سرطان الجلد هو أكثر الأمراض الخبيثة شيوعاً في الولايات المتحدة، إذ يصيب ما يزيد على 3 ملايين شخص سنوياً.
واستخدام الواقي الشمسي هو من الأركان الأساسية للوقاية منه. لكن نشأت مؤخراً مخاوف بسبب صدور أخبارٍ عن أن مكوِّنات الواقي الشمسي قد تتسرَّب إلى داخل مجرى الدم.
وفي وقتٍ لاحقٍ من العام الجاري، ستقدِّم إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) تقريراً رسمياً يوضِّح مدى سلامة استخدام هذه المكونات.
فماذا ينبغي للناس فعله في الوقت الراهن مع اقتراب الصيف؟ هذا ما طرحه التقرير المنشور في صحيفة The New York Times الأمريكية للإجابة عليه.
أكسيد الزنك وثاني أكسيد التيتانيوم
حتى الآن، الخطر الصحيُّ الوحيد المُثبَت هو التعرُّض الزائد لأشعة الشمس. قد يظن البعض أن تغطية البشرة والحدَّ من زمن التعرُّض للشمس لا يهمُّ سوى أصحاب البشرات الفاتحة، لكن التحذيرات من التعرض للأشعة فوق البنفسجية تنطبق على الجميع.
نعم، على الأرجح عليك أن تواصل استعمال الواقي الشمسي، مع أنه يمكن لبعض الراغبين في اتِّخاذ جميع الاحتياطات أن يبدأوا استعمال الواقيات الشمسية المحتوية على أكسيد الزنك وثاني أكسيد التيتانيوم.
أقرَّت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الواقيات الشمسية في السبعينيات، ولم تكن من الأدوية التي تتطلَّب وصفةً طبيةً لصرفها، قبل وضع الخطوط الإرشادية الأمريكية الحالية لتقييم العقاقير. ولهذا السبب، لم تخضع الواقيات الشمسية للاختبارات التي تخضع لها المستحضرات الدوائية الحديثة.
بل إن الأمور أقل حدة في أوروبا؛ إذ تصنَّف الواقيات الشمسية مستحضرات تجميل، وبسبب هذا، فإن أعداد الواقيات الشمسية المصرَّح بها أكبر بكثير من الولايات المتحدة.
إلا أن إدارة الغذاء والدواء ترغب منذ فترةٍ في معرفة إلى أية درجة يمتصُّ الجسد المواد الكيماوية التي توضع على البشرة، وما هي الآثار المحتملة لتلك المواد؟
دراسة أربعة مكونات شائعة
نملك الآن معلومات بشأن السؤال الأول. فمنذ بضعة أسابيع، نُشِرت دراسة في دورية JAMA عن 24 شخصاً استعمل كل منهم واحداً من أربعة أنواع من الواقيات الشمسية. وكان اثنان منها رذاذيَّين، وكان الثالث غَسولاً، والرابع مرهماً. وأُمر المشاركون بوضع الواقيات الشمسية على 75% من أجسادهم أربع مرات يومياً لمدة أربعة أيام، وعلى مدار أسبوعٍ أُخِذَت 30 عينة دم.
تنص إرشادات إدارة الطعام والغذاء على أن أي مكوِّن نشط يحقق امتصاصاً مجموعياً أكبر من 0.5 نانوغرام لكل مليمتر من الدم يجب أن يخضع لتقييم سُمِّية لتحديد إن كان يسبِّب "سرطاناً، أو عيوباً ولاديةً، أو آثاراً ضارةً (أي آثاراً مؤذيةً غير مرغوب فيها)".
وفحصت الدراسة أربعة مكونات شائعة للواقيات الشمسية: الأفوبنزون، والأوكسيبنزون، والأوكتوكريلي، والإيكامسول. وتجاوزت التركيزات المجموعية للأنواع الأربعة حدَّ النانوغرام بعد استخدامها خلال اليوم الأول من الدراسة. وفاقت المستويات الحدَّ الأقصى المسموح به لأسبوع كامل في جميع المنتجات عدا المرهم.
وتزايدت أيضاً من اليوم الأول حتى اليوم الرابع، أي أن المادة الكيماوية قد تراكمت في الجسم مع تواصل الاستخدام.
ليس هذا دليلاً على كون الواقيات الشمسية مؤذيةً. فمن الممكن جداً أن تكون الكميات التي جرى امتصاصها آمنةً تماماً.
