قال باحثون في أكبر تجمّع لطبّ الأورام في العالم إنَّ فحص الدم الذي يبحث عن 10 أنواعٍ مختلفةٍ من السرطان، يمكن أن يساعد الأطباء يوماً ما على تشخيص المرض، حتى قبل أن تظهر أعراضه على المريض.
يكشف الفحص الذي يُدعى "الخزعة السائلة" عن السرطان، عن طريق الكشف عن أجزاءٍ صغيرةٍ من الحمض النووي DNA الذي تطلقه الخلايا السرطانية في الدم. أظهر الفحص نتائج جيّدة خاصّة في حالات سرطان المبيض والبنكرياس، وذلك على الرغم من أنَّ أنواع السرطان التي كُشف عنها كانت قليلة.
ويأمل الباحثون أن يصبح الفحص جزءاً من طرق "الفحص العالمية" التي يمكن أن يستخدمها الأطباء للكشف عن السرطان في أجسام المرضى، حسب تقرير صحيفة The Guardian البريطانية.
الكأس المقدسة لأبحاث السرطان، الكشف المبكر يسهل العلاج
وقال الدكتور إريك كلين، المسؤول عن الأبحاث التي أجراها معهد Taussig Cancer Institute التابع لمؤسسة كليفلاند كلينك، إنه من المحتمل أن يكون هذا هو الكأس المقدسة لأبحاث السرطان، وهو الأمر الذي يرغب فيه الجميع بشدة، أي أن نشخص سرطانات يصعب اليوم علاجها، في مرحلة مبكرة يسهل معها العلاج. وأضاف، "نأمل أن ينقذ هذا الفحص أرواح الكثيرين".
عُرضت الدراسة التي أجراها فريق بحثي يتضمّن أيضاً علماء من جامعة ستانفورد، في المؤتمر السنوي الذي تعقده الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريرية في شيكاغو.
وقال سيمون ستيفنز، الرئيس التنفيذي لخدمة الصحة الوطنية بالمملكة المتحدة، إنَّ "التقنيات الجديدة" مثل فحص الدم بحثاً عن السرطان يمكن أن "تفتح الباب أمام الحفاظ على عدد هائل من الأرواح، بالإضافة إلى فوائد كبيرة في الإنتاجية في ممارسة الطب".
ويتابع ستيفنز "الآن وبينما تحتفل خدمة الصحة الوطنية بالذكرى الـ 70، نقف على أعتاب عصرٍ جديدٍ من الطب التشخيصي الذي سيغيّر رعاية السرطان والأمراض الوراثية والنادرة بدرجة كبيرة".
عمل البحث على ما يزيد على 1600 حالة، 749 من هذه الحالات كان أصحابها غير مصابين بالسرطان في وقت الدراسة، دون أن يتم تشخيصهم، و878 حالة شُخّصت حديثاً بالسرطان.
فحص وليس علاج
كان الفحص أكثر دقة في تشخيص سرطان البنكرياس والمبيض والكبد والمرارة، فقد كشف عن المرض بشكل صحيح فيما لا يقلّ عن أربعة من كلّ خمسة مرضى.
لكنَّ الفحص كشف عن سرطان الغدد اللمفاويّة والورم النخاعي بدقّة أقلّ بفارق طفيف، إذ بلغت الدقة 77% و73%. وكُشف عن سرطان الأمعاء في كلّ مريضين من أصل ثلاثة. كما تعرّف الفحص على سرطان الرئة بنسبة 59% من المرضى. أما سرطان الرأس والرقبة فقد كُشف عنه في 56% من المرضى.
وقال الباحثون إنَّ النتائج التي حصلوا عليها أظهرت نتائج مبشرة فيما يتعلّق بفحص الدم بحثاً عن السرطان، لكنّهم أشاروا فيما بعد إلى حاجتهم لـ "تطوّر إضافيّ في الفحص السريري".
كان عدد المرضى الذين شُخّصوا بالسرطان ضئيلاً. على سبيل المثال، بالرغم من أنَّ دقة الاختبار في الكشف عن سرطان المبيض بلغت 90%، إلا أنَّ أنواع سرطان المبيض التي كُشف عنها بلغت 10 أنواعٍ فقط.
يهدف الباحثون على الرغم من ذلك إلى تطوير أداة باستطاعتهم استخدامها مع جميع الأشخاص، بغضّ النظر عن التاريخ العائلي. وقال كلين "من المحتمل أن يستخدم هذا الفحص مع الجميع".
وكان فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو نشر مؤخراً دراسة تقيم استراتيجية جديدة لتحليل عينات الدم للبحث عن أدلة تشير إلى وجود سرطان البنكرياس.
وحللت الدراسة الجديدة عينات الدم من الأشخاص الذين تم تشخيصهم بسرطان البنكرياس، وقارنتهم بالدم من الأفراد الأصحاء. على وجه التحديد، عزلوا الجسيمات الصغيرة، وعزلوا exosomes من عينات الدم وهي عبارة عن أكياس صغيرة مليئة بالسوائل تحتوي على البروتين والمواد الوراثية المسماة RNA، والتي يمكن أن تحتوي على معلومات تشير إلى وجود المرض.
نتائج مثيرة تكشف سرطانات كثيرة
وصف البروفيسور نيكولاس تيرنر من معهد أبحاث السرطان في لندن هذه النتائج بأنَّها مثيرة حقّاً، وبأنَّها أداة فحص عالمية ممكنة التحقيق. فقد قال "تكتشف الكثير من السرطانات في مرحلة متأخرة، عندما لا يكون بالإمكان التدخل الجراحي، وتكون فرص الشفاء ضئيلة". وتابع "إنَّ الهدف هو تطوير فحص للدم، مثل هذا الفحص، يمكنه أن يشخّص الإصابة بالسرطانات بدقّة وفي مراحل مبكّرة".
أضاف كلين "لا يزال الفحص على بعد بضع خطوات منا، ولا نزال بحاجة إلى عدد أكبر من الأبحاث، لكن يمكن أن يخضع للفحص بالغون أصحاء من عمر معيّن، مثل أولئك الذين تخطوا الـ 40 من العمر، لنرى ما إذا كانت لديهم علامات مبكّرة على وجود السرطان".