مسلسل “مدرسة الروابي للبنات” المثير للجدل.. 7 قضايا حساسة في صف دراسي واحد

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/23 الساعة 11:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/29 الساعة 10:36 بتوقيت غرينتش
لقطة من الإعلان الرسمي لمسلسل "مدرسة الروابي للبنات" المعروض على منصة نتفلكس/ يوتيوب

في الأيام الماضية سيطر جدال كبير على مواقع التواصل الاجتماعي بعد بث المسلسل الأردني مدرسة الروابي للبنات، للمخرجة تيما الشوملي. وكأي تريند له نصيبه من المؤيدين والمعارضين، منهم من رأى أنه مسلسل لا يمثل المجتمع الأردني، ومنهم من رأى فيه مسلسلاً جيداً يناقش قضايا مجتمعية يتعرض لها الجيل الجديد.

أتفهم جيداً رأي المعارضين، وأرى أن أول الأسباب كان الفجوة التي حصلت في الدراما الأردنية، فالشاشة الأردنية لسنوات طويلة كانت تسير على نفس الخط وفي اتجاه واحد وهو عرض المسلسلات البدوية والقصص القديمة للعرب وأيامهم الذهبية من مجتمع محافظ وفيه أبطال وخيم وصحاري، لكن مدرسة الروابي لم يأتِ على ذات النهج بل كان مختلفاً عن كل ما تعودته العين الأردنية على الشاشة ما أثار الاستهجان لدى الكثير.

أيضاً، كما جرت فنون التسويق لجلب أكبر عدد من المشاهدات للمسلسل، تم اختيار لقطات حساسة ومعينة للدعاية ومختارة بعناية من أجل إثارة الرأي، فقد أعطت هذه اللقطات نبذة تعريفية سيئة أن ما يحويه المسلسل ليس إلا فتيات يردن الفجور من حفلات ولباس وعلاقات عاطفية! لكن من تابع المسلسل بموضوعية سيرى أن ما احتواه المسلسل معاكس جداً للدعاية المعروضة.

أتناول في هذا المقال القضايا التي ناقشها المسلسل بعد أن شاهدته بعناية دون الاعتماد على الآراء المنشورة عنه مسبقاً.

في البداية تدور الأحداث عن طالبات في مدرسة خاصة يحدث بينهن الكثير من المشاغبات والمشاكل؛ فريقان من الطالبات، الأول طبقي ويرين أنفسهن أفضل من غيرهن ويحق لهن التنمر والسيطرة، والثاني الضحايا للفريق الأول.

1-     أول قضية يتناولها هي قضية "التنمر" تقع مريم ضحية لتنمر لليان وفريقها بسبب شكلها وجسدها النحيل غير المرسوم والجميل برأي المراهقات، وظاهرة التنمر هي ظاهرة منتشرة جداً في المدارس والجامعات والشوارع لدينا وحتى في البيوت بين الأخوة والأقرباء.

2-     القضية الثانية: الواسطة، فقد وقفت المديرة في صف المتنمرات لمجرد أنهن ذات وضع اجتماعي ممتاز ومن أسر معروفة ومساهِمة في المدرسة، وهنا بدأت المشكلة الثانية للضحية "مريم" أنها لم تجد منصفاً لها، وبذلك قررت أن تأخذ حقها بيدها والانتقام من "ليان" وصديقاتها.

3-     القضية الثالثة هي الصحة النفسية وكيف يتعامل المجتمع مع المريض النفسي، فبعد أن اكتشفت المدرسة أن مريم تتلقى علاجاً نفسياً وتزور طبيبة، تم اتهامها بالجنون والتعامل مع مرضها كفضيحة، وبرأيي أن هذا هو ما يحدث في مجتمعاتنا العربية، فنحن حتى الآن نعاني من نقص الاهتمام بالصحة النفسية، ونرى العيادات النفسية تسيء إلى سُمعة العائلة وتسبب نفوراً منها وتعيب الشخص وكأنه ارتكب جريمة.

