كيف تعمل حبوب منع الحمل للرجال؟ وهل سيكون لها نفس الآثار الجانبية لحبوب منع الحمل النسائية؟ في الواقع شكَّل اختراع وسائل تنظيم الحمل الهرمونية ثورةً في عالم الرعاية الصحية للنساء، لكنها وطوال 70 عاماً مضت ألقت عبء منع الحمل على كاهل النساء فقط.
وبالنسبة لبعض الرجال والنساء، يُمثل الأمر مشكلة.
إذ إن كل الوسائل طويلة المفعول لها آثار جانبية، بدءاً من البثور إلى التقلبات المزاجية وفترات الطمث المؤلمة.
أيّ امرأة تستخدم وسائل منع الحمل الهرمونية تتعامل على الأرجح مع أحد أنواع هذه التبعات المزعجة.
ولك أن تخمّن أنها ربما (وشريكها!) لا تريد استمرار دفع هذا الثمن المزعج.
وفي الواقع هناك نسبة كبيرة من الرجال (83%) يفضلون التحكم في خصوبتهم أكثر، ويرحبون بحبوب للرجال، سواء لأنها ستوفر على شريكاتهن الآثار الجانبية المؤسفة، أو لأنهم يريدون قدراً أكبر من التحكم في منع الحمل.
الدراسة التي شملت رجالاً من أدنبرة وشنغهاي وكيب تاون وهونغ كونغ لم تشمل رجالاً من الشرق الأوسط، لكنها تقدم فكرة عن استعداد البعض تخطي هذا الحاجز الثقافي، والتمرد على ما فرضته الابتكارات الطبية على النساء طوال هذه السنين.
قريباً جداً سيصدر بديل مماثل للرجال، لذا نتطرَّق في هذا التقرير للمعلومات الصحيحة عن ماهية هذه الخيارات بالضبط، ومتى يمكن الحصول عليها، وكيفية عملها، نقلاً عن مجلة Popular Science.
كيف تعمل حبوب منع الحمل للرجال؟
بطريقة مشابهة للعديد من خيارات منع الحمل المتوفرة، تمنع هذه الحبوب التقاء البويضة والحيوان المنوي منذ البداية.
يعني هذا للرجال تقليل عدد الحيوانات المنوية في السائل المنوي إلى الحد الذي يعتبر فيه عقيماً.
(لدى النساء، تمتع هذه الوسائل المبيض من حدوث التبويض كل شهر بفضل الهرمونات).
وتستخدم الوسائل الجديدة التي هي قيد التطوير الآن، سواء كانت أقراصاً أو مرهماً موضعياً مزيجاً من الهرمونات كما في وسائل منع الحمل المتوفرة.
يعمل هرمون التستوستيرون مع هرمون البروجيستين -وهو نوع آخر من الهرمونات يُفرز لدى كلا الجنسين- على تثبيط هرمون المُلَوتِن والهرمون المنبِّه للجُرَيب، اللذين يفرزهما الفصّ الأمامي من الغدة النخامية.
ويمنع انخفاض نسبة هرمون المُلَوتِن والهرمون المنبِّه للجُرَيب بدرجة كافية تكوّن الحيوانات المنوية، لكن للأسف بأثر جانبي، وهو تقليل هرمون التستوستيرون، ولذلك تحتاج لتعويضه بإضافة التستوستيرون في وسيلة منع الحمل.
وأجريت أبحاث لمحاولة إيجاد أعلى تعداد للحيوانات المنوية يمكن أن يصبح الرجل معه عقيماً.
ويستند علماء الغدد الصماء، الذين يطورون الوسائل الجديدة، على ذلك التعداد باعتباره الخط الأساسي أو الحد الأدنى.
نظرياً، يُعتبر تعداد الحيوانات المنوية أقل من مليون حيوان منوي لكل مليليتر قليلاً بدرجة كافية لمنع الحمل.
