وفقاً لعلم النفس الاجتماعي، يصف السلوك العدواني والعنيف أي سلوك أو فعل يهدف إلى إيذاء شخص أو حيوان أو الإضرار بالممتلكات المادية.
وتشمل بعض الأمثلة على السلوكيات العدوانية، أعمال العنف والاعتداء الجسدي والصراخ والشتائم والكلمات القاسية والتخريب.
السلوك العدواني لا ينتهك الحدود الاجتماعية فقط؛ إذ يمكن أن يؤثر أيضاً على العلاقات بين الشركاء أو بين الوالدين والأبناء وأن يكون له عواقب سلوكية ومهنية أو حتى قانونية خطيرة.
ولكن يمكن أن يساعدك التعرف على الطرق التي تظهر بها العدوانية والسلوك العنيف في مراحل مختلفة من الحياة على اتخاذ خطوات صحيحة للتعامل معها.
نستعرض في هذا التقرير، أنواع السلوك العنيف والأسباب المحتملة له، بالإضافة إلى تقديم طرق العلاج المناسبة له ومتى عليك اللجوء لها.
السلوك العدواني ليس نوعاً واحداً
وفقاً لموقع Very Well Mind، ينقسم السلوك العدواني العنيف إلى نوعين أساسيين:
السلوك العدواني المندفع
هذا النوع من السلوك، المعروف أيضاً باسم العدوان العاطفي، ينبع مباشرة من المشاعر التي يمر بها الشخص في وقت معين. وقد يشعر الشخص أنه لا يمكنه السيطرة عليها أو أنها تأتي من غير سبب.
وعندما لا يستطيع الشخص تحديد الشيء الذي يزعجه، فقد يظهر سلوكاً عدوانياً تجاه أي شيء أو شخص حوله- بما في ذلك نفسك.
هذا النوع من العدوان غير مخطط له وغالباً ما يحدث في خضم اللحظة. على سبيل المثال، إذا تعارضت سيارتك مع سيارة أخرى في حركة المرور وبدأت في الصراخ وتوبيخ السائق الآخر، يعتبر هذا عدواناً اندفاعياً.
السلوك العدواني الآلي
يتضمن هذا النوع من العدوانية، المعروف أيضاً باسم العدوان المعرفي، التخطيط والنية، وعادةً ما يكون لتحقيق رغبة أو هدف محدد.
إن إيذاء شخص آخر في عملية سطو هو مثال على هذا النوع من العدوان. هدف المعتدي هو الحصول على المال، وإيذاء شخص آخر هو الوسيلة لتحقيق ذلك الهدف.
ما هي علامات السلوك العدواني وكيف يظهر؟
يمكن أن يتخذ السلوك العدواني أشكالاً عديدة وفي بعض الأحيان قد لا يكون واضحاً ومباشراً. لذلك، قد لا يدرك البعض أن السلوكيات التي يواجهونها تعتبر عدوانية.
غالباً ما ينطوي السلوك العدواني على الأذى الجسدي أو اللفظي، ولكنه قد يشمل أيضاً الإكراه أو التلاعب، وهذه بعض الطرق التي يظهر بها:
- العدوان الجسدي، الذي يشمل الضرب، والركل، واللكم، والصفع، أو أي أفعال تسبب الأذى الجسدي. لا يشمل ذلك الأذى العرضي، مثل الدوس على ذيل كلبك في الظلام أو ضرب شخص وراءك بطرف يدك وأنت تتحدث.
- العدوان اللفظي، يشمل الصراخ والشتائم والإهانات وغيرها من العبارات القاسية وغير اللطيفة التي تهدف إلى التسبب في الألم وجرح مشاعر الأشخاص. وتشمل العدوانية اللفظية أيضاً الكلام الذي يحض على الكراهية.
- العدوان في العلاقات، الذي يهدف إلى الإضرار بسمعة شخص آخر أو علاقاته. ويشمل ذلك التنمر والنميمة ونشر الشائعات.
- العدوان العدائي، الذي يشمل الأفعال التي تحصل مع نية محددة لإيذاء شخص ما أو تدمير شيء ما.
- العدوان السلبي، هو أسلوب التجاهل لشخص ما أثناء حدث اجتماعي أو السماح بإيذاء شخص ما، بدلاً من التسبب فيه بشكل مباشر.
وقد يظهر السلوك العدواني في مواقف مشابهة لما يلي:
- عند الشعور بالعصبية أو الغضب أو الملل أو القلق.
- عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها.
- تريد أن تنتقم من شخص ظلمك.
- عندما تعتقد أن شخصاً ما عاملك بشكل غير عادل.
- عندما تشعر أنه لا يمكنك السيطرة على عواطفك.
علامات السلوك العدواني عند الأطفال والمراهقين
قد لا يظهر السلوك العدواني عند الأطفال والمراهقين دائماً بنفس الطرق التي يظهر بها الكبار.
إلى جانب العدوان الجسدي مثل الركل والضرب والدفع، قد تتضمن العدوانية عندالطفل ما يلي:
- نوبات الغضب العنيفة.
- السخرية من أقرانهم أو إهانتهم لإثارة رد فعل.
- التهديد بإيذاء شخص آخر أو بإيذاء أنفسهم.
- استخدام الألعاب أو الأشياء الأخرى كأسلحة.
- إيذاء الحيوانات.
- تدمير ممتلكات الآخرين أو الإضرار بالممتلكات.
- الكذب والسرقة.
وقد تتضمن العدوانية لدى المراهقين السلوكيات التالية:
- الصراخ على الوالدين والأشقاء.
- الانفعال الشديد أو الغضب أو الاندفاع.
- تدمير المتعلقات أو الممتلكات.
- المضايقة أو التنمر أو استبعاد الأقران.
- الكذب والنميمة ونشر الشائعات عن أقرانهم.
- استخدام الإكراه والتلاعب للحفاظ على الوضع الاجتماعي والسيطرة.
- التهديد بإيذاء الآخرين أو أنفسهم.
أسباب السلوك العدواني قد تكون جينية وترتبط بالهرمونات وموجات الدماغ
لا يوجد للسلوك العدواني سبب واحد محدد. وتشير الأدلة إلى أن عدداً من العوامل يمكن أن تسهم في تكوين السلوك العنيف ومنها..
العوامل البيولوجية
تشمل كيمياء الدماغ والعوامل البيولوجية الأخرى التي قد تلعب دوراً في تكوين السلوك العدواني ما يلي:
نمو الدماغ غير المنتظم: ربط الخبراء في دراسات حديثة أمريكية قامت بها جامعة كارولينا في عام 2022 بين زيادة النشاط في اللوزة الدماغية وانخفاض النشاط في قشرة الفص الجبهي والسلوك العدواني.
كما أن آفات الدماغ، والتي يمكن أن تحدث مع حالات التنكس العصبي، يمكن أن تؤدي أيضاً إلى السلوك العدواني.
علم الوراثة: يمكن أن تساهم أيضاً طفرات بعض الجينات، بما في ذلك مونوامين أوكسيديز في زيادة نسبة السلوكيات العدوانية.
الاختلالات الكيميائية والهرمونية في الدماغ: قد تؤدي المستويات المرتفعة أو المنخفضة بشكل غير عادي من بعض النواقل العصبية، بما في ذلك السيروتونين والدوبامين وحمض جاما-أمينوبوتيريك، إلى ظهور سلوك عدواني. كما يمكن أن تؤدي المستويات المرتفعة من هرمون التستوستيرون أيضاً إلى العدوانية لدى الأشخاص من أي جنس.
الآثار الجانبية للأدوية والمواد الأخرى: الأدوية والمواد التي تسبب تغيرات في الدماغ يمكن أن تؤدي في بعض الأحيان إلى سلوك عدواني. تتضمن بعض الأمثلة الستيرويدات القشرية والكحول والمنشطات البنائية وفينسيكليدين.
بعض الحالات الطبية: يمكن أن يحدث السلوك العدواني نتيجة لحالات صحية معينة تضر بالدماغ، بما في ذلك السكتة الدماغية والخرف وإصابات الرأس.
العوامل النفسية
يمكن أن يحدث السلوك العدواني أحياناً كعرض من أعراض بعض حالات الصحة العقلية، بما في ذلك:
- اضطراب السلوك.
- الخلل الانفعالي المتقطع.
- اضطراب التحدي المعارض (ODD).
- اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD).
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
- اضطراب ثنائي القطب.
- انفصام الشخصية.
- كآبة.
- اضطرابات تعاطي المخدرات.
- القلق المزمن.
- بعض اضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع والنرجسية.