في الحقيقة، بالنظر إلى شيوع استخدام الواقيات الشمسية، وعدم وجود أية بيانات تدلُّ على زيادات في المشاكل المرتبطة بها، فهي على الأغلب آمنة بالفعل.
الواقيات الشمسية هي عامل أساسي للوقاية من أضرار البشرة التي قد تؤدي إلى سرطان الجلد.
المركبات غير العضوية
لكن لا يعني هذا عدم أهمية دراسة آثار الامتصاص. وتعمل إدارة الغذاء والدواء على إعداد تقرير نهائي بخصوص الأمر.
وفي الوقت الراهن، تقترح القاعدة المطروحة -التي ما زالت عرضةً لملاحظات الجمهور- أن الواقيات الشمسية ذات حمض بارا أمينوبنزويك (المرتبط بالحساسيات) وترومالين ساليسيلات (المرتبط بالنزيف) لا ينبغي أن توصف بكونها "تُعتَبر في العموم آمنةً وفعالةً".
وتقترح القاعدة أيضاً أن الواقيات الشمسية المعتمدة على أكسيد الزنك و/أو ثاني أكسيد التيتانيوم ينبغي أن "تُعتَبَر في العموم آمنةً وفعالةً".
فهذه المركبات غير العضوية لا يمتصُّها الجسم، وتظل على سطح البشرة تعكس أشعة الشمس الضارة أو تمتصها.
ولكن لأن الجسم لا يمتصها، فهي أيضاً ملحوظة. ولذلك يفضِّل معظم الناس الواقيات الشمسية التي يجري امتصاصها.
ويفضِّل كثير من الآباء على وجه الخصوص المنتجات الرذاذية؛ لأنها أسهل وأسرع في وضعها على الأطفال، الذين لم يكونوا جزءاً من هذه الدراسة.
وفي السنوات الأخيرة، بدأت الوجهات السياحية مثل هاواي وبالاو وكي ويست تحرِّم الواقيات الشمسية ذات العديد من المكونات العضوية؛ لأنها قد تكون ضارةً للشعاب المرجانية. ومن ضمن تلك المكونات الأوكسيبنزون، والأوكتينوكسيت، والبارابين.
إذ يمكن لهذه المنتجات أن تتراكم في الكائنات الحية مع مرور الوقت، في كل من البشر الذين يذهبون إلى الشواطئ في الإجازات، والمخلوقات البحرية.
وتتجمَّع الجرعات الكبيرة حين يضع عشرات آلاف الناس واقياتٍ شمسيةً أثناء السباحة في المحيط.
وتزداد هذه الكميات حين نغسلها أثناء الاستحمام بالمياه المصرَّفة التي تجد في النهاية طريقها إلى المحيط.
تطبيق خطة بسيطة
وأعلنت المبادرة الدولية للشعاب المرجانية عن ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث، ولكن أيضاً عن ضرورة توخي الحذر أثناء انتظارنا حدوث ذلك. ويتفق مع ذلك الرأي استعراض منشور في دورية الأكاديمية الأمريكية لطبِّ الجلد، ولكنه يشير إلى أن معظم الدراسات لا تُنفَّذ إلا في المختبرات. ويرى الكثيرون أن علينا البدء في استخدام "منتجات آمِنة للشعاب المرجانية".
ولكن على الجانب الآخر، ليس من الواضح كذلك إن كانت الواقيات الشمسية المحتوية على مكونات غير عضوية صديقةً للبيئة أم لا.
إذ أشارت دراسة منشورة العام الماضي إلى أن أكسيد الزنك وثاني أكسيد التيتانيوم ربما يؤديان هما الآخران إلى تبييض الشعاب المرجانية.
ومن ناحية الصحة الشخصية، يبدو من المنطقي تطبيق خطة بسيطة تقوم على تغطية البشرة.
أنا شخصياً أرتدي في الشمس قبعةً وقميص سباحة واقياً من الأشعة فوق البنفسجية. ومع أن أبنائي يخبرونني بأنني لا أبدو أنيقاً كالآباء الآخرين، فأنا لا أضطر إلى استخدام كميات كبيرة من الواقي الشمسي مثلهم. لا يسهِّل هذا من حياتي فحسب، وإنما قد يساعد البيئة أيضاً.