خلف المشاهد التصويرية الرائعة والموسيقى المؤثرة والرؤية الإخراجية أفكارٌ أوجدها كاتب مبدع ما على الورق. فإذا تحولت إلى فيلم ناجح تقاتل الأطراف حول أحقيتها. نعم، هناك قانون يحمي الملكية الفكرية في هوليوود، ولكن هناك شركات إنتاج مدججة بجيوش من المحامين لحماية أرباحهم الخيالية وإسكات الأصوات المطالبة بجزء منها.
فيلم المخرج المكسيكي جييرمو ديل تورو The Shape of Water، والذي فاز بأربع جوائز أوسكار للعام الجاري منها أفضل فيلم وأفضل مخرج، يواجه مأزقاً قضائياً لم يُحكَم فيه بعد.
اتُهم ديل تورو بالسرقة الأدبية من أكثر من مصدر، أحدها فيلم هولندي قصير يدعى The space between us. لكن أكاديمية هولندا للسينما أصدرت بياناً ينفي هذا التشابه. أجرى أعضاؤها محادثات ودية مع ديل تورو، ووجدوا أن لكل فيلم هويته الخاصة، متمنين له النجاح.
تشابه آخر مع مسرحية Let Me Hear You، التي تقدم نجل كاتبها بول زينديل بدعوى قضائية، متهماً ديل تورو بسرقة فكرة الفيلم منها. نفى ديل تورو الأمر، وما زال الحكم قيد الانتظار.
إلا أن هذا الفيلم لم يكن الوحيد المتشبه به، إليك أفلاماً أخرى طاردتها لعنة الدعاوى:
Avatar: تهم قضائية بسرقة الفكرة والشخصيات والتصاميم
الفيلم الأعلى ربحاً في العالم وربما الأعلى في عدد الدعاوى المقامة ضده.
عُرض فيلم Avatar للمخرج جيمس كاميرون عام 2009، ونال 3 جوائز أوسكار من أصل 9 ترشيحات، لكنه ظل الفيلم لعدة سنوات أمام المحاكم يواجه ما يقرب من 8 دعاوى.
أهم هذه الدعاوى قدمها إريك رايدر، الذي قال أنه كان يعمل في شركة كاميرون Lightstorm Entertainment لمدة عامين على تطوير سيناريو خاص به تشبه قصته فيلم كاميرون. رفضت الشركة فكرته وتوقف عن العمل عليها، لكن كاميرون نفى أي معرفة بالسيناريو الخاص برايدر، وأقسم أمام المحكمة أنه لم يره من قبل، وأُسقطت الدعوى.
تباينت بقية الاتهامات بين سرقة أفكار تصميمات وشخصيات، وانتهاك حقوق ملكية كتب تم نشرها بالفعل، لكن كل هذه الدعاوى باءت بالفشل، ولم يُدن كاميرون وقال معلقاً بعد قضية رايدر: "للأسف عندما ينجح أي فيلم يحاول بعض الأشخاص جني ثروة سريعة من خلال ادعاء سرقة أفكارهم، تكرر هذا الأمر مع Avatar. أنا ممتن لمحاكمنا لإثباتها عدم جدوى هذه الادعاءات. هذا الفيلم شخصي للغاية ظللت أعمل عليه وعلى تصميماته لعدة سنوات، أنا سعيد بقرارات المحكمة".
Gravity: ضياع حقوق المؤلفة أمام شركات الإنتاج النافذة
فاز ألفونسو كوارون بجائزة أوسكار أفضل مخرج عن فيلم Gravity ليصبح بذلك أول مخرج من أصل مكسيكي يفوز بهذه الجائزة، كما نال الفيلم 6 جوائز أخرى. لكن كل هذا النجاح طالته الأزمات منذ أن قامت الكاتبة تِس غريتسن برفع دعوى قضائية ضد استوديو Warner Bros.
نشرت غريتسن عام 1999 روايتها بعنوان Gravity، تتشابه حبكة الرواية وكثير من تفاصيلها مع فيلم كوارون مثلما قالت هي، حتى أنهما يحملان الاسم نفسه. تقول غريتسن "بعت حقوق تحويل الكتاب إلى فيلم لشركة New Line للإنتاج، ونص العقد أنه إذا صنع فيلم مبنياً على كتابي، يُكتب اسمي على الفيلم وأحصل على جزء من الأرباح".
وشركة New Line هي شركة توزيع أفلام فرعية تابعة لـ Warner Bros، لكن ظلت تعمل بشكل مستقل لسنوات طويلة، حتى أعلنت وارنر بروس استحواذها عليها عام 2008. هنا ظهرت مشكلة غريتسن: "بعد ظهور فيلم كوارون سُئلت كثيراً عن التشابهات بين الفيلم وروايتي فقلت ربما كان الأمر صدفة، لكن عام 2014 علمت أن كوارون أراد منذ عام 2000 أن يصنع فيلم مبني على كتابي، هنا أدركت أن الأمر ليس صدفة. وقمت برفع دعوى إخلال بالعقد ضد ورانر بروس، لأنهم بالرغم من امتلاكهم حق تحويل الكتاب إلى فيلم، إلا أنهم أخلوا بشروط تعاقدهم مع نيو لاين، مبررين أنهم ليسوا مطالبين بتنفيذه".
