يتكون العمود الفقري من عظام صغيرة مُكدسة فوق بعضها تُسمى بالفقرات، ومعها أقراص متراصة الواحدة فوق الأخرى، وبالنظر للعمود الفقري السليم من الجانب، من الطبيعي أن نجد له بعض الانحناءات البسيطة في مناطق معينة.
وتساعد تلك الانحناءات على توفير مرونة للجسم تسهّل له الحركة وتساعده في امتصاص الضغط والحِمل.
وبالنظر للعمود الفقري من الخلف نجد أنه يمتد بشكل مستقيم إلى منتصف الظهر تقريباً، ولكن عند حدوث تشوهات في العمود الفقري فإن الانحناءات الطبيعية للعمود الفقري تكون منحرفة بشكل مبالغ فيه بمناطق معينة، ما يسبب حالات صحية غير طبيعية من تقوس الظهر مثل القعس والجنف والحداب.
في هذا التقرير نستعرض أسباب تقوّس الظهر وأنواعه، كما نستوضح الأعراض المصاحبة لكل منها، بالإضافة إلى طرق علاج المشكلة سواء من خلال بعض الخطوات العملية أو عبر التدخلات الطبية المتخصصة.
أنواع تقوس الظهر
- القعس (Lordosis): يُطلق عليه أيضاً اسم الارتداد، وهو عندما ينحني العمود الفقري للشخص المصاب إلى الداخل في أسفل الظهر بشكل بالغ.
- الحداب (Kyphosis): يتميز ظهر الشخص المصاب بالحداب بظهر علوي مستدير بشكل غير طبيعي (أكثر من 50 درجة من الانحناء).
- الجنف (Scoliosis): الشخص المصاب بالجنف يكون لديه منحنى جانبي في العمود الفقري، وغالباً ما يكون المنحنى على شكل حرف S أو شكل C.
الأعراض المصاحبة لتلك المشكلة
نظراً إلى أن مشكلة تقوس الظهر ليست مرضاً واحداً في كل الحالات، تختلف حدة الأعراض وفقاً لمستوى الإصابة والتشوه الحاصل للعمود الفقري للشخص المصاب.
ولكن على الأغلب تشمل الأعراض ألماً أو تصلُّباً في منتصف الظهر أو أسفله، والشعور بتنميل أو ضعف في الساقين أو القدمين. ومع ذلك لا يعني هذا أن جميع البالغين المصابين بتقوس الظهر يعانون من الألم، لأنه عندما يحدث الألم يكون انضغاط العصب هو السبب وليس الانحناء.
وفي الحالات الأكثر شدة يمكن أن يسبب تقوس الظهر ألماً حاداً أسفل الساق ويُدعى عرق النسا، إضافة إلى عدم القدرة على الوقوف بشكل مستقيم، وعدم القدرة على المشي أكثر من مسافة قصيرة.
وبحسب موقع Mayfield Clinic يمكن أن يؤدي التقوس الشديد وعدم التوازن إلى إجهاد الوركين والركبتين، وعدم القدرة على المشي في خط مستقيم، والسقوط وكثرة الحوادث، وفقدان القدرة على الوقوف بانتصاب.
كما قد يعاني المرضى عند الانحناء أثناء الوقوف، وقد يتعبون بسرعة ويجدون صعوبة في التحدث مع الآخرين أو الحفاظ على التواصل البصري. كما قد يجدون صعوبة في الاستلقاء بشكل مسطح على سطح يابس أو طري على حدٍّ سواء.
وقد تشمل أعراض التقوس أيضاً:
- عدم تساوي الكتفين.
- عدم تساوي الخصر أو الورك.
- انحناء الجسم نحو جانب واحد.
أسباب تقوس الظهر الأكثر شيوعاً
هناك عدد من المشاكل الصحية التي قد تتسبب في انحناء العمود الفقري المسبب لتقوس الظهر بشكل أكثر من الطبيعي.
ويمكن أن تسبب الحالات التالية حالة القعس وفقاً لموقع WebMD الطبي:
- التقزُّم: وهو اضطراب لا تنمو فيه العظام بشكل طبيعي، ما يؤدي إلى قصر القامة المرتبط بالتقزُّم وتقوس الظهر للداخل من أسفل العمود الفقري.
- انزلاق الفقرات: وهي حالة تنزلق فيها إحدى الفقرات المكونة للعمود الفقري، وعادة ما تكون واحدة من الفقرات الموجودة في أسفل الظهر، حيث تنزلق إلى الأمام.
- هشاشة العظام: وهي حالة تصبح فيها الفقرات هشة، ويمكن كسرها بسهولة، ما يسبب كسوراً انضغاطية.
- السمنة أو زيادة الوزن المفرطة التي تمثّل حملاً على العمود الفقري، ما يتسبب في اعوجاجه.
- الحداب: وهي حالة تتميز بظهر علوي مستدير بشكل غير طبيعي في الظهر.
- التهاب القرص: وغالباً ما ينتج التهاب مساحة القرص بين عظام العمود الفقري عن العدوى التي تسبب الألم المزمن.
بينما يمكن أن تسبب الحالات التالية الحداب، وهو اعوجاج في أعلى العمود الفقري يسبب تقوس الظهر العلوي:
- تطور غير طبيعي لفقرات الشخص المصاب وهو بمرحلة الجنين (حداب خلقي).
