المضادات الحيوية هي عقاقير طبية تُمثِّل خط دفاع قوياً ضد الالتهابات البكتيرية والعدوى، ومع ذلك يمكن أن تسبب تلك العقاقير القوية آثاراً جانبية شديدة في بعض الأحيان، مثل الإسهال وتلف الكبد والتهابات المعدة والقرح.
ونظراً إلى أن النظام الغذائي الملائم قد يساعد في تخفيف الأعراض الجانبية، أو قد يؤدي لتفاقمها وحتى تعطيل جدوى الدواء وأثره على مكافحة البكتيريا، نستعرض في هذا التقرير الأطعمة التي يُسمح بتناولها عند المواظبة على مضاد حيوي بانتظام، وكذلك الأطعمة التي من شأنها التسبُّب في الكثير من المشكلات.
ما تأثير المضاد الحيوي على الجسم؟
المضادات الحيوية هي نوع من الأدوية المستخدمة لعلاج الالتهابات البكتيرية، وهي تعمل عن طريق وقف العدوى أو منعها من الانتشار، وهناك أنواع عديدة ومختلفة من المضادات، بعضها واسع المدى، ما يعني أنها تعمل على مجموعة واسعة من البكتيريا المُسبِّبة للأمراض، بينما البعض الآخر مصمم لقتل أنواع معينة من البكتيريا فقط.
ورغم أن المضادات الحيوية مهمة جداً وفعالة في علاج الالتهابات الخطيرة، لكن يمكن أن تأتي مع بعض الآثار الجانبية شديدة الخطورة.
على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية إلى تلف الكبد. وقد أظهرت دراسة علمية نشرها موقع PubMed عام 2017 بعنوان "ربط الأحداث الضارة مع استخدام المضادات لدى مرضى المستشفيات"، أن المضادات هي أكثر الأدوية التي تُسبب إصابات وأمراض الكبد شيوعاً.
وقد يكون للمضادات الحيوية أيضاً تأثيرات سلبية على تريليونات البكتيريا والميكروبات الأخرى التي تعيش في الأمعاء بصورة طبيعية، وتُعرف هذه البكتيريا مجتمعة باسم ميكروبيوتا الأمعاء.
وبالإضافة إلى قتل البكتيريا المسببة للأمراض، تقتل المضادات الحيوية البكتيريا المفيدة في المعدة، ما يؤدي بدوره إلى مشاكل الانتفاخ والغثيان والإسهال وآلام والتهابات المعدة وصولاً إلى القُرح، وفقاً لدرجة استهلاك المضاد الحيوي.
وبحسب ورقة بحثية نشرتها مجلة Trends In Molecular Medicine يمكن أن يؤدي تناول الكثير من المضادات إلى تغيير كميات وأنواع البكتيريا بشكل كبير داخل ميكروبيوتا الأمعاء، خاصة لدى الشباب.
وبعد أسبوع واحد فقط من تناول المضادات الحيوية، يمكن أن تتغير تركيبة ميكروبيوتا الأمعاء لمدة تصل إلى عام كامل.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي الإفراط في استخدام المضادات الحيوية إلى تطوير مقاومة في الجسم ضد تركيبات الدواء، ما يجعلها غير فعالة في قتل البكتيريا المسببة للأمراض لاحقاً.
الأطعمة التي يُنصح بتناولها أثناء وبعد تناول المضادات الحيوية
بعض الأطعمة بالفعل يمكنها دعم مستويات البكتيريا الجيدة في جسمك، ما يوازن تأثير المضاد الحيوي السلبي على المعدة.
وفيما يلي بعض أفضل الأطعمة التي يجب تناولها أثناء تناول المضادات الحيوية، وفقاً لموقع Burt's RX للعقاقير:
1- البريبايوتكس
هذه المركبات هي العُنصر الأساسي لتكوين بكتيريا الأمعاء الصحية، وعند تناولها فإنها تساعد في جعل أمعائك مكاناً مناسباً لنمو المزيد من البكتيريا الصحية، ويمكنك العثور عليها في الكفير واللبن وحتى الحبوب المدعمة.
وتحتوي بعض الأطعمة على مستويات منخفضة من البريبايوتكس، مثل: البصل، الثوم، الموز، الخرشوف، الزبادي، حليب الأطفال، الحبوب، الخبز.
2- البروبيوتيكس
هذه المركبات أيضاً تُغذي البكتيريا الجيدة في الجسم، وتساعدها على النمو والتكاثُر. وتشمل المصادر الجيدة لها المكملات الغذائية والكفير والزبادي والحليب.
ولتقليل تأثير المضادات الحيوية على مستويات فيتامين ك، يمكن تناول: الكرنب، السبانخ، اللفت الأخضر، السلق، البقدونس، الخردل الأخضر، الكرنب الصغير (راسل سبراوت).
3- الزبادي والحليب المخمر (اللبن الرائب)
كل من الزبادي والحليب المخمر (الكفير) يزيدان من وجود العصيات اللبنية (عنصر فعّال في الهضم) في الأمعاء. كما تحد بشكل كبير من تدفق البكتيريا السيئة في نفس الوقت وتسيطر على انتشارها.
4- الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من فيتامين ك
في بعض الحالات النادرة يؤدي العلاج بالمضادات الحيوية إلى نقص فيتامين ك في الجسم، ما قد يُسهم في اختلال توازن البكتيريا أيضاً. ويمكن الحصول على المزيد من فيتامين K عن طريق تناول الخضراوات الورقية والقرنبيط والكبد الحيواني والبيض.
5- زيت جوز الهند
تحتوي هذه الدهون الثلاثية على أحماض دهنية عالية، التي قد تساعد في تقليل خطر الإصابة بعدوى الخميرة المرتبطة بالمضادات الحيوية.
6- الفايبر والألياف
قد تحفز الألياف نمو البكتيريا المفيدة في الأمعاء، ومع ذلك يجب تجنُّب الأطعمة الغنية بالألياف العالية أثناء تناول المضادات الحيوية القوية، لأنها قد تؤثر بالسلب، وتمنع امتصاص المعدة للدواء.
لكن بمجرد أن ينتهي الشخص من تناول الدورة الكاملة للمضادات الحيوية، يمكن أن يساعد تناول الألياف في استعادة البكتيريا المفيدة وتعزيز صحة الجهاز الهضمي.
وتشمل الأطعمة الغنية بالألياف ما يلي: الخرشوف، الموز، التوت، الفاصوليا، البروكلي، العدس، المكسرات، البازلاء، كل الحبوب.
الأطعمة الممنوعة عند تناول المضادات الحيوية
لفت موقع Medical News Today، أن بعض الأطعمة التي نتناولها قد تتداخل مع فاعلية المضادات الحيوية وتأثيرها على المرض والبكتيريا التي أصابت الجسم. وتشمل هذه المصادر فواكه الجريب فروت وعصير الجريب فروت، التي يمكن أن تمنع الجسم من امتصاص الدواء بشكل صحيح.
كما تشير بعض الأبحاث إلى أن الأطعمة المُدعمة بجرعات عالية من الكالسيوم، مثل بعض عصائر البرتقال، يمكن أن تتداخل مع امتصاص بعض المضادات الحيوية.
وبالنسبة لبعض المرضى (خاصة النساء) قد يؤدي استخدام المضادات الحيوية إلى عدوى المبيضات (الخميرة)، لذلك يُنصح بتجنُّب الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والخميرة لتجنب تغذية عدوى المبيضات.
كيف يمكن تناول المضادات الحيوية بالصورة الصحيحة؟
إلى جانب معرفة أفضل الأطعمة التي يجب تناولها أثناء تناول المضادات الحيوية، يجب أيضاً تناولها حسب التوجيهات، ويمكن أن يؤدي الاستخدام غير السليم إلى جعل المضادات غير فعالة أو حتى تسبب مقاومة بمرور الوقت.
وفيما يلي الخطوات الصحيحة لتناول المضادات الحيوية وفق موقع Healthline الصحي:
1- تبدأ المضادات الحيوية عملها بمجرد دخولها إلى مجرى الدم، ومع ذلك لا يعني ذلك بالضرورة أنك ستشعر بالراحة على الفور، إذ قد يستغرق الأمر يوماً أو يومين قبل أن تبدأ في الشعور بالتحسن حقاً. وفي غضون ذلك، ناقش ما يمكنك فعله للسيطرة على الأعراض مع طبيبك. ولا تُنهِ العلاج مبكراً ما لم يوجهك مختص الرعاية الصحية، حتى لو كنت تعتقد أنك شُفيت.
2. قم دائماً بإنهاء علاج المضادات الحيوية كما هو موصوف، إذ يتوقف الكثير من الناس عن تناول المضادات الحيوية عندما يشعرون بتحسن لتجنب المزيد من الآثار الجانبية. وقد يؤدي هذا إلى عدم إزالة العدوى بشكل كامل، ما يؤدي إلى تكرار الجرعة من أولها مرة أخرى، والحاجة إلى جولة أخرى كاملة من العلاج.
3. لا تضاعف أبداً جرعات المضادات الحيوية، خاصة إذا فاتتك جرعة. وذلك لأن أخذ المزيد لن يجعلك تشعر بتحسن أسرع، وفي حالة تفويت الجرعة استأنف جرعتك التالية في وقتها المحدد، واستمر في تناول الدواء حتى نفاد الكمية.
4. يجب أن تكون المرأة حذرة بشكل خاص عند تناول المضادات الحيوية، ويُعد تطور عدوى الخميرة مصدر القلق الأكبر في ذلك، ولكن يمكن الوقاية منه إذا حرصتِ على تناول البروبيوتيك أو الزبادي.
5. تقلل المضادات الحيوية أيضاً من فاعلية تحديد النسل، يجب على النساء اللواتي يتناولن هذه الأدوية الامتناع عن تناول هذه الأدوية أو استخدام طريقة احتياطية أخرى حتى ينتهين من العلاج.