إذا كنت من محبي فنون القتال الصينية "ووشو" فلا شكَّ في أنّك من المعجبين بالممثل الصيني "جيت لي" الذي يعتبر واحداً من أشهر الممثلين الآسيويين في هوليوود.
مثل بروس لي وجاكي شان، ترك جيت لي أيضاً بصمته في صناعة أفلام الترفيه القتالية الأمريكية، فقد مثّل في العديد من الأفلام الشهيرة مثل: Black Mask وFearless وKiss of the Dragon، وأخيراً الفيلم الشهير Once Upon a Time in China and America.
كان جيت لي نجماً كبيراً ومشهوراً، ليس فقط بتمثيله ولكن أيضاً بمهاراته في الـ"ووشو" التي فاز فيها ببطولة وطنية وهو لايزال في سنّ الـ11، وبينما كان يتجول في العالم ليظهر مهاراته القتالية، جاءته فرصة العمر للعمل في مجال صناعة الأفلام. سرعان ما أثبت جت لي مهاراته وبدأ مشواره في عالم النجومية، وفقاً لما ذكره الموقع الأمريكي The Famous People.
فما قصّة حياة جيت لي وما أبرز محطاتها، وهل فعلاً رفض عرضاً من الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون ليكون حارسه الشخصي؟
جيت لي.. المعنى من وراء اسمه
جيت لي، واسمه الحقيقي لي ليانجي، هو ممثل ومنتج صيني ولكنه مواطن متجنس في سنغافورة، وقد وُلد في 26 أبريل/نيسان 1963، بالعاصمة الصينية بكين، في بلدة تدعى "Hebei"، وهو أصغر فرد لعائلته المكونة، إضافة إليه، من بنتين وصبيين.
في أثناء التدريب مع فريق الـ"ووشو" في بكين، حصل جيت لي على لقبه "Jet" بسبب سرعته ورشاقته في اللعبة.
في حين حصل على لقب "لي" في العام 1982 حينما كان في الفلبين عندما اعتقدت شركة دعاية أنه من الصعب جداً نطق اسمه الحقيقي، لذلك وضعوا اسم "جيت لي" على ملصقات الفيلم.
جيت لي لم يختبر حبّ الأب!
عندما كان جيت لي يبلغ من العمر عامين فقط، توفي والده، لذلك نشأ على فهم الحب الأبدي للأم، لكنه لم يفهم تماماً الدور الذي يلعبه الأب في الأسرة.
ويقول جيت لي وفقاً لما ذكره موقع Discover Walks الأمريكي، إنه في فيلم "معبد شاولين"، كان هناك مشهد ينبغي له خلاله أن يصرخ "أبي" ولكنه وجد نفسه غير قادر على قولها.
وأضاف: "في النهاية، قام المخرج بتغييرها إلى ديو (كلمة أخرى بمعنى الوالد)، اعتقدت أنه ليس لدي أي علاقة بأبي، لذلك لا يمكنني أن أقول ذلك".
وأوضح أنه لم يفهم المعنى الحقيقي لحب الأب إلا عندما أصبح أباً، ليفهم بوضوحٍ ما يعنيه دور الأب حقاً.
موهوب بالفطرة في ممارسة فنون القتال الصينية
كان "لي" في الثامنة من عمره فقط عندما لوحظت موهبته في فنون القتال الصينية "ووشو"، في أثناء ممارسته لدورة صيفية في المدرسة، ليذهب للانضمام إلى فريق "بكين ووشو".
فتُوّج "لي" ببطولة "البطل الوطني الشامل" لعدة سنوات متتالية من 1975 إلى 1979.
ومع ذلك، تقاعد "لي" من الـ"ووشو" التنافسي عندما كان عمره 18 عاماً فقط، بسبب إصابة في الركبة.
رفض أن يكون حارساً لرئيس أمريكي!
كان جيت لي موهوباً بشكل طبيعي في الـ"ووشو"، وقد حسّن مهاراته بشكل أكبر بعد انضمامه إلى فريق بكين ووشو بمساعدة المدربين الصينيين المشاهير مثل لي جون فيغ و"وو بين".
ووفقاً لما ذكره جيت لي فإنه عندما كان يبلغ من العمر 11 عاماً فقط، ذهب رفقة الفريق الصيني إلى الولايات المتحدة لتقديم العروض في البيت الأبيض للرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر، وحينها طلب منه نيكسون أن يكون حارسه الشخصي.
ورغم أن هذا العرض مغرٍ بشكل كبير فإن "لي" رفضه قائلاً: "لا أريد حماية أي شخص، عندما أكبر، أريد الدفاع عن مليار مواطن صيني".
ووفقاً لما ذكرته مجلة Far Out Magazine البريطانية، فإن وزير الخارجية كيسنجر أجابه وهو شبه متفاجئ: "يا إلهي! إنه فتى صغير وهو يتحدث بالفعل مثل الدبلوماسيين".
لم يتعلم الإنجليزية حتى سن الـ35!
كان دور "لي" الأول في فيلم غير صيني هو دور الشرير في فيلم Lethal Weapon 4 (1998)، أي عندما كان يبلغ من العمر 35 عاماً.