- الجلوس بوضعية سيئة أو التراخي عند السير والميل للأمام (الحداب الوضعي).
- مرض شويرمان، وهي حالة تؤدي إلى تشوه الفقرات (حداب شويرمان).
- التهاب المفاصل الشديد
- هشاشة العظام.
- السنسنة المشقوقة، وهو عيب خلقي لا ينغلق فيه العمود الفقري للجنين تماماً أثناء النمو داخل الرحم.
- التهابات العمود الفقري المزمنة.
- أورام العمود الفقري.
ولا يعرف الأطباء أسباب أكثر أنواع الجنف شيوعاً عند المراهقين، ومع ذلك يعرف الأطباء أن الجنف يميل إلى الانتشار في العائلات بشكل متوارث. وقد يكون السبب أيضاً مرضاً أو إصابة أو عدوى أو عيباً خلقياً.
المضاعفات المحتملة لتقوس الظهر
في حين أن معظم المصابين بالتقوس في العمود الفقري يعانون من شكل خفيف من الاضطرابات والأعراض السالف ذكرها، فقد يتسبب تقوس الظهر أحياناً في حدوث مضاعفات، وهي كالتالي وفقاً لموقع Mayo Clinic:
1- مشاكل في التنفس: في حالة الجنف الشديد، قد يضغط القفص الصدري على الرئتين، ما يجعل التنفس أكثر صعوبة، ويهدد الشخص بالإعياء المزمن والإغماء وحتى مخاطر الوفاة من ضيق التنفُّس.
2- مشاكل الظهر: قد يكون الأشخاص الذين أصيبوا بالتقوس في مرحلة الطفولة المبكرة هم الأكثر عرضة للإصابة بآلام الظهر المزمنة عندما يصبحون بالغين، خاصةً إذا كان عمودهم الفقري غير طبيعي بشكل كبير ولم تتم معالجته.
3- مشاكل في المظهر الخارجي والنظرة الذاتية: مع تفاقم المشكلة يمكن أن يسبب تقوس العمود الفقري تغيرات أكثر وضوحاً في شكل الجسم، بما في ذلك الوركان والكتفان غير المستويين، والأضلاع البارزة، وميل الخصر والجذع إلى جانب أكثر من الآخر. وغالباً ما يُصبح الأفراد المصابون بالتقوس خجولين ومتضررين نفسياً بشأن مظهرهم.
بشكل عام، يتم تحديد العلاج بناءً على شدة ونوع اضطراب انحناء العمود الفقري الذي تعاني منه. وقد لا يوجد علاج للانحناء الخفيف في العمود الفقري، كما يحدث مع الحداب الوضعي، على الإطلاق. بينما قد يتطلب انحناء العمود الفقري الأكثر شدة استخدام دعامة الظهر أو الجراحة.
وفيما يلي خيارات علاج تقوس الظهر وفقاً لأسبابه نقلاً عن موقع WebMD:
أولاً: علاج القعس
أدوية تسكين الآلام والتورم.
ممارسة الرياضة والعلاج الطبيعي لزيادة قوة العضلات ومرونتها.
ارتداء دعامات الظهر.
فقدان الوزن.
الجراحة في الحالات المتطورة.
ثانياً: علاج الحداب
ممارسة الرياضة وتناول الأدوية المضادة للالتهابات لتخفيف الألم أو الانزعاج.
ارتداء دعامة الظهر.
الجراحة لتصحيح الانحناء الشديد في العمود الفقري والحداب الخلقي.
ممارسة التمارين والعلاج الطبيعي لزيادة قوة العضلات.
ثالثاً: علاج الجنف
- الملاحظة: إذا كان هناك منحنى طفيف في عمودك الفقري فقد يختار طبيبك فحص ظهرك كل أربعة إلى ستة أشهر، لمعرفة ما إذا كان الانحناء يزداد سوءاً.
- التقويم: اعتماداً على درجة المنحنى يتم أحياناً وصف دعامة الظهر للأطفال والمراهقين الذين ما زالت أجسادهم طور النمو، ويمكن أن يساعد التقويم في منع الانحناء من التفاقم وتصحيحه.
- الجراحة: إذا كان الانحناء شديداً ويزداد سوءاً مع الملاحظة، يلزم إجراء عملية جراحية في بعض الأحيان.
- تجبير الجسم بالجبس: وفي هذا الخيار العلاجي يتم وضع الجبس من الكتفين إلى أسفل الجذع بينما يكون الطفل تحت التخدير. ويتم استبداله كل بضعة أشهر لمدة تصل إلى 3 سنوات. وعادة ما يكون هذا الخيار مخصصاً فقط للأطفال الصغار عندما يبدو أن منحنى العمود الفقري لديهم سيزداد سوءاً مع النمو.
وبينما لم يتم إثبات أن برامج التمرين والعلاج بتقويم العمود الفقري والتحفيز الكهربائي والمكملات الغذائية تمنع تفاقم تقوس الظهر بشكل جذري، لا يزال من المثالي الحفاظ على القوة والمرونة الجسمانية للشخص المصاب، من أجل الحفاظ على الوظيفة الطبيعية لعموده الفقري. وقد يتطلب هذا المزيد من الجهد والاهتمام.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.