"قالوا زمان دنيا دنية غرورة.. وقلنا واللي تغرّه يخسر مصيره.. قالوا الشيطان قادر وله ألف صورة.. قلنا ما يقدر ع اللي خيره لغيره".. بالموسيقى المؤثرة والخالدة لياسر عبدالرحمن، وصوت علي الحجار سمعناها في طفولتنا وسمعها آباؤنا قبل 27 عاماً عندما بُث مسلسل "المال والبنون" المصري الشهير.
في تلك الفترة، كان هذا المسلسل الذي أنتجه اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري بمساعدة الكاتب محمد جلال عبدالقوي وإخراج مجدي أبوعميرة، من أهم المسلسلات الدرامية، حتى إنه بعد إطلاق جزأيه الأول عام 1993(21 حلقة)، والثاني عام 1995 (34 حلقة)، حصل على جائزة إدارة الإذاعة والتلفزيون المصرية عام 1998 وتم تكريم مخرجه.
علاقة المال والبنون
قصة المسلسل تدرس بالأساس علاقة المال بالبنين، والاختلاف في تعامل الإنسان مع متع الحياة المتمركزة حول المال والبنون، كما يستعرض الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية منذ الفترة الملكية وحتى السبعينات.
إذ تدور أحداث المسلسل في حلقاته الـ 55 حول عائلة سلامة فراويلة وعباس الضو، الأول يعيش في رفاهية مع أولاده، والثاني يعيش في غرفة بسيطة فوق أسطح أحد المباني، تدور الأيام ويرغب يوسف ابن عباس البسيط في الزواج من فريال ابنة سلامة. ترفض العائلتان بلا سبب مبرر للأبناء.
لكن مع الوقت يتبين للابن يوسف السبب، وهو أن سلامة ووالده عباس كانا يعملان معاً في السابق لدى خواجة أجنبي جمع ثروته من تهريب الآثار خارج مصر، وبعد موت الخواجة يأخذ سلامة المال بحجة أنه ملك عام أو للدولة وليس سرقة من شخص، فيما يرفضه عباس الذي يتمسك بمبدأ تربية أولاده بالحلال، لكن الأحداث تتشابك أكثر مع صراعات بين العائلتين تتخللها قصص حب.
المسلسل قدمه مجموعة من أبطال الدراما في مصر، أبرزهم: عبدالله غيث، وحمدي غيث، ويوسف شعبان، وأحمد عبدالعزيز، وحسين فهمي، وحنان ترك، وشيرين سيف النصر، ووائل نور، وشريف منير، ورشوان توفيق، وعبلة كامل، ووحيد سيف، وأحمد راتب، وزيزي البدراوي، وحسن حسني، ومحمد متولي، وأحمد راتب، وصلاح رشوان، وفادية عبدالغني، وروجينا، وهادي الجيار، وإبراهيم يسري، وهياتم، وسيد زيان، وعايدة رياض.
"بحلم وبفتح عنيا على جنة للإنسانية، لكنها دنيا غرورة دنية".. قصة تغيير شارة النهاية
شارة نهاية المسلسل التي شاركت غناءها حنان ماضي مع مغني شارة البداية علي الحجار، توصل رسالته كاملةً في كلماتها: "باحلم وافتح عنيا على جنة للإنسانية والناس سوا بيعيشوها بطيبة وبصفو نية"، لكن في الواقع كانت هناك رسالة أخرى تقول إنه في نهاية كل شيء فهذه الدنيا مليئة بالشر، فكلمات الأغنية الأصلية كانت تنتهي بـ: "دنيا غرورة دنية زي الحنش شرانية.. ياريتنا نأمن أذاها ونعيش سوى بصفو نية"، بالإضافة إلى تغييرات أخرى.
إذ إنه بعد تأدية غناء الشارة التي كتبها شاعر العامية المصرية سيد حجاب، ولحنها ياسر عبدالرحمن، تدخلت الرقابة لتغييرها، إذ رأى ممدوح الليثي الذي كان يشغل منصب رئيس قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتلفزيون وقتها ضرورة تغييرها لقسوة الكلمات، وفق مجلة "ليالينا".
