تعلمتَ في المدرسة أن المايتوكوندريا هي بيت الطاقة في الخلية، وأن
الطاقة تساوي حاصل ضرب الكتلة في السرعة، ولكن قد لا تكون تعلمت كيفية التواصل أو
التحكم في عواطفك، أو حتى الانتخاب.
لن يكبر الجميع ليصبحوا علماء أحياء أو مهندسين، ولكن الكل بحاجة إلى معرفة كيفية إدارة شؤونهم المالية والحياتية والوطنية.
فيما يلي خمس مهارات حياتية نحتاج إلى البدء في تدريسها في المدارس فوراً، كما ذكرها موقع Big Think الأمريكي.
1- التواصل الفعال لحل الخلافات
مهارات التواصل ليست فقط سر الزواج السعيد، ولكنها أيضاً موجودة عادة على قائمة المهارات الأساسية التي يبحث عنها المُوظِّفون.
علاوة على هذا، ستكتشف أن الحياة تصبح أسهل كثيراً عندما تتعلم كيفية الاستماع، وإدارة الخلافات، والتعبير عن النفس.
"العديد يكرهون الخلاف"، هكذا كتبت الدكتورة كارول مورجان في مقال بموقع HuffPost الأمريكي:
"عندما يدخل شخص ما في خلاف، فعادة ما يسير الأمر بأسلوب التشاجر. ولكن لا يتحتم أن يجري الأمر بتلك الطريقة (…) تتمثل الطريقة الأكثر فاعلية للخروج من الخلاف في اتباع استراتيجية التعاون. في هذا النموذج، يفكر الجانبان في أنفسهم كفريق (واحد) للوصول إلى نتائج مرضية للطرفين. فمعظم الناس يتخذون موقف "أنا أو أنت" مدعوماً بسلوك "سأفوز بأي ثمن"، ولكن هذه الطريقة لا تجدي نفعاً".
إن الخلاف جزء أساسي في الحياة، وتعلُّم كيفية التواصل الفعال، مثلاً من خلال تعلم استراتيجية التعاون التي وصفتها مورجان، طريقة أساسية لتحويل الخلاف إلى شيء مثمر بدلاً من أن يكون شيئاً مخرباً.
2- المعرفة المالية.. أو محو الأمية المالية
كل عام، يصدر مجلس الاحتياطي الفيدرالي تقريراً عن الرخاء الاقتصادي للأسر الأمريكية، أُصدر آخر تقرير عام 2017، وورد فيه أن 40% من الراشدين ذكروا أنهم لم يستطيعوا الصمود أمام أوجه نفقات غير متوقعة تتعدى 400 دولار أمريكي، دون الاقتراض أو بيع ممتلكات.
بالحديث عن الديون، فإن 25% من الأمريكيين متخلفون عن سداد قروضهم التعليمية، وأقل من 20% من الراشدين يشعرون أن حساب التقاعد خاصتهم يسري كما هو مخطط له، ذلك بافتراض أن لديهم ذلك الحساب من الأساس.
مع وضع التكاليف الفلكية للجامعات في الولايات المتحدة في الاعتبار، فإن خريجي الجامعات الأمريكية نادراً ما يتمتعون بالمهارات المالية اللازمة لإدارة دفعات القروض المنتظمة على رأس قائمة من الفواتير الأخرى، وشراء احتياجاتهم من محلات البقالة وتوفير بعض النقود بانتظام، وهو ما يكون بمثابة أمر خيالي لكثيرين.
وقد أظهرت الدراسات عن تأثيرات حضور ندوات عن المعاشات أن هنالك حاجة إلى مزيد من التعليم المالي، وخاصة لمن يعانون من الفقر المدقع.
وقد أظهرت دراسة أن من ينتمون إلى الشريحة الأقل دخلاً، وهم يمثلون 25%، قد زادت مدخراتهم الخاصة بالمعاش بنسبة 70% بعد حضور ندوة عن المعاشات.
في الحقيقة، إن المبلغ الذي يدخرونه مازال صغيراً، ولكن حجم نسبة الزيادة يظهر أنهم لم يكونوا مدركين أهمية فترة المعاش.
3- الذكاء العاطفي ومهارات التحكم بالمشاعر
إذا كنت قد شاهدت يوماً ما أباً ينفجر غاضباً في حكم مباراة كرة قدم يلعبها طفله، أو شاهدت نقاشاً سياسيّاً يتحول إلى مسابقة لمعرفة الأفضل في ممارسة القدح الشخصي بصوت مرتفع، فقد رأيت عواقب الذكاء العاطفي المنخفض.
وفقاً للباحث جون ماير، فإن الذكاء العاطفي هو "القدرة على التعقل بشأن العواطف والقدرة على استخدام المشاعر والمعرفة العاطفية لتحسين الفكر".
فقد أظهر بحث ماير وزملائه أن الذكاء العاطفي المرتفع مرتبط بتحسن جودة العلاقات، وبتفكير الآخرين فيك بشكل إيجابي، وتحقيق إنجاز أكاديمي أفضل، والتمتع بشعور أفضل، وغيرها من النتائج الإيجابية.
فكِّر في عدد المرات التي تؤثر فيها مشاعرك في حياتك.
إن الذكاء العاطفي حقاً مهارة قيمة لها تأثيرات كبيرة في كل مجال من مجالات الحياة.
ولكن، هل هي مهارة قابلة للتعلُّم؟ يعتقد عالم النفس مارك براكت أنها كذلك.
