بدأت مدرسة "طيور الأمل" السورية مسيرتها التربوية بأناقة تعليمية لافتة، منذ افتتاحها في بلدة دير عمار، الواقعة شمال لبنان، في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، على يد مؤسسها مصطفى الحاج أحمد، مع كل الظروف المأساوية التي أحاطت بالطلبة نتيجةً للتأثيرات التي تركها الأزمة السورية، وما تبعها من عمليات قَتْلٍ وتهجير.
سارع المؤسس بإطلاقها إلى اتخاذ قرار عفْوي صادق بتعليم الطلبة؛ فافتتح مدرسته في مكان صغير متواضع مهجور منذ سنوات، حيث كانت الصفوف فيها لا تزيد على العشرة، فيما الباحة لا تستوعب سوى العشرات من الطلبة، بحسب شبكة "زدني".
هذه الخطوة شهدت إقبالاً كبيراً؛ فبعد مرور الأسبوع الأول من التسجيل، غصَّت مدرسة "طيور الأمل" بالأهالي، الذين قَدِموا إليها لتسجيل أبنائهم؛ ليتمَّ استقبالُ أكثرَ من 350 طالباً وطالبة من الفئات العمرية كافة، وهم الذين توزعوا على جميع المراحل التعليمية من صف الروضة وصولاً إلى الصف الثامن.
هيَّأَ الحاج أحمد الجوَّ التربوي الملائمَ للطلاب اللاجئين، وذلك بمساعدة عدد قليل من الإداريين والمعلمين، ووَضَعَ خطةً ورؤيةً كاملة لعامه الدراسي، بحسب شبكة "زدني".
وعلى الرَّغم من عدم وجود أيِّ مصدَرٍ رسمي داعم لهذه الخطوة، فإنَّ ذلك لم يكن عائقاً أمام المؤمنين بواجباتهم تجاه أبناء بلدهم وحقهم في التعليم؛ فعمل العديد من الشبان والشابات في هذه المدرسة المتواضعة متطوعين دون أن يتقاضَوْا أيَّ مقابل مادي في البداية.
وبعد فترة قصيرة ومع شيوع خبر المدرسة والإقبال عليها من الطلاب، بدأ الزوار بالتوافد إلى هذا الصرح التعليمي المعجزة الذي تمَّت إقامتُه في ظل ظروف قاسية؛ فتبرعت حينها سيدة أميركية من أصول سورية بمبلغ مالي بسيط للمدرسة، كانت قيمتُه ما يعادل راتب شهر واحد للمعلمين.
وبعد فترة وجيزة، بدأت مدرسة "طيور الأمل" بتلقي المساعدات من مؤسسات خيرية في دولة الكويت، والتي كانت تهدف إلى مساعدة هذه المدرسة على متابعة المسيرة التربوية السامية التي انطلقت من أجلها.
كما عوَّضت هذه المؤسسات الخيرية لجميع الأساتذة الذين بدأوا متطوعين أجورهم التي لم يتقاضَوْها خلال أشهر عملهم المجانية؛ لتكون بذلك قد منحتهم جميع مستحقاتهم، بحسب شبكة "زدني".
أحمد في حواره مع شبكة "زدني" يؤكد أنَّه: "من أقسى وأخطر أنواع الحرمانِ، الحرمانُ من حقِّ التعليم، وأخطر ما شهدَتْه الحربُ السورية عبر السنين الماضية يتجسد بجيل ينهار، وجيل يتدمر، ولا أحد يدرك خطورة ما ستؤول إليه الأمور في ظل استمرار الحرب أكثر فأكثر".
وأوضح: "مدارس طيور الأمل جاءت انطلاقاً من مسؤولية مقدَّسة تجاه بلدنا وأهل بلدنا في ظل هذه الأزمة وهذه الحرب التي تعصف بأقداره".