هل تمت تجربة هذه الوسائل وما نسبة نجاحها؟
حتى الآن، ترجح الأدلة أنها نجحت، لم تستمر التجارب الإكلينيكية لهذه الوسائل لفترة طويلة بما يكفي للوصول للمرحلة الثالثة، التي يختبر فيها الدواء لقياس مدى فاعليته مقارنة بالإيحاء جراء دواء وهمي.
وحالياً أغلب الأدوية المحتملة لا تزال إما في المرحلة الأولى أو الثانية، والتي يستخدم فيها مجموعات أصغر من المشاركين لتقييم درجة أمان العقار، وفاعليته.
أكد الباحثون في أحدث تجربة لحبوب "11-beta MNTDC" أنها ثبطت بنجاح هرمون المُلَوتِن والهرمون المنبِّه للجُرَيب، وهرمون التستوستيرون المفرز طبيعياً في الجسم، عند تناولها في صورة دورة تتكون من 28 يوماً.
وبعد التوقف عاد مستوى الهرمونات للحد الطبيعي.
اختبر الفريق نفسه حبوباً أخرى في ذات السياق في 2018، ووجدوا معدلات نجاح مشابهة. تأتي الوسائل أيضاً في شكل جيل موضعي، يعمل كالحبوب بالطريقة نفسها، إذ يمكنه أيضاً تثبيط مستوى الهرمونات لأقل من الحد الأدنى.
هل هي آمنة؟
مضت كل هذه التجارب الحديثة دون عقبات. كانت هناك آثار جانبية، تراوحت بين انخفاض الرغبة الجنسية إلى البثور والإرهاق، لكنها لم تكن من السوء لإيقاف الاختبارات.
في هذه المراحل المبكرة من التجارب، يتبع العلماء هذه القاعدة: إذا بدأت إعطاء الحبوب للناس وكانت الآثار الجانبية سيئة بدرجة كافية لانسحابهم، أو لأن تجعل من غير الأخلاقي الاستمرار في إعطائهم العقار، يجب عليك التوقف.
لذا في عام 2016، توقفت تجارب حقن هرموني بعدما بلّغ عدد كبير فوق العادة عن آثار جانبية.
وقرَّرت لجنة تقييم هذه التجارب أن الاستمرار خطير للغاية.
فسَّرت وسائل إعلامية كثيرة الأمر خطأً، أن الرجال أجبن من أن يتعاملوا مع نوعية الآثار الجانبية التي تتعامل معها ملايين النساء يومياً، ولكن الحقيقة تختلف.
في البداية، أظهرت تلك التجارب معدلات أعلى بكثير للآثار الجانبية، مقارنة بوسائل منع الحمل المتوفرة للنساء.
والنقطة الأخرى أن 75% من الرجال عبَّروا عن سعادتهم بالاستمرار فعلياً.
ولكن يظل أن الكثير من الآثار الجانبية التي بلّغ عنها الرجال هي نفسها التي تشكو النساء منها نتيجة الحبوب.
لكن، أليس من الظلم أن تتعامل النساء مع آثار جانبية أكثر؟
بلى، لكن هناك عاملان لعلك لم تنتبه لهما:
أولاً: بقدر ما يفتقر الأمر للعدل، يجري تطوير وسائل منع الحمل للذكور في عصر بقواعد أكثر صرامة فيما يتعلق بأنواع الآثار الجانبية المقبولة.
وكما أشار أحد الباحثين مؤخراً، في لقاء مفتوح للأسئلة عبر الإنترنت، على موقع Reddit، نعلم الآن عن جهاز الغدد الصماء في الإنسان أكثر من الماضي.
وهذا يعني أن على الباحثين اختبار حدوث تغيرات وظيفية محتملة كثيرة في أجسام الرجال، مما يؤدي لأسباب محتملة أكثر لإيقاف التجارب.
لقد فشل الباحثون إلى حد كبير في الاعتناء بالمريضات الإناث عندما طوروا أول وسائل منع حمل هرمونية، هذا لا يعني أننا يجب أن نكون بهذا الإهمال مرة أخرى.
