أشارت دراسة جديدة أجريت على الفئران، وتم نشرها في دورية "nature"، إلى أن النظام الغذائي الكيتو يمكن أن يبطئ وصول الفقدان المعرفي المعتدل للذاكرة، الذي يشير إلى تطور مرض الزهايمر.
وحسب الباحثين المشرفين على الدراسة، فقد وجدوا أن نظام الكيتو الغذائي منخفض الكربوهيدرات وعالي الدهون يؤدي إلى زيادة في جزيئات BHB المرتبطة بالحماية من الالتهاب العصبي.
فيما أعرب الخبراء عن الحاجة إلى دعم تأكيدي لدى البشر، خاصةً أن "مرض الزهايمر" لدى الفئران لا يشبه النسخة البشرية بشكل كامل.
نظام الكيتو الغذائي ودوره في تقليل التهابات خلايا الدماغ
وفي تفاصيل الدراسة، فقد أدى النموذج المستخدم على الفئران إلى تأجيل ظهور مرض الزهايمر (AD)، ويرجع الفضل إلى زيادة مستويات جزيء يسمى "بيتا هيدروكسي بويترات" لدى الفئران بمقدار سبعة أضعاف.
وقد تم العثور على هذا الجزيء كذلك عند البشر، حيث يتم إنتاجه عندما يحرق الجسم الدهون للحصول على الطاقة، من أجل تغذية الميتوكوندريا في الجسم.
ويدعم هذا الجزيء الذي تتم الإشارة إليه بـ"BHB"، نقل الطاقة من الكبد إلى بقية الجسم عندما تكون مستويات الغلوكوز غير كافية.
وقد سبق أن شارك باحثون من جامعة كاليفورنيا، ديفيس (UC Davis) بحثاً موثوقاً به، وجد أن BHB، اعتماداً على الجرعة، يعمل مضاداً لالتهابات خلايا الدماغ البشرية الملتهبة بلويحات بيتا أميلويد.
وكانت هذه اللويحات، لبعض الوقت، تعتبر السبب الرئيسي لمرض الزهايمر، ومع ذلك، فإن العديد من الأشخاص لديهم اللويحات ولا يصابون أبداً بمرض الزهايمر.
تفاصيل الدراسة
شملت الدراسة الجديدة فئراناً معدلة وراثياً والتي تعبر عن بروتين سلائف الأميلويد الفأري/البشري، إضافة إلى جين بريسينيلين 1 البشري الطافر، وكلاهما يستهدفان الخلايا العصبية في الجهاز العصبي المركزي.
تمت تربية الفئران بجامعة كاليفورنيا في ديفيس، وقد توافرت لهم ظروف خاصة للعيش، وهي عبارة عن بيئة مضاءة لمدة 12 ساعة وبيئة مظلمة لمدة 12 ساعة، مع ما يصل إلى أربعة فئران في قفص تتناول نظاماً غذائياً قياسياً من طعام الفأر لمدة ستة أشهر.
وبعد انتهاء هذه المدة، تم تقسيمها إلى مجموعات ذات وزن متوازن، حيث يعيش كل فأر في حاوية منفصلة لبقية الدراسة؛ حتى يتمكن الباحثون من التحكم في استهلاكهم للطعام.
إذ تم إعطاء الفئران نظامين غذائيين مختلفين، الأول هو نظام الكيتو، والثاني هو نظام قياسي غني بالكربوهيدرات، حيث قدم كلا النظامين العدد نفسه من السعرات الحرارية.
ولاحظ الباحثون أن إناث الفئران لديها مستويات أعلى من BHB في أجسامها مقارنة بالذكور، إضافة إلى إنزيمات الدماغ المعروفة بدعم الذاكرة.
وفي الوقت نفسه، أظهرت الفئران الذكور التي تم تحويلها إلى نظام الكيتو الغذائي في أواخر منتصف العمر، تحسناً في الذاكرة المكانية.
تأثير نظام الكيتو على الالتهاب العصبي
أوضحت ميشيل روثنشتاين، أخصائية التغذية، حسب ما نشرته المجلة الطبية "medicalnewstoday"، أن "نظام الكيتو الغذائي هو أسلوب تناول غنيٌّ بالدهون ومنخفض الكربوهيدرات يسبب الكيتوزية".
