هل سمعت من قبل عن مؤشرات حول أكثر الدول سعادة وأكثرها تعاسة؟ هل يوجد بلد كامل يمكن الحكم عليه بأنه سعيد أو أغلبية مَن به سعداء، أو تعيس وأغلبية مَن به تعساء؟ الإجابة عن الأسئلة السابقة هي نعم، يمكن أن تتصف دولة كاملة بأنها أكثر سعادة، ومن الأسباب التي رصدها العلماء لحدوث هذا هو موقع هذه الدولة من خط الاستواء والمسافة التي تفصلها عنه؛ وهذا تأثير القرب من خط الاستواء على التفكير والصحة.
فوفقاً لدراسة حديثة تم نشرها عام 2019 ترتبط الاختلافات المُناخية باختلاف درجة سعادتنا ومدى عدوانيتنا وطريقة تفكيرنا، فيمكن أن نكون أكثر عدوانية وتطرفاً لوجودنا في موقع مُعين من خط الاستواء، كما تختلف طريقة تفكيرنا وفقاً لاختلاف موقعنا منه أيضاً، كذلك يُمكن أن نُصاب بأمراض مناعية وفقاً لمكان تواجدنا من خط الاستواء، هنا سيُمكنك التعرّف على هذا الأمر أكثر.
ما هو خط الاستواء؟
كوكب الأرض هو كوكب مستدير، ومن أجل تحديد الأماكن والمواقع بسهولة على الأرض، قام الجغرافيون بتأسيس شبكة خيالية من خطوط الطول ودوائر العرض، تلتف الخطوط الطولية حول الكوكب من الشرق إلى الغرب، بينما تمتد دوائر العرض في المسافة من شمال إلى جنوب خط الاستواء، وهي دوائر وهمية حول الأرض في منتصف الطريق بين القطب الشمالي والقطب الجنوبي.
خط الاستواء، وفقاً لموقع Thought co هو خط وهمي يلتف حول كوكب الأرض أفقياً من الشرق إلى الغرب على سطح الأرض، في منتصف المسافة بين القطبين، ويقسم خط الاستواء الأرض إلى قسمين هما: نصف الكرة الأرضية الشمالي ونصف الكرة الجنوبي، ويلعب هذا الخط دوراً بالغ الأهمية في الأغراض الملاحية.
المناخ عند خط الاستواء
يختلف خط الاستواء عن بقية العالم في مناخه وبيئته، فبالإضافة إلى خصائصه الجغرافية يظل المناخ الاستوائي واحداً على مدار السنة تقريباً، وتكون الأنماط السائدة دافئة ورطبة أو دافئة وجافة، وتتميز معظم المناطق الاستوائية أيضاً بأنها رطبة.
تحدث هذه الأنماط المناخية لأن المنطقة عند خط الاستواء تتلقى الكثير من أشعة الشمس الوافدة، وعندما يتحرك المرء بعيداً عن المناطق الاستوائية، تتغير مستويات الإشعاع الشمسي، مما يسمح للمناخات الأخرى بالظهور، فيحدث الطقس المعتدل في خطوط العرض الوسطى والطقس البارد عند القطبين.
تأثير القرب من خط الاستواء على المناخ والوقت
تؤثر المسافة من خط الاستواء على مناخ المكان، وفقاً لموقع UK Environmental Change Network، ففي القطبين تصل الطاقة المستمدة من الشمس إلى سطح الأرض بزوايا منخفضة وتمر عبر طبقة أكثر سُمكاً من الغلاف الجوي، مُقارنةً بالخطوط الاستوائية، هذا يعني أن المناخ يُصبح أكثر برودة من خط الاستواء، تواجه الأقطاب أيضاً فروقاً كبيرة بين أطوال أيام الصيف والشتاء، ففي الصيف هناك فترة لا تغرب فيها الشمس عن القطبين، وعلى العكس من ذلك فإن القطبين أيضاً يُعانيان من ظلام دامس خلال فصل الشتاء.
دول على طول خط الاستواء
بالإضافة إلى الغابات الاستوائية المطيرة الكثيفة على طول خط الاستواء، يعبر خط العرض أراضي ومياه 12 دولة وعدة محيطات، بعض مناطق هذه الأراضي قليلة السكان، لكن في مناطق أخرى مثل الإكوادور، توجد أعداد كبيرة من السكان، ولديها بعض أكبر مدنها على خط الاستواء، على سبيل المثال، كيتو، عاصمة الإكوادور، تقع على بعد كيلومتر واحد من خط الاستواء.
