تحاول الشابة التونسية لبنى بن إسماعيل تغيير الصورة النمطية للفتاة البدينة التي دائماً ما تتعرّض لمواقف محرجة بسبب شكلها وتكون عرضة للسخرية، حيث حصدت لبنى لقب الوصيفة الثالثة في مسابقة ملكة جمال البدينات لسنة 2015 في لبنان، لتعود إلى تونس بمشروع فريد من نوعه بتأسيس أول جمعية للفتيات البدينات.
تقول لبنى ابنة الـ 25 ربيعاً لـ "عربي بوست" أنها تعيش حياتها بدون عقد وتسعى لإيصال رسالة للفتيات البدينات من بنات جيلها مفادها "أن يعشن حياتهن بشكل تلقائي دون أن يسيطر عليهن هاجس التخسيس أو إجهاد النفس بنظامٍ غذائي قاتل يحرمهنَّ من متعة الأطعمة والحلويات خصوصاً".
أوّل جمعية للبدينات في تونس
وتضيف في هذا الصدد: "تعلّمت من خلال تجربتي الصغيرة في مسابقة جمال البدينات بلبنان ومن خلال احتكاكي بفتيات بدينات مثلي ومدربين وأخصائيين نفسيين أنَّ أهمَّ شيء هو الثقة في النفس والاقتناع بأننا خلقنا على تلك الهيئة وطالما لم تكن هناك أمراضٌ أو مخاطر صحية من جراء الكيلوغرامات الزائدة فلا داعي للقلق أو الشعور بالإحراج".
لبنى تعيش حياتها كأيّ فتاة من بنات جيلها تهتم بجمالها وتلبس الميني جيب والفساتين والبنطلونات الضيقة ذات الألوان الزاهية كما تحاول أن تنقل هذه "الموجات الإيجابية" لزميلاتها اللاتي انضممن حديثاً للجمعية التونسية للإحاطة بالنساء البدينات.
وتقول عنها: "أسست الجمعية في 2015 بتمويل ذاتي ومبادرة شخصية مني في إطار مواصلة لمشروع تتويجي في مسابقة ملكة جمال البدينات وفوجئت بالإقبال منقطع النظير للفتيات من كل الأعمار للانضمام لها وحالياً لدينا ما يقارب 60 عضوة".
إحاطة نفسية
وحول نشاط الجمعية وأهدافها تواصل لبنى حديثها: "هدف الجمعية هو إنساني بالأساس ولا أسعى لأي ربح مادي بل الأهم هو الإحاطة بالفتيات البدينات وتأهيلهن على المستوى المعنوي والنفسي والاجتماعي".
وتشدّد لبنى في ذات السياق أن الجمعية لا تسعى إطلاقا لتغيير صورة الفتيات البدينات من خلال حملات للتخسيس أو تنحيف الجسم وتضيف: "نحن نقول لهن دائماً تقبّلن أنفسكن كما أنتن لأن المشكلة ليست فيكن بل في نظرة الآخرين".
مسابقة ملكة جمال البدينات
الجمعية التي تعدّ نموذجية في تونس تضمّ مجموعة من المختصين في التغذية والرياضة والموضة والتنمية البشرية انضموا بشكل تطوعي ويقومون بأنشطة توعوية بهدف إيجاد سلوك غذائي وصحي متوازن للمنخرطات اللاتي تواجه أغلبهن مشكل الشراهة في الأكل وذلك عبر تقديم نصائح لهن بالابتعاد عن الأغذية التي تسبب أمراض السكري والدم.
وتقول لبنى إن هناك من المنخرطات من قمن فعلياً بعمليات شفط للدهون واتباع حمية غذائية قاسية، لكنهن عدن من جديد لذات الوزن بسبب عدم قدرتهن على مواصلة النظام الغذائي، وبالتالي "فالحل هو تقبلهن لوضعهن دون إيلام للجسد والشعور بالإحراج وعدم الرضا عن الجسم"، على حد وصفها.
الجمعية بدأت أيضاً بالتوازي مع النشاط النفسي والصحي بالقيام بالإحاطة الاجتماعية لبعض الفتيات عبر مساعدتهن على تمويل مشاريع صغرى على غرار ورشات للخياطة متخصصة في ملابس الفتيات البدينات أو محلات حلاقة نسائية لكنها لاتزال في خطواتها الأولى.
تظاهرة هي الأولى من نوعها في تونس تستعد لها رئيسة الجمعية لبنى بن إسماعيل وهي تنظيم أول مسابقة لملكة جمال البدينات في تونس فضلاً عن التحضير لمعرض أزياء خاص بالبدينات من خلال ملابس صممتها أنامل فتيات داخل الجمعية.
نظرة المجتمع للفتاة البدينة
لبنى تؤكد أن أبشع ما تواجهه الفتيات البدينات خلال احتكاكهن بالشارع هو نظرات السخرية من قبل الذكور خصوصاً والتي تصل حتى للكلام السيء والاستفزازات ونعتهن بنعوت وتشبيهات الحيوانات فضلاً عن عوائق الحصول على عمل حيث يفضل صاحب مؤسسة أو محل تجاري تشغيل فتاة نحيفة وجذابة لجلب الزبائن وأخيراً وليس آخراً مشكلة العلاقات العاطفية التي كثيراً ما تبوء بالفشل بسبب المظهر الخارجي للفتاة.
وترى لبنى أن عقلية المجتمع التونسي والعربي بشكل عام بدأت تتغير ومقاييس الجمال أيضاً لم تعد مقتصرة على الفتاة النحيفة وممشوقة القوام، كما ختمت حديثها بالدعوة لجميع الفتيات من أبناء جيلها أن يهتممن بمظهرهن وألا يكون عامل المظهر والبدانة حاجزاً لديهن عن العيش بكل حرية والاحتكاك بالمجتمع ذكوراً وإناثاً.