800 منهم يعيشون في المغرب! “أطفال القمر” يعيشون في الظلام طيلة حياتهم لأن الشمس تقتلهم

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/12 الساعة 09:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/19 الساعة 19:19 بتوقيت غرينتش
توائم في فرنسا مصابان بمرض جفاف الجلد المصطبغ / gettyimages

أن تُحب أجواء الليل أكثر من النهار، أو تحب الضوء الخافت ولا تفضل ضوء الشمس الساطع، كل هذه الأشياء، هي خيار شخصي وتفضيل لنمط حياة يختلف من شخص لآخر، لكن الموضوع ليس كذلك بالنسبة لمجموعة من الأطفال حول العالم، يُطلق عليهم اسم "أطفال القمر".

هؤلاء الأطفال مصابون بمرض جلدي نادر اسمه "Xeroderma pigmentosum" أو "جفاف الجلد المصطبغ"، وهو اضطراب وراثي نادر، يظهر على الأطفال المصابين به في عمر مبكر، ويسبب فرط الحساسية للأشعة فوق البنفسجية.

أما عن تفاصيل هذا المرض الجلدي النادر، فبحسب موقع pubmed الطبي، يعاني أطفال القمر من حروق جلدية خطيرة مع أقل تعرض لأشعة الشمس، ثم يصابون بتبلور الجلد في المناطق المعرضة للشمس، ويظهر كل من سرطان الخلايا الحرشفية وسرطان الخلايا القاعدية والأورام الميلانينية الخبيثة.

أطفال القمر
فتاة من غواتيمالا مصابة بجفاف الجلد المصطبغ \Wikimedia Commons

ومع حدوث المزيد من التشوهات في الحمض النووي، تتعطل الخلايا وتصبح سرطانية أو تموت في النهاية، وغالبية المرضى لا يصلون إلى سن البلوغ، لأنهم يموتون بسبب الأورام الخبيثة الجلدية المنتشرة.

حياتهم صعبة وإجراءات مشددة لحمايتهم من موت بطيء ومؤلم 

بالنسبة للكثير من أطفال القمر التأقلم مع هذه الحياة يحتاج لمجهود استثنائي من الأهل، لحماية أطفالهم من أشعة الشمس وخطر الموت المؤلم البطيء.

فعلى الرغم من أنهم يبقون داخل المنزل خلال النهار، إلا أن عليهم تغطية أنفسهم من الرأس حتى أخمص القدمين بواقٍ من الشمس في الصباح، ثم تكرار العملية بعد الظهر، وفي الصيف يتم وضع واقي الشمس من 6 إلى 8 مرات في اليوم.

ليس هذا فحسب، نظراً لأن معظم المصابيح المنزلية تصدر أيضاً أشعة فوق البنفسجية، فلا يمكن استخدام إلا المصباح المصنوع خصيصاً.

ونوافذ المنزل يجب أن تكون مغطاة أيضاً بالستائر السميكة، التي تمنع دخول حتى أقل ضوء من الشمس، واضطرت بعض العوائل التي لديها طفل مصاب بمرض "جفاف الجلد المصطبغ" لوضع  أكياس القمامة على النوافذ، لحماية أطفالهم من الشمس.

واستخدام أجهزة قياس ضوئية لقياس قوة الأشعة فوق البنفسجية في الأماكن المغلقة، أما التعليم الدراسي فغالباً يكون في المنزل عن طريق الإنترنت، ما يحرم أطفال القمر من التفاعل مع الأطفال البقية وعيش حياة طبيعية وتكوين صداقات مع أشخاص من خارج العائلة.

في مدينة ساكرامنتو في الولايات المتحدة الأمريكية تعيش عائلة "ميلوتا" التي لديها طفلة مصابة بهذا المرض، وتحاول العائلة توفير الظروف الملائمة لتوفير الحماية لطفلتهم "إيمي" من أشعة الشمس.

تقول ميشيل ميلوتا، والدة إيمي: "كل هذا مدمر للغاية، 5 دقائق هنا، و10 دقائق هناك، كل ذلك يتراكم، ومع مرور الوقت يتحول إلى سرطان الجلد، إيمي أصغر من أن تقدر العواقب. ومع ذلك، فهي تدرك أن التواجد في الهواء الطلق في وضح النهار ليس جيداً بالنسبة لها، لكنها تريد أن تكون بالخارج".

وعلى الرغم من الاحتياطات، أجرت إيمي أول عملية جراحية لها لإزالة خمسة أورام صغيرة من وجهها، حين كان عمرها عامين فقط، وأجرت عملية ثانية بعدها بعدة أشهر، لإزالة المزيد من الأورام.

مخيم "أطفال القمر" محاولة غير تقليدية لمنحهم حياة طبيعية 

في ولاية نيويورك، وعلى أطراف المدينة هناك مخيم للأطفال اسمه "Sundown" أو "مغيب الشمس"، في الصباح لن تشاهد أي طفل يتجول في المخيم، ولكن بمجرد غروب الشمس، يخرج  15 طفلاً من البنايات المنتشرة في المخيم، لممارسة أقرب ما يمكن توفيره من حياة طبيعية.