في ذلك الوقت، لم يكن "لي" يعرف سوى بضع كلمات باللغة الإنجليزية، مثل "صباح الخير" و"شكراً لك" وبضع كلمات منفردة.
من أجل الاختبار، طلب جيت لي من صديقه أن يقرأ له النص، وسجله ليستمع إليه عدة مرات، وهكذا حفظ جيت لي النص باللغة الإنجليزية من خلال هذا التسجيل.
ولحسن الحظ، حصل جيت لي على الدور ولكنه وجد صعوبة كبيرة في أثناء أداء المشاهد، الأمر الذي دفعه إلى تعيين مدرس خاص به لتعليمه الإنجليزية، التي بدأ في تعلمها من خلال استخدام البطاقات التعليمية لحفظ 26 حرفاً من الأبجدية الإنجليزية، تماماً مثل الأطفال.
قام من بين الأموات في كارثة تسونامي!
في العام 2004، تم الإبلاغ عن وفاة جيت لي على نطاق واسع بعد أن ورد أنه كان في جزر المالديف عندما ضربها تسونامي خلال زلزال المحيط الهندي عام 2004.
لحسن الحظ، تعرض "لي" لإصابة طفيفة في القدم، نتجت عن قطعة أثاث عائمة بينما كان يوجه ابنته البالغة من العمر 4 سنوات والمربية التي تحمل ابنته البالغة من العمر عاماً واحداً، إلى مكان آمن في أحد المرتفعات.
في أبريل/نيسان 2007، وبعد أن تأثر بتجربته التي هزت حياته في جزر المالديف، أسس "لي" مؤسسته غير الربحية المسماة The One Foundation، والتي تدعم مؤسسة جهود الإغاثة الدولية في حالات الكوارث بالتعاون مع الصليب الأحمر.
رغم كل شهرته فإنه أدى دوراً تمثيلياً بدون أجر
عمل جيت لي مجاناً في الدراما "Ocean Heaven" في عام 2010، وكان الفيلم أيضاً أول عمل درامي كامل له.
يدور الفيلم حول شخص يكتشف أن أمامه أقل من خمسة أشهر ليعيشها، وبالتالي يحاول إعداد ابنه المصاب بالتوحد للحياة بدونه.
ويقول "لي" عن هذا الفيلم إنه تأثر كثيراً به لدرجة أنه كان يبكي عندما يقرأ النص.
وأضاف: "هذا الفيلم عن الإخلاص، إنه يظهر أنه في هذا اليوم وهذا العصر، صانعو الأفلام على استعداد لفعل شيء من أجل المجتمع، ولذلك قررت أن أؤدي الدور بشكل مجاني".
جيت لي صيني لا يحمل الجنسية الصينية!
سابقاً كان "لي" يحمل الجنسية الصينية، كما قام في عام 1997 بالتقدم بطلب الجنسية الأمريكية، وحصل عليها بعد فترات طويلة من العمل في هوليوود.
ومع ذلك، في عام 2009 تخلى عن جنسيتيه الأمريكية والصينية، من أجل الحصول على الجنسية السنغافورية.
اختار جواز سفر سنغافورة، لأنه جواز السفر الذي يدخله إلى أكبر عدد من دول العالم بدون تأشيرة، من بينها أكثر من 180 دولة بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وأوروبا بدون تأشيرة.
كما تتمتع سنغافورة أيضاً بنظام تعليمي ممتاز، والذي وجد "لي" أنه مناسب جداً لابنتيه الصغيرتين.
وبما أن سنغافورة لا تسمح بالجنسية المزدوجة فقد تخلى "لي" عن جنسيتيه الصينية والأمريكية ليصبح سنغافورياً.
بعد أن أصبح مشهوراً، أراد جيت لي العودة إلى الجنسية الصينية مرة أخرى، ولكن تم تغيير هذه الخطة، لأنه أراد إنشاء مؤسسته الخاصة، لكن في ذلك الوقت لم تسمح الصين للأفراد بإنشاء مؤسسات.
وبمجرد أن سمحت الصين بإنشاء مؤسسات شخصية، أراد جيت لي العودة إلى الجنسية الصينية مجدداً لكنه لم يحصل عليها حتى يومنا هذا.
ديانة جيت لي
لم يكن "لي" مُسبقاً يمارس أي ديانة بشكل رسمي، حتى عام 1998 عندما بدا جاداً في ممارسة الدين حتى إنه أصبح يفكر جدياً في ترك مسيرته السينمائية لتكريس كل وقته لممارسة البوذية.
ومع ذلك فقد نصحه الراهب البوذي الشهير "Lho Kunsang" بمواصلة عمله في التمثيل واستخدام شهرته وثروته من أجل أعمال الخير.
ويعتبر جيت لي بوذياً تبتياً مُتديناً بشكل كبير، وكان يتأمل ويصلي كل يوم، حتى إنه اعترف بأنه كان يقضي وقتاً في تعلم البوذية أكثر مما كان يقضي في تعلم اللغة الإنجليزية، وهذا هو السبب في أن لغته الإنجليزية اليوم لا تزال سيئة.