يقطع السياح آلاف الأميال ويدفعون آلاف الدولارات لزيارة معالم سياحية شهيرة، في حين يكون للسكان المحليين رأي آخر كلياً فيما تقدمه بلادهم للعالم.
وبينما يراها العالَم شواهد تاريخية لأحداث بعينها أو إبداعات هندسية، يراها السكان المحليون آفة أو تذكيراً قاسياً بتاريخهم، ولا يجدون فيها أي جاذبية تُذكر!
نتعرف في هذا التقرير على مجموعة معالم سياحية لا يحبها سكانها المحليون.
برج إيفل.. ضد الذوق الفرنسي
من الصعب جداً أن تزور باريس من دون زيارة برج إيفل، هذا البرج الشهير الذي يرتبط غالباً بالأناقة والرومانسية.
قد يكون من الصعب تصديق أنه لم يكن يحظى بالشعبية نفسها لدى الباريسيين.
الهيكل المعدني لبرج إيفل يبدو مختلفاً مع الهندسة المعمارية الكلاسيكية للعاصمة الفرنسية.
لم يخشَ الأكاديميون والفنانون الباريسيون التعبير عن كرههم لهذا المعلم السياحي، قائلين: "نحن، الكُتاب، الرسامون، النحاتون، المهندسون المعماريون، عشاق الجمال المتحمسين، من باريس، حتى الآن، احتججنا بكل قوتنا، باسم الذوق الفرنسي، باسم الفن والتاريخ الفرنسيَّين المعرضَين للتهديد، ضد برج إيفل عديم الجدوى".
برج شارد.. ناطحة سحاب تنتهك منظر لندن
تم بناؤه ليكون أطول برج في العاصمة لندن، بارتفاع 1016 قدماً.
تتقاسم دولة قطر ومجموعة سيلار العقارية ملكيته، ويضم فندقاً ومحلات فاخرة ومكاتب ومطاعم وشققاً خاصة ومنصة لمشاهدة كل مناطق العاصمة.
في عام 2003، وصفه ولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، بأنه "قبو مِلح عملاق"، في نوع من الاستنكار لبنيته الزجاجية التي لا تتوافق مع معمارية لندن الفيكتورية.
كان هناك اعتقاد بأن ارتفاعه الشاهق سيدمر إطلالات اثنين من أكثر المباني شعبية في البلاد، برج لندن وكاتدرائية القديس بولس، كما أن المبنى لا يشير إلى أي شيء تابع لمدينة لندن.
هو فقط يحوي فنادق وشققاً فخمة ومطاعم ومحلات وغيرها.
ويشبه المبنى الواقع بالقرب من نهر التايمز وسط العاصمة هرماً يضيق كلما ارتفع أو صاروخاً ينطلق إلى الفضاء.
أثار بناء "شارد" سخط المدافعين عن التراث، لا سيما جمعية English Heritage، التي تعتبر أنه شُيّد "في المكان غير المناسب"، وأنه يسيء إلى المناظر المحمية لكاتدرائية مار بولس أو البرلمان.
وتدخلت اليونيسكو بدورها، معتبرة أن ناطحة السحاب تنتهك منظر برج لندن المدرج على قائمة التراث العالمي.
تمثال النهضة الإفريقية.. 27 مليون دولار في غير محلها
تم الانتهاء من تمثال النهضة الإفريقية بالسنغال في عام 2010، وكانت فكرة الرئيس آنذاك عبد الله واد، القائد الذي تميزت فترة إدارته بسوء الإدارة والمحسوبية والفساد وانتهاك الحريات المدنية وحرية الصحافة.
تلقى واد كثيراً من الانتقادات، بسبب الإنفاق المفرط على بناء التمثال.
يبلغ طول التمثال 160 قدماً، وهو الأطول في إفريقيا، وهو مصنوع من البرونز وتكلف 27 مليون دولار.
يُظهر التمثال رجلاً مفتول العضلات في وضع بطولي وبذراعين ممتدتين ملفوفتين حول زوجته وابنه.
تم إحضار ما يقرب من 50 عاملاً كورياً شمالياً لتصميمه، وذلك بسبب خبرتهم في الفن البرونزي.
أثار التمثال غضب وانتقادات المسلمين، الذين يشكلون 94% من سكان السنغال، بسبب الحظر الإسلامي على تمثيل الشكل الإنساني.
كما اعترضوا على تصوير المرأة التي ترتدي ملابس غير إفريقية وتكشف عن صدرها وفخذيها.
قصر البرلمان في بوخارست.. شعب جائع وديكتاتور لا يبالي
يتميز قصر البرلمان بهندسته المعمارية الفخمة في بوخارست. وأصبح الآن أكثر مناطق الجذب السياحي شعبية بالمدينة.
ومع ذلك، يحتقر السكان المحليون المبنى، حيث تم بناؤه في الأصل لمصلحة نيكولاي تشاوشيسكو، الديكتاتور الشيوعي.
بينما اضطرت الأمة إلى تحمّل الفقر المدقع وعدم قدرة الآباء على إطعام أولادهم، كان تشاوشيسكو ينفق ثروة البلاد في بناء قصره.
وعلى الرغم من سقوط النظام الشيوعي للبلاد في عام 1989، فإنه يتم تذكير السكان في جميع أنحاء المدينة بتاريخ أمتهم في كل مرة يراقبون فيها القصر الفاخر.
وادي الشهداء في إسبانيا.. ذكرى أليمة لآلاف الضحايا
يكره السكان المحليون في إسبانيا هذا النصب التذكاري، لأنه مرتبط بذكرى القتلى في الحرب الأهلية بإسبانيا بين عامي 1936 و1939.
أنشأ الجنرال فرانسيس فرانكو هذا النصب التذكاري "وادي الشهداء"؛ تخليداً لذكرى ضحايا الحرب الأهلية الإسبانية (نحو 34 ألف شخص)، والتي انتصر فيها القوميون بقيادته.
ويعمل أيضاً هذا النصب كمقبرة للجنرال فرانكو الذي توفي عام 1975.
وصل الديكتاتور الوحشي فرانكو للسلطة في 1936، حين قام بانقلاب عسكري ضد الديمقراطيين والاشتراكيين؛ وهو ما أدى إلى نشوب حرب أهلية استمرت حتى عام 1939، وانتهت بانتصاره بعد أن حظي بدعم هتلر وموسوليني.
مؤخراً، اعتمدت الحكومة الإسبانية مرسوماً لنقل رفات الديكتاتور الإسباني فرانسيسكو فرانكو، الذي دُفن بكنيسة في "وادي الشهداء" وهو المكان نفسه الذي دُفن فيه ضحايا الحرب آنذاك.