للأسف، فنحن كثيراً ما نفترض أن هذه المهارات ستُكتسب أثناء نشأة الطفل.
قال براكت لصحيفة New York Times الأمريكية: "الأمر مثل قول إن الطفلة لا تحتاج إلى دراسة اللغة الإنكليزية لأنها تتحدث مع والديها الإنكليزية في المنزل، المهارات العاطفية أمر مماثل. فمن الممكن أن يقول المعلم "اهدأ!"، ولكن كيف تستطيع أن تهدأ إن كنت قلقاً؟ أين تتعلم المهارات اللازمة لإدارة تلك المشاعر"؟
بدأت بعض المدارس وضع مناهج تدور حول تنمية الذكاء العاطفي، وتبدو النتائج واعدة حتى الآن.
فالأطفال قبل سن المدرسة الذين خضعوا لتدريبات اجتماعية عاطفية كانوا أقل عدوانية وقلقاً بعد سنتين من التدريب.
أيضاً، حصل الطلاب الذين تلقوا تدريباً مماثلاً على درجات أعلى في الاختبارات النموذجية، وشهدت المدارس التي طبقت مثل تلك البرامج انخفاض نسبة السلوكيات المنحرفة والعنيفة بمقدار 20%.
4- التغذية.. الأكل السيئ يضر الدراسة
في عام 2016، وجد الباحثون الأمريكيون أن نحو 71% من السكان يعانون من زيادة الوزن أو السمنة المفرطة.
وتبين أن السبب الأساسي في حالات الوفاة هي الأمراض القلبية التي تقتل 610 آلاف شخص سنوياً.
ولكن أفضل طريقة للتعافي من حالة ما هو تجنب الإصابة بها من الأساس.
مع أن بعض المدارس تقدم مواد تعليمية عن التغذية، فليس هناك طريقة موحدة لتعليم هذا الموضوع، وعادة ما يجري ربطه بمناهج أخرى عن الصحة، وبالتالي لا تحظى التغذية بالاهتمام الذي تستحقه.
ترى المدارس التي تقدم تعليماً حول التغذية طلاباً يتمتعون بمؤشر لكتلة الجسم منخفض، ومحيط خصر صغير، وسلوكيات أكل صحية (بالطبع)، بل وأيضاً درجات أفضل في الاختبارات النموذجية.
فقد أُثبت أن التعليم حول التغذية مرتبط بتحسن التطور الإدراكي وقلة الحوادث المتعلقة بالسلوك في المدارس.
أيضاً، كشفت الدراسات السابقة علاقة طردية مقلقة: طلاب الصف الخامس الذين يتناولون أطعمة سريعة أكثر نالوا درجات أقل في الرياضيات والقراءة.
5- التربية الوطنية.. أو محو الأمية الدستورية
يفترض البعض أن فهم المواطنة لا يرقى لأن يكون مهارة حياتية. ولكن، من شأن التبحر في مفهوم الديمقراطية، وفهم كيفية التصويت وأهميته، ومعرفة الأدوات المتاحة للمواطن لتوصيل صوته أن يؤثر بصورة كبيرة في جودة حياة الإنسان، وخاصة على المستوى المحلي.
فقد وجد تقرير لمركز Brown Center عن التعليم الأمريكي أن معظم الولايات فشلت في تضمين التعليم حول ماهية المشاركة الوطنية.
نتيجة لهذا، كثيراً ما يجهل الطلاب كيفية تفاعل المواطنين مع مجتمعاتهم بشكل مباشر.
نحو ربع الطلاب فقط ذكروا مشاركتهم في مناظرات أو حلقات نقاشية، وأكثر من 70% من الطلاب أفادوا بأنهم لم يتلقوا تشجيعاً قط، كتابة خطاب يبدون فيه رأيهم أو يقدمون فيه حلاً لمشكلة ما.
حتى عندما تتناول المدارس بعض الموضوعات المتعلقة بالتربية الوطنية، فإنها لا تفعل ذلك بالقدر الكافي.
وقد أظهر استطلاع رأي في جامعة بنسلفانيا أن الأمريكيين جاهلون بدستورهم بصورة مخزٍية.
فقد أخفق 73% في ذكر حق واحد من الحقوق التي صانها التعديل الأول، وفشل 33% في تسمية فرع واحد من فروع الحكومة، وأعتقد 53% أن الدستور لا يمنح المهاجرين من دون وثائق رسمية أي حقوق (لكل شخص في الولايات المتحدة الحق في محاكمة عادلة على الأقل، بغض النظر عن جنسيته).
فمن دون فهم واضح للطريقة التي تسير وفقها المسائل الوطنية، لا يسعنا أن نتوقع أن يقوم الناس بالتصويت من أجل مصلحتهم، أو التعبير عن عدم رضاهم عن السياسة، أو إدراك أن الحكومة تتصرف بطريقة غير صحيحة.
كثيراً ما يركز التعليم أيضاً على إعداد الأشخاص للانضمام للقوى العاملة.
وفي حين أننا سنحتاج دوماً إلى علماء رياضيات، ومهندسين، ومعلمين، ومعالجين أكفاء، فالعمل جزء واحد فقط من حياتنا.
ولكي نحصل على شعب كفء وذكي يتمتع بالصحة، فلا بد من إعارة مزيد من الانتباه للمهارات التي يحتاجها الجميع في حياتهم اليومية.