قطع باحثون في الصين خطوة كبيرة نحو التمكن من زراعة الأعضاء بعدد "غير محدود"، عقب أول نجاح في بناء كلى "متوافقة مع البشر" في خنازير، وهذه أول مرة يتمكن فيها العلماء بهذا المجال من الشروع في زراعة أعضاء صلبة مكونة من خلايا بشرية في غالبها داخل حيوان، بحسب صحيفة The Times البريطانية.
يُذكر أن الأعضاء الصلبة في جسم الإنسان تشمل الكبد والطحال والكلى والغدد الكظرية والبنكرياس.
ولم يُسمح للكلى بالتطور داخل الأجنة المزروعة في الخنازير البديلة إلا لمدة 4 أسابيع، لكن العلماء الذين راجعوا التجربة البحثية قالوا إنه "إنجاز كبير على طريق إنتاج عدد غير محدود من الأعضاء وزراعتها".
أكثر الأعضاء المطلوبة للزراعة
وقال الباحثون الذين أجروا الدراسة إنهم يأملون في التمكُّن من استخدام هذه العملية لبناء أعضاء تصلح للزراعة في البشر خلال عقد من الزمن.
يُذكر أن الكلى أكثر الأعضاء المطلوبة للزراعة، إذ يوجد 5564 شخصاً على قائمة الانتظار في بريطانيا وحدها -أي أكثر من 3 أضعاف المنتظرين لجميع الأعضاء الأخرى- ومتوسط انتظار زراعة الكلى يتراوح بين عامين إلى 3 أعوام.
وخلصت الدراسة، التي نُشرت حديثاً في دورية "Cell Stem Cell" العلمية إلى أن: "هذه النتائج تشير إلى أننا قد نتمكن من بناء كلية بشرية وظيفية داخل الخنازير حديثة الولادة، وهو ما قد يوفر بديلاً ناجحاً للتغلب على مشكلة النقص في الأعضاء البشرية اللازمة للزراعة".
وتمكن الباحثون في "معاهد قوانغتشو للطب الحيوي والصحة" التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم، من زراعة خلايا جذعية بشرية في أجنة الخنازير بطريقة جديدة تضمن تطور الكلى المزروعة إلى كلى بشرية، وليس كلى خنازير.
زراعة الأجنة في خنازير بديلة
وعمد الباحثون إلى زراعة الأجنة في خنازير بديلة، وسمحوا لها بالتطور مدة 25 إلى 28 يوماً، ووجدوا أن الكلى بدأت في النمو داخل الأجنة التي ظهرت "طبيعية من جهة الشكل والحجم بالقياس إلى مرحلة نموها" وتتكون من خلايا بشرية بنسبة 60%.
أما باقي الجنين، فيتكون بالكامل تقريباً من خلايا خنزير، مع وجود عدد صغير فقط من الخلايا البشرية الموجودة في الدماغ والحبل الشوكي لجنين الخنزير.
وأشاد الباحثون في جميع أنحاء العالم بأهمية هذا الإنجاز، إذ قال الدكتور رافائيل ماتيسانس، طبيب الأعصاب الذي أسس المنظمة الوطنية لزراعة الأعضاء في إسبانيا، إن هذه التقنية "زادت من كفاءة الإجراء زيادة كبيرة".
وأشار ماتيسانس إلى أن "باحثي التجربة أنفسهم يقرُّون بأن التمكن من الاستخدام الإكلينيكي لهذه التقنية لا يزال أمامه سنوات، "لكنه يُعد إنجازاً كبيراً على طريق إنتاج الأعضاء بعدد غير محدود لزراعتها".
"خطوات رائدة"
وقال البروفيسور دوسكو إيليتش، من جامعة كينغز كوليدج في لندن، إن البحث أبان عن "خطوات رائدة في نهج جديد للهندسة الحيوية للأعضاء باستخدام الخنازير كحاضنات لزراعة الأعضاء البشرية وبنائها"، إلا أنه لا يزال هناك "الكثير من المصاعب التي يتعين التغلب عليها"، والوقت وحده يحمل الجواب عما إذا كانت هذه الوسيلة هي الحل النهائي أم لا. ومع ذلك، فإن هذه التقنية المميزة جديرة بالمزيد من الاستكشاف".
يُذكر أن العلماء تمكنوا من قبل من تكوين عضلات هيكلية بشرية باستخدام عملية مماثلة، لكن هذا أول نجاح في بناء أعضاء صلبة مثل الكلى.
ولكي تتمكن الأجنة الهجينة من تطوير كلى بشرية في هذه التجربة، تحرى العلماء ألا يطور جنين الخنزير كلى خنازير منافسة. واستخدم العلماء تقنية تحرير الجينات لإزالة الجينات التي تؤدي إلى نمو الكلى من خلايا الخنازير، وسمح هذا للكلى المتوافقة مع البشر بالتطور دون منافسة.
وهندس العلماء الخلايا الجذعية البشرية كي تُماثل الخلايا الجنينية المبكرة، وأوقفوا وظيفة "التدمير الذاتي" في جيناتها لتيسير اندماجها في الجنين. ونقلوا 1820 جنيناً إلى 13 خنزيراً بديلاً.
ويسمح القانون في الصين بنموِ الأجنة لفترة أطول، ما سمح للعلماء بإيقاف تطور الخلايا المزروعة بعد 4 أسابيع بدلاً من 3. ووجدوا أن الكلى قد وصلت إلى المرحلة الثانية من 3 مراحل من التطور، والمعروفة باسم مرحلة "الكلية المتوسطة"، إذ تكونت الأنابيب والبراعم التي ستتطور إلى حالب لربطِ الكلية بالمثانة.
وقال الدكتور ليانجكسو لاي، من معاهد قوانغتشو للطب الحيوي والصحة، "نسعى بهذه الوسيلة لتحسين دمج الخلايا البشرية في الأنسجة المتلقية، وفتح الطريق أمام بناء الأعضاء البشرية في الخنازير"، ومع ذلك فإن الدراسة كشفت عن "طائفة من العقبات التي لا تزال بحاجة إلى حل" للتمكُّن من بناء أعضاء بشرية كاملة في الخنازير.