شُيدت "جامعة مراكش الخاصة" وسط سهل شاسع يطل على جبال الأطلس. وتبعد الجامعة 15 كم عن ساحة جامع الفنا وفق صحيفة Jeune Afrique. في الحقيقة، من غير الممكن أن يقاطع أمر ما، السكون الذي يطغى على المنطقة، في الوقت الذي يأبى فيه السياح الذين يمارسون رياضة الغولف في الملعب الخاص بفندق "رويال بالم" الراقي، أن يخربوا الأجواء الهادئة.
خلف المباني التي ازدانت بلون مَغْرٍ (أحمر بُنيّ مصفرّ)، في حين انتشرت أشجار النخيل والبرك المائية الصناعية بمدخل الجامعة، كانت مفاجأة مذهلة بانتظارنا: العديد من الساحات المخصصة للعب التنس، وكرة القدم وكرة السلة، إضافة إلى ملاعب لممارسة رياضة الأسكواش. لقد خيل لنا أننا بصدد التجول في إحدى الجامعات الأميركية. وفي هذا الإطار، صرح أحد المسؤولين في هذه الجامعة: "نحن نعمل على إعادة تهيئة هذه الملاعب؛ لأنها لم ترقَ بعدُ إلى مستوى طموحاتنا".
بركة السباحة لا تزال في طور البناء. وفي الملاعب المخصصة للعب كرة القدم، شاهدنا عدة طلبة، وفدوا خصيصاً من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وهم يلعبون بحماسة ونشاط. وفي هذا الصدد، أكد مؤسس وعميد جامعة مراكش الخاصة، محمد كاباج، أن "ربع الطلبة الذين يرتادون الجامعة ومكتبتها خلال العطل، قادمون من دول إفريقيا جنوب الصحراء".
توجه المغرب نحو رفع التعليم
لكن دراسة فرنسية تقول إن القطاع الخاص بالتعليم العالي المغربي، الذي كان من المفترض أن يغطي حاجيات 20 % من مجموع الطلبة المغاربة، لم يتجاوز إلى نهاية عام 2016 تغطية حاجيات 5 % فقط منهم.
الدراسة أكدت أن 35 ألفا هو عدد الطلبة المغاربة الذين يتابعون دراستهم العليا بفرنسا، ينضاف إليهم 10 آلاف طالب بشكل سنوي، ليحتلوا المرتبة الأولى في عدد الطلبة الأجانب بفرنسا.
وفق موقع العرب يتجه المغرب إلى الرفع من جودة ومردودية التعليم العالي بالانفتاح على التعليم العالي الخاص، ليكون شريكا مهما في توسيع وتطوير العرض الجامعي، معتبرين أن هذا التوجه الجديد والاستراتيجي في المنظومة التعليمية بالمملكة يقتضي ضمان جودة التعليم الخاص ومواءمته للظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتعزيز تنافسية الجامعات العمومية والخاصة.
أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل القنيطرة فوزي بوخريص قال لصحيفة "العرب"، أن التعليم العالي الخاص بالمغرب ليس كيانا متجانسا؛ فهناك أنماط مختلفة تسير بسرعات متفاوتة، وتتميز بمستويات من الجودة متفاوتة أيضا، مضيفا أن هناك جامعات تنشأ في إطار شراكات دولية، وهي امتداد للجامعات الدولية، وأخرى تقف وراء تأسيسها شخصيات عامة، من بينها الجامعات الدولية بالرباط والدار البيضاء، وهناك مؤسسات التعليم العالي الخاص التي لا تقترن بالتعليم العالي إلا بالاسم.
بِنية تحتية مثالية
لجامعة وفق صحيفة Jeune Afrique مراكش بنية تحتية مثالية، يقطن أغلب الطلبة في المساكن المتاخمة للجامعة، التي يبلغ عددها 600 مسكن. ولا تتجاوز مساحة كل مسكن عشرات الأمتار المربعة، حيث تحتوي كل غرفة على سرير، وحمام، ومطبخ، إضافة إلى نظام تكييف. حقيقة، لا يمكن التشكيك في جودة البنية التحتية لهذه الجامعة، خاصة أنه وقع تدعيم كل مجالات العلوم في الجامعة بأجهزة مخبرية حديثة ومتطورة.
على العموم، تأسست جامعة مراكش الخاصة في سنة 2005. وتستقبل الجامعة قرابة 2200 طالب لمزاولة دراستهم في عدة مجالات؛ على غرار: السياحة والفندقة، وإدارة الأعمال، والهندسة الزراعية الصناعية، والصحة، والرياضة، وسائل الإعلام والفنون والثقافة.