يتابع الحاج أحمد: "ما لَفَت نظري عبر تجربتي مع الطلاب في مدارسنا، أن الطالب السوري كَسَر القاعدة النمطية التي تقول إنه طفل حَرْبٍ وطفلٌ لاجئٌ والأزمات النفسية تعصف به؛ فعلى العكس تماماً وجدتُ أن مواهبهم تفجرت من رَحِم معاناتهم، كما وجدتُ التحدي بكل ما تعنيه الكلمة، ووجدتُ التميُّز والتفوق والإبداع في شتى الميادين".
وشدَّد على أنَّ "العيش في الأقبية والمخازن والفقر المُدْقِع لم يمنع أبناءنا من جعل المدرسة بيتهم الذي يعوضهم عن كثير من الأشياء التي فقدوها في ظل ظروفهم الصعبة"، في حديثه لشبكة "زدني".
فرص عمل!
فتحت مدرسة "طيور الأمل" باب التوظيف أمام العديد من المعلمين والمعلمات في مخيمات اللاجئين، مُؤَمِّنَةً بذلك فرص عمل لهم بعد لجوئهم إلى لبنان.
علماً أن مدرسة "طيور الأمل" تمنح لموظفيها أجوراً مرتفعة مقارنة مع سائر المدارس المعنية بتعليم السوريين في لبنان.
الديمقراطية في "طيور الأمل"!
إيماناً منها بمبدأ الحرية والحق في التعبير عن الرأي والاختيار والمشاركة، أجرت إدارة المدرسة فور افتتاحها استفتاءً بين الطلاب لاختيار اسم للمدرسة، بحسب شبكة "زدني".
بحيث وقع في حينها اختيار جزءٍ كبيرٍ من الطلاب على اسم "طيور الأمل"، فاحترمت الإدارة من جانبها هذا القرار الطلابي، وأعلنت رسميّاً اسم المدرسة، وتمسكت به بوصفه بَنْداً أساسيّاً من ميثاق المدرسة.
العلاج عن طريق الفن
عملت مدرسة "طيور الأمل" على ابتداع أساليب تعليمية خاصة ومبتكرة في السنة الأولى من انطلاقتها، منها العلاج عن طريق الفن، ومتابعة أعمال الطلاب الفنية التي كانت تحتوي في مجملها على رسومات تعكس مشاهد القتل والدمار والتشريد وأشكال العنف كافة.
فكانت هذه الرسومات في قوة مرآة تعكس الحالة النفسية المضطربة عند بعض الطلاب. وانطلاقاً من هذه الإشارات، عمل الطاقم الفني على الاهتمام بتلك الحالات ومتابعتها بشكل جادٍّ، وذلك بهدف إخراج الطلبة من الحالة السيئة التي كانت تسيطر عليهم، وتحويلها إلى طاقة إيجابية تمكنهم من مواصلة حياتهم التعليمية بشكل طبيعي دون أيِّ شوائب أو كَبْتٍ نفسي.
بالإضافة إلى فن الرسم وما تبعه من متابعة لحالة الأطفال النفسية، فقد كان لفن التمثيل والغناء حضوراً بارزاً في برنامج المدرسة التعليمي.
وعلى خطى اللوحات، كانت خشبة المسرح كذلك في قوة مُتَنَفَّسٍ لهم ولإخراج ما يشعرون به؛ فعبروا من خلالها عما يخالجهم؛ إذ غضبوا واستنكروا وَبَكَوْا وصَرَخُوا، كما أنَّهم أطلقوا أيضاً أبلغ عبارات المحبة والسلام.
"طيور الأمل".. حَرفٌ وحِرَف
في ظل الضيق المادي الذي لحق بالنازحين السوريين في لبنان، عملت مدرسة "طيور الأمل"، إضافة إلى كل ما سبق، على تعليم طلابها الحِرف، بحسب شبكة "زدني".
فاهتمت بتعليمهم إعادة تدوير الأدوات القديمة والأدوات المستعملة، وذلك بهدف إعادة تصنيعها من جديد يدوياً، ومن ثَم بيعها؛ ليستفيد الطالب وعائلته من الأرباح التي تعود عليه منها حتى وإن كانت تلك الأرباح قليلة.
