إذا كنتَ من محبِّي سماع موسيقى الروك، فينبغي أن تكون سمعت لأحد أبرز رموزها، جوني كاش.. وكاش له تأثير كبير في تاريخ هذا النوع من الموسيقى، الذي خلط فيه بين الموسيقى والتراتيل الإنجيلية، فمَن هو جوني كاش؟
كاش هو مغنٍّ، وعازف غيتار، وكاتب أغانٍ، وُلِدَ عام 1932 في كينغزلاند في أركنساس، وتربَّى وسط أسرة فقيرة، كان كاش ابناً لمزارع لديه 7 من الأولاد، فكانت ظروفهم المادية غاية في الصعوبة.
أمضى جوني معظم أيام طفولته الأولى في المزارع والحقول، يساعد أسرته في سداد ديونها التي كانت تتراكم عليهم بسبب ظروفهم المادية المتواضعة، وعاش حياة صعبة مليئة بالعمل منذ نعومة أظافره.
من الأغاني التي كان الناس ينشدونها في الحقول أثناء العمل وُلد ارتباطه بالموسيقى، فكان يغني معهم، ويرتجل في بعض الأحيان.
الطبيعة صنعت منه كاتباً
أحاطت الظروف به لتخلق منه كاتباً، فبدأ بتأليف الأغنيات في سن صغيرة جداً، وفي عمر الثانية عشرة أمعن في إظهار حبه للموسيقى، وحين شعر والده بموهبته ادخر ما استطاعه من المال؛ ليلحقه بدروس الموسيقى، ولأن غناءه كان غريباً سخر منه معلمه، ونصح والديه بأن يبتعدا عن هذا المجال.
لكنه لم ييأس وقرر استكمال مسيرته، كانت والدة جوني متدينة؛ لذلك أثَّر الدين عليه بشكل كبير، وساهم في تشكيل وعيه الموسيقي، لدرجة أنه كان يمزج كلمات أغانيه بالترانيم الكنسية التي تأثر بها بشكل واضح.
أنهى جوني دراسته الثانوية، والتحق بعدها بسلاح الجو لإنهاء خدمته العسكرية، وهناك شكَّل جوني مع أصدقائه في سلاح الجو فرقة موسيقية، تعلم فيها العزف على الغيتار، وهنا بدأ في التفكير في الانتقال لمرحلة العروض أمام الجمهور مع أصدقائه.
أصبح كاش قائد الفرقة، التي استمرت بعد إنهاء الخدمة العسكرية، وقدمت الكثير من الأغنيات، مثل hey porter و Folsom Prison Blues.
إبان الحرب العالمية الثانية، كتب كاش كلمات يتحدث فيها عن مشاعره خلال الحرب، والتي سجلها في أغنية Prison Blues، إذ عبَّر عن حالة الدهشة التي أصابته من آلة القتل الدائرة.
اشتهر كاش في هذه الفترة بشكل كبير، وأصبح صوته الرخيم يملأ أرجاء أمريكا والعالم، فلُقب بصوت القطار؛ نظراً لأن صوته الفخم شبَّهه جمهوره بصوت قطار الشحن.
وبين تسجيله الأول في أواسط الخمسينيات، تحديداً في عام 1955 وحتى السبعينيات، أخذت شهرة جوني في الانطلاق بجنون، وكان متزوجاً من حبيبته فيفان التي ارتبط بها في فترة مراهقته، حينها كان ينتج الرجل ما يقرب من 200 حفل سنوياً، وكان يمضي وقته كله في الحفلات والتسجيلات وإنهاء تعاقدات على أغنيات جديدة.
حينها بدأ كاش في تعاطي المخدرات، كان يرى أنها تمنحه الطاقة اللازمة لمواجهة كل هذه الضغوطات التي تصيبه في العمل، وعكف على تناول الأمفيتامينات، إلى أن انفصل عن زوجته التي لم تحتمل نمط حياته في عام 1966.
أخذ كاش في التعاطي بشكل شرس، حتى بدأ نجمه في الخفوت، حين وصل لفترة السبعينيات، كاد جمهور كاش ينساه، فوجه الموسيقى تغيّر، وموسيقى الراب بدأت في التنامي، ومايكل جاكسون ومادونا كادا يغطيان على الساحة الغنائية.
وفي أواخر التسعينيات تدهورت حالته الصحية بشدة، وكانت زوجته الجديدة التي ارتبط بها مطربة الكانتري الشهيرة جون كارتر تحبسه في المنزل لأيام في محاولة لعلاجه، لكن يبدو أن كل محاولاتها باءت بالفشل.
ساءت حالة كاش الصحية في أواخر تسعينيات القرن الماضي، وشخّصت حالته بإصابة بمتلازمة دراجز، واعتلال عصبي لا إرادي.
واصل الفنان الأمريكي عمله بصعوبة، لكنه استمر في الساحة الغنائية بشكل خافت، حتى عام 2002 الذي أصدر فيه تسجيلات أغنياته American IV: The Man Comes Around.
بدا كاش في أغنياته مكتئباً، فكان تعبيره عن الحالة النفسية التي يمر بها موجعاً وحزيناً، واستمرت صحته في التدهور حتى توفي عام 2003.
استمر كاش في العمل حتى قبل أسبوع من وفاته، وسجل أغنية A Hundred Highways لكنه تعرض لوعكة صحية كانت النهاية لمشواره الفني.
قدم كاش على مدار مسيرته التي استمرت نحو 5 عقود آلاف الحفلات والأغنيات والبرامج التي جعلت منه أيقونة لموسيقى الكانتري، ولا تزال ذكراه حاضرة بين محبِّي فن الروك في العالم.