"عزيزتي الزبونة العربية، من فضلك احترمي حقيقة أن إخفاء وجهك في ثقافة البلد الذي اخترتيه لقضاء إجازتك (ألمانيا) يعتبر تعالياً وتقليلاً من احترام الآخرين! من فضلك ادخلي البوتيك وأنتِ كاشفة عن وجهك".
هذا الإعلان المكتوب بالإنكليزية وضعته على الواجهة صاحبة متجر في بلدة غارميش بارتنكيرشن الألمانية، لتستقبل في موسم العطل هذا العام السائحات المسلمات المنقبات الآتيات من دول خليجية، وتبلغهن بمنعها دخول اللواتي يغطين وجوههن بالكامل، فلفتت بذلك الأنظار، وتداولت وسائل الإعلام الخطوة التي أقدمت عليها.
وبررت آنا سكشوك، التي تعمل مع زوجها في المحل الصغير، ذلك في منشور على حسابها بموقع فيسبوك بأنها تتوقع من السائحات أن يحترمن ثقافتهن، كما تحترم هي ثقافة الدول الأخرى بالطبع.
Dieses Jahr habe ich mich entschieden, Gesichtsverhüllungen in meinem Geschäft zu untersagen.Von Urlaubern , die sich…
Geplaatst door Anne Siuk op Zondag 26 augustus 2018
وبينت أن خطوتها هذه تأتي على نحو معاكس مما يفعله أصحاب بعض المتاجر في غارميش بارتنكيرشن، الذين يلبون رغبات الزبونات العربيات، ويعرضون "خدمة" توفير مكان معزول في محالهم لهن ليجلسن دون ارتداء الحجاب فيه وبحضور عاملات من السيدات فقط.
أول من يحظر النقاب في البلدة
وأصبحت آنا صاحبة أول متجر يقدم على خطوة على هذا النحو، ويحظر النقاب في البلدة.
وأشارت في لقاء مع تلفزيون "بايرشه روندفونك" إلى أنه من بين أسباب اتخاذها هذا القرار معاناتها من ضعف في السمع لديها، حيث تضع جهازاً سمعياً، واعتمادها لذلك على قراءة حركة الشفاه للتأكد من دقة ما تسمعه، إلى جانب الأسباب الأمنية.
تقول آنا إنها كانت تترقب كيف ستكون ردات فعل السائحات المنقبات، وتشير إلى أنهن بقين في اليوم الأول خارج المحل، لكنهم عدن في اليوم التالي أو الذي يليه دون نقاب بقميص "بلوزة" وبنطال واسعين، وهن يضعن حجاباً فاتح اللون بشكل غير مشدود على شعرهن.
تقول لموقع "ميركور" إن مظهرهن يبدو رائعاً، وتبين أن السيدات يبدون في البداية محرجات قليلاً وخجولات مشغولات بحجابهن، إلا أنهن يعطين انطباعاً بأنهن يفعلن شيئاً مخالفاً للتقاليد للمرة الأولى، ويستمتعن بذلك.
وتصف زبوناتها العرب بالقول إنهن في مزاج طيب، ويتوجب عليهن التعود على ذلك، لكنهن سعيدات بذلك، مبينة أن المزاج العام لطيف، وأنهما يرحبان بهن باللغة العربية، مؤكدة أنها ترحب بجميع الزبائن بغض النظر عن موطنهم.
المغربيات والتركيات شجعنها
وتشير إلى أن أحاديثها مع معارفها الذين يعيشون في المنطقة العربية كالمغرب وتركيا شجعتها على تطبيق فكرتها، إذ تقول إن جميعهن قلن لها إنهن لن يأتين منقبات البتة إلى متجرها. وتقول إن لديها انطباعاً بأنهن يتمسكن بالنقاب أو البرقع من قبيل العادة.
وتوضح أن السكان المحليين راق لهم ما فعلته أيضاً وباتوا يأتون لمحلها ويشكرونها، لأن ذلك يظهر النحو الذي يتعاملون به في ثقافتهم، فينظرون في أعين بعضهم البعض عند الحديث.