تكريم الطلاب وتحفيزهم
لم تَعْتَبِرْ مدرسة "طيور الأمل" يوماً نفسها أنها مرحلة استثنائية عابرة في حياة الطلبة، ومن هذا المنطلق لم تكتفِ بالأساسيات المتعارف عليها؛ بل أصرت على إعطاء الطالب حقوقه التعليمية والتحفيزية كاملة أيضاً، كالتكريم عند التفوق والحصول على نتائج مميزة، والتحفيز عند التحسن وبذل الجهد والاهتمام والمتابعة عند تراجع المستوى عند بعض الطلاب.
وبحسب شبكة "زدني"، عملت الإدارة في هذا الإطار على تنظيم الاحتفالات المعنية بتكريم الطلاب، دون أن تتجاهل في ذلك إظهارهم بأبهى حُلَّة، وذلك بإلباسهم الأوشحة والتيجان ومنحهم الأوسمة والهدايا.
الدورات الصيفية
تعمد مدرسة "طيور الأمل" في دير عمار على متابعة الطلبة خلال فصل الصيف؛ فتنظم الدورات التي تعمل على تقويتهم وتجهيزهم للعام الدراسي المقبل، ولا تخلو هذه الدورات من النشاطات التثقيفية والترفيهية.
وهذه الدورات قد تمَّ إطلاقها منذ أن فتحت هذه المدرسة أبوابها، بحسب شبكة "زدني".
كارمس "طيور الأمل"
منذ عامين، تنظم مدرسة "طيور الأمل" كارمس العيد، الذي استقطب الأطفال 4 أعياد، ويتضمن الكارمس العديد من النشاطات المتنوعة التي تبث الفرح في قلوب الأطفال، إضافة إلى تقديم الهدايا لهم.
إبداع ضاق فيه فرع واحد!
مدرسة "طيور الامل" في دير عمار، لم تعد تتسع لجميع طلابها وللمتوافدين عليها؛ مما دفعها إلى العمل على افتتاح مدرسة ثانية في منطقة جبل البداوي "طرابلس" تكون بديلاً عن مدرسة دير عمار، بحيث تكون قادرة على احتضان أعداد مضاعفة من الطلبة.
فقد ارتفع كادرها الطلابي في العام الدراسي 2014-2015 من 350 طالباً إلى نحو 1000 طالب وطالبة، كما ارتفع عدد موظفيها من 13 موظفاً وموظفة إلى 34.
فيما أطلقت الهيئة الإدارية على هذه المدرسة اسم "طيور الأمل الثانية" وقد وضعت تحت إشراف مديرها إسماعيل الأحمد وطاقمه الإداري، فيما كانت مدرسة "طيور الأمل الأولى" بإدارة باسم إدريس وطاقمه الإداري.
ومع الفرعين للمدرسة، أصبح العدد الإجمالي للطلاب الذين حصلوا على حقهم الطبيعي في التعليم بـ"طيور الأمل" الأولى والثانية نحو 2000 طالب وطالبة، فيما تخطى عدد اللاجئين الذين حصلوا على فرص عمل 70 موظفاً.
حافظت مدرسة "طيور الأمل" على رؤيتها التعليمة وعلى برنامجها المتنوع، كما أنَّها أضافت بعض المواد التعليمية إلى صفوفها، كتخصيص حصص للرياضة مثلاً إلى جانب الأنشطة الفنية.
وعملَتِ المدرسةُ كذلك على الصعود في مراحلها التعليمية، فأضافت صفّاً جديداً إلى سلسلة صفوفها وهو الصف التاسع.
طيور الأمل تفتتح فرعاً ثالثاً
هذه النَّجاحاتُ المتتالية التي حقَّقتها مدرسة "طيورُ الأمل" على مدى 3 سنواتٍ من انطلاقتها؛ كانت كفيلةً بإغراء العديد من أهالي الطُّلاب لتسجيل أبنائهم في هذا الصَّرحِ الشَّامخِ، وهذا أدَّى إلى تفاقم أعداد الطلاب المنتسبين إلى "طيور الأمل".
