قد لا يختلف الكثيرون حول الأثر الإيجابي للموسيقى على المِزاج العام للأشخاص، وإدخال الهدوء، والسلام النفسي أو البهجة عليهم.
ولكن بعيداً عن الترفيه، وعندما نتحدث عن الموسيقى بالاقتران بالعمل أو بالمذاكرة، تؤكد بعض الدراسات أن آثارها سلبية، بينما نُشرت دراسات أخرى أحدث تؤكد أن للموسيقى آثاراً إيجابية على تحفيز الدماغ أثناء العمل أو المذاكرة، وفي تقريرنا التالي نتعرف على أحدث ما يقوله العلم عن الاستماع إلى الموسيقى أثناء المذاكرة أو العمل.
بخلاف تأثير موزارت.. ما هي الفوائد؟
منذ عدة سنوات، انتشر ما يعرف بتأثير موزارت، وهو باختصار تأثير يستند إلى دراسة علمية تقول إن استماع الأطفال إلى الموسيقى الكلاسيكية وتحديداً موسيقى موزارت يجعلهم أكثر ذكاءً، وهو ما دحضته دراسات علمية أخرى.
ولكن هناك فوائد أخرى ظهرت في دراسات علمية أكثر دقة، أفادت أن هناك عدة عوامل يجب أن يراعيها الشخص عندما يستمع إلى الموسيقى أثناء العمل أو المذاكرة لتحصيل أقصى فائدة، وبين هذه العناصر نذكر:
الاستماع إلى الموسيقى أثناء المذاكرة أو العمل : من دون كلمات
بحسب ما نشره المركز الوطني الأمريكي للأبحاث عام 2012، فإن الاستماع إلى الموسيقى التي تحتوي على كلمات؛ أي الأغاني العادية، يؤثر سلباً على الدماغ، وخاصة في عملية (الإبداع)؛ إذ يشغل جزءاً من الدماغ لتلقي الكلمات ويعطل عملية الإبداع لحظياً، لذا من الأفضل دائماً أن تستمع إلى الموسيقى فقط وليس الأغاني إذا أردت تحصيل أكبر قدر من التركيز والاستفادة.
موسيقى مألوفة لك
في عام 2011 نُشر بحث في أحد دوريات علم الأعصاب، يفيد بأن الاستماع إلى الموسيقى المألوفة لدى الأشخاص -المعتاد عليها أو سبق الاستماع إليها من قبل- تساعد بشكل كبير على التركيز أثناء أداء المهام الذهنية التي تتطلب تركيزاً ذهنياً مكثفاً.
وعلى العكس، جاءت نتائج البحث بأن الموسيقى الجديدة التي يستمع إليها الأشخاص لأول مرة قد تقلل من فرصة التركيز والاستفادة الذهنية، لذا يكون من الأفضل لك أن تختار قائمة تشغيل موسيقى من دون كلمات، وبالطبع تكون مألوفة لديك، وسبق أن استمتعت بسماعها من قبل.
المهام التي تتطلب استيعاب تحظى بنتائج أفضل
ربما قد تكون الدراسة التالي ذكرها قد مر عليها وقت طويل، إلا أنها لا تزال تحظى بتأييد كبير في الأوساط العلمية، ففي عام 1989 نشرت جامعة أوهايو ويسلين الأمريكية بحثاً خلصت نتائجه إلى أن الاستماع إلى الموسيقى خلال مهام العمل التي تتطلب استيعاباً وإدراكاً عالياً يسهم بشكل قوي في إنجازها.
ويجدر بالذكر أن الصمت أثناء الاستماع وأداء المهام يسهم أيضاً في تقليل نسبة الشعور بالضغط تجاه هذه المهام.
وفي عام 2012 أيدت هذه النتائج دراسة أخرى نشرت في دورية Research Gate، وخلصت نتائجها أيضاً إلى أن أداء بعض الطلاب أثناء الاستماع إلى الموسيقى في اختبار رسمي بأسلوب الاختيارات المتعددة جاء إيجابياً، وأسهم في نجاح الطلاب المشاركين في الدراسة، عندما استمعوا جميعهم تحديداً إلى الموسيقى الكلاسيكية.
ماذا عن المهام المتكررة بسرعة وأخطاء أقل؟
نشرت دورية Journal of the American Medical Association عام 1994 بحثاً مفاده أن الاستماع إلى الموسيقى أثناء أداء المهام الذهنية أو اليدوية ذات الطبيعة المتكررة يسهم بنسبة عالية في أداء هذه المهام في مدة أقل ممن لا يستمعون إلى الموسيقى، ليس هذا فقط، بل جاءت نتائج أداء هذه المهام بأقل نسب للأخطاء، وأقل نسبة في الشعور بالملل نتيجة هذا التكرار.
هل الموسيقى المبهجة تحفز الأداء الجسدي؟
نشرت دراسة نفسية رياضية عام 2010 أفادت أن الاستماع إلى الموسيقى ذات الإيقاع الذي يتسم بالتفاؤل والبهجة Upbeat -ليس الصخب أو علوّ الموسيقى- بإمكانها تقوية وتحفيز الأداء البدني أثناء التمرين الجسدي.
خلال الاستماع إلى هذا النوع من الموسيقى يحفز الذهن الجسم لتحمّل فترة أطول من التمرين، والوصول بقدرة الجسم إلى أعلى درجاتها وقوة تحملها، كما أثبتت الموسيقى المبهجة فاعليتها في رفع درجات الانتباه، وإدارة الأعمال الشاقة.
الاستماع إلى الموسيقى بين المهام
في بعض الأحيان لا يتمكن الشخص من الاستماع إلى الموسيقى أثناء القيام بالمهام الذهنية أو البدنية لأي سبب، ولكن حتى هذا يمكن أن يكون له عائد إيجابي إذا ما توقف الشخص لأخذ راحة بسيطة.
في عام 2007 نشرت جامعة تورنتو الكندية بحثاً كانت نتائجه أن في حالة عدم التمكن من سماع الموسيقى أثناء العمل، أو المهام الدراسية؛ فإن الاستماع إليها خلال فترات راحة قصيرة بين المهام يؤدي إلى نتائج إيجابية، من أهمها زيادة الإنتاجية، وتصفية الذهن والاسترخاء، وإعداد الذهن للمهام التالية.