ووصلت آنا تعليقات واتصالات هاتفية إيجابية على ما قامت به، وفق تلفزيون "بي إر"، الذي نقل عنها قولها إن ذلك يظهر أنه يمكن التوصل لحل عندما يتحدث المرء مع الآخر ويتقرب منه، وأنه يمكن الحفاظ على ثقافتهم وعلى ثقافة الآخرين أيضاً. وانتقد البعض من المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً ما قامت به.
ويعرض البوتيك أحذية وفساتين، ويشكل ما يشتريه العرب 20٪ من إيرادات محلها خلال فترة العطلة الصيفية.
السلطان قابوس سبب الرواج
تعد غارميش بارتنكيرشن وجهة مثالية للسياح العرب الهاربين من الحر الشديد في دول الخليج وقضاء إجازة صيف في منطقة متواجدة في جبال الألب.
إلا أن المنطقة السياحية الطابع عرفت أكثر على أنها المكان الذي يقضي فيها سلطان عمان قابوس بن سعيد إجازاته في مكان إقامته الخاص المحاط بحراسة مشددة، الأمر الذي تسبب بإقبال للسياح العرب عليه منذ عقود.
كثافة الزيارات والأعداد ارتفعت بشكل كبير على نحو لافت للنظر في الأعوام الماضية، بحسب موقع "دي فيلت"، الذي أشار إلى أن الأمر بدأ منتصف السبعينيات عندما اشترى سلطان عمان مجمعاً فيها، وأصبح الوجود العربي ومرتديات الحجاب والنقاب جزءاً من المشهد في الشارع، لعدة أسابيع أو أشهر على الأقل في العام، سيما وأن السلطان لا يسافر وحده.
بحسب إحصائية نشرتها شبكة "بايرشه روندفونك" الألمانية العامة في تقرير لها العام قبل الماضي، فاق عدد السياح العرب للمكان في العام 2015 عدد السياح الأميركيين، حيث بلغ عدد أيام المبيت للسياح العرب 53 ألفاً في العام مقارنة بـ 49 ألفاً للأميركيين.
الطابع العربي في كل مكان
ويبدو أن البلدة تجاوبت مع هذا التغير وعدلت فنادقها ومحالها التجارية من الخدمات لديها لتتواءم مع زوارها العرب، حيث يخال المرء أنه يرى مشاهد من مدينة عربية، حيث تغطي العبارات العربية واجهات المحال والمطاعم، لتبلغ السياح بأن لديهم قائمة طعام بالعربية مثلاً أو أكلاً وشراباً حلالاً. وكتبت مالكة إحدى المقاهي على واجهته لدينا قهوة عربية. وبينت في حديث سابق مع تلفزيون "سات 1" أنهم استوردوا القهوة مع الفناجين والأبريق والآلة التي تُحضر فيها من الكويت، مشيرة إلى أن طعم القهوة بالنسبة للألمان يشبه إلى حد كبير الشاي، وإلى أن الزبائن العرب يتفاجأون إيجاباً بوجود قهوة عربية هناك.
ويقبل السياح والسائحات العرب على نحو خاص على شراء النظارات الشمسية والعطور. وتعود الباعة في المدينة حتى على رغبة العرب في المساومة على السعر خلال التسوق أو الحصول على خدمات، كما يفعلون في بلادهم، الأمر الذي لا يعد شائعاً في ألمانيا، ما يدفعهم للقول للزبائن بأن لديهم أسعاراً ثابتة، فيتقبلون ذلك بحسب إحدى مالكات صالونات الحلاقة.
وتعد من الأماكن الجذابة لدى السياح العرب مواقع التزلج على الثلج، الذي نادراً ما يرونه في بلادهم.
وعلى الرغم من إشهار سلطان عمان هذه المدينة بقضاء إجازاته فيها، إلا أنه لا يظهر فيها إلا نادراً كما تؤكد تقارير صحفية، تشير إلى أن أبرز الدلائل على وجوده هي الحاشية التي تنفق ببذخ في المصيف وسيارات الليموزين المفيمة المتواجدة هناك.