ممَّا جعل الهيئة الإدارية تأخذ قراراً سريعاً وصائباً بافتتاح فرع جديدٍ ثالث في منطقة باب التّبانة-طرابلس؛ وذلك حرصاً منها على منح التعليم الجيد والمتنوع لكل طفلٍ سوري لاجئ في لبنان.. وبذلك تُصبح مدارسُ "طيور الأمل" الثلاث أكبرَ مدرسةٍ لتعليم الطُّلاب السُّوريين في لبنان.
وقد تأسَّستْ مدرسةُ "طيور الأمل" الثالثة في عام 2016 بإدارة أحمد عباس وطاقمه الإداري، وفاق عدد موظفيها 40 موظفاً، وضمَّت ما يفوق 700 طالبٍ وطالبةٍ.
هذا وقد استطاعت مدرسةُ "طيور الأمل" الثالثة أن تتميَّزَ في محيطها، وأن تثبتَ وجودها بسرعةٍ قياسيَّةٍ. كما أنَّها تميَّزت بموادها التعليمية غير التقليدية المواكبة للعصر؛ فقد أضافت إلى برنامجها التَّعليمي مادة الحساب الذِّهني التي انفردت بها عن غيرها من المدارس..
وفي عام 2017، أصبحت مدارسُ "طيور الأمل" الثلاث تضم قرابة 6 آلافِ طالبٍ وطالبةٍ، و120 موظفاً وقُرابة 80 صفّاً، بحسب شبكة "زدني".
إحصاءات
بحسب إحصاءات المدرسة، فإن عدد الطلاب في عام 2013 -2014 كان "350" طالباً وطالبة، ليرتفع في عام 2014–2015 إلى 979 طالباً وطالبة.
في عام 2015 – 2016، تمَّ افتتاح مدرسة "طيور الأمل" الثانية، وتُظهر الإحصاءات أنَّ عدد طلابها قد بلغ 996 طالباً وطالبة، فيما سجَّل في الأولى 1014 طالباً وطالبة.
في عام 2016-2017، توسعت المدرسة وافتتحت فرعاً ثالثاً، وتوزع عدد الطلاب على الشكل التالي بحسَب الإحصاءات:
مدرسة "طيور الأمل" الأولى: 986
مدرسة "طيور الأمل" الثانية: 976
مدرسة "طيور الأمل" الثالثة: 698.
التطور التعليمي في "طيور الأمل"
لم تكتفِ الإدارة في مدرسة "طيور الأمل" بمتابعة الطلاب فقط؛ بل عملت على تطوير قدرات المعلمين أيضاً؛ وذلك من خلال إخضاع طواقمها كاملة في المدارس الثلاث لدورات تدريبية مكثفة، وذلك من قِبل أشهر المدربين التربويين في الوطن العربي.
وفي هذه المدرسة، اكتسب المعلمون العديد من الأساليب التربوية المتطورة في التعليم النشط وكيفية إدارة الصف والطرق الذكية في إيصال المعلومات إلى الطلاب بالمراحل العمرية كافة، وغير ذلك الكثير، بحسب شبكة "زدني".
الحساب الذهني
تعتبر مدرسة "طيور الأمل" أول مدرسة لتعليم الطلاب السوريين أطلقت في برنامجها الدراسي مادة الحساب الذهني مع عمار عمار، وقد أحرزت المدرسة نجاحاً كبيراً في هذا المجال، برز بقوة بين صفوف الطلاب التي شهدت إقبالاً ذهنيّاً عالياً.
