لن تذهب لحضور فيلم، بل ستكون "داخل الفيلم ذاته". هكذا يصف صناع السينما الجديدة بتكنولوجيا 4DX تجربة مشاهدة الجمهور لأعمالهم.
إذا كانت سينمات 3D وImax تُمثِّلان بداية سباق مسلح متعدد جديد، فإن 4DX هي السلاح النووي السينمائي، إذ يفترض أنها "تجربة جديدة تُحرِّك جميع الحواس الخمس"، حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
عملياً يعني ذلك أنها تجربةٌ سينمائية ممتعة، تشبه إلى حدٍ بعيد لعبة قطار الملاهي: تتحرَّك المقاعد في جميع الاتجاهات، وتهبُّ الرياح من المراوح في جميع أرجاء صالة العرض، وتوجد رشاشات مياه، وكذلك هواء معطر، ويصدر الدخان، وتضيء الصواعق، والمؤثرات الثلجية وغيرها المزيد.
كيف وأين ظهرت؟
تعد سينما الـ4DX الخطوة التالية بعد السينما ثلاثية الأبعاد 3DX.
وأنشأت كوريا الجنوبية هذه التكنولوجيا التي انتقلت بدورها إلى جميع أنحاء العالم تدريجياً: بدايةً من آسيا وأميركا الجنوبية والوسطى، وصولاً إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم الولايات المتحدة في العام 2014، والمملكة المتحدة في العام 2015.
الأجواء التي تخلقها هذه التكنولوجيا، تميل إلى نوعٍ معين من الأفلام. تشمل إصدارات تكنولوجيا 4Dx المستقبلية سلسلة أفلام: Avengers: Infinity War وSolo وJurassic World.
ماذا يحدث لك عندما تسقط الطائرة في النهر؟
"عواء الذئب العملاق الذي حاول عض الطائرة يجعل الأمعاء ترتجف".
يروي ستيف روز، كاتب تقرير The Guardian تجربته الشخصية قائلاً، العرض الذي حضرته كان لفيلم Rampage، الذي تدور قصته حول أن الممثل دوين جونسون ينقذ البشرية بمساعدة غوريلا بيضاء عملاقة من وحوش تحوَّلَت بسبب طفرةٍ جينية وأخذت تطيح بناطحات السحاب.
لا يُعد Rampage فيلماً هادئاً للبدء به، حسب تعبيره، إذ إن تكنولوجيا 4DX تُبرِز كل قفزة وضربة، وكل صوت حيوان، وكل سحقة وتحطم، ورش المياه، وكل فرقعة ولكمة، لتصير أبعاداً كرتونية.
بالذهاب في مهمةٍ جوية مبكرة، تهتز المقاعد مع الحركة، إضافة إلى النيران الصادرة عن المدفع الرشاش وعواء الذئب العملاق الذي ترتجف له الأمعاء، والذي يحاول عض الطائرة وإسقاطها من الهواء.
ماذا الآن؟ نحن نهبط بالقرب من نهر؟ تُطلَق نفحات كبيرة من الهواء البارد ورشاشات المياه (من الفوهات على المقعد بالأمام).
وعند المحاولة لتدوين الملاحظات، يقول: أشعر كأنني السيدة الموجودة في الطائرة! التي تحاول أن تضع أحمر الشفاه في الحمام، وينتهي بها الأمر أن تشبه المهرج.
هل من الممتع أن تكون في قلب الفيلم؟
لأكون صادقاً، بدلاً من أن تُدخِلني تكنولوجيا 4DX داخل "الفيلم"، فقد أخرجتني من أجوائه، هكذا يصف ستيف شعوره بعد مشاهدة الفيلم.
وهو شعور يشابه ما عبر عنه تومي أديبايوا في تقرير آخر بموقع Unilad البريطاني، إذ يقول أبعدتني التجربة عن محتوى الفيلم ذاته.
فهذه التكنولوجيا تميل لكونها لعبة قطار الأشباح أكثر من محاكاة لمهمة طيران. فالكراسي الناعمة الحمراء تنتفض في اهتزازاتٍ عنيفة مما يجعل التركيز على الشاشة أصعب، وفقاً لستيف روز.
إضافة إلى وجود فوهات المياه والآليات الأخرى داخل المقعد، التي تنكز أسفل ظهرك.
إذا عشت الأجواء، سيكون الأمر بمثابة جولةٍ مُشوِّقة غير مألوفة، إذا لم يحدث ذلك فسيكون الوضع أشبه بتعرُّضك للاعتداء من قبل مقعدك.
يقول روز، "أيضاً تبدو الأجراس والصافرات التي تصدرها تكنولوجيا 4DX مضافة بصورة غير متناغمة، لكن ربما سيبدأ صُنَّاع الفيلم في دمجها في الفيلم بصورةٍ طبيعية أكثر، أو حتى يصوغوا قصصهم حسب نقاط قوة التصميم".
هل هذا هو مستقبل السينما؟
إنها تبدو ممتعة، حسب تومي أديبايوا، إلا أنه لا يشعر أن هذا هو مستقبل السينما، أو على الأقل لا يزال هناك بعض العمل الذي ينبغي القيام به لتكون كذلك.
ويرى أن ما يستطيع مصممو 4DX فعله هو خلق شيء يسمح للفرد بضبط مدى قوة هذه التأثيرات.
فإذا كان المستخدم يمكنه ضبط عناصر مختلفة من التجربة، فسيكون شيئاً أكثر متعة، حسب رأيه.
لماذا يشعرون بالقلق وهرعوا لهذه التكنولوجيا؟
أما ستيف روز، فيبدو أكثر تشككاً في أن هذا هو مستقبل السينما، معتبراً أن ظهور تكنولوجيا 4DX إشارةٌ إلى سينما تقلق بشأن مستقبلها.
فبنفس الطريقة ظهرت صناعة الشاشات العريضة ذات تقنية ثلاثية الأبعاد مثل Cinemascope لتكون بمثابة ردٍّ جزئي على التهديد الذي مَثَّلَه انتشار أجهزة التلفاز في الخمسينيات.
واليوم فإن ارتفاع جودة التلفاز وظهور الشبكات مثل Netflix وخدمات البث الأخرى، وشاشات التلفاز عالية الجودة التي تعرض كل شيء، دفع صناع الأفلام نحو المُؤثِّرات الخاصة والميزانية المرتفعة.
ولكن يظل الأمر مرتبطاً برد الفعل الشخصي لكل مشاهد، كما يقول تومي أديبايوا، فهل تريد أن تجرب شعور السائق في فيلم Fast and Furious، أثناء المطاردة، أو الطيران في الفضاء في حالة Star Wars، أم تفضل أن تكون مجرد مشاهد بسيط.