خلُصت دراسة حديثة إلى أن المزاج السيئ مرتبط بالالتهابات بشكل مباشر، حيث إنها تُعد الاستجابة المناعية الطبيعية للجسم عند الإصابات والعدوى، التي تُعد أيضاً سمة شائعة على اعتلال الصحة والأمراض المزمنة.
قبل ذلك، ركَّزَت معظم الأبحاث المتعلقة بالروابط بين المشاعر السلبية والالتهاب على "الشعور المُتذَكَّر"، إذ كان المشاركون في الدراسة يبلغون بأثرٍ رجعي عن حالاتهم المزاجية خلال الأسبوع أو الشهر الماضي، من خلال استبيان معياري.
وللنظر فيما إذا كان من الممكن لقياسٍ أكثر انتظاماً يُدعَى بالأثر الإيكولوجي اللحظي أن يقدم تقييماً أكثر دقة للمزاج، زاد باحثون من جامعة ولاية بنسلفانيا من تكرار عدد مرات القياس.
المزاج السيئ مرتبط بالالتهابات
بحسب موقع Science Alert، قال مؤلفو البحث، الذين تقودهم المؤلفة الأولى والباحثة في مجال الصحة السلوكية الحيوية جينيفر غراهام-إنجيلاند: "لا تزال الكثير من الفروق الدقيقة فيما يخص العلاقة بين الشعور والالتهاب غير مُكتَشَفة".
وقالت غراهام-إنجيلاند: "على حدِّ علمنا، لم يدرس أيُّ شخص الكيفية التي تُعدَّل بها طرق التقييم أو توقيته من الارتباطات بين المشاعر والالتهاب".
وبحسب الباحثين، فإنَّ قياسات المشاعر المُتذَكَّرة تكون عرضةً لانحياز الذاكرة فور مرور الوقت عليها، ويمكن أن تتأثَّر بعوامل ذات صلة بالشخصية، في حين يُعتَقَد أنَّ التقييمات اللحظية في الوقت الفعلي تقدِّم طريقةً أفضل لالتقاط الخبرات الشعورية.
ومع أخذ هذا في الاعتبار، جعلت غراهام-إنجيلاند المشاركين الـ220 في الدراسة -الذين وظفوا بوصفهم جزءاً من دراسة التأثيرات الأوسع للضغط على الشيخوخة المعرفية ووظائف الأعضاء والعاطفة (ESCAPE) في حي برونكس- يقيِّمون مزاجهم خمس مرات يومياً على مدار أسبوعين.
وكذا، فبتذكير من الهواتف الذكية، يُقيِّم المشاركون المدى الذي شعروا فيه بأثرٍ إيجابي (مثل سعيد، ومسرور، ومستمتع/ ومرح، وفرح) أو المشاعر السلبية (متوتر/قلق، أو غاضب/عدائي، أو مكتئب/حزين، أو محبط أو تعيس).
وبالإضافة إلى هذه التقييمات اليومية المتعدِّدة، تعيَّن على المشاركين أيضاً الإبلاغ عن مشاعرهم الإيجابية والسلبية المُتذكَّرة بنهاية التجربة.
وسُحِبَت عينات من دمائهم أيضاً، خلال الدراسة، مع قرب نهاية التجربة، لتحديد مستويات السيتوكين المحرض على الالتهاب في بلازما دمائهم.
وعند تحليل تجربة الأسبوعين كاملة، اكتشف الباحثون في النهاية عدم وجود علاقة بين القياسات المتذكرة أو اللحظية للمشاعر السلبية/الإيجابية وعلامات الالتهاب.
لكنهم عندما حلَّلوا الأسبوع الأخير فحسب من التجربة، كان ثمة ارتباطٌ بين الشعور السلبي، الذي يعزوه الباحثون إلى "القرب الزمني" لسحب الدماء (بنهاية الدراسة).
قد تكون مؤشراً على اعتلال الصحة
وكتب الباحثون: "في حين أنَّ المشاعر السلبية اللحظية المجمعة من الأسبوع الأول لم تكن متصلة بأية علامةٍ بيولوجية، فإنَّ المشاعر السلبية اللحظية المجمعة من الأسبوع الثاني كانت مرتبطة ارتباطاً كبيراً بمستويات أعلى من مركب السيتوكين المستخدم في قياس الالتهاب والتحكم في الشيخوخة، ومؤشر كتلة الجسم، والتعليم، والظروف الصحية، واستخدام الستاتين".
وقال المؤلفون: "على حدِّ علمنا، هذه أول تحليلات تُظهِر ارتباطاتٍ كبيرة بين المشاعر السلبية اللحظية المجمعة من الحياة اليومية، والالتهاب الهامشي المقدر لاحقاً".
بعبارةٍ أخرى، يبدو أنَّ ثمة بعض العلاقة، على الأقل، بين الحالات المزاجية السلبية اليومية للناس وعلامات الالتهاب التي من الممكن أن تكون مؤشرة على اعتلال الصحة والمرض، على الرغم من أنه لا يزال ثمة الكثير مما ينبغي معرفته حول ما يحدث هنا.
بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ من الواضح أنَّ مدى قدرتنا على القياس الدقيق لهذه الصلة لا يزال عملاً لم ينته بعد، لكنَّ الباحثين يقولون إنَّ أدلة جديدة هنا يمكنها الإشارة إلى اكتشافات مهمة في الدراسة المستقبلية.
وقالت غراهام-إنجيلاند: "نأمل أنَّ يحفز هذا البحث المُحقِّقين لتضمين قياسات لحظية للضغط والمشاعر في الأبحاث التي تفحص الالتهاب، ولتكرار النتائج الحالية والمساعدة على توصيف الآليات الكامنة في الارتباطات بين المشاعر والالتهاب".
وأضافت غراهام-إنجيلاند: "نظراً لأنَّ المشاعر قابلة للتعديل، فنحن متحمِّسون لهذه النتائج، ونأمل أنها سوف تحفز أبحاثاً إضافية لفهم الاتصال بين المشاعر والالتهاب، وهو ما قد يحفز بدوره على تدخلات نفسية اجتماعية جديدة لتعزيز الصحة بشكل عام، والمساعدة على كسر الطوق الذي من شأنه أن يؤدي إلى التهاب أو إعاقة أو مرض مزمن".