للرجل العنكبوت، Spiderman (سبايدرمان)، قاعدة جماهيرية كبيرة حول العالم، لا جدال في ذلك؛ فهو أحد الأبطال الخارقين المفضّلين لدى الجمهور. ومنذ أول ظهورٍ للشخصية في عام 2002، حققت السلسلة التي قدّمتها مارفل أرباحاً هائلة تجاوزت 6.3 مليارات دولار.
ويمكن القول: إن المراهق الذي لدغه عنكبوت مُشِعّ، وبعد 60 عاماً من إصدار أوّل قصّة مصوّرة عنه للكاتب ستان لي، أنقذ صناعة السينما التي ما زالت تترنّح بسبب تأثيرات جائحة كوفيد 19 التي جاءت مدمرّة للقطاع.
في هذا الإطار، فقد تخطّت إيرادات الفيلم الأحدث من سلسلة Spiderman، حاجز المليار دولار حول العالم؛ فأصبح فيلم No way Home الأعلى من حيث الإيرادات في عام 2021، كما لم يقترب فيلم من إنتاج هوليوود من هذا الرقم في الإيرادات، منذ انتشار وباء كورونا قبل نحو عامين.
لكن مهلاً.. هل كانت جميع أفلام Spiderman ناجحة؟ أو على مستوى عالٍ من الإنتاج، والصورة، والحبكة؟ لنتعرّف معاً، في هذا التقرير، إلى ترتيب الأفلام التسعة لسلسلة مارفل الأشهر من الأسوأ إلى الأفضل:
9. SpiderMan: Homecoming
هذا الجزء من عالم مارفل السينمائي هو في أحسن الأحوال مقبول، وفي أسوأ تقدير قابل للنسيان. ذُكر في السطر الافتتاحي للفيلم: "لن تعود الأمور أبداً كما كانت عليه"، مع رسم طفل لمجموعة "المنتقمون"، وهنا تكمن المشكلة الرئيسة في هذا الفيلم.
كل أشكال الإيماءات، والتنبيهات، ومحاولات الربط، خَنَقت ما ينبغي أن يكون مغامرة منفردة للرجل العنكبوت، لكن سرعان ما أصبحت آلة مارفل أكبر من أي شخصية، ويعاني الرجل العنكبوت (توم هولاند) من أجل تحقيق التوازن، بين حياته المدرسية ومغامراته غير العادية، لإيقاف الشرير فالتشر (مايكل كيتون) الذي يستخدم ويبيع أسلحة ذات تقنية عالية.
حسناً، سنغفر لك في حال اعتقدتَ أن هذه الخطة الشريرة تمّ تقديمها من قَبل في أحد أفلام Iron Man.. روبرت داوني جونيور هو العَمّ Ben الذي أُسيء تقديره بمواجهة بيتر باركر؛ ما منحه الكثير من الموارد الهائلة، بما في ذلك بدلة الرجل العنكبوت التقنية الحديثة.
مع التخلّي عن كلّ ما يجعل الرجل العنكبوت عظيماً، مثل الذكاء والفقر والموارد المالية الشحيحة، تحوّل الرجل العنكبوت إلى رجلٍ حديدي صغير، وهو ما يتناقض مع الرسالة الموجودة في نهاية القصة.
لكن رغم كل شيء، توجد بعض الزوايا الجيدة في هذه النسخة التي عُرضت في عام 2017؛ فقد أضاف هولاند روح الشباب للشخصية، كما تمكّن المخرج جون واتس من تسليط الضوء على الرجل العنكبوت المراهق أكثر من أي فيلمٍ آخر.
طالب مدرسة ثانوية، يذهب للحفلات، ويقوم بالأعمال المنزلية الصغيرة، لكن على صعيد آخر تُبرز تلك الومضات ضحالة الفيلم بشكلٍ عام. ويعود مايكل كيتون (باتمان نفسه) إلى هذا النوع من الأفلام في دور الشرير هذه المرة، لينضمّ إلى مجموعة أشرار عالم مارفل السينمائي.
8. SpiderMan: Far From Home
في مواجهة 4 وحوش مدمّرة خلال رحلة مدرسية في أنحاء أوروبا، يلتقي بيتر باركر (توم هولاند) بميستيريو (جيك جيلنهال)، البطل الزميل ذي الأصول الغامضة. فيعود جون واتس ليكرّر خطأ تحييد شخصية الرجل العنكبوت والاعتماد على أنظمة دفاع متطوّرة، بتقنيات الواقع المعّزز، التي ورثها عن توني ستارك.
