لا يُعتبر مرض التصلب المتعدد مرضاً معدياً أو موروثاً بشكل مباشر، وهو واحد من أمراض المناعة الذاتية، والتي يهاجم فيها جهاز المناعة أنسجة الجسم نفس.
وقد يكون من الصعب تشخيص هذا المرض نظراً لأن أعراضه تتشابه مع أعراض أمراض أخرى، ولأنه لا يوجد اختبار طبي واحد يؤكد على وجود المرض.
فهناك عدّة تحاليل وأشعة تُستخدم لتشخيص المرض، ويتم من خلالها استبعاد شبهات الأمراض الأخرى، ستتعرف هنا على بعض المعلومات الأساسية حول مرض التصلب المُتعدد، وما هي أسباب الإصابة به؟ وكيف يمكن التعامل معه؟
ما هو مرض التصلب المتعدد؟
التصلب المتعدد، أو مرض التصلب العصبي المتعدد، هو مرض طويل الأمد يمكن أن يؤثر على عقلك والنخاع الشوكي والأعصاب البصرية في عينيك، ويمكن أن يسبب مشاكل في الرؤية والتوازن والسيطرة على العضلات، وغيرها من وظائف الجسم الأساسية.
غالباً ما تكون آثار هذا المرض مختلفة من شخص لآخر، فبعض الناس يكون لديهم أعراض خفيفة ولا يحتاجون إلى علاج، لكن البعض الآخر قد يواجه مشكلة في التحرك والقيام بالمهام اليومية.
يحدث مرض التصلب العصبي المتعدد عندما يهاجم الجهاز المناعي للجسم مادة دهنية تسمى المايلين، والتي تلتف حول ألياف الأعصاب لحمايتها، بدون هذا الغلاف الخارجي فإن الأعصاب تتعرض للتلف، ويمكن تشبيه مادة الميالين بالمادة العازلة التي تُغطي أسلاك الكهرباء.
عند تدمير طبقة الميالين تصبح محاور الخلايا العصبية مكشوفة، وهو ما يؤخر أو يمنع وصول الرسائل العصبية من خلالها.
وقد يصبح العصب نفسه تالفاً، مما يجعل العقل، والذي كان يستخدم الأعصاب لإرسال إشاراته إلى أجزاء الجسم المختلفة، لا يتمكن من إرسال هذه الإشارات، وبسبب ذلك لا تعود الأعصاب قادرة على مساعدة الشخص على الحركة والشعور.
أعراض التصلب المتعدد
نتيجة لذلك، قد تظهر بعض الأعراض، مثل:
1- خدر أو ضعف في واحد أو أكثر من الأطراف ويحدث عادةً في جانب واحد من جسمك في كل مرة أو الساقين والجذع.
2- فقدان جزئي أو كلي للرؤية، يحدث عادةً في نفس العين في كل مرة ويصاحبه الشعور بالألم أثناء تحريك العين في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى الرؤية المزدوجة المطولة.
3- مشكلات في المشي.
4- الشعور بالتعب، وضعف في العضلات وحدوث التشنجات العضلية.
5- ظهور المشكلات الجنسية.
6- ضعف السيطرة على المثانة.
7- الشعور بالألم المتكرر في مختلف أنحاء الجسم.
8- الشعور بالاكتئاب، وحدوث مشاكل في التركيز والذاكرة لدى الشخص، والكلام المتداخل.
تبدأ الأعراض الأولى للمرض في الظهور غالباً ما بين 20 و40 عاماً، معظم المصابين بمرض التصلب العصبي المتعدد، قد تتحسن الأعراض لديهم لبعض الوقت.
لكنهم يصابون بعد ذلك بحالات من الانتكاس، بالنسبة لأشخاص آخرين، قد يستمر تفاقم الحالة للأسوأ مع مرور الوقت، في السنوات الأخيرة، وجد العلماء العديد من العلاجات الجديدة التي يمكن أن تساعد في كثير من الأحيان في منع الانتكاسات وإبطاء آثار المرض.
أسباب الإصابة بالتصلب المتعدد
لا يعرف الأطباء على وجه اليقين أسباب مرض التصلب العصبي المتعدد، ولكن هناك العديد من الأشياء التي تُزيد من احتمالية حدوث المرض، بعض الأشخاص يُصابون بالمرض وراثياً لأنه يكون لديهم جينات معينة تجعلهم أكثر عُرضة للإصابة بالمرض، التدخين أيضاً قد يزيد من خطر الإصابة.
قد يصاب بعض الأشخاص بمرض التصلب العصبي المتعدد بعد إصابتهم بعدوى فيروسية مثل فيروس Epstein-Barr أو فيروس الهربس البشري 6، والذي يجعل جهاز المناعة لديهم يتوقف عن العمل بشكل طبيعي.