وقد شاركت المدرسة في النشاطات المهتمة بمادة الحساب الذهني، وذلك في العديد من المناسبات التربوية، كالملتقى الأول لمدارس السوريين في لبنان، ومعرِض الكتاب الدولي السنوي الذي يقام في طرابلس، إضافة إلى العديد من العروض الخاصة التي كانت تقام في احتفالات المدرسة، فضلاً عن اهتمام العديد من الوسائل الإعلامية بهذا النشاط.
"طيور الأمل" تبتكر!
حرصاً منها على تقديم الأفضل دائماً للطلبة، قام مدير مدرسة "طيور الأمل" الأولى، باسم إدريس، بابتكار طريقة تعليمية نشطة، وهي طريقة جديدة على قاموس التعليم المدرسي، وقد أطلق عليها اسم "الشجرة النامية".
وقد لاقت هذه الطريقة نجاحاً كبيراً في الحصص الدراسية؛ إذ ظهر ذلك جليّاً وواضحاً على الأداء الدراسي المتقدم الذي بدأ يُظهره الطلاب، بحسب شبكة "زدني".
التطور الفني في "طيور الأمل"
التقنية التقليدية في تعليم الرسم، كالتلوين بالألوان الخشبية على الورق وما إلى ذلك، باتت شبه معدومة في المنهاج الفني المعتمد بمدارس "طيور الأمل"، بحسب شبكة "زدني".
إذ عمدت المدرسة إلى ابتكار العديد من الأفكار الفنية الجديدة الحديثة، أبرزها التصميمات الفنية الضخمة في باحاتها، والتي يستعمل فيها الطلاب كميات هائلة من الملح الملون، وتصميمات أخرى يتم استعمال الشمع فيها، بالإضافة إلى استعمال الآلاف من الأكواب البلاستيكية، والتصاميم الضخمة بالماء الملون وما إلى ذلك من أنشطة غير تقليدية.
هذا وقد شاركت مدارس "طيور الأمل" في حضور بارز لها بالملتقى التعليمي الأول لمدارس السوريين بلبنان، وهو الذي كان قد نظمه المركز الدولي للتعليم النوعي على جميع الأصعدة الفنية التمثيلية والرياضية والذهنية وغيرها.
الإرشاد النفسي
بقدر ما اهتمت الإدارة في مدرسة "طيور الأمل" بالأمور التعليمية والفنية والرياضية للطلاب بقدر ما اهتمت أيضاً بأمورهم الشخصية وبحالاتهم النفسية؛ فقد قامت الإدارة بتخصيص مرشدة نفسية للطلاب، وهي عائشة الجر، التي كانت مهمتها الاهتمام بأوضاعهم النفسية السيئة، والعمل على معالجتها، وذلك بالتعاون المباشر مع الأهالي بشكل شبه يومي.
محو أمية
بعد انقطاع أعداد كبيرة من الطلاب النازحين السوريين عن التعليم مدة طويلة بسبب ظروف الحرب والنزوح، وما ترتب على ذلك من انقطاعهم عن الدراسة أو تأخُّرهم أو تراجعهم وضعف أدائهم التعليمي- عملت إدارة مدرسة "طيور الأمل" على تخصيص شعبة خاصة بين صفوفها تعمل على تقوية الطلاب الضعفاء وعلى تمكين الأميين من مواصلة طريقهم التعليمي في الصفوف دون أية عوائق.
القيم
ولأن تعليم القيم الأخلاقية جزءٌ لا يتجزأ من الواجب التربوي تجاه الطلاب، خصصت إدارة مدرسة "طيور الأمل" قيمة أخلاقية شهرية لطلابها، وذلك بهدف تهذيب سلوكهم الاجتماعي بما يتناسب مع تعاليمهم الدينية الأخلاقية كالصدق والأمانة والصبر وبر الوالدين ومساعدة الآخرين وغير ذلك.
المناسبات المجتمعية
لقد حَرَصَتْ مدرسة "طيور الأمل" على الاحتفال في جميع المناسبات المجتمعية الأساسية؛ فعملت على إحياء ذكرى الاستقلال اللبناني بحلَّة لا تقل شأناً عن الاحتفالات التي تقيمها المدارس اللبنانية. وكذلك أحيت أيضاً ذكرى الاستقلال السوري وغيرها من المناسبات، بالإضافة إلى العديد من الاحتفالات التي عملت المدرسة على تنظيمها بشكل دوري في باحاتها.
