة أو جذابة.
وقد يؤدي ارتفاع نسبة الكوليسترول على جلد الإنسان إلى جذب البعوض، ولا نقصد بهذا نسبة كوليسترول الدم، فقد يكون كوليسترول الدم في مستوياته الطبيعية أو أقل، لكن انجذاب البعوض يزداد بسبب زيادة نسبة الكوليسترول على الجلد.
فصيلة الدم
قبل أن يقوم البعوض باللدغ، يتذوق إفرازات البشرة للإنسان، ويحدد نوع فصيلة دمه، مما يسهل عليه اختيار الضحايا المفضلين لديه بسهولة.
ويفضل البعوض الناس من فصيلة الدم O، ويأتي وراءهم أصحاب فصيلة الدم B، بينما يأتي أصحاب الفصيلة A في ذيل القائمة.