حدوث هذه العدوى قد تسبب الإصابة بالمرض أو تتسبب في حدوث الانتكاسات إذا كان الشخص قد أُصيب بالمرض بالفعل، يدرس العلماء العلاقة بين الفيروسات ومرض التصلب العصبي المتعدد، لكن ليس لديهم إجابة واضحة بشأن هذه العلاقة.
كذلك تُشير بعض الدراسات إلى أن فيتامين (د)، والذي يمكنك الحصول عليه من أشعة الشمس، قد يقوي جهاز المناعة لديك ويحميك من مرض التصلب العصبي المتعدد.
كذلك فإن مرض التصلب العصبي المتعدد أكثر شيوعاً في النساء من الرجال، مما يُشير إلى أن الهرمونات قد تلعب أيضاً دوراً هاماً في تحديد مدى التعرض لمرض التصلب العصبي المتعدد، وقد اقترحت بعض الدراسات أن نسبة الإناث إلى الذكور قد تصل إلى ثلاثة أو أربعة إلى واحد.
كيف يمكن تشخيص مرض التصلب المتعدد؟
قد يكون من الصعب تشخيص مرض التصلب العصبي المتعدد، حيث يمكن أن تكون أعراضه هي نفسها أعراض العديد من الاضطرابات العصبية الأخرى.
إذا اعتقد طبيبك أنك مصاب به، فسوف يريدك أن ترى أخصائي أعصاب مُتخصصاً في علاج الدماغ والجهاز العصبي، والذي سيسألك بدوره عن تاريخك الطبي ويتحقق من وجود علامات رئيسية على تلف الأعصاب في دماغك والحبل الشوكي والأعصاب البصرية.
لا يوجد اختبار واحد يمكن أن يثبت أن لديك مرض التصلب العصبي المتعدد، سيُجري الطبيب عدداً قليلاً من التحاليل للتحقق من ذلك، وتشمل هذه التحاليل:
– اختبارات الدم لاستبعاد الأمراض التي تسبب أعراضاً مماثلة.
– يتحقق من قدرتك على التحرك والشعور والرؤية وغيرها من المهام لمعرفة مدى انضباط أعصابك وقيامها بمهامها.
– أشعة تقوم بعمل صور مفصلة للهياكل في جسمك، تسمى التصوير بالرنين المغناطيسي.
– تحليل السائل النخاعي، فالأشخاص الذين يعانون من مرض التصلب العصبي المتعدد عادة ما يكون لديهم بروتينات معينة في هذا السائل.
– بالإضافة إلى اختبارات الجهد المُثار وهي اختبارات تسجل الإشارات الكهربائية التي ينتجها الجهاز العصبي لديك استجابة للمحفزات، وقد يؤدي اختبار الجهد المُثار إلى استخدام المحفزات البصرية أو المحفزات الكهربائية.
التي تشاهد فيها نمط بصري متحرك، أو يتم تطبيق نبضات كهربائية قصيرة على الأعصاب في ساقيك أو ذراعيك، تقيس الأقطاب مدى سرعة المعلومات التي تنتقل إلى المسارات العصبية لديك.
كيف تتعامل مع هذا المرض؟
على الرغم من أنه لا يوجد علاج لمرض التصلب العصبي المتعدد في الوقت الحالي، ولكن هناك عدداً من العلاجات التي يمكن أن تحسن من شعورك وتحافظ على أداء جسمك بشكل جيد.
فيمكن لطبيبك وصف الأدوية التي قد تؤدي إلى إبطاء سير المرض أو منعه أو تخفيف الأعراض أو مساعدتك في معالجة الإجهاد الذي قد يصاحب الحالة.
قد يعطيك الطبيب منشطات لجعل هجمات المرض لديك أقصر وأقل شدة، ويمكن أيضاً تجربة أدوية أخرى تساعد على إرخاء العضلات وتخفيف التشنجات العضلية وعلاج بعض الأعراض الأخرى.
يمكن لأخصائي العلاج الطبيعي أن يعلمك التمارين التي ستحافظ على قوتك وتوازنك وتساعدك على إدارة التعب والألم، وإذا كنت تواجه مشكلة في الالتفاف، فإن مشاية أو دعامات يمكن أن تساعدك على المشي بسهولة أكبر.
إلى جانب العلاج، يمكنك القيام بأشياء أخرى لتخفيف أعراض مرض التصلب العصبي المتعدد، مثل الحصول على بعض التمارين المنتظمة لزيادة طاقتك، كاليوغا لتخفيف التعب أو الإجهاد.
عليك الاعتناء بصحتك العاطفية أيضاً، لا بأس أن تطلب المساعدة من الأسرة أو الأصدقاء أو الحصول على مساعدة طبيب نفسي لمواجهة أي توتر أو قلق قد تشعر به، مجموعات الدعم هي أيضاً أماكن جيدة للتواصل مع الأشخاص الآخرين الذين يعيشون مع مرض التصلب العصبي المتعدد.