أحيت المطربة اللبنانية الشهيرة ماجدة الرومي، الجمعة 2 أبريل/نيسان 2021، أولى الحفلات الغنائية في حديقة قصر القبة الأثري بعدما ظل استخدامه مقتصراً لعقود على المناسبات الرسمية واستقبال ضيوف مصر الكبار.
رغم الأسعار المرتفعة نسبياً لبطاقات الحضور، امتلأ الحفل مساء الجمعة عن آخره بشخصيات عامة ومسؤولين وفنانين وإعلاميين ورجال أعمال جاؤوا للاستماع إلى المطربة ذات الصوت القوي الشجي التي ارتبطت بوجدانهم منذ أن ظهرت على شاشة السينما في فيلم (عودة الابن الضال) بسبعينيات القرن الماضي.
فيما أطلَّت ماجدة الرومي على المسرح بثوب أبيض مطرز، قائلةً للجمهور قبل بداية الحفل، إن بيروت ستعود وتقوم، فهي "ليست المرة الأولى التي نقع فيها، ولن تكون الأخيرة"، وذلك في إشارة إلى حادث انفجار مرفأ بيروت، في شهر أغسطس/آب الماضي، والذي أودى بحياة نحو 200 شخص، وما تلاه من تأزم للوضع السياسي في لبنان.
"نستحق كل أوسمة الحرية"
كما أنها لم تتمالك دموعها التي انهمرت حزناً على وطنها عندما غنَّت في الحفل أغنية "يا بيروت.. ست الدنيا يا بيروت"، التي كتب كلماتها الشاعر السوري الراحل نزار قباني، حيث قالت متأثرة: "غريبٌ أمر هذا الشعب، مهما انذبح يرجع يقف، ولا يوم كسر جناحه اليأس، لنا حق بالسيادة والحرية والاستقلال. نحن لسنا شعب خُلقنا لكي نموت. نحن خُلقنا لكي نعيش، ونحن شعب يستحق كل أوسمة الحرية".
فيما تطرقت إلى "الحرب الأهلية" التي وقعت في لبنان عام 1975، مشيرة إلى أنه "كانت هناك مآسٍ كثيرة. كنا ننام في الليل بالملاجئ، ونصلي، والخوف والرعب هما سيد الموقف، وكنّا نستيقظ، ونلملم جروحنا ودموعنا وشهداءنا ونقوم بإزالة ما أفسدته الحروب، ونُكمل حياتنا، وما حدث في انفجار المرفأ تكرار للقصة نفسها".
كانت النجمة اللبنانية قد استهلت حفلها بأغنية (على باب مصر) التي تغنت بها أم كلثوم، وكتب كلماتها كامل الشناوي، ولحَّنها محمد عبدالوهاب. وقوبلت تلك الأغنية، التي منعها الملك فاروق، بتصفيق حار للغاية.
كما قدَّمت أغنية (طول ما أملي معايا وبإيديا سلاح) التي كتبها الأخوان عاصي ومنصور الرحباني بعد هزيمة يونيو/حزيران 1967، ولحنها عبدالوهاب وغناها عبدالحليم حافظ في مرحلة الإصرار على الخروج من الهزيمة بسلاح الأمل. ومن ألحان وغناء عبدالوهاب أيضاً، وشعر الأخوين رحباني غنت (سواعد من بلادي تُحقق المستحيلا).
يُذكر أن مسرح القبة قد التهب مع أدائها ما كان يُعرف بقََسم عبدالحليم حافظ الذي كان أقسم بأن يفتتح به كل حفلاته، كما يقول الناقد الفني اللبناني جمال فياض، وهو (أحلف بسماها وبترابها.. ما تغيب الشمس العربية طول ما أنا عايش فوق الدنيا)، وهي كلمات أغنية كتبها عبدالرحمن الأبنودي، ولحَّنها بليغ حمدي.
"التاريخ سينحني لمصر احتراماً"
أيضاً أشادت الرومي بالتاريخ المصري، بالقول: "مع موكب المومياوات سينحني التاريخ لمصر احتراماً لتاريخها الكبير. مصر أعطت التاريخ دروساً كبيرة في الحضارة"، وذلك في إيماءة إلى الحدث الذي تنظمه مصر، السبت، ويتابعه الملايين حول العالم بنقل 22 مومياء ملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة للمصرية بالفسطاط.
يشار إلى أن مصر تعتزم تحويل قصر القبة الذي شُيِّد بين عامي 1867 و1872 في عهد الخديوي إسماعيل، إلى مركز ثقافي وفني تُقام فيه أحداث كبرى.
جدير بالذكر أن الفنانة اللبنانية كانت قد وصلت إلى القاهرة في 25 مارس/آذار الجاري، وقوبلت بترحاب كبير من معجبيها في المطار قبل أن تجري الاستعدادات للحفل على مدى أيام مع الفرقة الموسيقية.
أسوأ أزمة سياسية واقتصادية
ويمر لبنان بأزمة سياسية واقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، وسط تعثر تشكيل حكومة جديدة، منذ استقالة حكومة حسان دياب في 10 أغسطس/آب الماضي.
فيما تمثل الأزمة الاقتصادية في لبنان أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.
وفي مؤشر آخر على انهيار اقتصاد لبنان، قامت وزارة الاقتصاد اللبنانية برفع سعر كيس الخبز بنسبة 20%، الأمر الذي ساهم أيضاً بتأجيج الشارع.
يشار إلى أن الأسعار في لبنان ارتفعت بنسبة 144%، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وبات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر، وخسر عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.