نفس الورقة التي تشتري بها حفنة من الخضار والفاكهة في اليابان، قد تمكنك من فستان في إسطنبول، أو تستأجر شقة لشهر كامل في مصر! يمكنك أن تندهش وأنت تراقب نفس الثمن، وهو يتجسد بصورة مختلفة في كل مكان.
التقى مراسل موقع "عربي بوست" أناساً من مدن العالم المختلفة وطرح عليهم هذا السؤال: "ماذا يُمكنك أن تفعل بـ 50 دولاراً في بلدك؟"، فيما جمعنا لك الإجابات على السؤال في هذا المقال.
وإليك ما يمكن أن تفعل ورقة واحدة من فئة الخمسين دولاراً في دول العالم المختلفة:
1- طوكيو.. حفنة من الخضار تلتهم جيبك كله
إن لم تكن قد قرأت عن طوكيو قبل الذهاب إليها، فقد تتفاجأ هناك أن كمية الخضار والفواكه التي تعتاد شرائها، قد التهمت الأموال في جيبك، إذ أن الطعام والشراب هناك، لهما سمعة شهيرة في التكلفة الباهظة.
فإذا اشتريت كيلوغرامين من التفاح، وكيلوغرامين من الموز، وكذلك البرتقال والبطاطس والبصل والخس، سوف تتفاجأ أن البائع يطلب منك 5851 يناً تقريباً، أو ما يساوي خمسين دولاراً.
النصيحة التي قدمها الخبراء بهذا الشأن، هو أن تأكل مثلما يأكل السكان المحليون، اتبعهم إلى محلات المعكرونة "الرامين" ومحلات الأرز والحساء الشعبية، وبهذه الطريقة لن يكلفك الفطور أكثر من 9 دولارات.
بينما يمكنك أن تعتمد على الغداء من ماكدونالدز بسعر 6 دولارات تقريباً للوجبة، والتي يعد سعرها مناسباً مقارنةً لباقي الطعام، وإذا عثرت على غرفة في منزل، قد لا تكلفك أكثر من 30 دولاراً في الليلة، وحينها سيتبقى مال يكفي لزيارة برج طوكيو.
2- القاهرة.. إيجار غرفة لمدة شهر
متوسط إيجار غرفة واحدة في شقة مفروشة في وسط المدينة، يصل إلى 1000 جنيه مصري، أي إن ورقة واحدة من فئة الخمسين دولاراً، يمكنها أن تضمن لك أن يظلك سقف بيت لمدة شهر، ويمكن لهذا المبلغ أن يوفر لك إيجار شقة صغيرة لمدة شهر، في بعض المحافظات من غير العاصمة.
هذا المبلغ الذي قد يكافئ ثلث أو نصف متوسط راتب الموظف المصري من الطبقة الوسطى الدنيا، يمكنه أن يملأ ثلاجتك بـ20 دجاجة، أو 6 كيلوغرامات ونصف من لحم العجل.
وبفرض أن متوسط تكلفة طعام فردين 100 جنيه في اليوم، يمكن أن يكفي هذا المبلغ لإطعام عائلة صغيرة لمدة 10 أيام، وهي الكميات التي يفترض أنها تنقص تدريجياً مع انخفاض الجنيه أمام الدولار بعد تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه.
وبينما تطمح منى سيد، ربة منزل من محافظة قريبة من القاهرة بدفع إيجار الشقة الشهري بهذا المبلغ، تقول هالة أحمد، ربة منزل شابة من القاهرة، لـ"عربي بوست" مازحةً: "ما أول شيء أفكر به إذا امتلكت 50 دولاراً؟ هل تريدين معرفة الحقيقة؟"، تواصل قائلة وهي تنظر لطفلتها "سوف أشتري مخزوناً من حفاضات الأطفال، إذ أصبحت تكلفني 240 جنيهاً في الشهر بعد الزيادة الأخيرة بداية السنة، وأنا خائفة من الشهر القادم".
3- الدوحة.. زيارة قصيرة للطبيب
قطر ليست أفضل مكان يزورك المرض فيه، إذ إن زيارة قصيرة للطبيب الخاص قد تكلفك 165 ريالاً، أي ما يصل إلى 45 دولاراً، حيث يساوي الدولار الواحد 3.6 ريالات قطرية، وربما يمكنك أن تنفق الخمسة دولارات الباقية على أدوية الإنفلونزا.
