عادت قضية إغلاق مراكز الدروس الخصوصية في مصر إلى الواجهة من جديد في صورة معركة لا تنتهي بين الدولة من جهة، والمدرسين وأولياء الأمور من جهة أخرى، بدعوى القضاء على تلك الظاهرة المستعصية على الحل.
وقلل خبراء في التعليم ومدرسون وأولياء أمور وطلاب من أثر الحملات التي تشنها الحكومة المصرية بشكل سنوي، التي عادة ما تكون "زوبعة في فنجان"، بسبب عدم معالجتها لجذور المشكلة من الأساس.
أصداء المقطع المصور لاقتحام محافظ الشرقية، رضا عبدالسلام، أحد مراكز الدروس الخصوصية، وإحالة المسؤولين فيه للنيابة، انتشرت على صفحات الشبكات الاجتماعية، ورأى فيها البعض مؤشراً على "فشل التعليم".
#حسبي_الله_ونعم_الوكيل يعني ايه #المحافظ يقفل سنتر #الدروس هما فاكرين لما يعملوا كده يبقي أنجزوا بالعكس كده بيضروا الطا…
Posted by Mai Mohamed on Monday, November 2, 2015
الإعلامي على قناة دريم الفضائية، وائل الإبراشي، تطرق للقضية، وسأل المحافظ: "هل طرقت باب المركز قبل الدخول؟"، واصفاً اقتحامه المركز "كأنه وكر مخدرات".
تجارة بمليارات الدولارات سنوياً
ويبلغ عدد الطلاب في مصر نحو 20 مليون طالب تقريباً، وهو رقم ضخم إذا تمت مقارنته بدول أخرى، وتمثل الدروس الخصوصية رقماً كبيراً في ميزانية الأسر المصرية يتراوح بين 40 و200 مليار جنيه سنوياً، وفقاً لمسؤولين.
وحذر بعض أولياء الأمور من استمرار حملات إغلاق المراكز الخصوصية؛ لأن المدرسين والطلاب سيجدون بديلاً آخر "للمركز" بالتراضي فيما بينهم، وقد يرفع أسعار الدروس أكثر.
وغرد بعض الطلاب والمعنين بالأمر على حسابهم على موقع "تويتر" بهاشتاغ #تعليم_فاشل.
حسبى الله و نعم الوكيل .. 🙂 !!
#تعليم_فاشل -_- !!
— mohamed (@mohamed33764890) November 1, 2015
فصول التقوية هي الحل
وقالت رئيسة الإدارة المركزية للبرلمان والتعليم المدني بوزارة الشباب والرياضة، نعمات ساتي، إن "إغلاق المراكز وحده لن يحل الأزمة في يوم وليلة، وستنتقل أماكن الدروس إلى البيوت، وغيرها".
وأضافت ساتي لـ"عربي بوست" أنه تجب معالجة الأزمة من خلال شقين: أولهما تحسين أجور المعلمين، وثانيهما تطوير منظومة التعليم في المدارس.
وطالبت بتعميم فصول التقوية على مستوى الجمهورية بأسعار مخفضة من خلال تعاون وزارة الشباب مع وزارة التربية والتعليم، للتخفيف من حدة تلك الظاهرة.
يُذكر أن فصول التقوية في مصر لا تحظى بشعبية كبيرة بين الطلبة وأولياء الأمور الذين يفضلون الدروس الخصوصية لما لها من اهتمام أكبر من قبل المدرس عما يجدونه في فصول التقوية من المدرس نفسه.
مافيا الدروس الخصوصية
وبالرغم من الانتقادات لحملات إغلاق مراكز الدروس الخصوصية، إلا أن هناك إجماعاً على وجود "مافيا" الدروس الخصوصية، وأنها تحولت إلى شكل من أشكال التعليم الموازي للتعليم المجاني في المدارس العام.
أما مدير جمعية النهضة بالتعليم والتنمية، يسري الكومي، فقد اشترط للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية "تحسين جودة التعليم في المدارس، وتحويل اليوم الدراسي إلى يوم دراسي كامل".
وقال لـ"عربي بوست": "لديّ 3 أبناء في التعليم أدفع لهم 3500 جنيه دروس خصوصية في الشهر"، مطالباً باستغلال أموال الدروس الخصوصية في تحسين وسائل التعليم بالمدارس، وتطوير بنيتها التحتية، وأن يكون ولي الأمر شريكاً في قرارات المدارس.
وكشف أن ما يصرف على التعليم الموازي "يوازي 5 أضعاف ما يصرف على التعليم الرسمي"، معتبراً أن أحد أهم مشكلات التعليم "الكثافة الطلابية، وغياب المصداقية في المنظومة التعليمية".
إسرق .. بس خليك حسيس ومتحفِّش
Posted by Nabila Okaly on Saturday, September 19, 2015
وكشف مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس لعام 2015- 2016 تذيل مصر القائمة، حيث احتلت المرتبة 139 من بين 140، ما أثار ردود فعل ساخرة على الشبكات الاجتماعية.
اوعى تهين أو تضرب ابنك أو بنتك عشان تعليم يحتل المستوى 139 من 140 دولة ? ?
#تعليم_فاشل
— MiDo (@mohamed_mido789) October 29, 2015
التعليم المصري رقم 139 من بين 140 دولة
الأمن في مصر رقم 133 من بين 140 دولة…
Ramzelhoria
— عبدالله الشريف (@AbdullahElshrif) November 1, 2015
الاقتصاد المحرك الرئيس للتعليم
بدوره، أكد وكيل وزارة التربية والتعليم بالجيزة السابق، علي الألفي، أن الجانب الاقتصادي يشكل عاملاً مؤثراً في صناعة جودة التعليم، وقال لـ"عربي بوست": "يظهر ذلك جلياً عند المقارنة بين المدارس الحكومية، والأخرى الخاصة، التي يستغني فيها الطالب عن الدروس الخصوصية".
ووصف انتشار مراكز الدروس الخصوصية بـ"أبشع ما رأى الإنسان في مصر، لأنها خرجت عن أهدافها من زيادة التحصيل العلمي، إلى (بيزنس) تجارة ليس لها حدود، تمتص دماء الأسر المصرية، باللعب على وتر التحاق أبنائهم بكليات القمة".
وأقر الألفي بوجود تقصير في مناهج التعليم "التي تعتمد على التلقين والحفظ، إلى جانب تهالك البنية التحتية للمدارس، وعدم وجود جسور ثقة بين الدولة والمعلم وولي أمر الطالب"، مشدداً على أن الأزمة تكمن "في ضمير المعلم، وضعف قدرات الدولة".
وذكّر مغردون ومعلقون بمداخلة رئيس جامعة القاهرة على إحدى القنوات الفضائية، أكد فيها أن أبناء وزير التربية والتعليم ورئيس الحكومة يتعاطون الدروس الخصوصية.