4-     القضية الرابعة هي استخدام القضايا الحساسة في المجتمع من أجل قلب الحق إلى باطل، وبدا ذلك حين اجتمعت المدرسة مع أولياء الأمور لمناقشة حادثة الضرب التي تعرضت لها مريم من قبل ليان، وفي لحظة سريعة استخدمت ليان مقصلة مجتمعية وهي قضية الجنس والتحرش، واتهمت مريم كذباً بأنها تحرشت بها وأنها بميول شاذة. وبذلك تم إخراس مريم وانشغل الحضور بالقضية الثانية رغم أنها ملفقة ونسوا أنها ضحية وتم الاعتداء عليها وتعنيفها، وهذه محاكاة لكثير من قضايا القتل والظلم في شارعنا العربي فإن أردت أن تنهي أي قضية وتخرس الناس قل إنها "قضية شرف"، تحرش، اغتصاب؛ فهذه الأمور يجب أن تبقى في توابيت مغلقة، حتى لو دَفنا معها مظلومين.

5-     القضية الخامسة هي كيف يتعامل المجتمع مع الفضيحة الإلكترونية، فالطالبة رقية أحبت شاباً يتكلم معها من حساب مستعار ووثقت به دون أن تعرف من وراء الحساب، وأرسلت له صوراً لها دون حجاب، فقام بنشرها، فانهالت الشتائم والاتهامات على المراهقة الطائشة دون أن يسأل أحدٌ من هذا الذي خلف الحساب؟ أليس هو أيضاً مجرم ويجب محاسبته؟ أم فقط يجب مهاجمة الضحية كما يحدث في كثير من قضايا الابتزاز الإلكتروني فيفر المجرم دون عقوبة ليوقع ضحايا آخرين.

6-      القضية السادسة أيضاً في ذات المشهد في فضيحة رقية أتت على لسان أمها في جملة "مين رح يخطبك وحتى خواتك مين رح يتزوجهن بسبب فضيحتك هاي". الكثير من الفتيات تعاقب على أخطاء المراهقة رغم أنها كبرت وأصبحت أكثر وعياً، لكن في مجتمعنا تبقى ضريبة الأخطاء مفتوحة للدفع، وحتى أن أخوات الضحية يدخلن أيضاً في نطاق الضريبة المدفوعة رغم أنهن ليس لهن أي ذنب، وهذا ما يحصل في بلادنا؛ الكثير من الفتيات يتم تهميشهن وعدم الزواج منهن بسبب أخطاء أقاربهن، من عم سيئ وخال سُمعته ليست جيدة أو أخت مطلقة -وهذا عيبٌ جسيم في رأي المجتمع- رغم أن الفتاة سُمعتها طيبة وحسنة.

7-     القضية السابعة هي قضية التحرش، فقد قام رجل في الأربعين من عمره بالتحرش بفتاة مراهقة "نوف" رغم صراخها ومحاولة إبعاده لكنه بقي مُصراً على فعله، حتى تدخلت زميلتها وأنقذت الموقف، وأرادت طلب الأمن والصراخ لفضحه لكن الضحية أسكتتها خوفاً من جلب الفضيحة لنفسها، وهذا ما يحدث دائماً، تخاف الضحية من التكلم لأن الناس سوف يسقطون اللوم عليها، وبرأيي هذا هو وقود جريمة التحرش؛ فالمتحرش يعتمد على خوف ضحيته من الناس فلن تفضحه، ويعتمد أيضاً على أن الناس سوف تلقي اللوم عليها، فيكمل جريمته براحة وأمان، فنحن نوفر له الحق الكامل بالتحرش.

في ختام المسلسل، الضحية الأولى "مريم" تقوم بفضح "ليان" وتتسبب بقتلها عقاباً لها معتمدة أيضاً على مقصلة مجتمعية أخرى، كما قامت هي بالاعتماد على مقصلة التنمر والمرض النفسي؛ لتنقلب في الأحداث من جلاد إلى ضحية.