وتابعت: "الكيتوزية هي حالة استقلابية، حيث يحرق الجسم الدهون في المقام الأول للحصول على الطاقة بدلاً من الكربوهيدرات، مما ينتج عنه أجسام الكيتون كمصدر بديل للطاقة".
وأشارت روثنشتاين إلى أن "هناك عناصر وقائية عصبية موجودة في بعض الدهون، مثل أحماض أوميغا 3 الدهنية والكاروتينات القابلة للذوبان في الدهون والفيتامينات، والتي يمكن أن تساعد في مكافحة الالتهاب والإجهاد التأكسدي".
من ناحية أخرى، قالت روثنشتاين: "في حين أن بعض الدهون بالنظام الغذائي مفيدة في تقليل الالتهاب والتهاب الأعصاب، فإن الإفراط في تناول الدهون المشبعة يمكن أن يؤدي إلى رفع مستويات الكوليسترول ومخاطر القلب والأوعية الدموية".
أحد المخاوف المتعلقة بارتفاع مستويات الدهون في نظام الكيتو الغذائي، هو تعزيز الالتهاب العصبي الذي يمكن أن يؤثر سلباً على الصحة الإدراكية، ومع ذلك، فإنَّ تناول مزيد من الدهون الصحيحة يمكن أن يقلل من التهاب الأعصاب.
وحسب المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور جينو أ. كورتوباسي، قال لـ"Medical News Toda": "عندما يتم توفير العدد نفسه من السعرات الحرارية بواسطة الكيتو كما هو الحال في النظام الغذائي المتحكم، يكون هناك انخفاض كبير في السيتوكينات الالتهابية الجهازية".
كيفية رفع مستويات BHB
وأوضح الدكتور كورتوبايس المؤلف الرئيسي للدراسة، كيفية زيادة مستويات BHB عن البشر، وقال: "بعد صيام الإنسان لمدة 12 ساعة تقريباً، ترتفع مستويات (بيتا هيدروكسي بويترات)، وذلك لأن مخازن الكربوهيدرات أصبحت مستنفدة".
وأضاف أن البشر الذين يتبعون نظام الكيتو الغذائي لديهم مستويات أعلى بكثير من BHB مقارنة بالأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً قياسياً غنياً بالكربوهيدرات.
وأشار كورتوبايس إلى أن مستويات BHB البشرية يمكن زيادتها بثلاث طرق مختلفة وهي:
أولاً: اتباع نظام الكيتو الغذائي.
ثانياً: يمكن للمرء تناول مكمل BHB.
ثالثاً: والأقل فعالية، هو اتباع نظام غذائي يحتوي على وجبة واحدة يومياً من الكربوهيدرات، حيث ترتفع مستويات BHB ببطء بعد استنفاد الجليكوجين في الكبد.
ومع ذلك، فإن مستويات BHB ستنخفض "بشكل حاد" عند تناول الوجبة التالية من الكربوهيدرات.
قبل إجراء أي تغييرات غذائية كبيرة، من الأفضل استشارة الطبيب.
الفئران مقابل الدراسات البشرية لمرض الزهايمر
من المهم جدلَ أن ندرك أن هذه كانت دراسة أجريت على الفئران، ولا تقدم أي دليل قاطع على نظام الكيتو الغذائي وتطور مرض الزهايمر لدى البشر.
هذا ما أشارت إليه الدكتورة ستيفانيا فورنر، مديرة العلاقات الطبية والعلمية بجمعية الزهايمر، والتي لم تشارك في الدراسة الحديثة.
في حين تقدم الدراسة الجديدة نتائج "مثيرة للاهتمام"، أشارت الدكتورة فورنر إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم تأثيرات ونتائج النظام الغذائي الكيتوني على الأشخاص الذين يعانون من مرض الزهايمر أو المعرضين لخطر الإصابة به.
ومع ذلك في هذه المرحلة، لا ينبغي لأحد أن يعتمد هذا النظام الغذائي لمنع أو علاج مرض الزهايمر أو أي ضعف إدراكي آخر، لذلك يجب استشارة مختصي التغذية قبل تحويل النظام الغذائي من أجل هذا الغرض فقط.
إذ في عام 2025، تتوقع جمعية الزهايمر نشر نتائج دراستها الأمريكية لحماية صحة الدماغ من خلال التدخل في نمط الحياة لتقليل المخاطر، وهذه تجربة سريرية مدتها سنتان، تشمل مجموعة تمثيلية كبيرة من الأمريكيين.