يُعتبر مرض جفاف العين من الأمراض الشائعة التي تحدث عندما لا تتمكن العينان من إنتاج كمية كافية من الدموع أو تنتج دموعاً رديئة الجودة، أو أنّ تلك الدموع المُنتجة لا توفر الترطيب الكافي للعينين، مما يؤدي إلى حدوث التهاب يتسبب بالعديد من الأعراض مثل الحكة والحساسية المُفرطة للشمس.
إذا كنت من الأشخاص الذين جربوا العديد من العلاجات المتاحة دون وصفات طبية وكانت تزيد حالتك سوءاً، فعليك قراءة التفاصيل التالية لتعرف الأسباب وطرق العلاج.
أسباب جفاف العين
يعد الحفاظ على رطوبة العين وحمايتها من الجفاف المُهيّج أمراً معقداً، وهي متطلبات باتت أكثر صعوبة سيما في الوقت الحالي الذي بات الكثير منا يستخدم الشاشات والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر سواء للعمل أو للتسلية، فحين يُحدق الناس في الشاشات لساعات فإنهم يرمشون أقل، ما يُسبب إرهاق وتوتر وجفاف العين.
وفقاً لما ذكرته صحيفة New York Times الأمريكية فإن جفاف العين هو علامة مميزة لمتلازمة جوغرن واضطرابات المناعة الذاتية الأخرى التي تضعف تزليق أنسجة الجسم، كما يحدث جفاف مؤقت للعين بشكل شائع بعد جراحات الساد وجراحات الليزك، والتي تعيد تشكيل القرنية لتحسين الرؤية، وجراحات رأب الجفن، وهي عملية لتصحيح تدلي الجفون.
في حين يُصاب بعض الأشخاص بجفاف العين المزمن لأن جفونهم لا تُغلق تماماً أثناء النوم.
كيف تُحافظ العين على رطوبتها؟
تخيل طبقة الدموع التي تُغلف العين وترطبها وكأنها شطيرة من ثلاث طبقات، كل طبقة تنتجها غدد مختلفة.
تخلق غدد الميبوميان الموجودة في الجفون العلوية والسفلية طبقة خارجية دهنية تعمل على استقرار طبقة الدموع، إذا تشققت الطبقة بسرعة كبيرة، فإن النتيجة المحتملة هي الرؤية الباهتة.
تأتي بعد ذلك مجموعتان من الغدد الدمعية التي تفرز الدموع المائية، والطبقة الداخلية هي الطبقة المخاطية التي تجذب الماء وتساعد على نشر طبقة الدموع على سطح القرنية.
وحتى لو كان إمداد الدموع كافياً، فإن نقص الميوسين يمكن أن يعيق ترطيب القرنية ويتلف سطحها.
تحتوي كل من غدد الميبوميان والغدد الدمعية على مستقبلات للهرمونات الجنسية، وللأندروجين والإستروجين، ومن المحتمل أن يفسر الانخفاض في مستويات الهرمون سبب زيادة مشاكل العين الجافة عند النساء في سن اليأس وفي الرجال الذين يعالجون بمضادات الأندروجين لسرطان البروستاتا.
في الواقع، السبب الأكثر شيوعاً لجفاف العين هو تبخر الرطوبة من العين بسبب خلل في غدد الميبوميان؛ مما يؤدي إلى عدم استقرار طبقة الدموع.
في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي استخدام بعض العلاجات، مثل قطرات العين متعددة الاستخدامات التي تحتوي على مواد حافظة، إلى تفاقم تهيج العين.
كما يمكن للأدوية التي تعالج حالات أخرى أن تتداخل مع إنتاج الدموع، وتشمل الأسباب الشائعة مضادات الهيستامين وموانع الحمل الفموية ومدرات البول والأدوية المستخدمة لعلاج مرض باركنسون واضطرابات القلق والربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن، واضطراب نظم القلب.
أعراض جفاف العين
يقول الطبيب لانس كوجلر وهو أستاذ مساعد وأخصائي في جراحة العيون في المركز الطبي لجامعة نبراسكا في الولايات المتحدة الأمريكية: "إنّ العديد من الناس الذين يعانون من جفاف العيون يلاحظون أن عيونهم تشعر بالثقل".
كما بيّن وفقاً لموقع Health Line الطبي الأعراض الأخرى التي يشعرون بها خلال إصابتهم بجفاف العين، وهي:
- حرقة.
- ألم.
- احمرار.
- مخاط خيطي.
- تتعب العيون أسرع مما كانت عليه من قبل.
- صعوبة القراءة أو الجلوس على الكمبيوتر لفترات طويلة.
- رؤية ضبابية.
- الشعور بوجود رمال في العينين.
