إذا سافرت.. لا تحجز في فندق

في نظري، لم ولن تكن هذه الرحلة ممتعة وجميلة دون هذه التجربة، فعلاً أضافت شيئاً غريباً وجديداً، فالتعرف على الثقافات الأخرى والنظر في تفاصيلها هي رحلة بحد ذاتها.

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/02 الساعة 02:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/02 الساعة 02:54 بتوقيت غرينتش

تجارب السفر تُعطينا الفرصة للتعرف على الآخرين، قد لا تأتي دائماً، ولكن إن أتت فيجب علينا أن نستغلها لرؤية كل ما هو جديد ومفيد.

ضمن تجربتي سابقاً في السفر إلى باريس، قررنا هذه المرة أن نستأجر أحد البيوت الفرنسية كمكان قريب للمعالم المهمة وقريب لوسائل التنقل مثل "المِترو".
فعلى غير العادة، أغلب المسافرين يجدون الفنادق في السفر هي المكان المناسب والوحيد دون محاولة التفكير بخيار آخر، ولكن السؤال: هل هي فعلاً الخيار الأنسب والأفضل؟

أحد أهم أهداف السفر هو الخروج عن المألوف، وإعطاء النفس فرصة لرؤية أمور مثيرة للاهتمام، ففي السفر قد يقضي المسافر رُبع يومه في الفندق، صباحاً قبل الإفطار ومساء عند العودة للارتياح، فما هو الجديد في الفنادق؟ وما هو المهم غير الخدمة المُقدمة، السعر، النظافة، وجبة الإفطار أو الغداء؟

لذا قررنا في العائلة كتجربة جديدة أن نبقى طيلة إجازتنا في باريس في بيت أوروبي متواضع، قمنا بحجزهِ "أون لاين" عبر أحد المواقع السياحية؛ حيث يوجد شرح كامل عن موقعه وشكله وعدد الغُرف.. إلخ.

عند وصولنا للمنزل لم نقابل صاحب الشقة أبداً، فقد كان قد أرسل "إيميل" يشرح فيه كيفية الدخول إلى الشقة ومكان المفتاح الذي كان مُعلقاً بجانب الباب في خزانة لها رقم سري، كانت هذه أول ملاحظة غريبة وجديدة في نظري، فكيف لصاحب شقة في أوروبا أن يتساهل في تأجير منزله لشخص غريب بغض النظر عن جنسيته، يبدو أنه حتى في مسألة إيجار البيوت لدى الأوروبيين "Business is business".

عند دخولنا للشقة، وجدنا على الطاولة "كتالوج" كاملاً يشرح ممتلكات وغُرف المنزل:
كيفية استخدام الغاز، آلة القهوة، تسخين الماء، آلة الموسيقى (الجرامافون)، تشغيل الداتا شو، كلمة المرور للواي فاي.. إلخ
كل شيء كان مكتوباً ومشروحاً بالتفصيل، صاحب البيت "مرّيح حاله" بتضمين كل معلومة، حتى لا نقوم بالاتصال به ويكون هذا الـBusiness مصدر مال سهلاً بالنسبة له.

المنزل كان فيه كل ممتلكاتهم (حرفياً كل شيء)، حتى أجهزة إلكترونية مثل الـIpad والـIphone، جهاز حاسوب خاص، حتى كاميرا Canon جديدة!
قد تسأل نفسك سؤالاً: "كيف أمّن كل هذه الأشياء؟"، ذكي هو صاحب المنزل، فقد أضافَ في عقد الإيميل أنه في حال فقدان أي شيء في المنزل فله الحق أن يأخذ قيمته من بطاقتك الخاصة مباشرة وبرضاك، "ناس عارفة كيف بتشتغل".

أمضينا أولى ساعاتنا فقط ونحن نستكشف المنزل، فالصور التي على الحائط فيها كل أفراد العائلة، وصور جماعية متسلسلة لأهم الأحداث في حياتهم، لديهم فتاة صغيرة، وأيضاً ولد صغير، كل طفل منهم لديه غرفة مليئة بالألعاب والكُتب والأغراض التي تدل على اهتمام واضح من قِبل الأهل بالأطفال.

فالطفلة الصغيرة مهتمة في صناعة الإكسسوارات والرسم، والطفل يحب الفضاء، والسيارات، والديناصورات والروبوتات.

هذا غير اهتمامات الأهل وحبهم للقراءة وتشجيع أبنائهم للمشاركة في المنزل ولوحات الأطفال البسيطة المُعلقة في كل مكان، على الثلاجة، على باب المنزل، حتى إنهم قاموا بعمل رسومات تدل على وجود قوانين في المنزل، مثل "يرجى خلع الحذاء لعدم إزعاج الجيران"، "يرجى عدم التدخين في المنزل".

في نظري، لم ولن تكن هذه الرحلة ممتعة وجميلة دون هذه التجربة، فعلاً أضافت شيئاً غريباً وجديداً، فالتعرف على الثقافات الأخرى والنظر في تفاصيلها هي رحلة بحد ذاتها.

إذا سافرت لأي مكان، جرب هذه التجربة وابحث عنها، ستجد أن المُتعة ستزداد وأن هناك أموراً كثيرة في هذا العالم تستحق الاكتشاف والاهتمام.
فرحلة الاكتشاف الحقيقية لا تنحصر في رؤية أرض جديدة، بل في الحصول على رؤى مختلفة في ذاك المكان.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد