فضيحة ووترجيت تجمع توم هانكس بميريل ستريب وسبيلبرغ في فيلم واحد

ثم قرر المخرج سبيلبرغ أن يعيد لأذهان العالم مرة أخرى المعركة القضائية التي قادتها صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز ضد الحكومة الأميركية

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/30 الساعة 03:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/30 الساعة 03:40 بتوقيت غرينتش

لا يكاد يمر عام حتى تطل علينا هوليوود بأحد أفلام السيرة الذاتية، لشخصيات كان لها تأثير كبير في التاريخ الأميركي.

ويشهد يناير/كانون الثاني المقبل صدور فيلم The Post، إخراج ستيفن سبيلبرغ وبطولة توم هانكس وميريل ستريب، الذي يقوم فيه هانكس بدور بن برادلي، مدير تحرير واشنطن بوست، الذي قاد جريدته لنشر فضيحة ووترجيت.

من هو بن برادلي؟

ولد بن برادلي يوم 26 أغسطس/آب 1921، ثم تخرج في جامعة هارفارد عام 1942، وبعد التخرج التحق بمكتب الاستخبارات البحرية، وعمل ضابط اتصالات في المحيط الهادي خلال الحرب العالمية الثانية.

بعد انتهاء الحرب عمل برادلي مراسلاً صحفياً في جريدة واشنطن بوست، ثم عمل مساعد ملحق صحفي في السفارة الأميركية في باريس عام 1951، لكنه أراد أن يكمل عمله بالصحافة، فواتته فرصة ليصبح مراسل مجلة نيوزويك في أوروبا.

لكن جريدته كانت تعاني وقتها من مشكلات مادية، فكان لا بد من بيعها. تواصل برادلي مع فيل جراهام، مالك ورئيس تحرير واشنطن بوست، تحدث معه عن نيوزويك، وخلال أيام اشترت واشنطن بوست نيوزويك عام 1961، وقرر فيل جراهام أن يولّي رئاسة مكتب المجلة في واشنطن لبن برادلي، القرار الذي عاد على برادلي بنفع كبير ووسع دائرة علاقاته.

وخلال عمله مراسلاً في فترة الخمسينات، توطدت علاقة برادلي بالسيناتور آنذاك جون كينيدي، الذي سيصبح لاحقاً رئيسا للولايات المتحدة. كان برادلي وكينيدي أصدقاءً مقربين، تلك الصداقة زادت وزن برادلي في عالم الصحافة ووضعته في مصافِّ النخبة الصحفية.

برادلي في واشنطن بوست

بعد وفاة فيل جراهام، تولت أرملته كاثرين جراهام رئاسة الجريدة، واتبعت رأي الخبراء بأن الجريدة تحتاج للتطوير. التقت كاثرين بعد ذلك برادلي، وتناقشا حول الجريدة، ثم قررت تعيين برادلي نائب مدير تحرير، في يوليو/تموز 1967، وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أصبح مدير التحرير حتى عام 1968، فصار بعدها رئيس التحرير التنفيذي.

بدأ برادلي بتطوير الجريدة وإضافة أبواب جديدة، واستعان بأفضل المراسلين، وبدأت الواشنطن بوست تتخذ مكانة مرموقة في الوسط الصحفي، حتى اكتسبت شهرة واسعة عندما نشرت ملابسات فضيحة ووترجيت.

أوراق البنتاغون وتمهيد الطريق لووترجيت

طلب وزير الدفاع الأميركي روبرت ماكنمارا عام 1967 فريقاً من المحللين الاستراتيجيين، ليقدموا دراسة سرية تبحث تورط الولايات المتحدة سياسياً وعسكرياً في حرب فيتنام منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى وقت طلبه، وعُرفت هذه الدراسة باسم "أوراق البنتاغون".

استعان المحللون بأرشيف وزارة الدفاع ووكالة الاستخبارات، وانتهى البحث عام 1969 ببحث يقع في 7000 صفحة، منها 4000 صفحة من الوثائق. من بين هؤلاء المحللين كان دانيال إلسبيرغ، الذي خدم كضابط في سلاح مشاة البحرية الأميركية في الخمسينات، ثم عمل بعد لك محللاً استراتيجياً في وزارة الدفاع، وأيضاً في مؤسسة الأبحاث والتطوير.

