إذا أردت معرفة من لديه فرص في الفوز بالأوسكار بعد سبعة أشهر، عليك متابعة مهرجان عتيق يقام في مكان بعيد جداً عن هووليود.
فقد عاد أقدم مهرجان في العالم لمكانته كمنصة محتملة لترشيحات الأوسكار، إنه مهرجان البندقية السينمائي الإيطالي، إنه الحدث الذي ينظر له كأوسكار مبكّر أو يمكنك تسميته "أوسكار بالإسباغيتي"!
من الأفلام التي لاقت الاهتمام في المهرجان الذي افتتح في جزيرة "ليدو" يوم الأربعاء، 30 أغسطس/آب 2017، وتستمر فعالياته حتى التاسع من سبتمبر/أيلول 2017، فيلم وثائقي عن اللاجئين، من إخراج الفنان الصيني "أي وي وي"، وفيلم رعب من بطولة الممثلة جنيفر لورانس.
كما يعود الممثل كلوني إلى البندقية بفيلم Suburbicon من إخراجه، وهو كوميديا سوداء من بطولة ديمون وجوليان مور.
كيف عاد للصدارة؟
ويتنافس كبار نجوم هوليوود ومخرجون مبدعون على جائزة الدب الذهبي في مهرجان البندقية، الذي عاد بعد فترة من الركود، ليعتبر مرة أخرى منصة لانطلاق موسم الجوائز في صناعة الأفلام، بعد أن عَرَض أفلاماً فازت بجوائز الأوسكار في دوراته الأربع الأخيرة.
وقال المدير الفني للمهرجان ألبرتو باربيرا، إن أفلاماً مثل فيلم الفضاء الدرامي Gravity وفيلم Spotlight والفيلم الموسيقي La La Land حصلت على جوائز الأوسكار بعد عرضها في مهرجان البندقية. وساعد فوز هذه الأفلام في اجتذاب المزيد من الأفلام لدورة هذا العام 2017.
وأضاف باربيرا عشية افتتاح المهرجان: "أخيراً أدركت كل شركات الإنتاج الكبرى في هوليوود أن المجيء للبندقية يغير منظور أي فيلم، أصبح من الأسهل بالنسبة لنا أن نحصل على الأفلام التي نريد".
وافتتح المهرجان دورته الرابعة والسبعين بالفيلم الساخر Downsizing، للمخرج ألكسندر بين، وبطولة الممثل مات ديمون. وتدور قصة الفيلم حول زوجين يقرران تقليص أنفسهما، ليصبح طولهما عشرة سنتيمترات من أجل توفير نفقاتهما.
ونقلت صحيفة The Guardian البريطانية عن المدير الفني للمهرجان وصفه لهذا الفيلم بأنه فيلم متعدد الطبقات يسعد الجمهور، مضيفاً: "إنه مرح جداً، ومفاجئ جداً، وممتع حقاً، لكنه يصبح أكثر درامية شيئاً فشيئاً. يسلط الضوء على مشكلات مستقبل الكوكب والتغير المناخي".
وتتضمن المجموعة الثرية من الأفلام الأميركية والدولية فيلم Mother للمخرج دارين أرونوفسكي، وبطولة جنيفر لورانس، وخابيير بارديم، وهو فيلم رعب نفسي عن امرأة شابة تعطلت حياتها بعد تطفل العديد من الضيوف غير المرحب بهم في منزلها.
ووصفه باربيرا بأنه واحد من "أكثر الأعمال الشخصية والجوهرية" للمخرج.
أهم أفلام لمخرج حاول بيع جائزته!
من الأعمال التي تعرض في المهرجان فيلم Mektoub, My Love: Canto Uno، للمخرج التونسي الفرنسي عبد اللطيف كيشيش، الذي كافح لتمويل فيلمه الأخير، لدرجة أنه حاول بيع السعفة الذهبية التي فاز بها في مهرجان كان السينمائي سنة 2013 عن فيلمه السابق بالمزاد العلني.
وهناك أيضا فيلم The Shape of Water للمخرج جييرمو ديل تورو، وفيلم Vicoria and Abdul للمخرج ستيفن فرايرز، الذي تجسد فيه الممثلة جودي دينش دور الملكة فيكتوريا في القرن التاسع عشر. ويعرض هذا الفيلم خارج المسابقة الرسمية.
جوائز أوسكار مبكرة
ويخلق المهرجان حالة من الزخم المبكرة حول جوائز أوسكار، قبل سبعة أشهر من حفل التوزيع السنوي الذي يتابعه العالم.
وبينما بدا فيلم La La Land، الذي نال أكبر عدد من الجوائز العام الماضي 2016 فيلماً واعداً منذ البداية، مقارنة بمنافسيه، فالأمر مختلف هذا العام 2017؛ إذ إن المهرجان لا يتوفر له مرشح واضح وافر الحظ.
