ما بدأ بتجسيد للبطولات العربية والإيثار والطموح تحت اسم مسلسل الجوارح انتهى بسلسلة تاريخية امتدت على 3 أجزاء، لتشكل بعضاً من الذاكرة الرمضانية العربية وإضافة إلى مكتبة الدراما السورية.
واعتبر الفنان أسعد فضة (الذي أدى دور شيخ القبيلة)، أن مسلسل الجوارح هو أحد التنويعات الدرامية المهمة التي عززت الدراما السورية في فترة التسعينيات، وشكَّلت انطلاقة جديدة لها، ممهدةً الطريق لأعمال خيالية تاريخية.
مسلسل الجوارح
بدأ الجزء الأول من مسلسل الجوارح عام 1994، ليروي قصة شيخ قبيلة عربية يدعى ابن الوهاج (أسعد فضة)، له 3 أبناء: الباشق الذي أدى دوره صباح عبيد، وأسامة الذي أدى دوره أيمن زيدان، والأصغر عُقاب يؤديه عارف الطويل.
يقرر الأب أن يختبر قدرات أولاده فيأمر بأن يعيشوا خارج القبيلة تماشياً مع طلب حكيم القبيلة.
يحط رحال أسامة شمالاً والباشق جنوباً وعُقاب نحو الشرق.
وجد الباشق المغرور نفسَه في قبيلة شديدة، لكنه يتعرض للهزيمة على يد أحد فرسانها، فيهرب إلى البرية إلى أن يجده والده لاحقاً.
أما أسامة فيتوجه إلى قبيلة الباهلي الضعيفة، فيعكف على تدريب رجالها لتصبح شديدة البأس وحصينة، لكن طموحه يدفعه إلى أن يغير على قبيلة أخرى، حيث نزل أخوه عُقاب.
يجد الأب نفسه لاحقاً متعباً لفراق أولاده، بينما تمر قبيلته بظروف تُضعفها فيقرر البحث عن أولاده.
ينتهي الجزء الأول نهاية مأساوية عندما يقرر الأب أن يقتل ابنه أسامة بعد إصراره على مهاجمة قبيلة الأشعث، لينتهي دور زيدان في الجزء الأول.
مسلسل الكواسر
يستكمل الجزء الثاني أو مسلسل الكواسر القصة، عندما يعود ابن الوهاج إلى قبيلته مع ابنته العنقاء وولده الباشق.
يقرر البحث عن حفيده ليث من ابنه الذي قتله ليحل محل أبيه، والذي ساهم في شن هجوم على قبيلة أبيه.
تتطور أحداث هذا الجزء من المسلسل حول قبيلة شقيف التي تعودت مهاجمة القبائل الأخرى، فتقتل أهلها من دون أي اعتبار، ونهب أموالها.
وفي إحدى المرات يعثر شقيف على طفل صغير، وهو ليث ابن أسامة ابن الوهاج، ويتخذ منه ولداً له ويلقِّبه باسم "الكاسر"، ليرافق شقيف فيما بعد في هجومها على قبيلة ابن الوهاج، التي كانوا يظنون أنها تشبه بقية القبائل التي هاجموها من قبل.
إلا أنهم فوجئوا بفرسان "الجوارح" الذين يخرجون على شقيف من كل الجهات، ليجبروا مقاتلي شقيف على الانسحاب خاسرين.
وتمضي الأيام، ويجد شقيف رجلاً عربياً يدعى "خالد"، فيأكل من زاده، ثم يقتل أهله من دون رحمة، فما كان من خالد إلا الثأر والانتقام، فطعنه بطريقة سبَّبت العقم له.
يقبض عليه فيما بعد رجال شقيف، بعد أن كانوا هاجموا قبيلة الأشعث، التي يقطنها عُقاب ابن الوهاج، فيقتلون الأشعث وحفيده وشاهين ابن عقاب.
ثم يذهب ضرار ابن الأشعث إلى آل الوهاج، ليخبرهم بما حدث، وليطلب منهم العون، ويخبرهم بأن عقاب مات بمرض الطاعون، وأن ولده الصغير قُتل على يد شقيف، ويأخذ وعداً من ابن الوهاج بنصرته، فيتوجهوا على رأس جيش كبير يقوده الباشق، لقتل شقيف.
أما الكاسر فيلتقي قبيلة الوهاج ليعالج صديقه أكاي، وهناك تنشأ علاقة حب بينه وبين هديل، إلا أن أمه تتعرف عليه بعدما رأت الوشم الموجود على كتفه، والذي يثبت أنه ليث ابن أسامة، وينتهي هذا الجزء بمقتل شقيف.
المسلسل من تأليف هاني السعدي وإخراج نجدة إسماعيل أنزور، وعُرض في عام 1998.
مسلسل البواسل
يبدأ هذا الجزء من نقطة نهاية مسلسل الكواسر بالفوز على شقيف وعصبته، وابن الوهاج كان متوجهاً لتمثال أسامة.
يتم اختطافه من قِبل عصابة جندع الذي يطلب ذهب ابن العلقم فديةً لإطلاق سراحه، ولكن ليث ابن أسامة يلجأ للحيلة، فيخلّص جده بعد معركة مع جندع، ويصبح بعدها مشلولاً إثر طعنه العرندس له؛ وهو أحد البواسل الأربعة.
يقرر جندع الانتقام من ابن الوهاج فيرسل ولده القعقاع، وهو فارس قوي، للانتقام منهم.
يلجأ القعقاع إلى اختراق قبيلة ابن الوهاج ليستضيفوه بينهم بشكل ودي، وعندها يبدأ بتصفية فرسان القبيلة واحداً تلو الآخر.
ألّف هذا العمل هاني السعدي ومن إخراج أنزور أيضاً، وبطولة باسل الخياط وقيس الشيخ نجيب ورشيد عساف وغيرهم الكثير، وتم عرضه عام 2000.
تأثير المسلسل في الشارع العربي
نجاح العمل تمت ترجمته في الشارع العربي وتحديداً في سوريا ولبنان والأردن.
إذ أصبحت المحال التجارية تسمي نفسها بـ"الجوارح" و"الباشق" و"ابن رومية" و"أسامة" و"ابن الوهاج" وغيرها من الأسماء.
وكان الباعة يتندرون بالفواكه، ليقولوا على سبيل المثال "هذا اللحم كان على مائدة ابن الوهاج"، و"تعالَ وتناول من صيد الجوارح".
وحينما كان يعرض المسلسل في تسعينيات القرن الماضي، كان يشكّل حالة من حظر التجول في معظم الدول التي كان يُبث من خلال محطاتها الأرضية أو الفضائية.