لم يكن التحوّل في الأحداث مفاجئاً لأي شخص يعرف شخصية ميستيريو، وتبدو سطحية لكنها تبقى أفضل من حبكة شخصية تريفور سلاتري (السير بن كينغسلي). ومع ذلك، فوسط هذه السيئات، توجد بعض النقاط المضيئة: كان من المثير متابعة إن كان بإمكان بيتر المطالبة بمسؤولية الانضمام إلى المنتقمين، ووضع ذلك قبل حياته الشخصية.
وجود بدلات مختلفة للرجل العنكبوت أمرٌ ممتع لمحبّيه، كما كان جانب السفر في الفيلم (من إنتاج 2019) لذيذاً ومنعشاً، بدلاً من المغامرات المعتادة في نيويورك (وإن بدت مجرّد حداثة جوفاء في بعض الأوقات)، إلى جانب إفساح بعض المجال لإضفاء الطابع الإنساني على الشخصيات بدلاً من الافتتاحيات المعتادة في عالم مارفل السينمائي.
7. The Amazing SpiderMan2
نرى معاناة الممثل أندرو غارفيلد، في ثاني أفلامه بشخصية Spiderman، بين مواجهة صديق الطفولة هاري أوسبرن (دان ديهان) والشرير إليكترو (جيمي فوكس).
ومع إدراج شخصيتَي غرين غوبلن وإلكترو، ووفاة غوين ستايسي (إيما ستون)، والتنبؤ بأجزاء مستقبلية، أعطانا الفيلم جرعةً من الأمل؛ لكنه بدا محشواً أكثر من اللازم مع شخصية القطة السوداء والأشرار الستة، أو كما قالت ستايسي عند تقبيل حبيبها بيتر باركر: "يبدو الأمر متسرّعاً بعض الشيء".
يبدو أن المخرج مارك ويب قرّر الابتعاد عن السوداوية السابقة في أفلام الرجل العنكبوت، واختار عناصر جمالية ملوّنة ومبهجة. لكن شخصية إلكترو بدت مبالغة بعض الشيء، مقارنة بما هي عليه في القصص المصوّرة، بالإضافة إلى التناقض الموجود في شخصية ماكس ديلون نفسها، بحيث ظهر من أشدّ المعجبين بالرجل العنكبوت.
كل ذلك جعل الفيلم، الذي أُنتج عام 2014، فوضوياً ومزعجاً. لكن وبشكلٍ عام، سيجد المشاهد أن الفيلم أفضل ممّا توقعه.
ربما يظهر الممثل أندرو غارفيلد بأفضل أداء له في شخصية الرجل العنكبوت؛ رجل حكيم ذو قلب، ويظهر بجدية وشجاعة في بعض المواقف المروعة عاطفياً في أحداث الفيلم. وبالتأكيد لا يمكننا التحدث عن غارفيلد دون الحديث عن غوين ستاسي. لعل إيما ستون وأندرو غارفيلد هما أفضل ما في الفيلم. وصلت علاقتهما إلى مستويات مذهلة، وأصبحت الكيمياء التي تظهر على الشاشة واضحة للغاية. ورغم أن هذا الفيلم لم يكن مذهلاً تماماً، أتمنى أن يعود غارفيلد لأداء دور الرجل العنكبوت في أفلام منفردة مستقبلية.
6. SpiderMan 3
يختتم المخرج سام رايمي أفلام Spiderman بأضعف فيلم في الثلاثية أُنتج في عام 2007، لكنه ليس سيئاً للغاية كما هو مُعتقَد لدى أوساط محبّي سلسلة مارفل الشهيرة.
في هذا الفيلم، ينبغي على الرجل العنكبوت (توبي ماغواير) مواجهة الكائن نصف الفضائي فينوم، مع محاولة تحييد رجل الرمل (توماس هادن تشورتش)، والحفاظ في الوقت نفسه على علاقته بحبيبته ماري جين (كيرستين دانست).
تمكّن رايمي من سرد كل عناصر الحبكة المكتظة بشكلٍ ممتاز، وبشكلٍ منسجم وسلس للغاية. وعلى عكس الأعمال الأحدث المستقلّة لشخصية فينوم، تقدّم الشخصية في هذا الفيلم النظير المظلم لشخصية بيتر باركر، ومنظوراً جديداً لتطوّر شخصية باركر في الأفلام الثلاثة من حيث تحمله للمسؤولية.
في الحقيقة، من المنصف وصف الفيلم بالمبتذل وسهل التنبؤ بأحداثه. صحيح أن المخرج سام رايمي أضاف بعض اللمسات الإبداعية، لكن أسلوبه المبالغ فيه أصبح باهتاً بعض الشيء.
يقدّم الفيلم أفضل اقتباسات مباشرة من كاتب القصص المصورة ستان لي، وتجّسد عباراته شخصية بيتر باركر الذي يبذل أقصى ما لديه لفعل الصواب واستخدام قوته الخارقة بمسؤولية.
5. The Amazing SpiderMan
أعاد المخرج مارك ويب شخصية Spiderman إلى عالم ما بعد فيلم Dark Knight 2008، وما أحدثه من نقلةٍ نوعية في أفلام القصص المصوّرة، جعلتها أكثر جرأة وحِدّة.
ورغم عدم التعرض للأحداث الماضية، المتعلقة بوالديّ بيتر باركر، والتي ما تزال غير مكتشفة ويكتنفها الغموض، قدّم ويب إعادة تخيّل رائعة لأصول الرجل العنكبوت، بعيداً من الحبكة الشائعة في ثلاثية المخرج سام رايمي.
جسّد أندرو غارفيلد، الذي بدا وسيماً أكثر من اللازم لهذا الدور، شخصية الرجل العنكبوت بشكلٍ مذهل، مع شعورٍ فطري لفعل الخير. وكذلك كان الممثل ريس إيفانز ملائماً لدور دكتور كونورز، أو السحلية.
ومجدداً تألقت إيما ستون في دور غوين ستايسي، في هذه النسخة التي قُدّمت في عام 2012؛ حيث ظهرت الشابة القوية والمرحة والغريبة، والتي قدّمت لنا أفضل شخصية في قصص الحب في كل سلسلة Spiderman.
4. SpiderMan: No Way Home
يختتم أحدث أفلام الرجل العنكبوت ثلاثية المخرج جون واتس، وفيه يطلب الرجل العنكبوت مساعدة دكتور سترينج (بيندكت كامبرباتش) بعد اكتشاف هويته السرية في الفيلم السابق.
فقد أعقب ذلك مجموعة أحداث غير عادية أبهرت الجمهور، أبرزها ظهور توبي ماغواير وأندرو غارفيلد. وحقق الجمع بينهم نجاحاً هائلاً؛ إذ احتفى الجمهور باتحاد الأبطال الثلاثة لشخصية الرجل العنكبوت وعودة الأشرار من عوالمهم.
قدم المخرج جون واتس في هذا الفيلم (2021) سابقة في كيفية المغامرة بأفلام الأبطال الخارقين، وسط جنون العوالم المتعدّدة بامتياز، مع كل التفاصيل التي لم يتصوّر أحد رؤيتها منذ 10 سنوات.
ولكن، قد تتساءلون: لماذا لا يأتي الفيلم في مركزٍ أعلى ضمن هذه القائمة؟
بحسب موقع Taste of Cinema، فإنه ورغم إعجاب جمهور Spiderman بالفيلم، وبراعة هولاند في أداء دوره؛ إلا أنه يخسر نقاطاً حين نتذكر أن الرجل العنكبوت الحالي لم يكن لديه أبداً فيلم قوي مستقلّ بذاته.
في الأجزاء السابقة اعتمدت شخصية الرجل العنكبوت على رعاة أكثر وأكثر تطوراً، ولا يختلف الأمر في هذا الجزء مع وجود شخصية دكتور سترينج. وبعد ثلاثة أفلام بالسردية نفسها، وبالإضافة إلى أنه سيكون شخصية رئيسة في أعمال مارفل الأخرى، يشعر المشاهد أنه لا يعرف الكثير عن شخصية الرجل العنكبوت.
لذلك، ورغم النجاح الكبير وتعليقات الجمهور الإيجابية، لا تعد الاستعانة بالحنين إلى الماضي ابتكاراً، بل كما قد يقول البعض: "إنه إبداع هوليوود المفلس".
3. SpiderMan (2002)
لا يزال الظهور الأول لشخصيتنا المفضلة على الشاشة هو الأفضل، ضمن الفصل الأول الذي قدّمه المخرج سام رايمي من هذه الثلاثية.
تعرفون القصة: بيتر باركر (توبي ماغواير) طالب في المرحلة الثانوية، شخصية غير اجتماعي يلدغه عنكبوت مُشِعّ، فتنتقل إليه قوى العنكبوت، وفوق ذلك، يجد نفسه في وضعٍ غريب بين أعزّ أصدقائه هاري (جيمس فرانكو) وجارته إم جي (كيرستين دانست)، حين يتعيّن عليه مواجهة والد هاري المجنون، المعروف بغرين غوبلن (ويليم دافو).
كان طاقم العمل بأكمله رائعاً، لا سيما دافو الذي يُحضر روح القصص المصوّرة إلى العمل، كما تمكنت ماغواير من تجسيد غرابة أطوار بيتر باركر أكثر من أي ممثل آخر. حتى الأدوار المساعدة كانت مميزة؛ وكان اختيار الممثل جي كي سيمونز، في دور جاي جونا جيمسون، من أروع الاختيارات في تاريخ أفلام الرجل العنكبوت، وتمكّن كليف روبرتسون من تجسيد شخصية العم بِن بأسلوب الجاد والمهذب والجدير بالثقة؛ ما جعل مقتله حادثاً مفجعاً.
