تعوّد المصريون كل عام على تحذيرات تطلقها وزارة الصحة من الإفراط في تناول كعك العيد، ودائماً ما تدور هذه التحذيرات حول المخاطر التي تهدّد المعدة، التي استراحت كثيراً خلال شهر رمضان، ثم يتم إرهاقها في العيد بتناول كميات من الكعك.
ورغم هذا التحذير السنوي إلا أن المصريين لم يغيروا من عادتهم، ومنذ زمن بعيد تنتظر الأفران ومحال الحلوى موسم العيد لإنتاج كميات كبيرة من الكعك، طمعاً في تسويقها خلال الموسم، غير أن بعضها لا ينجح في تصريف كل المنتج، وتتبقى كميات لما بعد الموسم، يصبح تناولها خطراً على الصحة، بسبب تعرضها لما يعرف علمياً باسم "التزنخ".
المعالجة بالأعشاب
الدكتورة نادية عبدالمطلب، الباحثة في معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، نجحت في علاج تلك المشكلة باستخدام مضادات أكسدة طبيعية من زيوت أعشاب الريحان والنعناع والشمر، لتحصل على منتج أطول عمراً، وفي نفس الوقت مفيد من الناحية الصحية.
وتستخدم شركات إنتاج المسلى مضادات أكسدة صناعية تُعرف باسم (BHT)، لمنع عملية التأكسد، التي تحدث نتيجة اتحاد الأوكسجين بالأحماض الدهنية، ولكن المضادات الطبيعية التي استخدمتها نادية، أعطت نتائج أفضل من ناحية منع التأكسد، كما أنها تحقق ميزة لا توجد في المضادات الصناعية، وهي أنها مفيدة في مقاومة ما يُعرف بـ"الشوارد الحرة".
وينتج عن التمثيل الغذائي في الجسم ذرات تحتوي على عدد زوجي من الشحنات الكهربائية، بينما تؤدي بعض العادات الغذائية السلبية إلى إنتاج تلك الشوارد الحرة، وهي جزيئات غير كاملة تحتوي على أوكسجين غير زوجي الشحنات الكهربية، ومن ثم تسعى لاستكمال نفسها من الخلايا الأخرى ما يسبب تلفاً لهذه الخلايا، ويؤدي ذلك لحدوث الأورام السرطانية.
وتقول د. نادية: "أصبح الاتجاه العالمي في صناعة الأغذية هو إدخال مكونات تعادل تلك الشوارد الحرة، حتى لا تدمر الخلايا، ففكرنا في إدخالها إلى كعك العيد، من خلال إضافة الزيوت المستخلصة من أوراق الريحان والنعناع وبذور الشمر، بتركيزات 200، 400، 600 جزء فى المليون من وزن الدهن المستخدم فى إعداد الكعك".
كان التحدي الذي يواجه الباحثة هو إثبات أن إضافة هذه الزيوت لم تترك أثراً على المنتج من ناحية الشكل والطعم المحبب لدى المستهلك، فقد يكون المنتج "صحياً" لكنه غير مقبول من هاتين الناحيتين.
هل هناك اختلاف في الطعم؟
تقول الباحثة عن هذا التحدي: "تمت مقارنة المنتج باستخدام هذه المضادات الطبيعية مع عينة للمقارنة يسميها الباحثون (العينة الكنترول)، واستخدمت فيها مضادات أكسدة صناعية (BHT) بتركيز 200 جزء فى المليون من وزن الدهن، وكانت النتيجة عدم وجود اختلاف من حيث الطعم والشكل، بينما احتفظ المنتج الذي استخدم مضادات طبيعية بمزايا أخرى أثبتتها بعض الاختبارات التي أجريت عليه".
ومن بين الاختبارات التي أجريت على المنتج الجديد باستخدام جهاز يعرف باسم (الرانسيمات)، اختبار لقياس ثبات الدهون، وآخر يُعرف بـ(رﻗم ﺤﻤض اﻟﺜﻴوﺒﺎرﺒﺘﻴورﻴك TBA)، وﻫو ﻋﺒﺎرة ﻋن ﻤﻘﻴﺎس ﻟﻟﺘﻟف اﻟﻨﺎﺘﺞ ﻋن اﻟﺘزﻨﺦ بسبب تأكسد الدهون، بالإضافة إلى اختبار لتقدير النشاط المضاد للبكتيريا والفطر والخميرة.
وتقول الباحثة: "أظهرت النتائج أنه كلما زاد التركيز المُضاف من الزيوت المستخلصة من النعناع والريحان والشمر، انخفض رقم حامض الثيوباربتيوريك، وحدث خفض في العدد الكلي للبكتيريا والعدد الكلي للفطر والخميرة معاً، وهو ما يؤدي لإطالة عمر المنتج لمدة قد تصل إلى 8 شهور".
الشوارد الحرة
ويثني د.أحمد خورشيد، خبير الصناعات الغذائية، على هذا المنتج الجديد للكعك، كمنتج صحي يفيد في مقاومة ما يعرف بـ"الشوارد الحرة".
ولكن د. خورشيد يشير في الوقت ذاته إلى أن تحقيق هذه الفائدة لا يتأتى من خلال منتج واحد فقط، بل ينبغي أن تدخل الأغذية التي تعمل على مقاومة تلك الشوارد في النظام الغذائي.
ومن أبرز المصادر الهامة التي يشير إليها د. خورشيد في هذا الإطار الخضراوات والفواكه، حيث تحتوي على عناصر فيتامين أ، جـ، هـ، الزنك، وهي مصادر هامة كمضادات للأكسدة.