كشفت منال عيسى، بطلة فيلم The Swimmers (السبَّاحتان)، عن المشكلات التي عايشتها قبل بدء التصوير وخلف كواليسه، متهمةً جهات الإنتاج الأمريكية والبريطانية بـ"التحيّز ضدّ العرب" وتعمّد تجنّب ذكر نظام الأسد الذي يشنّ حرباً على شعبه.
وThe Swimmers من إخراج البريطانية من أصول مصرية سالي الحسيني، يحكي قصة الشقيقتين السوريتين يسرا وسارة مارديني، اللتين تركتا سوريا نهاية العام 2015 في رحلة هجرةٍ غير شرعية عبر البحر إلى اليونان، ومنها نحو ألمانيا، حين عاشتا أهوالاً ومخاطر لا تُحصى.
في ألمانيا ترفض السلطات طلب يسرا لمَّ شمل العائلة، لأنها وإن كانت لم تتم الـ18 عاماً فستستكملها بسبب طول الإجراءات والطابور الطويل الذي ينتظر الشقيقتين. فانهار الحلم الأول، ولم يكن أمام يسرا سوى التمسك بالحلم الثاني، وهو المشاركة في الألعاب الأولمبية.
بعد أن تستقر الشقيقتان في أحد مخيمات اللاجئين، تبحثان عن نادٍ رياضي؛ حتى تتدربا من أجل الاستعداد للمشاركة في الألعاب الأولمبية.
في هذه المرحلة من الرحلة، وبعد كثير من التدرّب تقرر سارة أنها لا تودّ المشاركة في الألعاب الأولمبية، لأنها وجدت لنفسها هدفاً آخر، وهو إنقاذ اللاجئين من الغرق على الحدود اليونانية، وتقرر يسرا أن تلعب باسم فريق اللاجئين.
ماذا قالت منال عيسى عن فيلم The Swimmers؟
في مقابلةٍ لها مع موقع Middle East Eye، قالت الممثلة اللبنانية الفرنسية منال عيسى، إن الفيلم -وهو من إنتاج نتفليكس- يحمل "نظرة استشراقية واختزالاً لواقع اللجوء السوري".
واتهمت جهات الإنتاج الأمريكية والبريطانية بـ"العنصرية" و"التحيُّز ضد العرب"؛ مؤكدةً أنها صُدمت بأن الحوار في فيلم The Swimmers باللغة الإنجليزية، "رغم أن القصة وتفاصيلها تدور في سوريا"، ومشيرةً إلى أن المخرجة حاربت لتكون مساحة الحوار باللغة العربية أكبر.
الممثلة اللبنانية قالت أيضاً إن المنتجين "رفضوا تماماً ذكر كلمة الثورة السورية في الفيلم وأرادوا فقط إظهار أن السوريين يتحاربون فيما بينهم هكذا" من دون سبب، فضلاً عن تعزيز صورة الغرب النمطية الاستشراقية عن العرب.
تعود مشاركة منال عيسى في المشروع إلى العام 2019 عندما أرسلت Universal Pictures (الشركة الهوليوودية التي تمّ استبدالها لاحقاً بنتفليكس)، إضافةً إلى Working Title (شركة الإنتاج البريطانية الشهيرة وراء فيلم Notting Hill) ملخص الفيلم إليها.
النص الأولي الذي تلقته منال عيسى لم يترك انطباعاً يُذكر لديها، وقالت عنه في هذا الإطار: "لم يكن الأمر مختلفاً عن مشاريع اللاجئين المماثلة التي أتلقاها كل عام".
ثم أضافت: "بعد أن رفضت النص، تحدثوا إلى وكيل أعمالي؛ لحثّي على القبول. كنتُ مترددة لعدة أسباب، أولها أن الفيلم يتطلب دروس سباحة مكثفة، كما أني شعرتُ بعدم الارتياح، لأن الدور لم يُعرض على ممثلة سورية".
غيَّرت منال رأيها في النهاية بعد التحدث مع المخرجة سالي الحسيني، التي وعدها بأنها ستأخذ مساهمتها في صناعة فيلم The Swimmers وتعمل على الحوار، الذي اعتقدت منال أنه "ضعيف" منذ البداية. لكن ومع ذلك، لم يتمّ تغيير السيناريو.