ينتمي هذا الفيلم إلى عالم ما قبل 11 سبتمبر/أيلول وفيلم Dark Knight (2008)، عندما كانت روح أفلام الأبطال الخارقين لا تزال طفولية وأكثر تفاؤلاً وإيجابية.
هذا الجزء هو تجربة ممتعة وموثوقة، في إطار وردي، تحكي لنا دراما واقعية يعيش فيها الآباء والأبناء، مع مسؤولية توخّي الحذر بشأن من قد تؤول إليه الأمور خلال رحلتك من مراهق إلى رجل، وكل هذه الأمور الأسطورية الرائعة.
حققت السلسلة التي قدّمتها مارفل أرباحاً هائلة تجاوزت 6.3 مليارات دولار
2. SpiderMan 2 (2004)
يقع الجزء الثاني من سلسلة مارفل ضمن الأعمال النادرة التي تتفوّق فيها على الجزء الأول الأصلي المذهل؛ إذ شهد الجزء الثاني توسّعاً كبيراً لكلّ ما سبق أن رأيناه في الجزء الأول.
يظهر بطلنا بيتر باركر (توبي ماغواير) ساخطاً على حياته بوصفه شخصاً شاباً بالغاً، ويعاني من متاعب مع حبِّه لإم جي (كيرستين دانست)، إلى جانب التزامه بمسؤولية محاربة الجريمة.
وفي هذا الجزء، يقرّر المخرج سام رايمي أن يعتزل الرجل العنكبوت أداء مهامه قليلاً، ليثبت أن بيتر باركر في هذه النسخة هو الأكثر إنسانية وتطوراً؛ فإنه تتاح له الفرصة في كل يوم لرفض أداء واجباته البطولية، ومع ذلك سيحاول دائماً أن يتحمل مسؤوليته في فعل الخير والصواب.
قدّم ألفريد مولينا دور الشرير دكتور أخطبوط بشكلٍ رائع، يعزّز روح الصدق والإخلاص في الفيلم. ووسط كل الأحداث الدرامية، كانت مشاهد الحركة رائعة أيضاً، لا سيما مشهد القطار الذي يبرز روح الشجاعة لسكان نيويورك، عندما يقرّرون حماية بطلهم محارب الجريمة؛ ما يبرز رسالة العمة ماري الملهمة: "بداخل كل منّا بطل".
كل ذلك بالإضافة إلى موسيقى داني إلفمان التصويرية الرائعة، وكوميديا جي كي سيمونز العبقرية، والنهاية السعيدة.. خلطة جعلت هذه النسخة واحدة من أجمل أفلام الأبطال الخارقين على الإطلاق.
1. SpiderMan: Into the Spider-Verse
حاز هذا الفيلم، الذي قُدّم في عام 2018، على جائزة أفضل فيلم رسوم متحرّكة في حفل توزيع جوائز الأوسكار الحادي والتسعين لعام 2019، فهو يقدّم روعةً بصرية لم تصل إليها أي أفلام هذه السلسلة على الإطلاق.
بعيداً عن شخصية بيتر باركر التقليدية، يصبح مايلز موراليس (شاميك موور) هو بطلنا في هذه النسخة. يتعرّض للدغة عنكبوت مُشِعّ، وسرعان ما يلتقي بنسخٍ بديلة من نفسه، فينتهي الأمر بمعركة ملحمية لإنقاذ الأكوان المتعددة.
يقدّم الفيلم تجربة جديدة ومرحة، بوجود العنكبوت الأسود (نيكولاس كيج) والعنكبوت الخنزير (جون مولاني)، مع روح وجاذبية واستكشاف موضوعات الحزن والنمو والخيانة، في دراما دقيقة مستمدّة من أعمال القصص المصوّرة الأصلية، بطريقة تتجاوز أحلام وتوقعات الجمهور، كل ذلك في عروض بصرية مميزة واستثنائية.
بالتخلّي عن موضة الرسوم المتحركة الواقعية، والعودة إلى الأسلوب التقليدي للقصص المصورة المطبوعة، نشاهد في هذا الفيلم رسوماً متحركة أكثر وضوحاً على الشاشة، بالإضافة إلى دراما آسرة حول مفهوم البطولة، وأن أصعب ما في مهمة الرجل العنكبوت هي أنه "غير قادر على إنقاذ الجميع". لكن ما يوضحه الفيلم هو أن Spiderman سوف يستمرّ في النضال واستخدام قدراته بمسؤولية كبيرة. باختصار، هذا الفيلم عبقري، ومن أفضل أفلام الرسوم المتحركة على مرّ التاريخ، وهو الأفضل بين كل أفلام الرجل العنكبوت السابقة، وربما اللاحقة أيضاً.