هل قابلت شخصاً فأحببته أو كرهته من النظرة الأولى؟ علمياً يخضع الأمر لعاملين.. تعرف عليهما

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/28 الساعة 15:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/28 الساعة 15:34 بتوقيت غرينتش
Millennial red-haired man approaching beautiful young girl enjoying coffee and dessert in café, interested young guy get acquainted with pretty female, young people flirt sitting in coffeeshop

تؤثر الانطباعات الأولى التي نشكّلها حول الأشخاص الآخرين استناداً إلى تعبيرات وجوههم على بعض الأمور الاجتماعية المهمة. فهي تؤثر على اختياراتنا للأصدقاء والأحباء، وتؤثر أيضاً على اختيارنا لمن نمنحه وظيفة ومن نطرده. بل وحتى على اختيار من نصوِّت له.

على سبيل المثال، وجدت دراسة حديثة أن المرشحين ذوي الوجوه الأكثر جاذبية حقّقوا نتائج أفضل في الانتخابات المحلية الإيطالية. إننا نشكل هذه الانطباعات بسرعة كبيرة (لا يستغرق الأمر سوى 100 مللي ثانية) ويبدو أنها تتغير بعد أن نتعامل مع الشخص. لكن كيف يشكِّل مظهر الوجه انطباعاتنا الأولى؟

نحن نقيّم الوجوه وفقاً لعاملين

تشير الدراسة الرائدة التي أجراها أليكس تودوروف عن تكوين الانطباع، إلى أننا نقيّم الوجوه غير المألوفة وفقاً لبعدين رئيسيين. ويبدو أن أحد هذين البعدين، وهو بُعد التكافؤ، يعكس تصوراتنا عن أن نية ذلك الشخص هي إلحاق الأذى بنا، ويرتبط ارتباطاً كبيراً بمدى جدارته بثقتنا.

أما البُعد الآخر، وهو بُعد الهيمنة، فيبدو أنه يعكس تصوراتنا عن قدرة ذلك الشخص على إلحاق الأذى، ويرتبط ارتباطاً كبيراً بمدى قوته البدنية.

وقد تكشَّف هذا النموذج ثنائي الأبعاد الخاص بالانطباعات الأولى، أولاً عن طريق عرض بعض صور الوجوه أمام بعض المشاركين الأمريكيين، وسؤالهم بأن يذكروا السمات الشخصية التي شعروا أنها تلائم كل وجه.

من ثَّم صُنِّفت هذه الوجوه وفقاً لهذه السمات، وخضعت لتقنيةٍ إحصائية تكشف عن الهيكل الذي تقوم عليه التصنيفات. وكان البعدان اللذان نتجا عن التحليل بعديّ التكافؤ والهيمنة.

في حين لا يبدو أنّ انطباعات التكافؤ القائمة على تعبيرات الوجه بشكلٍ خاص دقيقة، فهناك دليل دامغ على أنه يمكن تقدير القوة الجسدية تقديراً معقولاً اعتماداً على تعبيرات الوجه وحدها.

هل تكرَّر هذا النموذج الثنائي الأبعاد للانطباعات الأولى التي تشكّلها الوجوه في دراساتٍ لاحقة؟ نوعاً ما.

إذ توصلت بعض الدراسات في المملكة المتحدة، ومنها دراستان أجرى كاتب المقال إحداها وأجرى زملاؤه الأخرى، إلى أنماطٍ مماثلة من النتائج. وفضلاً عن ذلك، وجدت مجموعة من الباحثين في مجال الصوت في المملكة المتحدة أن الانطباعات الأولى للأصوات كانت مدعومة أيضاً ببعدي تكافؤ وهيمنة مماثلين.

في حين أن أنماط النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسات كانت بالتأكيد مشابهة لتلك التي توصلت إليها الدراسة الأمريكية الأصلية، فإن الدراسة الحديثة التي قدمتها سالي خو شي في اجتماع عام 2019 لجمعية الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (SPSP) تشير إلى أنها قد لا تكون متشابهة مثلما أوضحنا في الماضي، وبالتأكيد ليست متطابقة.

كما تشير دراسة أخرى حديثة إلى أن بعديّ التكافؤ والهيمنة يصلحان للحكم على وجوه الذكور أكثر من وجوه الإناث. ومع ذلك، تشير هذه الدراسات إلى أن التصورات حول التكافؤ والهيمنة تبدو في الحقيقة مفتاحاً للانطباعات الأولى، على الأقل في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وقد أعرب العديد من الباحثين عن قلقهم من أن الأبحاث في العلوم النفسية (وغيرها من التخصصات) تدرس بالدرجة الأولى المشاركين من الثقافات الغربية. فهل ينطبق نموذج الهيمنة والتكافؤ الذي كشفت عنه دراسات أُجريت على مشاركين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على ثقافاتٍ أخرى؟

لا ينطبق الأمر على كل الثقافات

وجدت دراستان أنّ المشاركين الصينيين يقيّمون الوجوه بناءً على بعد التكافؤ، تماماً مثل المشاركين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

مع ذلك، بدلاً من تقييم الوجوه بناء على بعد الهيمنة، قيَّم المشاركون الصينيون في كلتا الدراستين الوجوه بناء على بُعد الكفاءة. واتضح أن بعد الكفاءة هذا يعكس التصورات حول الذكاء والمكانة الاجتماعية، وليس القوة البدنية. وتشير هذه النتائج إلى أن نموذج الهيمنة والتكافؤ للحكم على الوجوه من منظور اجتماعي لا ينطبق على جميع الثقافات.

في الواقع، تشير دراسة أخرى إلى أنّ بعض الأشخاص المختلفين يحكمون على الوجوه بطرق مختلفة اختلافاً منهجياً، قائمة على توقعاتهم حول السمات التي يشترك فيها الناس عادة. إذن، في أي مناطق العالم يمكن تطبيق نموذج الهيمنة والتكافؤ؟

إن مؤسسة Psychological Science Accelerator عبارة عن شبكةٍ من المختبرات موزعة في أنحاء العالم، تشمل حالياً أكثر من 350 مختبراً في أكثر من 45 بلداً، تنسِّق جمع البيانات للدراسات واسعة النطاق والتي يقع عليها الاختيار بشكلٍ ديمقراطيّ.

وستُخضع مؤسسة الدراسة الأولى التي وقع عليها الاختيار لتُجرى على أكثر من 9 آلاف مشارك للاختبار لتقييم مدى نجاح نموذج التكافؤ والهيمنة في مناطق مختلفة من العالم. وقد نالت هذه الدراسة الموافقة على نشرها "كتقرير مسجل" في مجلة Nature Human Behaviour.

تعدّ "التقارير المسجلة"  شكلاً جديداً من أشكال النشر حيث تقيّم فيها الدوريات الأساس المنطقي للدراسة والأساليب وخطة التحليل قبل تجميع البيانات، بهدف إلغاء التحيز في نشر الأبحاث العلمية. والقواعد الخاصة بهذه الدراسة واسعة النطاق متاحة لعامة الجمهور، وقد تعمقت الدراسة الآن في مرحلة جمع البيانات.

إن البحث عن طريق الاستعانة بمصادر خارجية متعددة بهذه الطريقة سيقدم تصورات مهمة جديدة حول الطريقة التي تشكل بها الوجوه الانطباعات الأولى، وما قد يكون أهم من ذلك، أنها ستبرز أوجه الشبه والاختلاف بين الثقافات في الطريقة التي تحدث بها هذه العملية.

علامات:
تحميل المزيد