كشفت دراسة طبية إصابة بعض إبل الجزائر بمرض قاتل يشبه مرض جنون البقر، الأمر الذي يهدد بحصول كارثة طبية إذا ما انتقل المرض إلى البشر.
وفي حين لم يُعرف مصدر إصابة الإبل بهذا المرض المميت، لكن العلماء رجحوا انتقالها من علف وماشية بريطانيا المصدّرة إلى الجزائر.
تظهر الإبل المصابة بهذا المرض بعض التصرفات الدالة على الجنون كعض الأشجار المحيطة أو عض نفسها أو التهجم على كل من يعترض طريقها. ويلجأ أصحاب الإبل عادةً على إعدام المصابة منها لتخليصها من حالة الجنون التي تعتريها، وللحد من انتقال المرض من إبل لآخر. أما إذا ما انتقل إلى البشر، فيؤدي لمرض يصيب الدماغ ويقضي شيئاً فشيئاً على المصاب في غضون سنة من الإصابة.
الدراسة التي نُشرت في مجلة الأمراض المعدية الناشئة (Centers for Disease Control and Prevention)، من قبل فريق دولي من علماء سلامة الأغذية والأطباء البيطريين (جزائريين وإيطاليين)، أكدت وجود المرض التنكسي المميت في الإبل في الجزائر، ودعت إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية صحة الحيوان والإنسان.
يقول الباحثون، "إن معرفتنا لمرض البريون (التسمية الطبية لهذه الأمراض) هذا في أنواع الماشية المنتشرة جغرافياً تتطلب تنفيذاً عاجلاً لمراقبة وتقييم المخاطر المحتملة على صحة الإنسان والحيوان".
وتشير الدراسة إلى أن "العلف والعظام تم تصديرها من المملكة المتحدة إلى جميع أنحاء العالم، وبعد حظر إطعام الحيوانات بروتين المجترات في بريطانيا العام 1988، ارتفع التصدير لدول العالم الثالث إلى 30،000 طن في عام 1991". ما يرجح احتمال وصولها إلى الجزائر.
برغر الإبل في السودان والسعودية
يبلغ عدد الإبل وحيدة السنام أو "العربية" أكثر من 10 ملايين في جميع أنحاء العالم. وبالرغم من أنها معروفة في الغرب بحيوانات الأحمال، إلا أنها مصدر رئيسي للحوم والحليب في إفريقيا وبعض دول الشرق الأوسط.
تُعتبر المأكولات المُعدة من الإبل، مثل اليخنة والنقانق وحتى البرغر، جزءاً كبيراً ومهماً من النظام الغذائي البشري في دول مختلفة مثل السودان والسعودية وحتى الصين.
قُدم لوزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون طبق من الجمل المشوي أثناء قيامه بمهمة تجارية في أبو ظبي في العام 2013، وشارك صورة للوجبة على الشبكات الاجتماعية.
3% نسبة الإبل المصابة التي تم تحويلها للذبح
وقال أحد كاتبي البحث ورئيس الوحدة التشغيلية للأمراض الحيوانية التابعة للمعهد الوطني للصحة في روما ( Istituto Superiore di Sanità)، غابرييل فاكاري، إنهم انتبهوا أول مرة للمرض في الجمال عندما لاحظ باحثون جزائريون أعراضاً في الحيوانات تذكر بأمراض البريون الأخرى. ظهرت تلك الأعراض على الماشية البريطانية، التي تعاني من مرض التهاب الدماغ الإسفنجي البقري (BSE) أو "جنون البقر".
وأكدت فحوصات المختبر إصابة 3 حيوانات بمرض الإبل البريوني أو Camel Prion Disease (CPD)، مما يشير إلى أن المرض كان موجوداً بنسبة 3.1 % من عدد الإبل التي تم تحويلها للذبح في المسالخ المحلية.
العلماء غير متأكدين من انتقال المرض إلى البشر
وقال فاكاري إنه لا يوجد دليل حتى الآن على إمكانية انتقال المرض من الحيوانات إلى البشر.
وأضاف، "لا يبدو أن بعض أمراض البريون، مثل داء قعاص الغنم (scrapie)، تنتقل من الحيوانات إلى البشر، لكن البعض الآخر ينتقل، مثل مرض جنون البقر في الماشية. وفي هذه اللحظة لا نعرف ما إذا كان هذا المرض في الإبل بإمكانه أن يعبر حاجز الجنس البشري. لا بد من العمل والمراقبة".
والخطر يعيد للأذهان مآسي أزمة جنون البقر
وشكلت مراقبة أعداد الحيوانات المصابة بأمراض البريون مصدر قلق كبير لمسؤولي الأمن الصحي في جميع أنحاء العالم، منذ أن تم التعرف على مرض جنون البقر في الماشية في المملكة المتحدة في العام 1986، ممّا كان يسبب للحيوان ارتعاشاً في الرأس، وفقداناً للوزن، وعدم اتزان وخسارة الذاكرة والبصر.
تحول مرض جنون البقر إلى أزمة شاملة بعد 10 سنوات، عندما أُثبت أن المرض انتقل إلى البشر في شكل مرض تنكسي عدواني، مرض كروتزفيلد جاكوب (vCJD).
فُرض وقتها حظر عالمي على جميع صادرات لحوم البقر البريطانية، وذُبح أكثر من 4.4 مليون حيوان، مما كلف الاقتصاد البريطاني نحو 5 مليارات جنيه استرليني، وقُتل أكثر من 200 شخص في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 177 في بريطانيا.
ولا تنحصر تربية الماشية في دول الخليج الصحراوية، بل تنتشر في شمال ووسط إفريقيا، وكذلك في آسيا الوسطى وأستراليا، وبالتالي فإن التحذير الطبي يطال رقعاً كبيرة من الكرة الأرضية وينذر بأزمة خطيرة تنتظر إثبات أو نفي انتقال المرض للبشر.