بدلاً من ذلك، تضم التشكيلة العديد من الأفلام التي من المحتمل أن تفوز بالجوائز.
وعدم اليقين هذا هو انعكاس لانفتاح خاص لسباق الأوسكار، وضمه للعديد من المنافسين على الجوائز الكبرى، بما في ذلك دراما Phantom Thread (مع دانيال داي لويس) وستيفن سبيلبرغ في Pentagon Papers Biopic ، حسب وصف The Guardian.
ويعترف مدير المهرجان ألبرتو باربيرا، المسؤول عن اختيار الكثير من برنامج المهرجان بهذه المسألة، ولكنه واثق من أن العديد من الأفلام في تشكيلته ستكون في التصفيات في نهاية موسم جوائز الأوسكار.
حرب
ويواجه المهرجان تحديات كبيرة؛ نظراً لقرب مواعيد انعقاده مع مهرجانات منافسة، مثل مهرجان كولورادو، الذي يقام في 1 سبتمبر/أيلول 2017، ومهرجان تورونتو السينمائي الدولي، الذي يليه بعد أسبوع.
وقد زادت حدة المنافسة نظراً لأن المهرجانات الجديدة أصبحت تتغلب على منافسيها الأكثر استقراراً في الحصول على العناوين الرئيسية.
وبينما عاد مهرجان البندقية للسباق مجدداً في مواجهة منافسيه، ومديره الفني سعيد بالعودة للعب مجدداً، لكنه يعترف بأن الأمر أصبح خطيراً، ففي الماضي كانت حرباً صغيرة، الأمر الآن مختلف".
ويعلِّق على هذه المنافسة المحتدمة قائلاً: "يجب ألا نتنافس ضد بعضنا البعض. نحن لسنا هناك لإظهار عضلاتنا، نحن هنا للترويج للأفلام الجيدة".
الاستسلام لـ Netflix
وأصبح اختيار الأفلام في العديد من المهرجانات الكبرى أمراً معقداً، بعد ظهور Netflix وأمازون، إذ بدأت تلك المواقع تستثمر بكثافة في المحتوى الأصلي لما يقومون ببثه ونشره من خلال منَصّاتِهم الإلكترونية.
وقد أثارت Netflix غضب الموزعين من خلال ترددها في نشر أفلامها الأصلية في دور السينما، وهي الخطوة التي أدت بمهرجان كان السينمائي إلى الإعلان عن أن العناوين التي مُنحت عرضاً مسرحياً كاملاً بدور العرض هي فقط التي يمكن أن تتنافس على "السعفة الذهبية"، أعلى جائزة في مهرجان كان السينمائي.
ولكن ليس لدى مهرجان البندقية مثل هذه الخطط لتحدي نتفليكس وأخواتها، فقد قال مديره الفني: "نحن ببساطة لا يمكننا تجاهل هذه الظاهرة".
وأضاف: "معظم صُنّاع السينما المعاصرين يذهبون بمشاريعهم إلى أمازون وNetflix إذا كان صُنّاع الفيلم يقبلون بالقواعد الجديدة للعبة، فلا أرى السبب في امتناع المهرجان عن فعل الشيء نفسه".
الواقع الافتراضي
وهناك مزيد من الأدلة على أن المهرجان يتحرك لمواكبة العصر، هذا العام 2017 رحب بقسم الواقع الافتراضي، رداً على الاهتمام المتزايد بهذا المجال.
ويشير باربيرا إلى الاهتمام بالتكنولوجيا التي أظهرها كبار صُنّاع السينما، مثل أليخاندرو غونزاليس إيناريتو مُخرِج فيلم Bird Man، الذي عُرِضَ لأول مرة على مسرح الواقع الافتراضي بـ"كان"، كدليل على أهميتها المتزايدة.
وقال باربيرا: "لا أعتقد أن قسم الواقع الافتراضي هو مستقبل السينما، بل هو شيء آخر تماماً. إنها وسيلة جديدة بالكامل".
أزمة نساء
عدد الإناث من صانعي الأفلام في المهرجان هذا العام مخيب للآمال، فقد ظهرت مخرجة واحدة منافسة، وهي المخرجة الصينية فيفيان كوي.
ويعترف باربيرا بأن التفاوت بين الجنسين في فينيسيا يُعَد "مشكلة كبيرة"، ولكنه يلقي اللوم على صناعة السينما بشكل عام.
وقال: "لقد حددنا اختياراتنا على أساس جودة الأفلام التي رأيناها، وآمل حقاً أن تتخلص صناعة السينما بشكل كامل من جميع التحيزات والتمييز ضد المرأة.