ظلت هذه القضية قائمة لما يزيد عن عام، وحكمت المحكمة بسقوط الدعوى لعدم كفاية الحقائق التي تؤكد دعواها، ومنحتها فترة لمراجعة شكواها من جديد، لكن جريتسن أعلنت بعد ذلك تنازلها الكامل عن القضية قائلة: "ليس لدي ثقة في النظام ولا أن قضيتي ستسمع، التكاليف المالية والعاطفية التي ستُبذَل لسنوات ضد خصم موارده لا تنفذ، بلا أمل أن ينجح سعينا، جعلني أقرر أن أنهي الأمر".
The Matrix: الحكم لصالح لشركة الإنتاج والمؤلفة ترد "نظام المحكمة فاسد"
من أشهر القصص المتداولة عن فيلم The Matrix تبعاً لما ذكرته صحيفة Time هي فوز امرأة تدعى صوفيا ستيورات بمئات الملايين من الدولارات عن دعواها ضد صناع الفيلم. اتهمتهم بأنهم سرقوا نصاً أرسلته إليهم لكن لم تتلق رداً منهم؛ وهو النص الذي اقتبسوا منه الفيلم.
قدمت صوفيا بالفعل هذه الدعوى لكنها لم تفز بها بل تم إسقاطها لأنها لم تقدم أدلة كافية ولم تحضر بالأساس للمحكمة. لكنها صرحت أن نظام المحكمة فاسد، وأن وارنر بروس يجب أن تدفع لها مستحقاتها.
قوضي صناع الفيلم مرة أخرى بانتهاك حقوق الملكية، حيث ادعى توماس التهاوس أن الفيلم مسروق من سيناريو خاص به، لكن حُكم لصالح صناع The Matrix لعدم وجود تشابه كاف مثلما تقدم المدعي.
Inside Out: لم تسجل المؤلفة حقوقها الفكرية فأخذتها ديزني
يعد فيلم الرسوم المتحركة Inside Out من أفضل ما أنتجته ديزني وبيكسار في العشر سنوات الأخيرة، واكتمل نجاحه بعد حصوله على جائزة أوسكار أفضل فيلم رسوم متحركة عام 2016.
تقدمت أخصائية تنمية الطفل دينيس دانيلز في يونيو/حزيران عام 2017 برفع دعوى ضد بيكسار بأنهم سرقوا فكرة الفيلم من مشروعها المسمى The Moodsters، وهو عبارة عن خمس شخصيات تمثل مشاعر الإنسان، لتساعد الأطفال في فهم مشاعرهم. وبالفعل تحول مشروعها إلى مسلسل للأطفال وأيضاً إلى مجموعة ألعاب متكلمة عام 2007.
قامت دعوى دانيلز على ادعائها بأنها قابلت أحد العاملين في ديزني ونقلت له فكرة مشروعها على أمل تحويلها لفيلم مقابل مكسب مادي، وتم رفض هذه الدعوى لأنها لم توفر أدلة كافية ولأن مشروعها عرض بالفعل وتم نشره على يوتيوب.
ثم رفعت دعوى انتهاك حقوق ملكية بسرقة شخصيات مشروعها، لكن هذه الدعوى أيضاً تم رفضها لأن شخصياتها لم تكن معروفة ولأنها لم تحقق مشاهدات كافية لتصبح شهيرة بالقدر الكافي، ولم تُسجَّل رسمياً حتى يتوفر شرط انتهاك حقوق الملكية.
Frozen: تريلر الفيلم منقول عن فيلم آخر!
ليست المرة الأولى التي يتم فيها مقاضاة ديزني، لكن لم يكن الفيلم هو المشكلة بل إعلانه.
قدمت كيلي ويلسون شكواها ضد ديزني عام 2014 لأن الإعلان الذي صدر عام 2013 يشبه فيلم The Snowman، وهو فيلم رسوم متحركة قصير قامت بتأليفه وإخراجه "الإعلان يشبه الفيلم في الحبكة والشخصيات وتتابع الأحداث وأغلب التفاصيل" مثلما جاء في شكواها.
تمت مقارنة العملين أمام المحكمة، وجاء قرار المحكمة في صالح كيلي "إن تسلسل الأحداث في العملين متواز للغاية ولا يمكن لأي هيئة تحكيم أن تنفي الشبه بينهما"، ونصحت المحكمة الطرفين بتسوية الأمر وبالفعل تمت التسوية لصالح كيلي.
Stranger Things: عن مشروع السفر في الزمن بتمويل الحكومة الأميركية
نالت المسلسلات أيضاً نصيبها من القضايا، مثلما حدث مع مسلسل نتفلكس الشهير Stranger Things الذي بدأ عرضه عام 2016.
تقدم شارلي كيسلر صانع أفلام مستقل برفع دعوى هذا العام ضد صناع المسلسل روس ومات دافر، متهماً بسرقة فكرة المسلسل من فيلمه القصير Montauk الذي أخرجه عام 2012.
يدّعي كيسلر أنه عرض عليهم عام 2014 فكرة مسلسل مبنية على فيلمه، لكنهم سرقوا أفكاره وأبعدوه عن العمل.
المسلسل بالفعل كان اسمه المبدئي Montauk مثلما أعلنت نتفلكس، ويقال أنه مستوحى من مشروع مونتوك السري للسفر عبر الزمن الذي دشنته الحكومة الأميركية، وهو مشروع لم تُثبت حقيقته حتى الآن.
وعلّق محامي الدفاع: "الأخوان دافر لم يشاهدا فيلم كيسلر ولم يناقشا معه أي مشروعات. إنها مجرد محاولة للتربح من أعمال الآخرين". لكن ما زالت الدعوى قائمة ولم يصدر حكم حتى الآن.