يقول إبراهيم عبد الله، المهندس المصري والذي يعمل في قطر، لـ"عربي بوست": "كل شيء مكلف هنا، أقل ليلة في فندق تكلف 100 دولار"، ويضيف: "يمكنني شرب كوب من مشروب الكرك المحلي بـ5 ريالات في الصباح، مع فطيرتي "شاباتي" محليتين أيضاً بـ10 ريالات، والغداء في مطعم متوسط بـ35 ريالاً، مع نقود مواصلات بحدود 35 ريالاً، أما الباقي فقد أعثر به على غرفة رخيصة لليلة واحدة عبر موقع Airbnb لا تتجاوز 100 ريال".
4- دبي.. وجبة عشاء لعائلة صغيرة
دبي مشهورة بالغلاء، بالرغم من وجود بعض المطاعم والفنادق التي تعرض أسعاراً مناسبة، ومبلغ الخمسين دولاراً الذي يساوي 183 درهماً إماراتياً، لن يكفي لزيارة الطبيب، إذ يعد الكشف الطبي الأغلى على مستوى الشرق الأوسط.
كما لن تكفي لدفع فاتورة الإنترنت أو الكهرباء والتدفئة، ولا لاشتراك شهري في المواصلات العامة، لكن يمكنه أن يمنحك وجبة عشاء جيدة لعائلة مكونة من أربعة أو خمسة أفراد في أحد المطاعم العربية.
5- تونس.. عدة أيام من الوجبات الشعبية
المطبخ التونسي يتميز بكونه يمزج عناصر عربية وأوروبية وشرق أوسطية؛ إذ يتم طهي الوجبات بزيت الزيتون، وتكون ثرية بالتوابل، مثل الينسون والكزبرة والكمون والكراوية أو الزعفران والنعناع وزهر البرتقال وماء الورد، ويقدم إلى جانبه الهريسة والفلفل الحار والثوم. لهذا، فإن الوجبات التقليدية التونسية فرصة لا تعوض عند الوجود هناك.
تونس لن تخيبك إذا كنت تبحث عن الطعام التقليدي الأصيل المحمّل بالعراقة والتراث، حيث يمكنك أن تجد الأطباق التقليدية؛ مثل: الكسكسي، والطاجن، والهريسة، واللبلابي (حمص)، والفلفل المحشي، والمرقة.
وإذا كنت تمتلك 50 دولاراً، أو ما يكافئ 115 ديناراً تونسياً تقريباً، فلديك فرصة البحث في المطاعم الشعبية الرخيصة أو المطاعم المتوسطة والغالية، وفي كل الأحوال فإنها ستمنحك ذكرى لا تنسى.
تونس لا تتميز فقط بانخفاض أسعار السلع الغذائية الأساسية؛ مثل: البيض والخبز والحليب أو الطماطم، لكن يمكنك أن تزور المطاعم الشعبية والرخيصة وتدفع 5 دينارات تونسية مقابل المعكرونة مع لحم الخروف.
أو تتناول إفطاراً رمضانياً رخيصاً مكوناً من حساء السمك والخبز، والهريسة والمعجنات المقلية مع التونة أو البيض المسلوق، بالإضافة إلى الدجاج المشوي والبطاطس المقلية والملفوف المفروم، مع باستا الزيتون الحارة، كل هذا مقابل ما يقرب من 10 دينارات تونسية فقط، أي إن الخمسين دولاراً قد تكفيك لإفطار شعبي مشبع في رمضان، لمدة تزيد على 10 أيام.
الأطباق في مطعم متوسط قد تبدأ من 18 ديناراً، لكن المطاعم الغالية قد تتراوح من 25 إلى 40 ديناراً، مع تكلفة 7-9 دينارات للمقبلات، أي إن الخمسين دولاراً قد تكفيك لغداء فاخر يومين، وقد تتبقى 5 دولارات يمكنك أن تذهب بها إلى السينما مع صديق، خاصة مع كون تذاكر السينما هناك من ضمن الأقل تكلفة في العالم.
6- كوالالمبور.. جبل من الطعام في ثلاجتك
الفنادق والطعام في ماليزيا ليستا مكلفتين، فماليزيا ليست مشهورة كثيرًا بالنسبة للسياح الغربيين مثل جارتها سنغافورة، وبالتالي فإن أسعار فنادقها تستهدف السياحة الآسيوية الأقل سعراً. إذ يمكنك أن تجد أحياناً غرفة في فنادق 5 نجوم، بسعر غرفة فندق نجمة واحدة في لندن.