على جانب آخر، كتب البعض عن لباس الممثلات وحفلاتهن وهذا في رأيي ليس بشيء غريب فهو محاكاة لصورة المجتمع الآن، وأيضاً اعترض البعض على علاقة مراهقة بشاب والخروج معه، لكن ما حدث في النهاية بين أن عاقبة الطيش خطيرة، فالمسلسل وضح الضريبة التي دفعتها ليان في علاقتها الغرامية ولم يدعُ لهذا النوع من العلاقات، بل أوضح النهاية كيف ستكون، وهذا كان نقطة جيدة في رصيد المسلسل.

أنصح بمشاهدته دون التركيز على تسلسل الأحداث كدراما وللتسلية، بل تناول القضايا التي عرضها وقراءتها بموضوعية، فهي حقاً قضايا مجتمعية مهمة وتمس الأجيال الجديدة، حتى لو طرحت بمسلسل يعد نقلة نوعية عما تعودته الشاشة الأردنية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

نور أبو سلمى
كاتبة فلسطينية
كاتبة فلسطينية

عزيزتي المقبلة على الطلاق.. لماذا عليك ألا تصدقي "البحث عن علا"؟

عدد القراءات
9,004
عربي بوست
تم النشر: 2022/02/14 الساعة 09:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/14 الساعة 09:19 بتوقيت غرينتش
مسلسل "البحث عن علا" الشبكات الاجتماعية


لا تصدقي "البحث عن علا"، فعندما يفجعك زوجك بقرار الطلاق، سيكون حزنك وصدمتك النفسية أكبر من مجرد يومين تمضينهما في الفراش، مثل علا، ثم تتابعين حياتك بمنتهى الاتزان.

وعندما يطلقك زوجك من المرجح أنه لن يتركك في شقة فاخرة ولن يعطيك مصروف الأطفال بدون مشاكل أو محاكم، مثل علا، ولن يعرض عليك مصروفاً شهرياً سخياً، وبعد الطلاق لن تلتقي بالصدفة بمدرب أعمال أسمر ووسيم ومشهور على مستوى الشرق الأوسط، لينعتك بالعنقاء، وليتبرع بتدريبك بالمجان لبدء مشروعك الخاص، مثل علا، ثم ينسحب من حياتك بدون تحرشات أو إزعاجات.

وبعد الطلاق لن تقرر صديقتك الثرية أن تستثمر كل ثروتها في مشروعك الجديد، لتفتتحي متجرك الخاص ذا الديكورات الفخمة في منطقة فاخرة من المدينة، ولن تتحول صورة واحدة لمنتجاتك بالصدفة إلى تريند وتنتشر على أوسع نطاق، مثل علا، ليصبح مشروعك براند ناجحاً وبراقاً.

وبعد الطلاق لن يقع في حبك شاب يصغرك بثماني سنوات، ويأخذ على عاتقه تحقيق كل أمنياتك المؤجلة، مثل علا، كالتخييم في الصحراء، وتعلم ركوب العجلة، والحصول على تاتو!

وبعد الطلاق لن يدخل حياتك العاطفية عريس لقطة، كجارك جراح القلب الأرمل الوسيم ذي العينين الخضراوين، مثل علا، لتخوضا معاًً أحاديث رومانسية تحت ضوء القمر.

عزيزتي المقبلة على الطلاق، علا عبد الصبور تكذب عليك، أو أن من يروي قصتها يكذب، فالحياة بعد الطلاق صعبة للغاية على المرأة، ولا توجد فيها كل هذه التسهيلات، ولا تتحقق فيها كل الأحلام المؤجلة.