والمهم أن العلماء طوروا حبوب منع حمل للنساء أفضل بكثير في العقود المنصرمة. الحبوب المتوفرة الآن لها آثار جانبية أقل من التركيبات الأصلية التي توفرت في الخمسينات والستينات.
ثانياً: عبء الحمل نفسه ليس متساوياً، فالمرأة معرضة لخطر الحمل، لذا لديها الدافع الأقوى لاستخدام وسائل منع الحمل.
وقتما ظهرت الخيارات الأولى في السوق، كانت الوصمة الاجتماعية والمخاطر الصحية للحمل غير المرغوب فيه أعلى مما هي عليه اليوم.
لذلك فإن استقبال المريضات للآثار الجانبية بصدر رحب ليس مفاجئاً، لأنها كانت قادرة على تغيير حياتهن جوهرياً.
ومع أن العالم قد اختلف اليوم، عدم تساوي القوة يعني أنه على الأرجح لن يقبل الذكور بآثار جانبية مزعجة أو خطيرة، وتعلم شركات الأدوية أنها لن تتمكن من بيع المنتج إلا إذا كانت الجوانب السلبية له لا تذكر.
متى ستكون متوفرة؟
في الأغلب ليس قريباً، هناك عدة خيارات لمنع الحمل تتطور في الوقت نفسه:
- نوعان من الحبوب
- جيل موضعي
- فاسالجيل أو Vasalgel الخيار غير الهرموني، وهو مركب بوليمر كيميائي يحقن في القناة المنوية ليمنع مرور الحيوانات المنوية فعلياً.
جميعها في المرحلة الثانية من التجارب، وهذا يعني أننا يجب أن ننتظر الباحثين لينشروا النتائج، ويستقدموا أشخاصاً للمرحلة الثالثة، ويكملوا تلك التجارب، وبعدها ننتظر بعض الوقت حتى تُصنّع شركات الأدوية هذه الوسائل.
بدوره قال رئيس برنامج تطوير وسائل منع الحمل في المعهد الوطني للصحة الأمريكي لموقع Vox الأمريكي العام الماضي، إنه لن يتوافر أول منتج في الأسواق قبل عقد من الزمان على الأقل.
ويقدّر الفريق الذي يعمل على دراسة أحدث حبوب أن عملهم لن يكون متوفراً بشكل واسع حتى 2030.
هل يمكن المشاركة في إحدى هذه التجارب في الوقت الحالي؟
نعم، يمكنك التسجيل. إلا أنه يحتمل عدم وجود أي تجارب في منطقتك. (معظمها في أمريكا)
يمكنك التسجيل في القائمة البريدية للحصول على معلومات عن فاسالجيل على موقع Revolution Contraceptives.
من المهم معرفة أن المشاركة في الاختبارات تعني ممارسة العلاقة الجنسية من دون استخدام أي وسائل منع حمل أخرى.
كما هو الحال مع وسائل منع الحمل للإناث، يحتاج الباحثون الذين يعملون على تطوير وسائل منع الحمل للذكور أن يعرفوا معدل الفاعلية عند الاستخدام الأمثل.
في هذه التجارب، يتابع الباحثون تعداد الحيوانات المنوية، وعندما يصبح التعداد منخفضاً بما فيه الكفاية لفترة زمنية كافية، ينبغي للمشاركين في التجارب وشركائهم في العلاقة الجنسية التوقف عن استخدام أي وسيلة أخرى لمنع الحمل قد يكونون يستخدمونها مسبقاً.
قد لا يناسب هذا الشرط حياتك، لأنه بالطبع هنالك احتمال لا يمكن نفيه لحدوث الحمل.
لذا إذا لم تكن في عجلة من أمرك لإنجاب طفل، لكنك وشريكتك مستعدان للتعامل مع الحمل إذا حدث، فربما تكون مرشحاً مثالياً.