حذرت دراسة حديثة من أن تناول اللحوم الحمراء مرّة واحدة في اليوم يُزيد من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء 5 مرّات.
وتوصَّلت الدراسة الصادرة عن جامعة أوكسفورد – والتي شملت نحو نصف مليون رجل وامرأة بريطانية- إلى أن الاستهلاك المُعتدل للحم الخنزير واللحم المقدَّد يرتبط أيضاً بزيادة فرصة الإصابة بالمرض.
وفي ضوء نتائج الدراسة، يوصي الباحثون بخفض معدّلات تناول اللحوم الحمراء واللحوم المُصنّعة إلى ما لا يزيد على مرّتين أسبوعياً.
اللحوم الحمراء تُسبب السرطان
وسرطان الأمعاء هو ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعاً في المملكة المُتحدة؛ حيث يُشخّص به نحو 23 ألف شخص سنوياً.
ولزمن طويل، ارتبط الاستهلاك الكبير للحوم الحمراء -لا سيما اللحوم المُصنَّعة- بالإصابة بالمرض.
ومع ذلك، تشير الدراسة الجديدة إلى أنّه حتى الاستهلاك المُعتدل لمثل هذه الأطعمة له تأثير كبير.
وتوصَّلت الدراسة، التي موَّلتها جزئياً جمعية أبحاث السرطان بالمملكة المُتحدة، إلى أن مع كل 25 غراماً من اللحوم المصنّعة يتم تناولها بشكل يومي يزداد خطر الإصابة بسرطان الأمعاء بنسبة 20%.
ومع كل 50 غراماً من اللحوم غير المُصنّعة -وهو ما يعادل قطعة من لحم الضأن أو شريحة سميكة من اللحم البقري المشوي- هناك زيادة مماثلة لخطر الإصابة بالمرض.
70 غراماً من اللحوم تكفي يومياً
وبشكل عام، فإن أولئك الذين يتمسكون بالمبادئ التوجيهية الحكومية بشأن استهلاك اللحوم الحمراء والمُصنّعة مُعرَّضون لخطر الإصابة بالمرض 5 مرات أعلى من الذين يقتصرون استهلاكهم على كمّيات صغيرة جداً.
وتقول توجيهات وزارة الصحة البريطانية إنه على الرغم من أن اللحوم تُعد مصدراً جيداً للبروتين والفيتامينات والمعادن، ينبغي أن يُقلل الناس استهلاكهم للحوم الحمراء والمُصنَّعة إلى نحو 70 غراماً فقط في اليوم.
وفي الدراسة التي نُشرت في مجلة International Journal of Epidemiology، تناول الباحثون بيانات 475581 شخصاً كانت تتراوح أعمارهم بين 40 و69 عاماً في بدء الدراسة، وتتبّعوا حالاتهم لمدّة 5.7 عام في المتوسط.
وخلال تلك الفترة، أُصيب 2609 أشخاص من بينهم بسرطان الأمعاء.
وتوصّلت الدراسة إلى أن الناس الذين يستهلكون في المتوسّط 76 غراماً من اللحوم الحمراء أو المُصنّعة في اليوم الواحد يُزيد خطر الإصابة لديهم بسرطان الأمعاء بنسبة 20% مقارنة بالذين يتناولون فحسب 21 غراماً في اليوم.
وبالنسبة للحوم المُصنَّعة، ازداد الخطر بنسبة 19% لدى الذين يتناولون في المتوسّط 29 غراماً يومياً -ما يعادل شريحة من اللحم المصنع- مقارنة بالذين يتناولون في المتوسّط 5 غرامات فقط في اليوم الواحد.
أمّا عن اللحوم الحمراء غير المُصنَّعة، فالخطر كان أعلى بنسبة 15% لدى الذين يتناولون في المتوسّط 54 غراماً يومياً -ما يعادل شريحة سميكة من اللحم البقري أو قطعة من لحم الضأن- مقارنة بالذين يتناولون في المتوسّط 8 غرامات في اليوم.
الألياف تخفف من خطر السرطان
وتوصّلت الدراسة أيضاً إلى أن الذين يتنالون القدر الأكبر من الألياف من الخبز أو حبوب الإفطار تنخفض لديهم مُعدّلات الإصابة بسرطان الأمعاء بنسبة 14%.
ويشار إلى أن هناك واحداً من بين كل 15 رجلاً وواحدة من بين كل 18 امرأة يصابون بسرطان الأمعاء أثناء حياتهم.
وقال تيم كي، المؤلف المشارك في الدراسة، وخبير الأنظمة الغذائية والسرطان لدى مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة ونائب مدير وحدة الأوبئة السرطانية بجامعة أكسفورد: "ترجِّح نتائجنا بقوّة أن الأشخاص الذين يتناولون اللحوم الحمراء والمُصنّعة أربع مرّات أسبوعياً أو أكثر ترتفع لديهم نسب الإصابة مقارنة بأولئك الذين يتناولون اللحوم الحمراء والمُصنَّعة أقل من مرتين أسبوعياً.
وهناك أدلة قوية على أن اللحوم الحمراء والمُصنّعة ترتبط بالإصابة بسرطان الأمعاء، وتصف مُنظّمة الصحة العالمية اللحوم المُصنّعة على أنها من مُسبِّبات السرطان، كما تُصنف اللحوم الحمراء باعتبارها تحمل احتمالية التسبب في السرطان".
البديل الصحي في الحبوب والسمك والدجاج
وقال كي لصحيفة The Telegraph: "تناولت مُعظم الأبحاث السابقة حالات الناس في التسعينيات أو قبل ذلك، وقد تغيّرت الأنظمة الغذائية بشكل هائل منذ ذلك الحين، لذا فإن دراستنا تُقدّم رؤية أكثر حداثة وصلة بتناول اللحوم في يومنا هذا".
وكانت الدلائل القائمة تشير إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان الأمعاء لكل 50 غراماً من اللحوم المُصنّعة التي يتناولها المرء يومياً.
إلا أن الدراسة الجديدة تقول إن الخطر يزداد بتناول 25 غراماً فحسب في اليوم.
وقالت الدكتورة جولي شارب، رئيس قسم المعلومات الصحية بجمعية أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، إن "المبادئ التوجيهية للحكومة بشأن اللحوم الحمراء والمعالجة هي نصيحة صحية عامة، وهذه الدراسة هي تذكير بأنه كلما تمكّنت من تقليص استهلاك اللحوم، تقل فرص إصابتك بسرطان الأمعاء".
وأضافت: "هذا لا يعني بالضرورة منع تناول اللحوم الحمراء والمُصنَّعة بالكامل، ولكن ربما تفكّر في الطرق البسيطة لتقليل كمّيات اللحوم وعدد مرات تناولها".
وتابعت قائلة: "على الرغم من أن تغيير العادات التي اتّبعناها لفترة طويلة قد يكون أمراً صعباً، فإنه لم يفُت الأوان لإحداث تغييرات صحّية على نظامنا الغذائي".
"فربما تُجرِّب قضاء أيام الإثنين مثلاً بدون تناول أيّه لحوم، والبحث عن وصفات غذائية تستخدم الدجاج أو الأسماك الطازجة، أو تستبدل البقول؛ مثل الفول والعدس، باللحوم في وجباتك المعتادة".