أشارت دراسة أميركية جديدة، إلى أن زيادة معدلات البطالة بين الرجال، تؤدي إلى مزيد من التمييز ضد المرأة.
وتأتي الدراسة التي نُشرت في مجلة Harvard Business Review، خلال الوقت الذي تُبذل فيه المساعي لإحداث حالة من التكافؤ المرغوب في أماكن العمل بين الجنسين، كحملات تضييق فجوة الأجور أو تقليل نسب التحرش، بحسب صحيفة The Independent البريطانية.
وكشفت الدراسة الجديدة، أن اتهامات التحرش الجنسي المرفوعة إلى اللجنة الفيدرالية لتكافؤ فرص العمل، ارتفعت بنسبة 10% تقريباً خلال السنوات العشرين الماضية.
ووجد أستاذ العلوم السياسية، دان كازينو، بتحليل بيانات لجنة لتكافؤ فرص العمل، ومكتب إحصاءات العمل، أن معدلات التمييز ضد المرأة تتزايد عندما تتصدر النساء للقوة العاملة ويتأخر الرجال.
يذكر أن قضية المساواة بين الجنسين في أماكن العمل، طرحت بقوة في وسائل الإعلام خلال الفترة الأخيرة، عقب إقالة شركة جوجل موظفاً كتب مذكرةً داخلية، أرجعت التفاوت بين الجنسين في صناعة التكنولوجيا إلى فروق بيولوجية.
البطالة وشكاوى التمييز
وقد كشف كازينو أنه عندما تبلغ نسبة بطالة الرجال المتزوجين 8%، أي ضعف نسبة بطالة النساء المتزوجات التي تبلغ 4%، فمن المتوقع أن تزداد شكاوى التمييز وفقاً للجنس بنسبة 101%.
كانت تلك النتائج مفاجئة، بالأخص إذا أخذنا في الاعتبار أنه تم الإبلاغ عن 30% فقط من حالات التحرش الجنسي، وبالتالي، فإن هذا الارتفاع في الاتهامات المذكورة أعلاه، في الواقع أعلى بكثير مما أظهرته بيانات الحالات الموثقة.
كما أظهرت دراسة أخرى أجراها باحثون في جامعة بادوفا عام 2003، أنه عندما أحس الرجال بخطر يتهدد بعض الأدوار التي يسيطرون عليها في بيئة العمل، أعطاهم ذلك فرصةً ومبرراً للمشاركة في التحرش الجنسي.
وقد أُعطي الرجال سلسلة من المهام لأدائها، ومن ثم طُلب منهم اختيار صورة واحدة من ضمن مجموعة من الصور -والتي كانت تتضمن بعض الصور الإباحية- لبعض النساء اللاتي أتممن نفس المهمة المسندة إليهم.
أُخبر نصف الرجال في عينة الدراسة أن النساء أفضل في أداء هذه المهمة، بينما ترك النصف الآخر لتقديراته الشخصية.
كانت النتيجة، أن الرجال الذين أُخبروا أن النساء أفضل في تنفيذ المهمة -وهو ما أشعرهم بتهديد ذاتي-، أكثر ميلاً لاختيار الصور الإباحية.
لماذا يميل الرجال للتحرش؟
بناءً على ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، لماذا إذاً يميل الرجال إلى التحرش الجنسي عندما تكون النساء -من الناحية العملية- أقل منهم في الدرجة الوظيفية؟
"ربما ترجع الزيادة في معدلات التمييز ضد المرأة إلى وجود زيادة في أعداد النساء في أماكن العمل، على سبيل المثال. إلا أن ذلك لن يفسر سبب ارتباط الأمر بنسب بطالة الرجال والنساء".
ومما لا شك فيه، يجب الإشارة إلى أن واحدة من كل ست شكاوى مسجلة، قدمها رجل، إلا أن هذه النسبة ظلت ثابتة على مر الزمن، بغض النظر عن معدلات بطالة الرجال والنساء.
يقول كازينو إن تلك النتائج تشير إلى أن الرجال يحاولون التأكيد على هيمنتهم من خلال ردود أفعال ناتجة عن شعورهم بأن رجولتهم على المحك. بعبارة أخرى، يزيد تهديد الرجولة من معدلات التمييز ضد المرأة.
يقول كازينو "عادة ما تكون القدرة على الإعالة -وبالأخص للرجال المتزوجين- جزءاً ضرورياً لا يتجزأ عن هويتهم الجنسية، وعندما يتعرض هذا الدور للتهديد، يتجه الرجال إلى تأكيد رجولتهم بطرق أخرى".
يقول كازينو "الخبر الجيد، أن هناك سبلاً بناءة للرجال كي يؤكدوا هويتهم الجنسية، وأماكن العمل تمنح الرجال هذا النوع من السبل من خلال تهيئة أوضاع أفضل لمنع التمييز على أساس الجنس".