"طيور الأمل" تحت المجهر الإعلامي
تقاطرت العديد من وسائل الإعلام العربية والعالمية إلى مدراس "طيور الأمل"؛ وذلك لكي تنقل نجاحاً تربويًّا وتطوراً مذهلاً تمَّ تحقيقه في ظل ظروف قاهرة. وكل ذلك كان كافياً ليشكل ما قامت به هذه المدرسة من إنجازات مادية دسمة يطول الحديث عنها في أشهر الوسائل الإعلامية، منها الأميركية والفرنسية والتركية والعربية والسورية أيضاً.
شهادات الأهالي
يقول باسم إدريس مدير مدرسة "طيور الأمل الأولى" لـ"شبكة زدني"، عن هذه التجربة: "في زمن استثنائي ومكان استثنائي وظروف استثنائية، قُدِّرَ لي العمل مع أشخاص استثنائيين يترأسهم شخص استثنائي ( مصطفى الحاج أحمد) يعملون كجسد واحد، همهم الوحيد بناء جيل من النواحي التربوية والأخلاقية والعلمية يعمل على بناء سوريا الحبيبة، ويحافظ عليها، وكثيراً ما أشعر بالدهشة من تفاني فريق العمل وإخلاصهم..
ربما لأنَّ هذا الجيل هو امتداد لنا وربما لشعورنا بالذنب تجاههم؛ لأن جيلنا لم يستطع الحفاظ على سوريا، وربما لأننا نطمح إلى مستقبل أفضل لهم، وربما لأن مهنة التعليم فيها شيء من عمل الأنبياء، وهي الدعوة للخير، وربما للأسباب السابقة جميعها… بالنهاية فريق (طيور الأمل) كله ثقة بتحقيق بناء جيل خلوق متعلم قادر على العطاء في المستقبل…".
كما يؤكد أحد أعضاء مركز التعليم النوعي الدولي في لبنان ياسين شرف، لـ"شبكة زدني"، أنَّ "هذا العصر عصر علم وفكر وإبداع، عصر تتسارع فيه ثورة التقدم العلمي بمجالات الحياة كافة، ويكتسب الجانب التطبيقي للمعرفة أهمية كبيرة، كذلك تغيرت أدوار المدرسة في هذا العصر عما كانت عليه المدرسة فيما مضى حيث الدور التقليدي للمدرسة".
وأضاف: "بناء على عملي في مجال الإشراف على المدارس التي تعلّم التلاميذ السوريين وواقعها التعليمي، كنت معجباً في زياراتي بكثير منها وهي التي قدمت نجاحاً واضحاً في أدوارها، وكان الإعجاب أشد وأبلغ بمدارس (طيور الأمل)؛ حيث تطبيق اللوائح المنظمة للعمل، والكفاءات والقدرات لمنسوبي هذه المؤسسة التعليمية الرائدة في تطبيق المناهج وتعليمها من خلال أحدث الطرق التربوية، لا سيما طرق التعلم النشط وكيفية ممارسة العمل التربوي على أسس متفاعلة مع واقع طرائق التدريس المنطلقة من اعتبار التلميذ محور العملية التربوية".
يوضح ياسين شرف أنَّ "التعليم في هذه المؤسسة تعليم ذو معنى، وكانت ملاحظاتي لفكر العاملين وتعاملهم مع المنهاج، حيث التوازن بين الأهداف والمحتوى والأنشطة والتقويم؛ لذلك أستطيع أن أقول إن هذه المدارس تعتمد مبدأ الجودة الشاملة في أنشطتها الأساسية لتحقيق رؤيتها ورسالتها وإرساء قواعد العمل المدرسي وتقديم خدمات تربوية متميزة من خلال التخطيط لأفضل نظم الجودة والتخطيط الاستراتيجي والتدريب المستمر للعاملين وتأهيلهم للمشاركة الجماعية في اتخاذ القرارات وتعميق وتعزيز التكامل للوصول إلى الإتقان في جميع الأعمال الإدارية والتربوية والتعليمية".