50 دولاراً تكافئ 223.6 رينجت ماليزي، ويمكنها أن تشتري الكثير من الطعام، خاصة مع كون وجبة "كومبو بيج ماك" رخيصة في ماليزيا مقارنةً بباقي دول العالم، وكون 500 جرام من صدور الدجاج كذلك فيها ضمن الأرخص في العالم، نفس الأمر بالنسبة للمشروبات الغازية.
أسماء محمد، وهي مواطنة سورية تعيش في ماليزيا، تحدثت لـ"عربي بوست" عما يمكن أن تفعله بهذا المبلغ قائلةً: "مبلغ كهذا، يمكن أن يستغل في التموين الشهري الغذائي لبيت من فردين، من خضار وفواكه وأرز ومعكرونة".
مضيفةً: "الطعام في ماليزيا رخيص سواء عالميًا أو محليًا، ماكدونالدز أغلى وجبة فيها بحدود الـ12 رينجيتاً، والدومينوز بتزا بحدود الـ30 رينجيتاً، أما الوجبات المحلية بين الـ5 و7 رينجتات".
لكن الطعام العربي غالٍ هناك، إذ تؤكد أسماء أن غداء في مطعم عربي لشخصين قد يكلف 50 رينجتاً، أما المنتجات العربية التي لا تسغنى عنها مثل اللبنة والجبنة والزعتر وزيت الزيتون والخبز العربي، والبرغل والسميد فتكلف بحدود الـ150: 200 رينجت.
7- بيروت.. ليلة في فندق رخيص
تعد بيروت منطقة جذب للسياح الثقافيين وأولئك الذين لديهم اهتمام خاص بالمنطقة، لكن الفنادق فيها تصبح في ذروة أسعارها وقت الصيف، بشكل أكبر من المتوقع، بحيث تكلف غرفة في أرخص فندق، ما يصل إلى خمسين دولاراً في الليلة الواحدة.
لكن، فيما عدا الفنادق، فإن الشخص يستطيع أن يفعل الكثير من الأشياء بخمسين دولاراً، خاصة أن كل 10 آلاف ليرة، تساوي 6.64 دولارات فقط، أي إنك ستجد نفسك تحمل مئات الآلاف من الليرات مقابل 50 دولاراً.
8- إسطنبول .. فستان جميل من زارا
إسطنبول تعتبر وجهة غير مكلفة، لكنها أصبحت أغلى وأقرب في الأسعار من المدن الأوروبية في الآونة الأخيرة، إذ قد تصل تكلفة النزول في فندق أو نزل إلى 50 دولاراً في الليلة الواحدة، أي ما يساوي 188 ليرة تركية تقريباً.
لينا عبد الله، وهي طالبة مصرية تدرس الاقتصاد وإدارة الأعمال في إسطنبول، قالت لـ"عربي بوست" بعد تفكير قصير: "أستطيع أن أغطي تكاليف مواصلاتي الشهرية، بـ80 ليرة من هذا المبلغ، لكن غير الطلاب، لن ينالوا هذا التخفيض، وبهذا قد يدفعون المبلغ كله من أجل المواصلات شهرياً"، ثم تردف قائلةً بحماس "أما الـ100 ليرة الباقية، فقد أشتري بها فستاناً متواضعاً من زارا مثلاً".
9- نيويورك.. أربع وجبات ماكدونالدز وكوبان كابتشينو
نيويورك لديها سمعة بكونها إحدى أغلى المدن في العالم، خاصةً في السكن، لهذا فإنهم يقولون؛ بمجرد أن تجد مكاناً تنام فيه في نيويورك، يمكن حل المشاكل الأخرى.
خمسين دولاراً لا تكفي زيارة قصيرة للطبيب، ولا تكفي التذكرة الشهرية للمواصلات العامة، أو بنطلوناً من الجينز من ليفيس، أو حتى إشتراك الإنترنت.
لكنها قد تكفي أربع وجبات ماكدونالدز كومبو "بيج ماك"، خاصةً أن الوجبة تكلف 8 دولارات فقط، ويمكنك أن تدفع العشرة دولارات الباقية في فنجانين من الكابتشينو كي تشربها مع صديق.