لكن بالطبع، لا تعني العدوانية دائماً أنك تعاني من حالة صحية عقلية، ولا يعني تشخيص الصحة العقلية تلقائياً أنك ستتصرف بعدوانية تجاه الآخرين.
العوامل البيئية
يمكن أن تساهم الظروف والتحديات في حياتك اليومية وبيئتك أيضاً في نشوء السلوك العدواني.
يمكن أن يحدث العدوان كرد فعل طبيعي للتوتر أو الخوف أو الشعور بفقدان السيطرة. قد تستجيب أيضاً بعدوانية عندما تشعر بالإحباط أو سوء المعاملة أو عدم سماعك- خاصة إذا لم تتعلم كيفية إدارة عواطفك بشكل فعال.
كما قد تزداد احتمالية أن تتصرف بعدوانية إذا كنت تعرضت للعنف في طفولتك أو إذا تعرضت لمعاملة قاسية أو غير عادلة من المعلمين أو الأصدقاء.
ما الذي يسبب العدوانية عند الأطفال والمراهقين؟
في حين أن معظم الأسباب المذكورة أعلاه يمكن أن تنطبق أيضاً على الأطفال والمراهقين الصغار، إلا أن هناك عوامل أخرى يمكن أن تسهم أيضاً في العدوانية في مرحلة الطفولة.
غالباً ما يواجه الأطفال صعوبة في التعبير عن المشاعر بالكلمات، لذا فإن الطفل الذي يشعر بالخوف أو الإحباط قد يتصرف بشكل عدواني للتفريغ بدلاً من التعبير بوضوح عما يشعر به.
من الجدير أيضاً أن نأخذ في الاعتبار أن الأطفال الصغار قد يكونون لم يتعلموا تماماً احترام الحدود وحقوق الآخرين.
يمكن لحالات الصحة العقلية التي تؤثر عادة على الأطفال، بما في ذلك اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والتوحد، أن تلعب دوراً في السلوك العدواني أيضاً.
أما بالنسبة للمراهقين فقد تشمل المحفزات المحتملة للسلوك العدواني ما يلي:
- ضغوط المدرسة.
- صعوبات في العلاقات الاجتماعية.
- التوتر بين أفراد الأسرة والأقران.
- الظروف الصحية الجسدية والعقلية.
علاج السلوك العدواني
من الطبيعي أن تشعر بالإحباط والانزعاج من وقت لآخر، وهذه المشاعر يمكن أن تقودك بسهولة للرد بسلوك عدواني في مواقف معينة.
لكن في حال كان السلوك العدواني يحدث بشكل متكرر أو يسبب مشاكل في علاقاتك الشخصية والمهنية، ويؤثر على حياتك اليومية وتشعر بأنه لا يمكن السيطرة عليه، فأنت بحاجة للحصول على مساعدة لعلاجه لأنه قد يتسبب في ضرر جسدي أو عاطفي دائم للآخرين وحتى لك أنت.
يعتمد أفضل علاج للسلوك العدواني على السبب الكامن وراءه، وهذه بعض الطرق التي يلجأ لها أخصائيو الصحة العقلية والنفسية:
- يمكن أن يساعدك العلاج السلوكي المعرفي (CBT) على تعلم التعرف على أنماط السلوك غير الجيدة وتغييرها وممارسة تقنيات التأقلم الأكثر فائدة. لا يركز هذا النهج كثيراً على التجارب السابقة، ولكنه يمكن أن يساعد في تحسين أعراض الاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية والاضطرابات السلوكية.
- يمكن أن يساعدك العلاج النفسي الديناميكي في معالجة أعراض الصحة العقلية والاضطراب العاطفي من خلال تتبع جذورها إلى أحداث الحياة السابقة.
- يمكن أن يساعدك العلاج السلوكي الجدلي في بناء وممارسة المهارات اللازمة لتحمل التوتر وتنظيم العواطف.
- يمكن أن يساعد تدريب الوالدين في معالجة الديناميكيات العائلية المتوترة أو أساليب التربية غير المفيدة التي تساهم في السلوك العدواني عند الأطفال.
- في بعض الحالات، قد يوصي المعالج أيضاً بالعمل مع طبيب نفسي لاستكشاف الخيارات العلاجية للعدوانية. وقد تساعد بعض الأدوية النفسية في تخفيف الأفكار والسلوكيات العدوانية التي تحدث مع حالات الصحة العقلية. وتشمل هذه مضادات الذهان ومثبتات الحالة المزاجية.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.