شارة النهاية التي نشرت:
باحلم وافتح عنيا على جنة للإنسانية والناس سوا بيعيشوها بطيبة وبصفو نية
أحلامي تصلبلي ضهري ويروق ويصفالي دهري.. ويلالي ظاهري وجواهري لكل ناسي وليا
باحلم وافتح عنيا على جنة للإنسانية والناس سوا بيعيشوها بطيبة وبصفو نية
يا دنيا مهما تغرّي غيري مسيرك تمرّي.. وبعد مُرّي تسري نفسي العفيفة الغنية
باحلم وافتح عنيا على جنة للإنسانية والناس سوا بيعيشوها بطيبة وبصفو نية
لا المال ينوّر طريقي ولا البنون بلّوا ريقي.. عملي في حياتي رفيقي في وقفتي الأخرانية
بحلم وافتح عنيا على جنة للإنسانية والناس سوا بيعشيوها بطيبة وبصفو نية
النص الأصلي لشارة النهاية قبل التعديل:
بأحلم وافتح عنيا على جنة للإنسانية والناس سوا بيعيشوها بطيبة وبصفو نية
يادنيا ولا هدي ضهري ليكي ولا اعيش في قهري.. ياما نفسي يصفالي دهري وترجعي حقانية
باحلم وافتح عنيا على جنة للإنسانية والناس سوا بيعيشوها بطيبة وبصفو نية
لاء يا دنيا، أجري غُري غيري ولاعبي وضُري.. أما أنا رغم مُري نفسي عزيزة وغنيه
باحلم وافتح عنيا على جنة للإنسانية والناس سوا بيعيشوها بطيبة وبصفو نية
دنيا غرورة دنية زي الحنش شرانية.. ياريتنا نأمن أذاها ونعيش سوى بصفو نية
وبشأن شارة المسلسل أيضاً، فقد حكى الحجار بعض كواليسها خلال لقاء له عبر فضائية "إم بي سي مصر"، إذ قال إنه اختلف كثيراً مع الموسيقار ياسر عبدالرحمن في تلحين وتوزيع هذه الأغنية، وتابع: "كان عامل حاجة اتخانقنا عليها جامد، في آخر كل جملة كان يغير مقام بطريقة لم تحدث في تاريخ الموسيقى، وهو أمر غير مُعتاد ولم يحدث من قبل"، لكنه انصاع في النهاية لرغبة الملحن، كما تحدث عن عزلة حجاب 5 سنوات قبلها قضاها في القراءة ليخرج بهذه الكلمات.
اعتذارات ووفيات غيّرت شخصيات الجزء الثاني
مَن كان يعلم أن هذا العمل سينجح ويترك أثراً في الدراما المصرية حاضراً إلى الآن؟ غالباً لا أحد حتى أبطاله، إذ اعتذر أكثر من فنان عن عدم استكمال أدوارهم في المسلسل، وربما لو كانوا يعلمون ما سيحققه المسلسل من نجاح بجزأيه معاً لما فعلوا.
ففي الجزء الثاني من العمل اعتذر شريف منير عن عدم استكمال شخصية "فريد فراويلة" وحل محله الفنان وائل نور، ولم يؤد الدور بالشكل الذي انتظره الجمهور، كما اعتذرت فايزة كمال عن شخصية "فريال فراويلة" وحلت محلها الفنانة جيهان نصر، والتي كان أداؤها أقوى، كذلك اعتذر حسن حسني عن شخصية "الصول شرابي" وحل محله محمد متولي، كما حل مظهر أبوالنجا مكان محمد أبوالحسن لأداء شخصية "أمين السجل"، كما توفي الفنان عبدالله غيث قبل إنهائه المسلسل فصوّر بالنيابة عنه أخوه الفنان حمدي غيث.
وقد برر مخرج العمل مجدي أبوعميرة بعض الاعتذارات في لقاء ببرنامج "90 دقيقة" على قناة "المحور" رغم انزعاجه منها، إذ قال إن السبب وراء اعتذار شريف منير عن الدور هو وقوع خلاف بينه وبين المنتج الفني ممدوح الليثي، بينما طالبت فايزة كمال تعديل دورها وهذا ما رفضه السيناريست محمد جلال عبدالقوي.
توقف الجزء الثالث
مع الاعتذارات وبعض الأسباب الأخرى قتلت محاولة إنتاج جزء ثالث في مهدها، إذ كشف مؤلف العمل محمد جلال عبدالقوي عن السبب في أحد اللقاءات التلفزيونية له عام 2014، وأشار إلى وقوع خلافات بينه وبين المنتج الفني ممدوح الليثي، وهذا ما أكده الفنان رشوان توفيق، خلال لقاء له على قناة DMC، في 2018.
في هذا اللقاء كشف عن كواليس وتطور كبير في الأحداث الدرامية كان سيشهده الجزء الثالث وعلى رأسه تمكّن "السحت"، الذي أدى دوره الفنان أحمد راتب، من هدم البيت الكبير، كما أشار إلى أن أجر المؤلف كان 1600 جنيه عن الحلقة الواحدة، وذلك على عكس الملايين التي يتقاضاها مؤلفو الأعمال الحالية.