إن المرأة المطلقة تضطر لخوض معارك كبيرة من أجل الحصول على حقوقها المالية من طليقها، وتغلق الأبواب في وجهها عندما تحاول البحث عن عمل لائق بعد سنوات من المكوث في المنزل، وقلما يقدم لها الرجال الخدمات دون محاولة للتحرش بها، وتصبح فرص زواجها برجل يناسبها قليلة، ولا تستطيع التحرك في المجتمع بحرية دون أن تتهم ويُساء الظن بها.

إن علا عبد الصبور تكذب، أو أن من يروون قصتها على لسانها يكذبون، إن الشيء الوحيد الصادق الذي قالوه هو عنوان المسلسل: البحث عن علا!

والحقيقة أنني بحثت عنها فلم أجدها، فهي لا تشبه علا عبد الصبور في الموسم الأول من المسلسل "عايزة أتجوز"، بل تبدو مختلفة كلياً بشكل لا يمكن تبريره حتى بحجة "نضج الشخصية".

إنها "علا" جديدة باهتة ومتناقضة ومهزوزة وثقيلة الظل، بل إن كل عالمها مختلف عن العالم الأصلي للمسلسل، فالبيئة المصرية الأصيلة في "عايزة أتجوز" تحولت إلى بيئة أمريكية أو لنقل "مؤمركة": الحي والمنزل والأثاث، بل حتى الأشخاص والحوارات والعلاقات تبدو مؤمركة بشكل فج، حوارات الأبوين مع الأولاد، علاقة علا بحبيبة زوجها، علاقتها بطليقها، الرجال في حياتها، مغامراتها الرومانسية، شرب الكحول والديسكو والملابس القصيرة.

لم يبقَ من علا القديمة شيء يُذكر، ولم يبق من عالمها القديم إلا شخصية حماتها، والعريس البدين، وجانب شخصية من أمها!

إن كل الشخصيات الرئيسية في المسلسل تبدو مرقعة، غير مبنية باحتراف، وكأنها مزيج غير متجانس من عدة خلفيات ثقافية، فالزوج الذي منعها من لقاء صديقتها المقربة طوال سنوات زواجهما مثلاً، هو نفسه الزوج الذي طلقها بتحضر، وهو نفسه الذي تقبل على مضض أن يكون لديها Date مع رجل آخر! 

وأمها المحجبة التي تصلي جالسة، هي ذاتها التي قبلت بنشر صورتها بشعرها الرمادي للترويج للمنتج من أجل قسم من الأرباح.

إن علا عبد الصبور تكذب، أو أن من يروون قصتها على لسانها يكذبون، فقد كانت رسالتها في الحلقة الأخيرة من مسلسلها الأول، أن من حق كل فتاة أن تقول بملء فمها إنها "عايزة تتجوز"، أما علا الجديدة فإنها تقودكِ إلى خاتمة مفادها أن الزواج مؤسسة فاشلة، إياك أن تتزوجي.

 إن هذه الفكرة تكررت على لسان عدة شخصيات في المسلسل بتنويعات مختلفة، هذا المسلسل يصح أن يكون عنوانه "مش عايزة أتجوز"، والبديل هو علاقات بلا زواج، في أمركة فجة للمجتمع العربي!

بالمختصر، إن صناع مسلسل البحث عن علا استعاروا شخصية علا عبد الصبور في "عايزة أتجوز" من أجل محاولة إنجاح عملهم الجديد، لكنهم لم يكونوا أوفياء لها، وحشروها في قصة مملة وغير محبوكة، ذات أحداث مسلوقة، وحوارات مبتذلة، وبيئة مستعارة، وشخصيات مرقعة، ونهاية سخيفة!

إن محنة المرأة المطلقة في العالم العربي هي أعمق وأصعب وأكثر مأساوية من أن يمثلها مسلسل البحث عن علا.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ديما مصطفى سكران
كاتبة ومدونة مهتمة بشؤون المرأة والأسرة واللغة العربية
كاتبة ومدونة مهتمة بشؤون المرأة والأسرة واللغة العربية
تحميل المزيد