أطفال القمر
طفل مصاب بمرض جفاف الجلد المصطبغ يرتدي ملابس واقية / gettyimages

على الرغم من أنها حياة معكوسة حيث ينام الأطفال في النهار ويستيقظون في الليل، ولكنهم لا يمانعون ذلك ما دام يمكنهم قضاء وقتهم خارج اربعة جدران، واللعب مع أطفال آخرين في الخارج دون القلق من الإصابة بالسرطان.

القائمون على المخيم وفروا بنايات خاصة عازلة للضوء ونوافذ تمنع دخول الأشعة فوق البنفسجية لحماية الأطفال من أشعة الشمس.

"فاطمة بيريز"، هي واحدة من أكبر الذين يعانون مرض "جفاف الجلد المصطبغ" سناً في العالم، بعد أن تجاوز عمرها 30 عاماً.

وتعيش مع وجه تشوبه الندوب بسبب التعرض لأشعة الشمس عندما كانت طفلة، ومؤخراً تجربة مروعة مرت بها في طريقها إلى المخيم نفسه، بعد أن كانت تقود سيارتها في الساعات الأولى من الصباح قبل شروق الشمس، عندما حدث كابوس كل شخص مصاب بهذا المرض، تعطلت السيارة. 

عندها جلست "فاطمة" في انتظار شاحنة السحب، وبدأت الشمس تشرق في أحد أكثر الأيام حرارة على الإطلاق في نيويورك.

قالت فاطمة: "كنت في السيارة وكانت جميع النوافذ مغلقة، وكنت مغطاة بالملابس من الرأس إلى القدم، وكان المكان أشبه بالفرن، ثم بدأت أشعر بأشعة الشمس تحرقني من خلال الملابس، بدا الأمر كما لو كانت عظامي تحترق، كنت أصرخ وأبكي".

قالت فاطمة: "أحياناً عندما أشعر بالإحباط، أعتقد أنه ليس لدي مستقبل، ولكن بعد ذلك أقول لنفسي، فكري بإيجابية، لا يزال هناك الكثير الذي يمكنني القيام به، أريد أن أذهب إلى الكلية، وأحصل على وظيفة ولدي الكثير من الأصدقاء حولي الذين يحبونني".

في المغرب 800 من أطفال القمر

حالة الطفل المغربي "منير يقدوني" الذي كان يبلغ 7 سنوات من العمر، هي واحدة من العديد من الحالات التي أودى فيها "جفاف الجلد المصطبغ" بحياة الأطفال.

تم نقل الصبي إلى المستشفى من قبل والديه عندما كان في الثالثة من عمره، والسبب وراء ذلك، النمش الذي تكاثر على جلده بسرعة مقلقة، ليتم تشخيصه بالمرض القاتل.

أصيب منير بسرطان الجلد، وكان لا بد من استئصال عينه اليسرى. بحلول الوقت الذي بلغ فيه الطفل السابعة من عمره، لم يكن لديه سوى القليل من الوقت للعيش.

أعطاه والداه خيارات إما البقاء في المنزل أو الاستمرار في الذهاب إلى المدرسة في أيامه الأخيرة، على الرغم من تحذيرهم من أن المشي إلى المدرسة سيعجل بموته، فقد اختار منير الخيار الثاني.

وبحسب موقع daily rounds يوجد حوالي 800 طفل آخرين من أطفال القمر في المغرب، ومع ضعف الوصول إلى الرعاية الصحية اللازمة، فإن معظم هؤلاء الأطفال بمن فيهم المراهقون والشباب لن يعيشوا بعد سن الثلاثين.

لا علاج لحد الآن ولكن طرق الوقاية فقط

بالنسبة لمرض "جفاف الجلد المصطبغ" فإنه لا يوجد علاج يساعد أطفال القمر على عيش حياة طبيعية، كل ما يمكنهم فعله هو تجنب الشمس تماماً وتطبيق تدابير وقائية صارمة ومكلفة للغاية، يشمل ذلك ارتداء الملابس الواقية التي لا يمر من خلالها الأشعة فوق البنفسجية،  ووضع واقي الشمس باستمرار حتى داخل المنزل.

أطفال القمر - مرض جلدي نادر - جفاف الجلد المصطبغ
طفل مصاب بمرض جفاف الجلد المصطبغ يرتدي ملابس واقية / gettyimages

وتوفير بيئة معزولة عن ضوء الشمس داخل المنزل، وتركيب أضواء كهربائية مناسبة، وقد تساعد كريمات الريتينويد في تقليل خطر الإصابة بسرطان الجلد، وغالباً ما تكون مكملات فيتامين د ضرورية بسبب عدم تعرضهم للشمس، بينما يأمل بعض الباحثين باكتشاف علاج جيني في المستقبل؛ لكن الحصول على تشخيص طبي دقيق أمر ضروري ومهم.

ملحوظة مهمة حول المعلومات الطبية الواردة في المقالة

يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.

إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.

تحميل المزيد