تقول منال عيسى إنه كان يجب على نتفليكس اختيار ممثلين سوريين للعب دور البطولة، وأن تكون منصفة لقصة الفيلم الحقيقية.
وفي The Swimmers، تمّ توظيف بعض اللاجئين في مشاهد الهجرة والعبور الجماعية، الأمر الذي جعل منال عيسى تشعر بعدم الارتياح لأسبابٍ عدّة؛ أبرزها أن التصوير استغرق مرةً 6 ساعات في عرض البحر، حيث رأوا أشخاصاً في قوارب نجاة يحاولون العبور.
"كان بعض أعضاء فريق التمثيل يبكون"، قالت عيسى، وأضافت: "وصلتُ إلى نقطة شعرت فيها بأن كل شيء كان أكثر من اللازم. أخبرتهم بأنه لا يمكنك استدعاء الصدمة من خلال خلق صدمة جديدة لفريق التمثيل".
ختمت منال عيسى حديثها عن هذه النقطة، قائلة: "كان يجب أن يحضر طبيبٌ نفسي لمساعدة الممثلين، لكن لم يكن هناك. لا تؤذي الناس لمجرّد الحصول على مشهد".
انتقادات مماثلة لفيلم The Swimmers
ما قالته عيسى ليس بعيداً جداً عن تعليقاتِ آخرين كانت لهم انتقاداتهم للفيلم، وهذه الادعاءات كانت تداولتها شريحة واسعة من السوريين وغير السوريين، منذ طرح الفيلم على نتفليكس.
عددٌ كبير من الجمهور عبّر عن خيبته لتغييب ذكر أسباب هروب الشقيقتين -وغيرهما- وبشكلٍ غير شرعي عبر قوارب الموت من سوريا، وكثيرون عبّروا عن خيبتهم لعدم ذكر تفاصيل حرب النظام على الشعب السوري.
في مقالٍ له عن الفيلم، يقول الروائي والناقد الفلسطيني: "سلبُ القصص الإنسانية من أصحابها، وإعادة تقديمها بما يتلاءم مع الجهة المستلِبة -وهي هنا نتفليكس- هو، كغيره، نوعٌ من الانتهاك الثقافي لأصحاب القصة الأصليين. وهذا الفيلم مثالٌ واضح على ذلك".
وبدورها، وتحت عنوان "السبّاحتان: نكْء الجرح السوري وتجهيل القاتل"، كتبت الصحفية ميريام سويدان مقالاً انتقدت فيه سطحية المعالجة وضُعف الإخراج، رغم أن المشاهد "لا يستطيع بسهولةٍ إزاحة نظره عن الشاشة لساعتين وربع الساعة".
وكتبت سويدات: "الفيلم لا يغفل عن تصويب أصابع الاتهام على مرتكبي جرائم إنسانية، لكنه تعمّد تجهيل قاتل السوريين، وبذلك خسر الحقيقة رغم واقعية قصته. عدم تسمية الأشياء بأسمائها في فيلمٍ، ما كان ليكون لولا قصف النظام السوري العشوائي بيوتاً مأهولة ومستشفيات ومدارس، مساهمة في تزوير الحقيقة".
ورغم أن الفيلم قدّم قصةً قوية، ولفت الأنظار حوله بمجرّد عرضه، فإنه افتقر إلى مساحةٍ كبيرة من الصدق، كأنه عرض القصة من على السطح؛ هذا ما قاله الناقد السينمائي بنيامين لي، في جريدة The Guardian البريطانية، والذي أشار إلى أن "الفيلم صُنع ليُعجب الجميع، ولا ليحبّه أحد".
وهذا هو الفخ الذي يقع فيه كثير من المخرجين عند تقديمهم قضية إنسانية، يريدونها أن تصل إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس، فيجرّدونها -عن قصد أو غير قصد- من مساحة الصدق.
وفيلم The Swimmers على حدّ الخصوص لم يتحدث عن الثورة السورية إطلاقاً، ولا عن الحرب في البلاد، كأن الخطر الذي أودى بالسباحتين إلى البحر مجهول المصدر؛ كما يقول بنيامين لي.