عام 1969 وبعد حضوره ندوة مناهضة لحرب فيتنام، قرَّر أن يقوم خفية بتصوير بعض المستندات السرية الخاصة بحرب فيتنام التي عمل عليها، وتكشف تورط أربعة رؤساء أميركيين في استمرار الحرب بفيتنام، وتكشف كذب الحكومة بخصوص دورها في هذه الحرب، وأعطاها لنيل شيهان مراسل صحيفة نيويورك تايمز كي يقوم بنشرها.

بدأت بالفعل نيويورك تايمز بنشر بعض هذه الوثائق، واعترضت إدارة نيسكون وقتها وأصدرت قراراً بوقف النشر، لأن هذه الأوراق تُهدد الأمن القومي، لكن وصلت بعض هذه الوثائق لواشنطن بوست، فقرر برادلي وفريق واشنطن بوست أن يقوموا بالنشر، ثم انضموا لنيويورك تايمز، وخاضوا معركة أمام المحكمة العليا لاستكمال النشر، وبالفعل وافقت المحكمة على النشر تطبيقاً لقانون حرية الصحافة، مفندة ادعاءات الحكومة.

فضيحة تسجيلات ووترجيت

بعد الانتصار ضد تقييد حرية الصحافة، كان الطريق ممهداً أمام واشنطن بوست لنشر السبق الصحفي الأكبر في تاريخها؛ فضيحة ووترجيت الغنية عن التعريف، التي بدأت باقتحام وزرع جهاز تنصت في مكتب الحزب الديمقراطي المنافس لحزب الرئيس نيكسون، وصلت الشرطة خلال زرع الأجهزة، وتم القبض على الأشخاص الخمسة المتورطين، واعترف بعضهم، وتمت محاكمتهم بتهمة التجسس.

كان جيمس مكورد أحد المتورطين يعمل في أمن اللجنة المسؤولة عن إعادة انتخاب نيكسون، وقد أرسل خطاباً للمحكمة، يخبرهم أن البيت الأبيض هو من قام بالضغط على المتهمين حتى يقوموا بالاعتراف.

لم يؤثر الحادث على نيسكون وانتخب للفترة الثانية، لكن بعد فترة قصيرة بدأ الصحفيان كارل برنستين وبوب وودورد البحث بشكل موسع في الحادث، بمساعدة مصدر سري أُعلن اسمه بعدها، وهو مارك فيلت ضابط بمكتب التحقيقات الفيدرالي.

نشرت هذه التحقيقات في شكل سلسلة كشفت تورط جهات عليا في الحادث من بينها البيت الأبيض، استمرت الجريدة في النشر، ودفع برادلي الصحفيين للاستمرار في التقصي والنشر، رغم إنكار البيت الأبيض، وتم تهديدهم لاحقاً.

وفي عام 1973 نشرت المحكمة خطاب مكورد، واتُّهم مسؤولون في البيت الأبيض بإعاقة العدالة، عندها تفجَّرت الفضيحة، وحوكم المسؤولون، واتُّهم نيسكون، وارتفعت الأصوات المطالبة باستجوابه، بعد أن ثبت تورطه في قضية ووترجيت عند الافراج عن شرائط تم تسجيلها في البيت الأبيض. استقال نيكسون يوم 8 أغسطس/ آب عام 1974، وخلفه نائبه جيرالد فورد، ثم صدر بعدها قرار بالعفو الرئاسي عن نيكسون.

سبيلبرج يعيد إحياء المعركة الصحفية

نشر وودورد وبرنستين كتاباً عام 1974، يحكي تفاصيل الواقعة، تحول الكتاب لفيلم بالاسم نفسه All The President's Men، عام 1976 نال الفيلم 4 جوائز أوسكار، وذهبت واحدة منها للممثل جيسون روباردس، الذي قام بدور بن برادلي.

ثم قرر المخرج سبيلبرغ أن يعيد لأذهان العالم مرة أخرى المعركة القضائية التي قادتها صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز ضد الحكومة الأميركية، فيما يخص أوراق البنتاغون التي ذكرناها سابقاً، وبطاقم عمل فخم ضم توم هانكس وميريل ستريب. فهل يكون على المستوى المنتظر لتلك الأسماء البراقة؟ هذا ما سنعرفه في يناير/كانون الثاني القادم.

تحميل المزيد