يبدو أن معاناة نحو 5 ملايين جزائري أمراض الحساسية ستستمر، في ظل استمرار مسبباتها، من تلوث للهواء وانتشار حشرة القراديات والصراصير، التي تسبب وحدها معاناة نحو 10% منهم، حسب ما كشف عنه مختصون ومهنيون.
وأوضح رئيس الأكاديمية الجزائرية لعلوم أمراض الحساسية رضا جيجيك، أن "4% من الجزائريين (2.5 مليون) يعانون مرض الربو، في حين يمثل مرض التهاب الجيوب الأنفية ما نسبته 9 إلى 12% (أكثر من 5 ملايين) من مجموع الجزائريين"، البالغ عددهم 41 مليوناً.
وتوقع أن تشهد هذه الأمراض ارتفاعاً على المستوى العالمي، لتصيب 500 مليون نسمة في العالم، وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية.
وأكد جيجيك، خلال الملتقى الوطني لأمراض الحساسية، الذي نُظم بالجزائر العاصمة في 14 ديسمبر/كانون الأول 2018، أن "تكلفة هذه الأمراض تتجاوز بكثير تكلفة علاج مرضى السل والسيدا (الإيدز) معاً"، دون تقديم توضيحات إضافية.
#صحة
مرضى #الحساسية بالجزائر بين غلاء الدواء و سوء التشخيص!! pic.twitter.com/IYR2CcDLGn— Ennahar Tv النهار (@ennaharonline) December 18, 2018
أمراض الحساسية في الجزائر ترهق وزارة الصحة
بدوره، أكد وزير الصحة الجزائري، مختار حسبلاوي، خلال الملتقى، أن "أمراض الحساسية تشكّل عبئاً ثقيلاً على منظومة الصحة بالبلاد".
وأشار إلى وجود استراتيجية من أجل تحمُّل تكلفة هذه الأمراض.
وقال في كلمة قرأها عنه رئيس ديوانه: "تحتل الأمراض الناجمة عن الحساسية المرتبة الرابعة بالنسبة للأمراض الأكثر انتشاراً بالعالم. كما أنها أصبحت تمثل في الجزائر عبئاً ثقيلاً على المنظومة الوطنية للصحة وكذلك على الجانب الاجتماعي".
وأعرب الوزير عن استيائه من وجود عدة عوامل تسببت في انتشار مرضَي الربو والتهاب الأنف، خصوصاً التلوث البيئي الناتج عن انبعاث غازات وسائل النقل والمصانع وغيرها.
ولمواجهة هذا الأمر، أكد الوزير أن فريقه أعد استراتيجية للوقاية والمعالجة والمكافحة ضد الأسباب المؤدية الى هذه الأمراض.
واعتبر أن هذه الاستراتيجية أفضت إلى تحسين نوعية التكفل بالمرضى الذين يتم تزويدهم بـ "الأدوية المناسبة لهم".
وأضاف أن "الجمعيات العلمية الجزائرية قامت بإرساء بروتوكولات توافقية للعلاج".
مرضى التهابات الأنف في تزايد
من جانبه، شدد نائب رئيس الأكاديمية، الدكتور عبد الكريم حبي، على أنه "ليس ثمة عائلة جزائرية لا يعاني أحد أفرادها الحساسية".
وأرجع ذلك إلى ما اعتبره "غياب النظافة وانتشار بعض المواد الكيميائية، فضلاً عن عوامل لها علاقة بالبيئة منتشرة بمحيطها".
وأعرب عن اعتقاده أن عدد المصابين بمرض التهاب الأنف قد يكون أكثر بكثير من الرقم الحالي (9 %).
وأوضح أن "أغلبية المصابين يكتفون بشراء أدويتهم من الصيدليات دون عرض أنفسهم على الفحص الطبي؛ ومن ثم لا تعرف عنهم الهيئات الصحية شيئاً"، وفقاً لما صرح به للإذاعة الجزائرية.
وبشأن علاج هذه الأمراض التي تنتشر بكثرة في الجزائر، أكد "حبي" أن "الأدوية الخاصة بعلاج أمراض الحساسية متوافرة، ويعوّض الصندوق الوطني نسبة من ثمنها للمواطن، عدا دواء واحد أصبح مفقوداً برفوف الصيدليات، لأسباب نجهلها حتى الآن".
والسبب.. التلوث والحشرات والصراصير
ويعتقد كثير من المختصين أن تلوث الهواء نتيجة عوادم السيارات وانتشار الحشرات والصراصير بوسط المجتمع تمثل المسببات الرئيسة لانتشار هذه الأمراض.
البروفيسور الحبيب دواغي، أستاذ أمراض الحساسية والمناعة العيادية بمستشفى بني مسوس في الجزائر العاصمة، فنّد العوامل التي أسهمت بشكل كبير في ظهور أمراض الحساسية، من بينها "تلوث البيئة وحبوب الطلع وبعض الأدوية كالأسبرين والبنسلين، فضلاً عن حشرة عثة الغبار والصراصير".
وأشار إلى أن "10% من هؤلاء المرضى يعانون حساسية جلدية بسبب الصراصير"، وفقاً لما كشف عنه للإذاعة الجزائرية.
من جانبه، دعا رئيس الأكاديمية الجزائرية لعلوم أمراض الحساسية، رضا جيجيك، إلى منع سير السيارات التي تستعمل لوقود الديزل، "لأنه يمثل السبب الرئيس في ظهور عدد من الأمراض، بينها الحساسية، أو على الأقل فرض ضريبة مرتفعة، للحد من استعمال هذا النوع من الوقود الملوث للبيئة"، على حد تعبيره.
سكان المناطق البعيدة معاناتهم مضاعفة
ولا يبدو أن معاناة هؤلاء المرضى تتوقف عند إصابتهم بالمرض فحسب، بل إن كثيراً منهم يجد معاناة في العلاج، لبُعده عن المصحات المختصة.
وفي هذا السياق، لفت البروفيسور الحبيب دواغي، وهو أيضاً رئيس الجمعية الجزائرية لأمراض الربو والحساسية والمناعة العيادية، إلى أن "بعض المرضى يضطرون إلى قطع مئات الكيلومترات، من أجل الوصول إلى عيادتنا بمستشفى بني مسوس، لإجراء تحاليل جلدية خطيرة، باعتبارها المصلحة الوحيدة على المستوى الوطني، التي تختص بإجراء هذه التحاليل"، وفقاً لما نقلت عنه الإذاعة الجزائرية.
وأوضح أن هذا الوضع دفع جمعيته إلى مباشرة دورات لبعض الأطباء المختصين وحتى العامين، للقيام بهذه التحاليل المعقدة بأماكن عملهم، في محاولة لتقريب الطبيب من المريض.
وأشار إلى أن "هذه الإجراءات نجحت في تدريب نحو 200 طبيب على إجراء تحاليل خاصة بأمراض الحساسية والمناعة العيادية".
وبات بإمكانهم إجراء هذه التحاليل في أماكن عملهم على مستوى 34 ولاية (من أصل 48 ولاية)، ودون أي ملاحقات إدارية أو قضائية، بعد تسلُّمهم شهادات تعترف بها وزارة التعليم العالي، على حد تعبيره.