وفي هذا الإطار، أشار محمد كاباج إلى أن "تنوع الاختصاصات يعد أمراً مهماً للغاية في صلب مؤسستنا التعليمية، فنحن لا نعترف باختصاص واحد؛ نظراً لأن ذلك لا يتماشى وتطلعاتنا".
وأضاف هذا المسؤول أن "لكل قطب علمي منشأته الخاصة، وقاعات مخصصة للأساتذة مستقلة عن غيرها. هدفنا من هذه الاستراتيجية واضح جداً: أن تكون جل هذه الأقطاب في خدمة الطالب".
في السنوات القليلة الماضية، ارتفع عدد الجامعات الخاصة في المملكة، وذلك بفضل تطبيق سياسة خصخصة العقارات الملكية. وفي هذا الإطار، وقع تشييد عدة جامعات خاصة في المغرب؛ من بينها: الجامعة الأورومتوسطية في مدينة فاس، والجامعة الدولية للرباط، والجامعة الدولية بالدار البيضاء.
وتتميز أغلب هذه الجامعات ببنى تحتية استثنائية ومميزة. ومع مرور الوقت، حظيت هذه المؤسسات التعليمية باعتراف الدولة، في حين تمت معادلة الشهادات التي تمنحها هذه الجامعات بالشهادات الحكومية. وقد تمت معادلة شهادة جامعة مراكش الخاصة بالشهادات الحكومية في 31 من مارس/آذار سنة 2007. وقد علق محمد كاباج على هذا الإنجاز، قائلاً إن "هذا الأمر يفتح أمامنا آفاقاً جديدة".
التكاليف بالنسبة للطالب: تتراوح بين 2500 و6000 يورو
عموماً، تعتبر تكاليف الالتحاق بهذه الجامعات وفق صحيفة Jeune Afrique باهظة نوعاً ما؛ إذ تتراوح تكاليف التسجيل بين 2500 يورو في السنة و6000 يورو بالنسبة للاختصاصات ذات المستوى الرفيع، فضلاً عن أن معلوم الكراء والسكن مرتفع أيضاً. في مطلع سنة 2014، عمدت الجامعة إلى الدخول في مداولات وحوارات مع جهات بارزة بغية الحصول على الدعم المالي. ونتيجة لذلك، بادرت مؤسسة "شركاء التنمية العالمية" (Development Partners International) بتقديم مبلغ مالي قُدّر بقرابة 20 مليون دولار.
من جانبه، يتوقع محمد كاباج أنه سيتم استثمار ما لا يقل عن 50 مليون دولار خلال الثلاث سنوات المقبلة لتطوير الجامعة، علما أنه قد أضحى لهذه الجامعة فروع في كل من الدار البيضاء وداكار، حيث أنشأت مدرسة خاصة في علوم الطب.
وفي مطلع سنة 2017، انطلقت أعمال البناء لأول حرم جامعي خاص بولاية "أويو" النيجيرية. وفي السنغال، يأمل المسؤولون هناك أن يتمكنوا من بناء جامعة خاصة اقتداء بجامعة مراكش. ومن المتوقع أن تنسج عاصمة ساحل العاج، أبيدجان، على المنوال نفسه.
في حقيقة الأمر، أسس محمد كاباج مدرسة تختص في علوم التصرف بمدينة مراكش منذ 30 سنة. وقد أورد كاباج أنه من المنتظر أن تستقبل كل المؤسسات التعليمية التابعة له خلال السنوات الثلاث المقبلة قرابة 5000 طالب، مع العلم أنها تضم في الوقت الحاضر 3000 طالب.
في الأثناء، يطمح محمد كاباج وفق صحيفة Jeune Afrique إلى أن يتمكن من حشد موارد مالية وبشرية وتنظيمية كافية؛ قصد ضمان نجاعة المؤسسات التعليمية، فضلاً عن الحصول على التمويل، خاصة أن هذا الجانب يعتبر هاماً للغاية بالنسبة له؛ حتى يتمكن من تحقيق أهدافه التي وضعها مسبقاً.
وفي هذا الصدد، ذكر كاباج أن "جامعة مراكش الخاصة لا تزال قيد التجهيز والإنشاء…أتمنى فعلاً أن تُجهز جميع المركبات التعليمية بصلب المؤسسة في الوقت ذاته؛ حتى يتمكن الطلبة من التنقل داخل الحرم الجامعي بكل سهولة".
ويبقى التدرج في الاهتمام بمؤسسات التعليم العالي الخاص يبقى ضروريا لاعتبارات أهمها أنه لا يجب أن يكون بديلا عن التعليم العالي العمومي بل سندا له، وفق ما قاله الباحث في العلوم السياسية بجامعـة فاس أناس المشيشي لصحيفة لـ"العرب".