أكبر أستوديو سينمائي طبيعي عالمي، إذ يجمع ما بين التضاريس المختلفة والحياة الطبيعية المتنوعة، بالإضافة إلى المتناقضات الجغرافية، هوليوود إفريقيا أو مدينة ورزازات "ouarzazate" الواقعة في الجنوب الشرقي للمملكة المغربية.
تتميز هذه المدينة بجبالها التي يتجاوز ارتفاع بعضها ألف متر، بالإضافة إلى الرمال والصحراء والأودية الجافة، وفي الجانب الآخر الواحات الجميلة والينابيع الصافية، كما تنبت في ورزازات أصناف نادرة من الأشجار والنباتات مثل الزعفران والنخيل وغيرهما.
يعود أصل تسمية ورزازات إلى الكلمة الأمازيغية "ور" أي "بدون" وزازات تعني "ضجيج" أي بدون ضجيج، يدل هذا الاسم على البلدة الهادئة المطلة على جبال الأطلس الكبير من الجنوب، وتبعد ورزازات عن مدينة العاصمة المغربية الرباط بقرابة 600 كيلومتر وتعتبر العاصمة الإدارية لإقليم ورزازات الواقعة على حدود جهة درعة تافيلالت.
من ثكنة عسكرية إلى هوليوود إفريقيا
حسب موقع "places of juma" لا يتجاوز عمر مدينة ورزازات 100 سنة، خلال سنة 1920 كانت المدينة مجردة ثكنة عسكرية للحماية الفرنسية، كما تكشف كثرة القلاع المنتشرة بها أنها كانت محطة مهمة للجيوش التي عبرتها أو استقرت فيها.
بالإضافة إلى ذلك كانت هذه القصور ملجأ السكان الأصليين للاحتماء من الاحتلال الفرنسي أو أي أعداء محتملين، بسبب التنوع الجغرافي الذي تزخر به المدينة التي تجمع ما بين الصحراء والطبيعة في آن واحد، مع مناخ حار طوال السنة، أصبحت ورزازات حاضرة سينمائية مغربية وعالمية ولقبت بعدها بهوليوود إفريقيا.
ولتعزيز مكانتها العالمية، وقعت الجهات الرسمية بروتوكول توأمة بين مدينة لوس أنجلوس الأمريكية التي تضم مقاطعة هوليوود مركز صناعة السينما العالمية وبين مدينة ورزازات المغربية.
يعمل العديد من سكان المدينة في مجال السينما، سواء في أدوار ثانوية داخل الأفلام الأجنبية، بالإضافة إلى بعض الأدوار الرئيسية، كما يوجد العديد منهم يشتغلون في مجال الديكور وفنيو التصوير والإضاءة أو منتجو إكسسوارات، إذ يعتبر العمل السينمائي المجال المدرّ للدخل في المدينة.
بالإضافة إلى جانب السينما، ينشط كثير من أهل المدينة في القطاع السياحي، فمنهم المرشدون السياحيون، ومنظمو الرحلات الدولية والداخلية للسياح، ومنهم العاملون في مجال المواصلات والنقل، بالإضافة إلى العاملين في قطاع الخدمات الفندقية والمطاعم والأماكن الترفيهية.
من الجانب الاقتصادي جلبت هوليوود إفريقيا للمغرب ملايين الدولارات، وذلك عبر جذب الاستثمار الأجنبي للمنطقة، وساعدت على ذلك عدة قوانين تشجيعية، تسمح لشركات الإنتاج الأجنبية باستعادة نسبة مما تنفقه خلال التصوير.
كما تسعى الحكومة لخفض الضرائب المترتبة على الأعمال السينمائية، بحيث أصبحت نسبة الضريبة المستوفاة أقل بكثير من مثيلاتها في أوروبا وأمريكا؛ لدرجة أن المدينة جذبت أعمالاً سينمائية وتلفزيونية من أقصى بقاع العالم، مثل كوريا الجنوبية.
المعالم التاريخية لمدينة ورزازات "ouarzazate" المغربية
تشتهر مدينة ورزازات بكثرة القلاع المتواجدة بها؛ إذ لا يمكن تجاهل الجمالية التي تضفيها هذه الأخيرة على المدينة والتي تزين التلال والجبال المحيطة بها، بالإضافة إلى مساهمتها في استقطاب عدد من السياح للمدينة، من بين هذه القلاع نجد:
قصر آيت بن حدو: وهو عبارة عن مجموعة من البنايات الرائعة التي تجسد نمطاً كاملاً من تقنيات البناء الطيني بالمناطق شبه الصحراوية. البيوت الطينية بقصر آيت بن حدو من أجمل تعابير الهندسة المعمارية بالجنوب المغربي، فهو وحده، نموذج حيّ لجيل كامل من القصور التي بُنِيت ابتداء من القرن السادس عشر بوادي درعة.
أدرجت منظمة اليونيسكو قصر آيت بن حدو في قائمة التراث الإنساني العالمي عامَ 1987، ويحتفظ القصر بأصالته المعمارية كاملةً، من حيث مواد بنائه ومن حيث أشكاله. وتتميز البيوت الكبيرة بالقرية، المُزيَِّنة بزخارف لم يطلها التلف، بصيانتها الجيدة. وتبقى مواد البناء المستعملة هي التراب والخشب.
بفضل عمل لجنة مراقبة الخروقات التي تضم الجماعة القروية، وقسم التعمير، والوكالة الحضرية ومركز ترميم وإصلاح التراث المعماري بالمناطق الأطلسية وما وراءها، صارت التعديلات تخضع لمراقبة خاصة حفاظاً على الطابع المعماري الأصيل.
قصبة أمريديل: قصبة الخمسين درهماً كما يسميها معظم المغاربة، إذ قام الملك المغربي الراحل الحسن الثاني بطبع صورتها على خلفية ورقة نقدية من فئة 50 درهماً، أنشأها الشيخ محمد السكوري الناصري، وراء حي الملاح بدوار أولاد يعقوب، بالجهة الجنوبية لواحة سكورة الخلابة بورزازات، خلال القرن السابع عشر الميلادي.
حسب موقع "اليوم 24" المغربي كان لهذه القصبة الجميلة والفاتنة دور تاريخي في تأطير سكان دوار أولاد يعقوب، بل إنها شكلت حضناً لكل عابر سبيل، عن طريق العلم والتعلم والضيافة. ويعتبرها البعض ملاذاً روحياً، وفضاء مناسباً للعبادة والسياسة. والتاريخ يقف هنا ليشهد على ذلك.
كانت قصبة أمريديل مقر التجمع السري لأعضاء نشطين في الحركة الوطنية أثناء مواجهة المستعمر الفرنسي، الذي استغلها لفترة من الزمن، مثلما استغلها الباشا الكلاوي، بجبروته وطغيانه، حتى طرد منها أبناءها تعسفاً وجوراً.
واحة فينت: وهي من المناطق السياحيّة الشهيرة في المنطقة، حيث تضمّ العديد من الحدائق المزروعة بشكل منسّق ودقيق وبعناية فائقة، كما أنها تضم العديد من الأبنية والبيوت المبنية على الطراز المغربي القديم والتقليدي، والجدير بالذكر أن هذه الواحة تقع في الجهة الجنوبية من المدينة وتبعد عن مركزها حوالي 10 كم.
من بينها فيلم "Gladiator" لسنة 2000
شهدت مدينة ورزازات صناعة العديد من الأفلام العالمية، بداية من الفيلم المغربي تحت عنوان "راعي الماعز" لسنة 1897 ثم فيلم موروكو "Morocco" سنة 1930 ثم توالت الأفلام السينمائية الأكثر شهرة على رأسها فيلم "الرجل الذي يعرف أكثر" سنة 1955.
أما بخصوص الأفلام الحديثة المصورة في المدينة فنجد فيلم "المصارع" والذي كان من بطولة الممثل النيوزيلاندي "راسل كرو" سنة 2000، بالإضافة إلى فيلم "عودة المومياء" سنة 2001 و"لعبة تجسس" لروبرت ريدفورد وبراد بيت سنة 2001.
بالإضافة إلى فيلم "مباشر من بغداد" لمايكل كيتون 2002، و"هيدالغو" لعمر الشريف 2004، و"الإسكندر" لكولن فاريل وأنجلينا جولي 2004، و"مملكة الجنة" لأورلاندو بلوم وإيفا غرين وخالد النبوي 2005، وغيرها من الأعمال السينمائية.