- حساسية لضوء الشمس.
جفاف العين والصداع
على الرغم من أن جفاف العين والصداع يمكن أن يشتركا في مسببات مشتركة ويحدثا في نفس الوقت، فإنه لم يكن هناك أي بحث لتحديد علاقة سببية بين الاثنين.
ومع ذلك، إذا تسبب أحد المحفزات في جفاف العينين والصداع، فإن تحديده وإزالته قد يخفف كليهما.
في عام 2017 أجريت دراسة طبية على 14329 شخصاً، قامت بها لجنة المسح الوبائي للجمعية الكورية الجنوبية لطب العيون لمعرفة العلاقة بين الصداع النصفي وأمراض العين الجافة.
ووجدت الدراسة أنّ 14.4% من الأشخاص الذين عانوا من الصداع النصفي أبلغوا عن تشخيص جفاف العين، مقارنة بـ 8.2% ممن لم يعانوا من الصداع النصفي.
أيضاً أفاد 22% من المشاركين في الدراسة الذين عانوا من الصداع النصفي بأعراض جفاف العين، مقارنة بـ15.1% ممن ليس لديهم تاريخ مع الصداع النصفي.
في حين وجدت دراسة أخرى أجريت في عام 2019 على 72969، أجراها مركز جاما لطب العيون أنّ الأشخاص الذين عانوا من الصداع النصفي أكثر عرضة 1.42 مرة لتشخيص مرض جفاف العين من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك
ومع ذلك، لم يجد الباحثون بعد علاقة سببية بين الصداع النصفي وجفاف العين، وهذا يعني أنه من غير الواضح ما إذا كان الصداع النصفي يسبب جفاف العين، أو إذا تسبب جفاف العين في حدوث الصداع النصفي، أو إذا كان هناك عامل آخر يفسر هذا الارتباط.
في حين يرى موقع Medical News Today الطبي أنه يمكن أن يكون لدى للأشخاص الذين يعانون من نوبات الصداع النصفي مجموعة كبيرة من المحفزات، وبالنسبة للبعض، قد يكون إجهاد العين أو جفاف العين هو العامل المحفز.
جفاف العين بعد الليزك
يؤكد المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية NCBI أنّه قد ثبت على نطاق واسع أنّ غالبية المرضى الذين أجروا عملية "ليزك" قد اشتكوا من أعراض جفاف العين سيما ما بعد الجراحة.
ويضيف المركز أنّه عادةً ما يصل جفاف العين بعد الليزك إلى ذروته في الأشهر القليلة الأولى بعد الجراحة، ثم تبدأ الأعراض في التحسن في الغالبية العظمى من المرضى في غضون 6-12 شهراً بعد الجراحة.
هل جفاف العين يسبب العمى؟
يقول مركز San Diego Center For The Blind إنّه في حال ترك مرض جفاف العين دون علاج فقد يؤدي إلى تلف القرنية وفقدان البصر.
لكنه أردف أيضاً أنّ الإصابة بالعمى هي أمرٌ نادر جداً لكن أعراضه هي المزعجة حقاً خصوصاً ضبابية الرؤية والألم المصاب لها.
جفاف العين وعلاجه
تشمل الظروف البيئية التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم مشاكل جفاف العين التعرض للدخان أو الهواء الجاف بشكل مفرط، والذي يُمكن أن ينتج عن أجهزة التدفئة الداخلية وأجهزة التكييف.
لذلك عليك ارتداء النظارات في الهواء الطلق، خاصة في الأيام العاصفة أو عند ركوب الدراجة؛ لحماية عينيك من الجفاف والحصى.
أما إذا كنت تسبح فاحرص على ارتداء نظارات السباحة؛ لتمنع المياه المالحة أو المعالجة كيميائياً من تهييج عينيك.
إجراء عملي آخر هو وضع كمادات دافئة على الجفون صباحاً ومساءً لمساعدة غدد الميبوميان.
أغسل جفنيك بلطف من الأنف إلى الخارج بقطعة قماش دافئة كل ليلة.
وكرر عملية التنظيف بالمنشفة إذا استيقظت في الصباح بعينين ناعستين، ثم ضع الدموع الاصطناعية.
يُعد استخدام الدموع الاصطناعية عدة مرات يومياً أمراً ضرورياً لمعظم حالات جفاف العين.
على الرغم من عدم وجود منتج يحاكي بدقة تكوين الدموع الطبيعية، إلا أن العديد منها مفيد إذا استُخدم بانتظام.
ومع ذلك، إذا فشلت العلاجات التي لا تستلزم وصفة طبية، والتدابير العملية الموضحة أعلاه في تحقيق الراحة الكافية، فاستشر أخصائي العيون.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.