نقرأ في الصحف نتائج الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية حول السرطان، وتسير معظمها في اتجاهين:
الأول أهمية التغذية ومحاولة الحفاظ على وسطٍ قاعدي في المعدة للحيلولة دون الإصابة بالسرطان.
الثاني حول أهمية الحفاظ على أسلوب حياة صحي يمارس فيه المرء الرياضة، ويستيقظ مبكراً وينام مبكراً لتجنّب الأورام والإصابة بالمرض الخبيث.
هل يُقلل الحفاظ على نمط حياة صحي من إمكانية حدوث الأورام السرطانية؟
لا شك أن هذا الكلام له أساس، تشير بعض الإحصائيات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أنَّ نسبةً لا بأس بها من الأورام تصل إلى 40%، يمكن تجنُّبها من خلال المحافظة على أسلوب حياة صحي.
طبعاً قد تختلف أرقام هذه النسب من دراسة إلى أخرى، لكن لا شك أنها نسبة لا يُستهان بها.
بعض العادات الصحية السليمة التي قد تساعد على تجنُّب الإصابة بالسرطان هي المحافظة على وزن جيد، والمحافظة على نظام غذائي يعتمد على الخضراوات والفواكه، والمحافظة على النشاط البدني، والالتزام بالتمارين الرياضية.
والأهم من ذلك كله هو تجنُّب التدخين واستعمال التبغ بأي شكل كان.
ومن المهم أن نذكر أن الحفاظ على هذه الأمور لا يقود فقط إلى إضعاف نسب الإصابة بالأورام السرطانية، إنما له آثار صحية جيدة أخرى، مثل الحفاظ على صحة ونشاط القلب وتقليل مستويات الضغط والتوتر التي نتعرض لها يومياً، والتقليل من فرص الإصابة بمرض السكري، إضافة إلى تقوية الجهاز المناعي وزيادة مستوى الطاقة، وبالتالي زيادة مدى الحياة المتوقع.
ما هو النظام الغذائي القاعدي، وكيف يؤثر على الخلايا السرطانية؟
ينصح البعض باتِّباع ما يُسمَّى بـ "الريجيم القاعدي" أو "النظام الغذائي القاعدي" الذي يُسهم في تخفيف الوزن من ناحية، وإضعاف احتمالية حدوث الأورام من ناحية أخرى طبقاً لبعض الدراسات.
يُركِّز هذا النظام على تناول الفواكه والخضراوات، والإكثار من شرب الماء، والتقليل من السكريات، والامتناع عن الكحول، والتخفيف من اللحوم الحمراء.
وقد سُمي هذا النظام بـ "القاعدي"؛ لأنه يساعد على تغيير PH الجسم، ورفعه إلى ما فوق الـ7 ليصبح قاعدياً.
(الـPH أو الأس الهيدروجيني هو مقياس من 0 إلى 14، لتحديد حامضية أو قاعدية- قلوية- الأوساط، فالوسط الحامضي هو الذي يملك PH تحت الـ7، أما القلوي أو القاعدي فيمتلك PH فوق الـ7).
في الحقيقة بعض أنواع الأطعمة تؤدي إلى زيادة إنتاجية أو إفراز الأحماض، وهذا قد يكون ضاراً بالجسد، وبالتالي فإن اتّباع نظام غذائي معين، والاعتماد على بعض الأغذية والمشروبات دون غيرها، يساعد على تغيير مستوى حامضية الجسم.
فهناك نظرية تقول إن تغيير مستوى الـph في الجسم، بحيث يكون أعلى من 7، يمكن أن يؤدي إلى تحسين الصحة والتخفيف من الوزن.
ما الرابط بين تغيير مستوى قاعدية الدم والإصابة بالأورام؟
يظن المدافعون عن النظام الغذائي القاعدي، أننا إذا تناولنا أطعمة ذات قاعدية عالية، وقللنا من الأطعمة الحامضية، فذلك سيرفع مستوى الـph في الدم، وبالتالي سيقلل ذلك من حدوث الأورام، باعتبار الوسط القاعدي بيئة أقل احتضاناً للخلايا السرطانية.
من الجدير بالذكر أن الدراسات التي تبنَّت نظرية النظام الغذائي القاعدي هي دراسات مخبرية، وليست دراسات مطبقة مباشرة على جسم الإنسان.
لأنه من الصعب نقل هذه الدراسات وجعلها واقعاً إكلينيكياً بتطبيقها على جسم الإنسان.
أيضاً من المهم جداً الإشارة إلى أنه مهما كانت طبيعة الغذاء الذي نتناوله، سواء كان حامضياً أو قاعدياً، فإن الجسم له أنظمة معينة لموازنة مستوى الحامضية في الجسم، بحيث لا تتأثر بما نأكل ونشرب.
حيث إن هذه الأنظمة تعمل على تقليل التذبذب بمستويات الحامضية، بحيث تمنع اختلال الوظائف الحيوية بفعل تغيّر الحامضية والقلوية.
بمعنى آخر، فإننا إذا تناولنا طعاماً قاعديته مرتفعة فإننا قد نؤثر على قاعدية الفم أو اللعاب، ولكن لا شك أن قاعدية الدم لن تتأثر بقاعدية الطعام الذي تناولناه، بسبب الأنظمة الموجودة في الجسم، لموازنة مستويات الحامضية والقلوية.
لكن في كل الأحوال، محتويات النظام الغذائي القاعدي مفيدة، وتُسهم في تحسين صحة الجسم بشكل عام، والتخفيف من الوزن.
وكما ذكرنا مسبقاً، الجسم الصحي والوزن المعتدل هما أحد العوامل التي تساعد على تجنُّب الأورام السرطانية.
فوائد أخرى لاتباع النظام الغذائي القاعدي
أيضاً الفائدة الأخرى من اتباع النظام الغذائي القاعدي هي التقليل مما يسمى بالالتهاب أو الـinflammation، وهو عبارة عن رد فعل طبيعي من الجسم للعدوى والإصابات.
كثرة الالتهابات قد تقود إلى التهابات مزمنة، مما يزيد الإصابة ببعض أنواع الأورام.
وقد يكون هذا سبباً آخر يجعل البعض يدعمون نظرية النظام الغذائي القاعدي لمحاربة الأورام السرطانية.
وفي النهاية، يستطيع الشخص الراغب في اتباع النظام الغذائي القاعدي باستشارة أخصائي تغذية، أو طبيب العائلة، ويناقشه فيما إذا كان هذا النظام ملائماً لوضعه الصحي العام، وفيما إذا كان هذا ملائماً لتاريخه المرضي أو الأدوية التي يتناولها، في حال كانت لديه بعض الإشكالات الصحية.