المسافة من خط الاستواء والاختلافات المناخية تؤثر في أشكال تفكيرنا وسلوكياتنا
ترتبط الاختلافات المناخية باختلاف سلوكياتنا، ودرجة السعادة والفردية والعدوانية، وحتى بمدى إصابتنا ببعض الأمراض، وفقاً للدراسة المنشورة بموقع Research Gateعام 2017.
في العقد الماضي، حقَّق علماء النفس قفزة مرحباً بها، حيث تجاوزوا التركيز الضيق على أمريكا الشمالية وأوروبا وأستراليا في بحثهم، ليشمل أشخاصاً من جميع أنحاء العالم.
كان أحد الفوائد هو زيادة التبصر في التوزيع العالمي للميزات الثقافية، والاختلافات على مستوى المُجتمعات والدول في الظواهر النفسية مثل السعادة والفردية والعدوانية، ومعرفة قدر أكبر من المعلومات حول كيفية توزيع هذه الميزات عبر الأرض ستساعدنا على فهم جذور أوجه التشابه والاختلاف الثقافية على نحو أفضل.
الدلائل القوية في هذه النقطة هي الدراسات التي توضح أن البلدان تختلف اختلافاً كبيراً من حيث متوسط السعادة، والاكتشاف الإضافي بأن هذا النمط ليس شيئاً عشوائياً، وأنه يتحدد وفقاً للموقع الجغرافي، ففي كل من نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، تكون السعادة أعلى في البلدان البعيدة عن خط الاستواء، مثل الدنمارك أو نيوزيلندا، من تلك القريبة منها مثل فيتنام وكمبوديا.
كذلك تظهر في بعض الدراسات أن العدوانية تنخفض، ويزداد الإبداع والرضا عن الحياة والاستقلالية الفردية كلما اقترب المرء من القطب الشمالي أو الجنوبي، وأنه كلما اقتربت من خط الاستواء، زاد احتمال ظهور السلوكيات العدوانية كذلك، فيتدخل مكان التواجد من خط الاستواء في أداء الإنسان في بعض الأمور الهامة، مثل انتشار العوامل المرضية وتوزيع الثروة الوطنية والكثافة السكانية، وعدم المساواة في الدخل، وهي أمور هامة ومحورية في تحديد مدى السعادة أو التعاسة لأفراد مجتمع ما أو سكان دولة ما.
تشير التحليلات الأولية إلى أن التنوع الثقافي والنفسي غالباً ما يحتاج إلى فهم جزئي من حيث الاختلافات الطولية، وما ينتج عنها من اختلافات في المناخ والموارد القائمة التي تُشكل الثروة.
المسافة من خط الاستواء والإصابة ببعض الأمراض
وفقاً للغارديان، تُشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في بلدان بعيدة عن خط الاستواء يصابون بأعراض التصلب المتعدد في سن مبكرة، ويُعتقد أن كلاً من العوامل الوراثية والبيئية وراء تطور مرض التصلب العصبي المتعدد، يقترح الباحثون أن هذا الارتباط قد يكون ناتجاً عن الاختلافات في مستويات أشعة الشمس، وبالتالي مستويات فيتامين (د)، التي يتم إنتاجها في الجلد عن طريق الأشعة فوق البنفسجية.
التصلب المُتعدد هو مرض من المحتمل أن يُعيق الدماغ والحبل النخاعي، والجهاز العصبي المركزي، في مرض التصلب المتعدد يُهاجم الجهاز المناعي المادة التي تغطي ألياف الأعصاب، ويسبب مشاكل في الاتصال بين الدماغ وبقية الجسم، في النهاية يمكن أن يسبب المرض تلفاً أو تدهوراً دائمين للأعصاب.
تعتمد الدراسة المنشورة في مجلة جراحة الأعصاب والطب النفسي من قبل فريق دولي من الباحثين، على بيانات من أكثر من 22000 مريض مصاب بمرض التصلب العصبي المتعدد من 52 مركزاً صحياً في 21 دولة، تم جمعها كجزء من سجل دولي كبير، وقد كان متوسط العمر الذي بدأ فيه المرض 32.3 سنة.
ووجد الباحثون أن المرضى في البلدان التي لديها أدنى مستويات من الأشعة فوق البنفسجية قد ظهرت عليهم أعراض قبل عامين تقريباً من المرضى في البلدان ذات المستويات الأعلى من هذه الأشعة.