بدأنا رحلتنا إلى البوسنة منطلقين من باريس مروراً بصربيا. في مطار صربيا النظرات الغريبة التي تلقيناها أنا وأخواتي كانت من أغرب النظرات التي رأيتها في حياتي، كوني فتاة مُحجبة، فالذي أرتديه دليل مباشر على ديني الذي أعتز به، كنت أتساءل لماذا كل هذه النظرات؟ وهل هناك شيء قمت به جعلهم يقفون لحظة ويضيعون القليل من وقتهم ليتأملوا شكلي؟ على الجانب الإيجابي شعرت بالقوة، كوني كنت سبباً في مضيعة وقتك، فهذا يعني أني أثرت بك يا هذا دون أن أتفوه بحرفٍ واحد.
عند وصولنا للبوسنة استقبلنا أجمل استقبال صديق للعائلة وقام بأخذنا بسيارته لتناول الغداء في منزله، جميلٌ هو الكرم البوسني، فما أروع أن نصل لهذا المكان ونشعر بكل الإيجابية والمحبة والكرم بعد تلك النظرة المُشمئزة.
في اليوم الثاني أخذنا صديق العائلة في رحلة حول مدينة "سراييفو" وهي عاصمة جمهورية البوسنة والهرسك لنأخذ فكرة عن المكان. القبور كانت في كل مكان، في كل شارع، وعلى كل تلة، ولكنها ليست كالقبور التي نعرفها، كانت قبوراً بيضاء مزينة بالورد تبدو كملائكة على تلالٍ خضراء تُريح الناظرين. نعم إنها مقابر شهداء ضحايا حرب البوسنة والهرسك عام 1992 ضد صربيا (يوغسلافيا) وكرواتيا، التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 200 ألف شخص من المسلمين البوشناق في مذبحة وإبادة جماعية.
إذا زرتم البوسنة -بإذن الله- انظروا بعمق في كل زاوية واستشعِروا عظمة هذا المكان، وتذكّروني بدعوة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.