وأشار إلى أنَّ "مدارس (طيور الأمل) رائدة تقوم على التخطيط الشامل المبنيّ على طموح ورؤية على الرغم من التمويل المحدود وتكون محاولات التنفيذ لرؤيتها متكيفة مع واقعها، متجاوزة الصعوبات من خلال اندفاع منسوبي المؤسسة وعامليها".
وخلص ياسين شرف إلى شكره قائلاً: "من خلال واقع هذه المدارس، أتوجه لكوادرها التعليمية والإدارية بالشكر والتقدير للجهود المبذولة والطموح الكبير، متمنياً لهم المزيد من التقدم والازدهار، راجياً من الله أن يهيئَ لهم مزيداً من الدعم المادي لتُتَابع مهمتها في رفع مستوى جودة التعليم والتعلم".
فيما تُعرب الطالبة فاطمة النحيلي لـ "شبكة زدني" عن فخرها بانتمائها إلى مدرسة طيور الأمل؛ فتقول فاطمة، وهي طالبة سورية لاجئة في الصف التاسع دخلَتْ إلى مدرسة "طيور الأمل" منذ تأسيسها عام 2013 وما زالت متمسكةً بالبقاء فيها حتى اليوم.
إذ قالت: "(طيور الأمل) كانت بالفعل أملاً جديداً وعظيماً للطلاب اللاجئين، افتتحها مصطفى الحاج في وقت حَرِجٍ جدًاً، وكانت المأوى التربوي الأول لي بعد النزوح".
وأضافت: "أعطتنا (طيور الأمل) أكثر مما أعطيناها، لم تكن مجرد صفوف نردد فيه الكلمات النحوية فقط؛ بل كانت صرحاً تربوياً شاهقاً على الرغم من تواضع البناء، تعلمنا فيها النظام والحِرَف والفن والرياضة والقيم، ومنحناها الثقة؛ فأعطتنا ما فاق تصوراتنا".
تمنت الطالبة فاطمة النحيلي أن تبقى مدرسة "طيور الأمل" إلى ما بعد انتهاء الأزمة السورية، معلِّقَةً: "أريد أن أراها في بلدي وأتعلم فيها، وإن فات الأوان عليَّ، وأتممت دراستي قبل ذلك، فآمل أن يكون لأولادي حظٌّ فيها في المستقبل".
محمد الشامي أحد أهالي الطلبة، والذي قد زار مدرسة "طيور الأمل" قبل أيام فقط، يقول لـ"شبكة زدني": "لقد كانت الصور تتكلم عن إبداع (طيور الأمل)، ومن خلال متابعتي المتقطعة كنت أعلم أن نجلي (خالد) في مكان آمن ومميز كما رجوت، شعرت بالطمأنينة عندما رأيت الجو الأُسْري المتكامل والمترابط في المدرسة وأكثر ما كان يلفت نظري عبارة (طيور الأمل أسرة واحدة)".
وأضاف: "الحق يقال، مدرسة (طيور الأمل) كانت أسرة مثالية لابني، لقد كانت أكثر من أب له في غيابي طوال هذه الفترة؛ فشكراً طيورَ الأمل".
يُذكر أنَّ الشامي كان مسجوناً في سوريا منذ عام 2012، فيما نزحت عائلته المؤلفة من زوجته وابنه خالد وابنته آية من حِمْص إلى لبنان، وقد سُجِّل خالد في مدرسة "طيور الأمل" فور تأسيسها؛ ليتعلم كما أوصاه والده، الذي كان متابعاً للمدرسة عبر صُوَرٍ مسربة كانت تصله بين الحين والآخر.