كيف تطوّرت البدلات الرجالية على مدار 400 عام؟.. من رمزٍ للرجولة البريطانية إلى القواد الأميركي

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/27 الساعة 12:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/27 الساعة 12:01 بتوقيت غرينتش

إنها ليست مجرد عنصر أساسي من عناصر الحياة اليومية، ولكن البدلات الرسمية تشكل رمزاً للأناقة والمكانة بل أيقونة من أيقونات الرجولة في العصر الحديث .

وعلى مدار نحو 400 عام، كانت البدلات حاضرة في الحياة العامة، ورعم كل التكهنات بزوال شعبيتها، فإنها ظلت تغطي أجساد الرجال بل والنساء في جميع مناحي الحياة وفي كل مناطق العالم، صامدة أمام تغيرات اجتماعية وسياسية وحضارية ضخمة.

تكيفت البدلات أيضاً بمهارة وذكاء مع التغيير. وفي الواقع، هناك العديد من الصحفيين المختصين بمجال الأزياء ينظرون في هذا النمط الرئيسي من الملابس الرجالية بحثاً عن علامات الإبداع والابتكار التي افتقرت إليها الأزياء النسائية لسنوات.

فالأزمة المالية والشواغل البيئية وجيل المستهلكين قد ضبطوها طبقاً للقيمة والجودة وخلقوا لها الفضاء النابض بالحياة، بحسب مقال نشرته الغارديان البريطانية، الأحد 27 مارس/آذار 2016، لكريستوفر بريوارد مؤلف كتاب "البدلة: وظيفة وطراز".

التكنولوجيا في صالحها

وكان تطور التكنولوجيا في صالحها، فقد قدّمت البدلات تصميمات للقائمين على صناعة الملابس ذوي الريادة، وفي السوق الحالي والمُستقبلي، صارت قياسات البدلات تُضبط من خلال المسح الضوئي للجسم، وتفصيلها يُعد عبر الطابعات الرقمية، وتتم هندستها لتقاوم التلون، التجعد أو الحاجة للتنظيف الجاف الضار بالنسيج.

وفي عالم الخيال العلمي والتجريب؛ فقد قدمت البدلات نفسها بين الملابس اليومية باعتبارها درعاً ضد هجوم عنيف، أو جهاز للاتصالات من شأنه نقل البيانات الكبيرة، ونتيجة للتدخل الطبي والنفسي فقد شملت إمداد الجسم بالمخدرات أو تحسين الحالة المزاجية. فقدرتها على التكيف أكدت بقاءها كرمز للحداثة.

في القرن الماضي وما تلاه؛ استُخدِمت البدلات لأغراض التجارة والسياسة والقومية. فقد تم تكييفها من قبل المصممين والثقافات المتعددة. وقد أثرت في ممارسي بعض المهن كالمحامين والمصرفيين ومتعهدي الدفن – في الوقت الذي كانت تلهم فيه الفنانين والكتاب والموسيقيين وصناع الأفلام.

يقول كريستوفر "في الحياة اليومية، وعلى الرغم من أنني أجد نفسي أرتدي بدلات "لالتويد والدنيم" في كثير من الأحيان كما يحدث عادة في مرحلة منتصف العمر الحزينة، إلا أني ما زلت أُخرِج بدلتي السوداء من خزانة ملابسي في المناسبات التي تستدعي أناقةً لافتة.
خزانة ملابسي بهذا المعنى لم تتطور عما كانت عليه خلال أجيال والدي وجدي، وبين ذلك كله أجد سبباً للتمسك بالأمل في دوام البدلات لنحو 400 سنة أخرى، محمّلة بقيم العقل، والديمقراطية، والجمال والتقدم".

بدلات سابيورز الجديدة

بإلهام الأفكار الثورية لأندريه ماتسوا في ثلاثينيات القرن الماضي، وكونية الموسيقى الأفريقية والرقص الذي ازدهر في الخمسينيات والتسعينيات، أحيا المهاجرون العائدون من باريس أسلوب أناقة السياسيين في الثمانينيات والتسعينيات، أما الآن فالشبان من برازافيل وكينشاسا يقدمون طرازهم الطموح كشكل من أشكال تملك الحرية.
بينما قامت شركات سوسيتيه دي أمبيانسيروس، وبيسوناس إليجانتس وأتباعه، وسابيورز، بالترويج لإحياء حيوية البدلات في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

كلاسيكية بيرتون

أسس مونتاج بيرتون شركته التجارية للبدلات في تشيسترفيلد عام 1903، وقد نَمَت لتصبح واحدة من أكبر مراكز بيع الملابس البريطانية. فنحن ندين بالكثير من فهمنا للبدلات كعلامة على الرجولة البريطانية المحترمة الصحية إلى روح بيرتون.
خلال الفترة بين العشرينيات والسبعينيات، مرّ معظم الرجال البريطانيين من أبواب بيرتون لشراء أولى بدلاتهم، ليتبنوا نزعة الدقة العسكرية والاستقامة الأخلاقية والذوق الهادئ، الذي يبعثُ شعوراً مطمئناً بالاعتياد.

طراز الأربعينيات الإدواردي

هناك شيءٌ أنيق للغاية بشأن نمط البدلات الإدواردية الجديدة التي جلبتها الأرستقراطية التي كانت تجول شوارع مايفير وتشيلسي في أواخر أربعينيات ومطلع خمسينيات القرن الماضي، فتلك الصحوة ابتدعها الحرس السابقون والمتسكعون الأرستقراطيون، والمُصممون الداخليون، حيث كانت تلك البدلات بخطوطها العريضة المُلتفة حول الخصر خصماً للبدلات الفضفاضة التي كانت تقدّم لغالبية البريطانيين آنذاك. وكانت إكسسوارات هذا الطراز تشمل القبعة السوداء المستديرة، والأحذية اللامعة، والمظلة. في حين كانت الياقات المخملية والصدريات المطرزة وجيوب التذاكر والأزرار المُغطاة تستدعي أزياء حلقات السباق وقاعات الموسيقى. كانت رداءً فاخراً.

القواد الأرماني

فكك جورجيو أرماني ما كانت عليه البدلات في الثمانينيات، فقد أمال الكتفين، وخفَّض الأزرار، واستخدم أقمشة أخف من سابقتها. كانت بدلاته تشير إلى الحس الأنثوي، فيشعر مُرتدوها بمداعبة القماش للسطح الصلب من جسد الذكور، كانت هذه بمثابة رعشة يحتفل بها في تصاميمه التي بدت في فيلم "القواد الأميركي" ليرتديها جوليان الذي قام بدوره ريتشارد جير، وأصبحت نرجسية جوليان قائمة لما يقرب من عقد من الزمن عبر هذا الطراز.

الاعتدال الياباني

"إيكي" هو المفهوم الياباني القديم للأناقة، وهو المفهوم الذي أثبت فائدته في تحويل البدلات من أوروبا وأميركا الشمالية في سياقات أخرى. في السبعينيات؛ جلب المصممون اليابانيون تفسيراً يمزج بين الشرق والغرب إلى عروض الأزياء في باريس. فقد قام كينزو تاكادا، وري كواكوبو ويوهجي ياماموتو بتطوير البدلات الصارمة، وقد أحبها المهندسون والمخرجون ومنفذو الإعلانات، وأعلن هذا عن التطور الذي يفتقر إليه سافيل رو في بعض الأحيان.

– هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، يرجى الضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد