في خضم مرحلة انتقال الطفل إلى تناول الطعام الصلب، قد يتحمّس الآباء للمرحلة الجديدة ويبحثون في الوصفات الملائمة لإطعام الطفل وتقديم ما يحتاجه جسمه من عناصر غذائية تساعده على النمو بصحة ووتيرة ملائمة.
ومع ذلك، قد يواجه الآباء على الأغلب مشكلة لم يفكروا فيها من قبل، وهي رفض الطفل تناول الطعام مهما حاولت الأم أو الأب تقديم خيارات مختلفة له.
وقد يؤدي رفض الطعام إلى فقدان الطفل للوزن الصحي المُحدد وفقاً لعمره، وقد يؤثر بشكل كبير على نسبة وكمية الفوائد الغذائية التي يحتاجها بشكل يومي، كما قد يؤثر نقصان الغذاء في صحته بشكل عام ويسبب له المضاعفات الخطيرة.
لذلك ينبغي تحديد أسباب رفض الطفل في تناول الطعام الصلب بعد فطامه، على الرغم من جوعه وبكائه طلباً للأكل. فقد يشير الأمر إلى بعض المشكلات التي يمكن تجاوزها بسهولة إذا ما تم تحديد أسبابها.
الأسباب الشائعة لرفض الطفل تناول الطعام
1- الطفل يعاني من الإمساك
تقول خبيرة تغذية الأطفال جيل كاسل إن هناك عدداً من الأسباب التي قد تكون وراء تلك المشكلة، على رأسها الإمساك.
وعندما ينتقل الأطفال من النظام الغذائي السائل مثل الحليب أو مخفوق الخضراوات والحبوب بعد عامه الأول، ويبدأون في تناول الأطعمة الصلبة، يمكن أن يحدث الإمساك بسهولة. وذلك لأن السوائل مثل حليب الأم أو حليب الأطفال يسهل هضمها وامتصاصها في الأمعاء.
ولكن عند إضافة الطعام الصلب، يقوم الجهاز الهضمي بالمزيد من العمل الشاق. وهذا يمكن أن يبطئ الأمور في المعدة، ما يسبب فقدان الشهية للطفل وشعوره بالامتلاء وعدم الرغبة في الأكل.
ويمكنك مساعدة طفلك إذا كان يعاني من الإمساك بالعلاجات المنزلية مثل عصير البرقوق أو القراصيا. مع الحرص على استخدام النوعيات التي تناسب الرضع فقط.
أيضاً ينبغي دمج المزيد من الألياف في نظام الطفل الغذائي بشكل تدريجي في هذه المرحلة. كذلك حاولي أن تثقي في أن طفلك يعرف كمية الطعام التي يحتاجها جسمه، ولا تجبريه على الطعام بالإكراه، فقد يحول ذلك وقت التغذية إلى ساعة للصراع والبكاء. ومع ذلك، إذا كان رفض الطفل لتناول الطعام يثير قلقك، ينبغي حينها التحدث إلى طبيب الأطفال المتخصص.
2- الطفل يشعر بالملل من نوعية الطعام
الأطعمة المهروسة رائعة ويحبها العديد من الأطفال، لكن بعض الأطفال يحبونها بشكل أكبر من اللازم ويتعلقون بها، ما قد يؤثر على مهاراتهم في تناول الطعام الصلب أو في إطعام أنفسهم ذاتياً.
لذلك بعد إدخال المواد الصلبة في نظام الطفل الغذائي، وبحلول الشهر السابع، يجب أن يختبر الطفل المزيد من النكهات والأطعمة المختلفة في الملمس والكثافة.
ويتمتع الأطفال الصغار بالفضول، لهذا ينبغي على الأم والأب استغلال ذلك في تعريفهم بالأطعمة المختلفة.
ومن الخطر حرمان الطفل من هذه التجربة الثرية في اكتشاف الأطعمة المختلفة في الكثافة والملمس والنكهات، لما في ذلك من أثر على تعطيل مهاراته وتطور نموه الشامل، بما في ذلك مهاراته اللغوية وثقته بنفسه وبالطبع تطوره الغذائي أيضاً.
وقد أظهرت دراسة نشرتها مجلة Pub MD العلمية عام 2009، أن الأطفال الذين لم يحصلوا على المزيد من الأطعمة ذات القوام المتنوع مثل الأطعمة المفرومة والأطعمة التي تؤكل بالأصابع بحلول 9 أشهر، ظهر لديهم صعوبة في تناول وتقبُّل الطعام لاحقاً عندما بلوغ سن الـ7 سنوات.
وبالتالي إذا كان الطفل يرفض الطعام المهروس والتغذية بالملعقة، فقد يكون ذلك بسبب إحساسه بالملل. وقد تكون تجربة منحه صحناً من الخضار المسلوق الطري لكي يستكشف ملمسه بيده ويتناوله بمفرده هو الحل الأمثل لعلاج المشكلة.
3- الطفل لا يأكل بسبب شعوره بالألم
التسنين هو أحد أكثر الأسباب شيوعاً لرفض تناول الأطفال للطعام. فهو لا يأكل لأن أسنانه ولثته تؤلمانه.
هناك أيضاً أسباب أخرى للألم قد تساهم في عدم تناول طفلك للأكل، وتشمل المرض الذي قد يتسبب في التهاب الحلق أو ألم الأذن، ما يؤدي لرفض الطفل تناول الطعام إلى حين تحسّن حالته.
الارتجاع، وهو حالة تتسلل فيها أحماض معدة الطفل إلى المريء، يمكن أن يسبب له الألم ويعيق قدرته على تناول الطعام. وإذا كان هذا مزمناً، فقد يربط طفلك الألم بتناول الطعام ويطور نمطاً من رفض الأكل، لذا ينبغي توخي الحذر.
كذلك قد يكون المغص ومشاكل الجهاز الهضمي الأخرى، بما في ذلك الغازات أو التشنجات والأعراض المماثلة الأخرى، مشكلة كبيرة في قدرة الطفل على الأكل.
ويمكن أن تسبب الحساسية الغذائية أو عدم تحمل الطعام مثل التهاب المريء (EoE) أو متلازمة حساسية الفم (OAS) أو حساسية الطعام تجاه أحد الأطعمة الثمانية الكبيرة (مثل الحليب والبيض والقمح وما إلى ذلك) الألم وعدم الراحة ورفض الطفل لتناول الطعام.
بالإضافة لما سبق، يمكن لمرض حاد مثل الزكام أن يمنع أي طفل من تناول الطعام. ومع ذلك ، يستأنف معظم الأطفال تناول الأكل بشكل طبيعي عندما يمر المرض وتتحسن الحالة.
وإذا كنت تشكين في أن هناك حالة طبية وراء رفض طفلك تناول الطعام، فقومي باستشارة الطبيب المختص فوراً.
4- ربط الطفل لتجربة تناول الطعام بإحساس سلبي
يجب أن تكون عملية التغذية دائماً تجربة إيجابية لأي طفل في أي عمر. لأنه عندما لا يكون الأمر إيجابياً، يمكن للأطفال الصغار تكوين روابط سلبية مع الأكل؛ ما قد يسبب مشاكل واضطرابات الطعام على المدى البعيد.
على سبيل المثال، إذا كان طفلك يتقيأ الطعام بشكل متكرر بسبب إكراهه على الأكل، فقد يكون ذلك سلبياً بالنسبة له. وكذلك قد ينطبق الشيء نفسه على تغذية طفلك بالملعقة بالإكراه.
وإذا قمتِ بإجبار الطفل على تناول قضمات الطعام عند شعوره بالامتلاء، فقد يؤدي ذلك إلى ارتباط سلبي في ذهنه، ما يجعله مثلاً يكره الجلوس على مقعد الأطفال المخصص لتناول الطعام.
وفي حين أن معظم الأطفال يتعافون من المواقف الملحوظة مثل عملية الفطام، فإن بعض الأطفال قد يكونون أكثر حساسية تجاه بيئتهم وأي تغيرات ملحوظة، ما قد يؤثر سلباً على رغبته في تناول الطعام.
ولتجنب هذا الموقف، قومي باختيار أسلوب تغذية بنَّاء وحميم ومليء بالدعم والتشجيع واللطف والصبر حتى تكون تجربة إيجابية، إذ سيساعدك هذا على خلق صورة إيجابية للطفل عن الطعام وعملية الأكل.
متى ينبغي استشارة الطبيب المختص؟
- عندما يرفض الطفل تناول الأطعمة ذات القوام المختلف بعد 9 أشهر.
- يرفض تناول الطعام بشكل كامل.
- إذا لم تلاحظي طلبه للأكل أو شعوره بالجوع كالمعتاد.
- عندما يصاب بالاضطراب عند تناول الطعام.
- عندما يعاني من الجفاف أو يبدأ في فقدان الوزن.
في أي من هذه الحالات، من الأفضل إجراء مزيد من التحقيق في المشكلات الجذرية وراء المشكلة، مثل تشخيص عدم تحمل للطعام أو إصابته بالحساسية أو مشاكل الجهاز الهضمي أو غير ذلك.
كذلك ينبغي بصورة عامة إجراء الأبحاث اللازمة حول نوعية الأطعمة المقدمة للطفل في تلك المرحلة الهامة من عمره، واستشارة اختصاصي تغذية لتقييم نهج التغذية الخاص بك بما يتناسب مع الطفل ورغباته واحتياجات جسمه.